أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صاحب الربيعي - مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد















المزيد.....

مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 02:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


العاصمة بغداد، تلك المرأة الجميلة التي تركت جسدها لشواطئ الرافدين وهي تعانق التاريخ والحاضر وعيونها البابلية السوداء تحدق نحو المستقبل. بغداد الصبية المراهقة التي كانت تسبح عاريةً في مياه دجلة، ولا تخشى..ولا تستحي من سكانها السكارى في شارع أبي نؤاس وهم يطيلون النظر إلى عريها بين أمواج دجلة.
بغداد، أيتها المرأة الجميلة لماذا أنت حزينة كل هذا الحزن هذه الأيام؟ ولماذا تلبسين هذا الوشاح الأسود الذي يحجب جمالك؟.
لقد عاد الأوفياء إليك!! أخلعِ عنك وشاح الحزن هذا، وعودي كما كنت تسبحين عاريةً فأمواج دجلة مازالت شبقةً وأصدقاء ((أبي نؤاس)) السكارى مازالوا يحدقون في الموج بحثاً عنك.
بغداد الحزن واليأس والإحباط، هذا الثالوث غير المقدس يعصف بالجميع وآثار الحرب ظاهرة على أرجاءك وجيش الاحتلال مازال جاثماً على صدرك.
تدمعُ عين المرء حين يجوب شارع الرشيد، فمازالت تلك الأبنية القديمة بطلائها المتآكل منذ 27 عاماً خلت، ومازالت أعمدة المباني المدورة تنشد العون والترميم لثقل ما أصابها من أثم ارتكبه الطغاة وأرصفة الرشيد وعرة هجرتها جاريات الرشيد!!.
جنة الرشيد هذه، أصبحت خرائباً في عهد البعث. الأوغاد خربوا كل شيء وقبحوا كل جميل!!. حافظ القاضي والمتنبي والرصافي رحلوا بعيداً عن ضيافة الرشيد، هولاكو البعث لاحقهم في كل مكان حتى في المنفى بعيداً عن بغداد.
بغداد كلها سواتر ومتاريس حربية، وجنود الاحتلال وكائنات غير مألوفة تتقاسم الإرهاب فيها. خرائباً في كل مكان، آثار الحرب مازالت أنقاضها شاهدةً بعد أكثر من عام للاحتلال، كل شيء يشهد على الهزيمة النكراء للبعثيين. لقد استباحوا العراق لدهور وكانوا سبباً للاحتلال.
ساحة التحرير، ونصب الحرية، وحديقة الأمة أصبحت ركاماً وتلالاً من الأوساخ والنفايات فنصب الحرية لم يعد معبراً عن الحرية كما كان!! هناك ستجد شعاراً للبعث (وطنٌ تشيده الجماجم والدم) مازال كالقذارة على أحد الجدران.
شارع السعدون بعد الساعة الخامسة عصراً يصبح موحشاً وخالياً من البشر ، ويبقى تمثال السعدون مع رحيل الشمس ينظر في الأفق البعيد محدقاً بمتاريس قوات الاحتلال قرب فندق فلسطين!!.
وفي الشارع الموازي للسعدون، تمتد منطقة البتاوين حتى المربعة، تجوب فيها خفافيش الليل بكل أنواعها. أنها أوكاراً آمنة لهم، ولا يحتاج المرء إلى جهد كبير فيها لاكتشاف مخابئ السلاح والتعرف على تجار المخدرات ومافيات الممنوعات، لكنها بذات الوقت يرتادها طالبي الآمان والسكينة يتسوقون الكحول بأنواعه لكي يطردوا كوابيس الدمار والخراب وعسفاً مداه 35 عام من الإرهاب البعثي مرت عليهم.
