الفضائيات العربية تمارس تعتيما طائفيا على المقاومة في الجنوب العراقي !

علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 02:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

قبل ثلاثة أيام وخلال برنامج "وماذا بعد ؟" الذي تبثه قناة "المنار " الفضائية اللبنانية صرح الشيخ قيس الخزعلي أحد قيادي التيار الإسلامي الصدري بأن القنوات الفضائية العربية تمارس تعتيما إعلاميا شاملا على نشاطات وإنجازات المقاومة العراقية وخصوصا في الجنوب حيث المدن المقدسة الثلاث النجف وكربلاء والكوفة . وقد ذكر الشيخ أنهم في قيادة التيار استفسروا عن أسباب هذا التعتيم وقال لهم ممثلو القنوات الفضائية التي يوجد لها مراسلون في العراق إن سلطات الاحتلال الأمريكية تمارس عليهم ضغوطا قوية وإنها حذرتهم من نشر أية أخبار أو أرقام عن خسائر تلحق بقواتها دون أدلة أو إثباتات . وأضاف الخزعلي أنهم أرسلوا قبل أيام شريط فيدو صور فيه المقاومون رتلا عسكرا بريطانيا تم تدميره وإحراقه بمن فيه إلى قناتي "الجزيرة" و"العربية " ولكن الشريط لم يبث .
أوردت هذا المثال الذي لم تكذبه قناة "الجزيرة" القطرية التي بلغ عويلها عنان السماء في مناسبات أخرى ولا قناة "العربية" التي تظل أقل تعتيما وأكثر موضوعية من شقيقتها القطرية " الجزيرة " حيث بثت – العربية - اليوم الأحد 16/5/ولمدة ثوان قليلة تحقيقا عن مجزرة ارتكبتها القوات البريطانية في محافظة العمارة عندما أعدمت اثنين و عشرين أسيرا عراقيا رميا بالرصاص وذبحت أحدهم وحطمت أطرافه كما قال شقيقه أمام الكاميرة .
التعتيم يبقى تعتيما ، ولكنه لا يخلو من رائحة طائفية منكرة هذه المرة ، فمن المعلوم أن العسكريين الأمريكان أنفسهم اعترفوا بشراسة القتال الدائر منذ أكثر من أسبوع في مدن الفرات الأوسط والجنوب العراقي ، كما اعترفوا بالمستوى الجيد لأداء المقاتلين العراقيين في صفوف جيش المهدي في حين ظلت تقارير القنوات العربية الحكومة وقنوات القطاع الخاص المدعوم من قبل الأسر الخليجية الحاكمة على لعثمتها وتلكؤها وتعتيمها بل وحتى تشكيكها بالمقاومة وبثها للشائعات التي تزعم أن الأهالي تعبوا من المقاومة ويطالبون بخروج المقاومين وهذه كلها أكاذيب تضخها سلطات الاحتلال وعملاؤها في أحزاب" بريمر" لتلك القنوات .
لقد افتقد المشاهدون تلك الحماسة والنقل الفوري والتغطية الشاملة لتفاصيل الأحداث في منطقة الشمال الغربي العراقي وعلى جبهة الفلوجة خصوصا وعرضا نقول إن أبطال المقاومة العراقية الفلوجة يستأهلون تلك التغطية وأكثر منها ولكننا وإزاء هذا التعتيم الفاضح ضد المقاومة العراقية في الجنوب لا نملك إلا أن نحتج ونثير الأسئلة لأننا نعتبر أن المقاومة العراقية واحدة والدم العراقي واحد و من لا يعاملنا بالعدل كعراقيين عليه أن يتحمل مسئولية فعله خصوصا إذا صار هذا الفعل المنكر واضحا وصريحا والأيام بيننا .
نعم ثمة تعتيم إعلامي ضد المقاومة العراقية في الجنوب من قبل الفضائيات العربية وخاصة الخليجية ، تعتيم لا يخلو من الرائحة الطائفية القذرة التي عهدناها من هذه الكيانات والحكومات التي طالما نظرت إلى العراق والعراقيين كبعبع مخيف . ومما يؤكد وجود هذا التعتيم وتلك الرائحة الطائفية القذرة ما صرح به مسؤول إعلامي في سلطات الاحتلال يوم أمس حين امتدح ما دعاه ( الأداء الراهن والمعقول للقنوات الفضائية العربية والتي بدأت تغادر كما يبدو – يضيف المسؤول الأمريكي – أسلوب التحريض والمبالغات التي اعتمدته خلال أحداث الفلوجة ) وحين سئل المسؤول الأمريكي عن السبب في هذا " التحسن في الأداء " رد بقوله ( في الواقع لا أعرف سببا محددا لذلك ) .
إن متابعة رصينة وموثقة بالأرقام والتفاصيل ستثبت مستقبلا أن الإعلام العربي السائد عامة والقنوات الفضائية الخليجية خصوصا كانت منحازة انحيازا كبيرا معاديا للمقاومة العراقية في الجنوب العراقي . وأن أسباب هذا الانحياز والتعتيم لا تخرج عن إطار النزعة الطائفية المقيتة المتمكنة من النخب الحاكمة والأجهزة الإعلامية والسياسية في الدول والمحميات الخليجية والتي آن أوان فضحها . فهذه المحميات النفطية أو تلك الدول التي ترتبط بمعاهدات سلام مع الكيان الصهيوني إن كانت تعادي العراق بالأمس القريب بسبب خلافاتها وخوفها من دكتاتورية الطاغية صدام التكريتي فهي اليوم تعادي العراقيين لأنهم تفادوا الكارثة الطائفية وراهنوا على الوحدة الوطنية وقرروا مواصلة المقاومة حتى الاستقلال وقيام النظام الديموقراطي ومعلوم إن آخر ما تحلم به الأسر الحاكمة في المحميات النفطية في الجزيرة العربية هو الاستقلال والسيادة والديموقراطية الحقيقية .
إن من مصلحة الخليجيين والعرب عموما ، سواء كانوا رسميين أو غير رسميين ، مغادرة مستنقعات النزعة الطائفية والنظر إلي العراقيين كعراقيين وليس كشيعة وسنة وإلا فإنهم سيخسرون تعاطف العراقيين ككل حتى إذا ربحوا هذا السياسي العميل للاحتلال أو ذاك . كما أن من مصلحة الإعلاميين العرب أن يكونوا موضوعيين في أدائهم ويرفضوا ممارسة هذا التعتيم الذي صار مفضوحا إذ أن مَن يرسم سياسات العراق مستقبلا ويقرر شكل العلاقة بين العراق ومحيطه العربي والشرقي عموما هو الشعب العراقي الموحد وليس ذلك الإعلامي " العراقي " الرخيص الذي اشترته دولة "آل الصباح " قبل بضعة أيام بثلاثمائة وثلاثين ألف جنيه إسترليني هو ثمن الفيلا اللندنية التي قدمتها له .

#علاء_اللامي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات