|
من اللاهوت الى الواقعية السياسية !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 02:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يشير تشكيل المجلس السياسي الشيعي الذي أعلن عن قيامه في بغداد بين أحزاب ومنظلمات شيعية عراقية الى اتجاه تنظيم الحالة السياسية في العراق ، بعد أن شهدت الساحة العراقية ، وبعد سقوط صدام ونظامه ، بعثرة سياسية واضحة ، تجسدت في تشكيل أكثر من حزب ومنظمة سياسية ، كان البعض منها قد ظهر خارج العراق ، وكان البعض الاخر قد ظهر بعد زوال حكم العفالقة من على صدره 0 تنظيم هذه الحالة ، واتحاد هذه التنظيمات في هياكل تنظيمية أكبر حجما وتنظيما من حجم وتنظيم أيّ منها ، تعرض له سكرتير الحزب الشيوعي العراقي ، حميد مجيد غير ما مرة ، وفي اكثر من مناسبة وحديث ، مستدلا على ذلك بالحالة السياسة التي مرت على كردستان العراق ، والتي تطلب استقرارها سنتين من الزمان 0 ورغم ما شهدته تلك الحالة من عراقيل ، قام بها هذا الطرف الداخلي ، أو ذاك الطرف الخارجي ، لكن تلك العراقيل لم تكن بالمقدار والضراوة التي عليها العراقيل الكثيرة ، والتي تتظافر جهود كثيرة ، داخلية وخارجية فيها الأن ، وذلك من أجل ارباك تطور العملية السياسية الجارية في العراق التي أخذت وتائر التطور فيها تبلغ قيام حكومة عراقية مؤقتة تعد لدستور متقدم لم يشهده أي بلد في المنطقة العربية ، والتحضير لانتخابات حرة ، ونزيهة تهدف لتأسيس نظام ديمقراطي ، تعددي ، فدرالي في عراق ما بعد الفاشية العفلقية 0 لم يكن المجلس السياسي الشيعي هو الهيكل الوحيد الذي شهدته الساحة السياسية العراقية الراهنة ، بل سبقه تشكيل هيئة علماء المسلمين ، تلك الهيئة التي ضمت في هيكلها احزاب ، ومنظمات ، وشخصيات سنية عراقية ، كما شهد الساحة نفسها ، وعلى مستوى بعض المحافظات العراقية قيام مثل هذه الهياكل ، ضمت أحزابا ومنظلمات معروفة ، لبعضها تجارب سياسية طويلة كالحزب الشيوعي العراقي 0 وعلى الساحة الشيعية العراقية يمثل قيام المجلس السياسي الشيعي العراقي توجها جديدا ، وخطا سياسيا بات يتلمس الواقع السياسي العراقي عن كثب ، بعيدا عن الخطابي الديني الذي ظل هو الغالب على توجهات وشعارات الاحزاب الاسلامية الشيعية منذ قيامها في النصف الثاني من القرن الزماني المنصرم ، وهذا التوجه الجديد صنعته التجربة السياسية المريرة في العراق ، والتي عاشها قادة واعضاء الاحزاب والمنظمات التي تشكل منها ذلك المجلس ، سواء أكان ذلك داخل العراق أم كان ذلك خارجه ، وباعتقادي أن الكثير من هؤلاء قد وضعوا نصب أعينهم التجربة الايرانية الفاشلة ، والتي لم تلبِ حاجات الشعب الايراني المادية ، تلك الحاجات التي هزأ الخميني ذات مرة من المنادين فيها في ايران بقوله : نحن حين قمنا بالثورة لم نقم بها من أجل تخفيض أسعار البطيخ ! كما أنهم وضعوا نصب أعينهم الوضعية السياسية في العراق ، وما يريده الناس في العراق الآن ، وبعيدا عن الثواب والعقاب المنتظرين ، وعن التفكير اللاهوتي، و ما لا ينسجم مع المرحلة التي يمر فيها العراق ، وقريبا ممّا تلتقي حوله أطراف عراقية عديدة ، وما تريد أن تراه قوى دولية مؤثرة 0 ولهذا ردت ديباجة بيانهم التأسيسي سبب قيامه المجلس المذكور الى العمل : من أجل بناء عراق حر فيدرالي موحد ومستقل يرسخ القيم الديمقراطية بروح الانفتاح السياسي والحوار ، كما ادرج أهداف الاطراف المشاركة في قيام هذا المجلس بالاتي : أولا: رؤيتها في السيادة الكاملة وغير المنقوصة وتحديدا في المجالات التالية:- أ-استقلالية القضاء العراقي بشكل تام وادارته من قبل عناصر عراقية كفوءة ونزيهة بعيدا عن التأثير الأجنبي. ب-الحكومة العراقية مسئولة عن إدارة علاقاتها الخارجية ودون تدخل أي طرف دولي اخر. ج-السيطرة العراقية الكاملة على (صندوق تنمية العراق) الذي يحتوي على الأموال العراقية والواردة إليه على أن يدار من قبل