إسكروا يا أوفياء بغداد لا حرج عليكم... ولا معصية على من هجر الصلاة منكم.. ولا على منًّ يريد الأمان والسكينة، طالما لا دولة تجلب الآمان ولا دين يُعيد السكينة!! واتخذوا من قول ((أبي العلاء المعري)) سنداً:
إذا رام كيداً بالصلاة مقيمها فتاركها عمداً إلى الله أقربُ.
وفي الشارع الموازي الأخر للسعدون أيضاً، شاهدت الشاعر ((أبي نؤاس)) يحمل كأساً فارغة ويستجدي شاطئ دجلة عن مكان نظيف يخلدُ فيه، أوساخ ونفايات الدنيا كلها أفرغوها الأوغاد على شاطئ دجلة.
لا مواقد مشتعلة في مطاعم سمك المسكوف ، ولا عرق مستكي ولا بيرة فريدة، ولا حتى دم المسيح يراق هناك. أيعقل هذا!!. هل غير أحد اسم الشارع، أم هجر البعثيون أبي نؤاس إلى إيران لأصله الفارسي؟.
كلا.. وجدته هناك، يبحث عن أصدقاءه السكارى على طول الشاطئ، ويحمل كأسه فارغاً. منَّ يشفق على هذا الشاعر بكأس من دم المسيح؟!. يا نصارى بغداد ماذا أصابكم!!..قليلاً من الشفقة وكثيراً من دم المسيح يفك حزن شاعرنا!!.
أبكِ ما شئت يا شاعر الكأس والحب، لا رفيق بعد الآن. وأحذر أن تصل إلى الطرف الآخر من شاطئ دجلة، سيصطادك قناص من قوات الاحتلال أو يأتيك صاروخاً من (المقاومة) فتذهب شهيداً ومصحوباً بفتوى عاهرة، فيأخذونك إلى النار سكراناً ويبقى كأسك فارغاً.
حينها ردد عليهم أبيات الشاعر الصعلوك ((جعفر بن علبة الحارثي)):
لـقد زعمـوا أنــي سكرت وربما يكون الفتى سكران وهو حليمُ.
لعمرك ما بالسكر عارٌ على الفتى ولكــن عــاراً أن يقــــال لئيــــمُ.
أين طيور النوارس عند شواطئ دجلة؟ لم تعد تحلق كما كانت!! هل هاجرت هي الأخرى؟ هل قُتلت؟ هل هجرت طيور الماء والحب أرض الأنبياء؟ طوفان الكره والبغضاء أتى على زهور الحب في كل بغداد، لمن سوف تعني طيور الحب.. لا حب هناك… ولا عُشاق يتداولون كلمات العشق.
صوت الرصاص يشق سكون الليل، منَّ لا يخاف صوت الرصاص؟ طيور الحب خائفة وحزينة، ووشاح الحزن الأسود يمتد على أرجاء بغداد.
ساحات بغداد، وأبواب الجوامع، ووزارات العهر الانتقالي، تُزين واجهاتها بصور شخصية لطغاة جدد. إرهابيون يدنسون القداسة، ويقتلون ويعبثون ويمارسون الموبقات ويدعون مقاومة!! لا تعرف مقاومة ضد منَّ ومع منَّ؟ وفتاوى الشهادة تطلقها عاهرات، قتل المدنيين مباح وانتهاك الحرمات مباح وسرقة البنوك مباح وخطف الأبرياء تكفله الشرائع!!.
بغداد هتكها البعثيون مرراً، وشدوا الآخرون وثاقها وأعلنوا لكل زناة الأرض أن (يرموها بالأحجار!!). تباً لكم أيها الجبناء!!.
يا طيور الحمام الحبيسة مزارات الأتقياء في بغداد، هل سجنوك الإرهابيون بفتوى أطلقتها عاهرة؟ لم أعد أراكم تطيروا في سماء بغداد!! سيأتي من يفك قيدكم، وعندها ستطيرون عالياً في السماء وتتلوا دعاء الأتقياء من جديد. وحينها تذكروا قول الشاعر ((عبد المعين الملوحي)):
بي مثل ما بك يا حمامة فأسالي من فَّك قيدكِ أن يفَّك وثاقي.
