أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز العرباوي - نظرية التطهير والتخاذل :














المزيد.....

نظرية التطهير والتخاذل :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2752 - 2009 / 8 / 28 - 04:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يغلب عموما على إبداعنا التقية والتطهير واحترام المحرمات، التي دعا البعض إلى احترامها دون موجب حق، فترى المبدع يعاني من إخراج ما تحتويه قريحته من إبداع وجمال بحرية ومسؤولية وإرادة قوية، فيجتهد في الامتناع عما يفسد الود مع الآخرين ومع السلطة، حراس المقدسات والطابوهات والمحرمات الغيبية التي لا تعترف إلا بما يحترم ثقافتها وفكرها المقدس الذي _حسب زعمهم_ لا يختلط بالمدنس من إبداعات الآخرين. إننا هنا نعيش نظرية التطهير بامتياز في الإبداع والفن والفكر وغيرها من مجالات الفكر المختلفة. وهنا طبعا نستحضر المسرح في هذه النظرية باعتباره إبداعا وفنا لا يبتعد عن هذه التدخلات السافرة في حقه، فنرى المسرح قد أصبح واجهة، في بعض الأحيان لتمرير ثقافة التقية وفكر الولاء والبراء، ومعظم الفتاوى التي تكفر الاتجاهات الأخرى، وتهاجم الفنون الأخرى بادعاء احترام قيم المجتمع ومباديء الدين الحنيف. ولا ننسى أن أغلب المنادين بهذه الأمور لا يخلو إبداعهم بالمقابل من أمور لا تحترم الطابوهات التي يدعونها، فيعملون على تكريس المثل القائل: حرام علينا ، حلال عليكم.

مناسبة هذا الكلام ما يروج في هذا الزمن الرديء عن المسرح والسينما وعن الفنانين من أقاويل واجتهادات حول تكفيرهم والتقليل من أشخاصهم ونعتهم بأغلظ النعوت التي يندى لها الجبين، والخطير في الأمر أن بعض الذين يتعاطون هذه الشتائم والسباب هم فئة من الفنانين والمسرحيين الذين أصبحوا بقدرة قادر على المسرح والسينما لا لهما، فماذا سيقول الآخرون عندما يسجلون على أهل الدار هذه الحماقات والخزعبلات الفكرية والاجتهادية دون تمحيص وتفكير جلي؟ وهل أصبح بمقدور أحد أن يصدق هذا لولا أيه يدرك تمام الإدراك لعب هؤلاء بالنار في حقهم وحق إخوانهم في نفس المجال ؟ .

وعلى خلاف هؤلاء الفنانين المدعين، نجد أهل العمائم واللحى الطويلة والأوجه العابسة يقتصر تفكيرهم وعلمهم على مدى اختراع مقدس يقدسونه باسم محاربة الفن والفنانين، ويبدعون في تحريم كل شيء يتصل بالحياة الحديثة، ورغم أن المسرح يعود تاريخه ظهوره إلى آلاف السنين لكن للأسف الشديد كان ظهوره في لاساحة العربية والإسلامية متأخرا، مما دفع الكثيرين من أوصياء الدين والعقيدة إلى إجلائه والخوف منه ومما قد يؤثر به على حياة الناس والمسلمين عامة، خاصة أن المسرح فن للتأثير والترفيه والتثقيف والإصلاح والتغيير، ولا ننسى هنا أن نذكر بما حصل لرواد المسرح العربي من اضطهاد ونفي وإبعاد وتقليل من شخصهم، بل وتكفيرهم وسجنهم، مثلما حصل للشعراء والمفكرين والمثقفين عامة.

إن العلاقة التي تربط بين المسرح والناس علاقة من النوع التأثيري، بمعنى أنها ليست عبارة عن فكرة أو عبارات أو إبداع فارغ من المعاني، بل المسرح حالة اجتماعية بامتياز يتأثر بالأحداث والوقائع ويؤثر بالتالي في الأحداث بنفس الدرجة أو أكثر، وما كنا يشهده العالم خلال القرن العشرين المنصرم من ثورات، كانت الشرارة الأولى تبدأ من المسرح وتخرج من أفواه الشعراء والمبدعين والأدباء، ويتغنى بها الفنانون...