الحكومة العراقية حصرا والحفاظ على الحصانة القضائية الممنوحة للصندوق من قبل هيئة الأمم المتحدة واستلامه من سلطة الاحتلال حسب جدول محاسبي مدقق وواضح. د-الاستغناء عن خدمات المستشارين كافة الذين تم تعيينهم من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة من دوائر الدولة العراقية بالسلطة التنفيذية والقضائية والمحافظات وللحكومة العراقية ذات السيادة الحق حصرا بالاستفادة ممن ترى من ذوي الخبرات. هاء-سيطرة الحكومة العراقية على القوات المسلحة العراقية واجهزة الأمن تجنيدا وتدريبا وتجهيزا وأوامر الحركة. ثانيا: يسعى المجلس السياسي الشيعي للاهتمام بالقضايا الوطنية التي تخص بلدنا أو أية قضية إقليمية أو عالمية ذات تأثير على البعد الوطني أو البعد العربي أو الاسلامي. ثالثا: يسعى المجلس للعمل على سن دستور عراقي دائمي عن طريق مجلس وطني ينتخب من قبل الشعب العراقي في انتخابات حرة وإنهاء العمل بكل قانون مؤقت ينظم عمل الدولة بأسرع فرصة ممكنة. رابعا: العمل على تشكيل مجلس يكون من صلاحيته سن القوانين وإصدار القرارات وإعادة العمل في الأوامر التشريعية الصادرة من سلطة الائتلاف بما يتناسب ومصلحة الشعب العراقي والخصوصية العراقية. خامسا: الاهتمام بالكفاءات العلمية والحد من هجرة العقول المبدعة ومحاولة استقطاب الكفاءات المهجرة. سادسا: رفض كل الدعوات المطالبة بإعادة ازلام النظام السابق متناسية بذلك مئات ألاف الشهداء وعوائلهم والمضطهدين والسجناء السياسيين. سابعا: انصاف ضحايا النظام والعناية بذوي سكان المقابر الجماعية والمعدومين والسجناء السياسيين واعادة المفصولين سياسيا من قبل النظام المقبور وتبني سياسة التمييز الايجابي في الإنفاق بحق المناطق التي تم حرمانها من قبل النظام السابق وخصوصا تلك التي في الوسط والجنوب. ثامنا: مقت الطائفية المقيتة. تاسعا: محاربة الإرهاب بكل أشكاله. عاشرا: لا يتعارض المجلس مع أراء وتوجيهات المرجعية بمجمل القضايا التي تخص الشعب والوضع السياسي. وبهذا التشكيل ( المجلس السياسي الشيعي ) يخطو مؤسسوه خطوات عملية جادة باتجاه ما تتطلبه المرحلة السياسية التي يمر بها العراق ، وما تستلزمه من نظرة سياسية تضع في اعتبارها ما يريد الشعب العراقي من التمتع بحكم ديمقراطي ، يزيل عن ظهره أثار ظلم استبد به لسنوات طويلة عجاف ، لم يحصد منه الا الفقر والحرمان والفاقة ، وكم الافواه ، والمقابرة الجماعية ، والسجون الرهيبة 0 كما تضع في اعتبارها تطوير الحياة المادية للناس في عمل مثمر ، وسكن مريح نظيف ، وعيشة طيبة لا تعرف الفقر ، وهي ، لعمري ، اهداف يجتمع عليها أغلب العراقيين أفرادا ، وأحزابا، ومنظمات 0 والمجلس بعد هذا وذاك يبتعد عن الصيغ الدينية ، فهو سياسي ، ويصرح بهويته الطائفية ، فهو شيعي ، وهو بهذين يبتعد عن الاحزاب الاسلامية الشيعية التي حرصت على تاكيد الهوية الاسلامية ، وتجاوز الهوية السياسية والطائفية ، في الوقت الذي كان واقعها السياسي ، والواقع السياسي العراقي يكذبان ذلك 0
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظرف الشعراء ( 17 ) : الأحوص
-
على تخوم أبي غريب !
-
من سيرهب من ؟
-
البازار يستعجل رحيل الصدر !
-
ويقتلون بالذهب !
-
ايتام عفلق ودفاع آل ثالث !
-
ظرف الشعراء ( 16 ) : الوليد بن يزيد
-
من وحي الذكرى !
-
ظرف الشعراء ( 15 ) : إبن هرمة
-
الارهابيون العرب من الفلوجة الى الزبير !
-
حكومة عراقية !
-
ظرف الشعراء ( 14 ) : ذو الرّمة
-
مفلس من مفلسين !
-
صدام الصغير شيوعيا !
-
ما بين الفلوجة وكربلاء !
-
لن يكون العراق ورقة ضغط بأيديكم !
-
الصميدعي والمهمات المنتظرة !
-
كيف تفهم المواقف ؟
-
كاظمي قمي كان الشرارة !
-
صدام ارهقوا العدو . الصدر ارهبوا العدو !
المزيد.....
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
-
قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|