|
جماعة العدل والإحسان وعقيدة رفض الإقرار بمشروعية النظام الملكي .2
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2752 - 2009 / 8 / 28 - 07:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم تخف الجماعة على لسان أحد قيادييها ــ عبد العالي مجدوب ــ استغرابها من محاولات تسويقها كجماعة تسعى إلى المصالحة مع النظام والانخراط في مؤسساته ، حيث نقرأ في مقالته الأولى ( قرأت في هذه الأيام للأستاذ الباحث الدكتور محمد ضريف آراء واستنتاجات، في شأن اختيارات جماعة العدل والإحسان السياسية، وجدتها مغرقة في الشذوذ والغرابة، وبعيدة كل البعد عما هو واضح ومعلوم لدى الناس العاديين، فضلا عن الخاصة من الباحثين والمهتمين، من اجتهادات الجماعة واختياراتها السياسية، التي تميز منهاجَها في شأن العمل السياسي، ومواقفَها من مختلف القضايا المتعلقة بهذا العمل، كموقفها من نظام الحكم، وموقفها من العمل السياسي القانوني، وموقفها من المشاركة في الانتخابات.) . ويرجع السيد مجدوب تمادي الأستاذ ضريف في خطأه و"شذوذه" الفكري إلى عامل مركزي يتعلق بسكوت قيادة الجماعة وعدم تدخلها لتصحيح المسار الذي يتخذه الأستاذ ضريف ، خصوصا وأن هذا الأخير درج على مجالسة المرشد ورموز الجماعة ولم يتلق منهم تصحيحا أو نقدا . الأمر الذي فسره السيد مجدوب ( قد يكون لجماعة العدل والإحسان شيء من المسؤولية في وجود هذه الصورة الخاطئة عن منهاجها السياسي وترسيخها في آراء الدكتور ضريف وأفهامه. فأغلب الظن أن مما أملى للأستاذ ضريف في السير في الاتجاه الذي سار فيه، أنه لم يجد أحدا من الجماعة- من أهل الرأي والقرار والقيادة طبعا، الذين يلتقي بهم الأستاذ ضريف في مناسبات كثيرة- ينبهه إلى أنه لا يسير في الطريق الصحيح في تحليلاته وقراءته لتطور مسار الجماعة السياسي، ولا وَجدَ من يراجعه في آرائه ويعترض على أفكاره واستنتاجاته، بل، وبكل صراحة، لم يجد من يصحح خطأه ويوجهه إلى الاتجاه الحقيقي الذي تسير فيه جماعة العدل والإحسان. ولعل الأستاذ ضريفا قد فهم من هذا السكوت من قبل مسؤولي الجماعة أنهم يُقرّونه على رأيه، ويزكونه ويصحّحونه ). بالطبع نجد أنفسنا أمام سؤال مركزي : ما الذي جعل قيادة الجماعة تتواطأ مع الأستاذ ضريف في نشر استنتاجاته "الشاذة" والخاطئة طيلة هذه المدة ؟ ليس بعيدا أن تكون الجماعة قد وظفت عنوة أخطاء الأستاذ ظريف أو أوحت له ببعضها ضمن ما يجيزه مبدأ "الحرب خدعة" . فالجماعة تعي جيدا أنها كانت بأمس الحاجة إلى كل صاحب قلم أو ريشة لتسويقها داخل المغرب وخارجه . وقد لعب الأستاذ ضريف دورا رئيسيا في هذا المجال حيث قدم في أبحاثه صورة مخملية عن الجماعة غررت بالدولة نفسها قبل الأحزاب والمنظمات الحقوقية داخل المغرب وخارجه . قد تكون الدولة راهنت على استنتاجات الأستاذ ضريف فحافظت على حبل المودة مع الجماعة ، خاصة على عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي لم يمثل بالنسبة لجماعة "سنوات الرصاص" ، بل عاشت سعة في الحركة والاستقطاب والإشعاع بشهادة القيادي عبد الواحد المتوكل في حوار مع قناة"الحوار" الذي أكد ( حتى ما سمي بسنوات الرصاص الآن ، نحن بعض الأنشطة كان وضعنا فيها أفضل ، وسنوات الرصاص المعروفة بالاستبداد وبالتحكم وإلى غير ذلك من الأمور ، كنا ننظم مخيمات ، بعض المخيمات كانت تؤوي سبعين ألف مشارك . هذا في عهد الملك الراحل ) . فالصورة التي سوقتها الجماعة عبر الباحثين المختصين جعلت الأحزاب والمنظمات المدنية والحقوقية في المغرب وخارجه ، تنظر إلى الجماعة وتتعامل معها كحركة مدنية تناضل من أجل الديمقراطية وتؤمن بثقافة حقوق الإنسان وتنبذ كل أشكال العنف وأساليبه . وبسبب ذلك حظيت الجماعة بتأييد كبير وقوي من طرف الأحزاب والمنظمات حتى في خرقها للقوانين الجاري بها العمل . فجميع هؤلاء كانوا يشكون في أن تكون للجماعة إستراتيجية تسعى إلى تغيير النظام الملكي بنظام ديني مغلق وموغل في الاستبداد والوحشية . أليس المرشد نفسه من يتوعد خصومه السياسيين الديمقراطيين بطردهم من وظائفهم عند قيام دولته ثم نفيهم كخطوة ثانية قبل أن ينتقل إلى تقطيع أيديهم وأرجلهم وسمل عيونهم وتعطيشهم حتى الموت ؟ أليست هذه ألفاظه وهذا وعيده ( ( وإن لنا في قوله وهو أرحم الراحمين ( أو ينفوا في الأرض ) خيار ومندوحة عن البأس الشديد قبل أن نتمكن )(ص149 الإحسان2). إذ يستند الشيخ في تشريع أفعال البطش والاستبداد هذه على ما فعله الرسول (ص) بقوم غدروا به . يقول الشيخ ( كانت شدة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعداء الله بعد أن ثبتت أركان دولته في المدينة شدة بالغة . فقد غدر ناس من عُكْـل بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وعطَّـشهم حتى ماتوا عطشا . ذلك جزاء وفاق كما قال الله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقـتَّـلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا في الأرض ) . فالشيخ يتوعد خصومه بنفس المآل . لهذا فهو يرفض نظام الحكم الملكي ويرفض مصالحته . ذلك أن المصالحة مع النظام الملكي تناقض ثابتا من ثوابت الجماعة وتهز عقائدها من الأساس . فالجماعة ترفض ( الاعتراف بشرعية الحكم الوراثي، لأنه حكم قائم في أساسه على العض والجبر، أي الاستبداد والإكراه وسلطة السيف، وهو ما يناقض أساس الرضا وحرية الاختيار، الذي يميز الحكم الشوري الراشد العادل.) . ولا يختلف موقف مرشد الجماعة من حكم الملك محمد السادس عن موقفه من حكم والده ، إذ يراه قائما على "البيعة" وليس المبايعة (فبيعة محمد السادس، عند الأستاذ ياسين، لا تختلف في شيء عن بيعة أبيه، ومن ثم فالحكم الموروث هو حكم جبري ليس له، في كتابات الأستاذ ياسين، إلا الرفض والإدانة والعصيان.) . ويستشهد السيد مجدوب ببيان الجماعة الصادر في 27 مايو 2008 الذي جاء فيه (كلمة واحدة قلناها منذ أزيد من ثلاثة عقود لمن يهمهم الأمر: إنه الإسلام أو الطوفان. ولن نركع لغير الله، ولن تمس أيدينا يدا مقطوعة عن الله). للحديث بقية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماعة العدل والإحسان تنتقد مجمّليها لدى النظام والرأي العام
...
-
تأهيل الأئمة مدخل رئيسي لتأهيل الحقل الديني .
-
لما ينتقد الملك انتظارية الحكومة وسلبيتها .
-
البيجيديون وخطيئة الاحتماء بالأجنبي .
-
إستراتيجية تأهيل الأئمة ضرورة أم غاية ؟
-
هل ثقة الملك في الحكومة تحميها من كل تعديل أو إسقاط ؟
-
شهادة البكالوريا بوابة مفتوحة على المجهول .
-
هل فعلا لفظ الجلالة وتقبيل يد الملك هما ما يمنعان جماعة العد
...
-
فتاوى شيوخ التطرف دليل إدانتهم .
-
التحالف بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة يقتضيه المن
...
-
براءة شيوخ التطرف المفترى عليها .
-
ما الذي يمنع التحالف بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والم
...
-
المغرب كان محصَّنا ضد المشرقيات وعليه أن يبقى
-
حتى لا يبقى المغرب حضنا لضلالات الوهابية ومخاطرها .
-
الجزائر وهوس الزعامة الإقليمية .
-
لوهابية تأكل أبناءها وتحاكم عقائدها .
-
أخطار المد الوهابي على وحدة الشعب واستقرار الوطن .
-
المد الوهابي والمد الشيعي فكا كماشة واحدة .
-
حزب العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(2)
-
العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(1)
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|