وإذا نحن استقرأنا الواقع الآني الذي أصبح فيه المسرح فنا مبتذلا ومتجاوزا ويعرف الكثير من الانتكاسات والسقطات، بل صار ذلك الشيء المدجن الذي يعيش المشاكل والتدهور، سنتساءل هل في ظل هذه الصفات التي يتميز به المسرح يمكننا أن نتحدث عن مسرح عربي رائد؟ وهل ماتزال لدينا بقية من حياء لكي نقارن أنفسنا بباقي المسارح في العالم؟ وما الذي سيدفعنا إلى اللجوء إلى البديل الذي بموجبه نستطيع خلق مسرح عربي يوافق قدراتنا وقيمنا ووقعنا؟.

من الواضح أن هذه الأسئلة تبقى أمرا ممكنا ومطلوبا في آن معا. الإصلاح هو البديل الذي يتطلبه واقع المسرح عندما يكون في حالة معاناة من وضع غير متقدم، ويقوي الطلب على هذا البديل ويزداد إلحاحا كلما كان هذا الوضع أبعد عن التأثير في ثقافة الناس والمجتمع. وبعبارة أخرى عندما يكون المسرح _أو أي فن آخر_ مهدد بالانهيار أو واقعا تحت وطأة التراجع والانحلال فإن الأصلاح وتغيير المسار الإبداعي والثقافي يبقيان عاملين أساسيين للخروج من شرنقة التخلف الفني والثقافي الذي نحيا فيه بامتياز.

ما هو مطروح اليوم كحالة مسرحية عربية يطرح إشكالية من النوع الذي تحدثنا عنه : هناك تراجع خطير وضعف في النص وارتجالية في الأداء والتمثيل، وتدهور في الإخراج، وتماطل واضح في الإنتاج بدعوى هروب الجمهور من المسرح والتجائه إلى وسائل أخرى أكثر ترفيها وتثقيفا وأقل تكلفة، ولكن هل فعل الجميع ما يجب عليه فعله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم استهلك وقته في اللطم والبكاء ؟ وهل سيبقى الحال على ما هو عليه مادامت كل هذه العوامل مجتمعة تؤثر على المسرح وتقدمه، أم الواجب تغيير الاستراتيجية والنظرة لجلب جمهور مثقف لإنجاح المسيرة المسرحية العربية ؟ .

تتمثل الإشكالية، في كل هذا، في كون الوضع المسرحي يعرف تطهيرا من النوع الذي قد يكون انتقاء دون ضغوط أو طابوهات، فالكاتب المسرحي لا يستطيع أن يبدع نصا أو نصوصا مسرحية هادفة تجلب الجمهور الذي مل من الابتذال الكوميدي في المسرح، فيعمل غير عابيء، ودون أن يعلم، على تكريس الانتقائية والتطهير في النصوص المسرحية، والسبب واضح، وهو أن هذا الكاتب يعتبر من نتاج المجتمع الذي ينتمي إليه، بحكم أنه مجتمع ذكوري شرقي عروبي يعطي للمحرمات والمقدسات والطابوهات التي ما أنزل الله بها من سلطان هالة عظيمة فيجبن في الإبداع، وبالتالي يخلق نصا مبتذلا يحتكم إلى الخطوط الحمراء والسوداء في آن .... !!






#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح العربي في حاجة إلى تغيير :
- محمود درويش : الظاهرة الأدبية التي لا تعوض
- بوح الحب والشعر
- نصف حمار
- الطعنة الأخيرة : قصة قصيرة
- ثقافة الفشل ونتائجها المدمرة :
- ثلاث قصائد :
- العنف داخل المؤسسة التربوية والبحث عن الحلول :
- استدعاء ورفض وقصائد أخرى :
- الجيلالي وكلبه : قصة قصيرة
- قاهر الجيران : قصة قصيرة
- الفتنة والقتل على الهوية : (7) :
- الدعوة إلى التباعد بين المذاهب دعوة سخيفة : (6) :
- الحوار بين المذاهب ضرورة ملحة : (5) :
- استحضار العقل في الحوار المذهبي : (4)
- أسباب التباعد والدعوة إلى التقارب : (3)
- الحوار وسيلة أم غاية ؟ (1)
- مظاهر العنف الفكري وضرورة التخلي عنه : (2)
- المشاعر المسافرة : قصة قصيرة
- بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى : فؤاد الزبادي بالجديدة :


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز العرباوي - نظرية التطهير والتخاذل :