شوارع بغداد تخنقها زحمة السير ومغلقة بأرتالاً من السيارات!! صياحاً وهرجاً هناك، ومخالفة متعمدة للسير تُرتكب أمام شرطة المرور، لا قانون بعد الآن في بلد التشريع الأول!! أدهس بسيارتك من البشر من تشاء وأقتل من تشاء، وأدفع رشوة لمن تشاء، ومجلس العهر الانتقالي يصمت حيث يشاء!!.
أملاك الدولة مشاع، ولكل حزب بناية ومسلحين وحماية يقطعون الطريق باسم الوقاية، والإرهاب والتفجيرات في كل مكان، وقدرك الموت دون أن تشاء!!. ومؤسسات الدولة تتقاسمها الأحزاب، فهذه المؤسسة بعمامة وتلك لعقال وأخرى لعلماني مهنته بقال ورابعة لعشائري بطران. ذئاب تبحث عن فرائسها في كل مكان، وكرم الاحتلال برمكياً!! فالرواتب مجزية لكل وزير يلعق أكثر أحذية الأمريكان.
الأوغاد، ضيعوا سنوات العمر وحطموا آمال المستقبل، فأصبحت أردد قول الشاعر ((عبد المعين الملوحي)):
جنوني أراني المبكيات مهازلاً وعقلي أراني المضحكات مآسياً.
متى يا بغداد تنفضي عنك غبار الأيام؟ ومتى تعود الذكريات والأحلام؟ ومتى تعود طيور النوارس تحلق فوق شاطئ دجلة ثانية؟ ومتى يعود أبي نؤاس حاملاً كأساً من النبيذ ويترنح سكراناً على شاطئ دجلة؟. وهل سنشهد عودة العشاق ونسمع كلمات شاعر معذب عن العشق من جديد على شاطئ دجلة؟ وهل ستعود لشوارع الرشيد والسعدون..مهَّابة الأيام؟
بغداد عودي عارية كما كنت!! وستجدين كل العشاق والسكارى والأوفياء وطيور الحب على شاطئك، تتلوا صلوات المحبة والسلام.
ومن تلك المياه المقدسة في دجلة تقول السطورة: ستظهر كل آلهة بلاد الرافدين ومعهم المسيح والزعيم يحملان الصليب والهلال، ويدعون لعودة السلام والأمان لبغداد ثانية... وكل الويل لمن يرفض دعوة السلام!!.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوما الإرهاب والمقاومة في زمن الاحتلال
- رؤية المثقف للمستقبل السياسي والثقافي في العراق
- الأحزاب الشمولية من سياسية تفقيس المنظمات إلى الهيمنة واللصو ...
- مثقفو النظام المباد وحضانات الأحزاب الشمولية
- منِّ يتحمل مسؤولية خراب الوطن والمجتمع؟!.
- رؤية المثقف للسياسي العراقي!!.
- الصراع بين المثقف العراقي والكائنات الحزبية
- سياسيون ومواقف!!
- رؤية في السلطات وأحزاب المعارضة في الوطن العربي!!
- المثقفون العلمانيون بين الحزبية والاستقلالية!!.
- موقف الأدباء من الناقد والنقد الأدبي
- دور المرأة في حياة الأديب ( غابريل ماركيز نموذجاً)!!؛
- اختلاف مفردات اللغة وآليات الحوار بين السياسي والمثقف!!.
- مساهمة موقع الحوار المتمدن من وإلى أين خلال عام من التجربة!!
- رؤية في الأدب الملتزم وغير الملتزم
- مقتطفات من مسيرة المثقف العراقي في الساحة السياسية!!
- الحكام العرب وديناصورات الأحزاب السياسية بين الحقيقة والواقع ...
- المثقف والسلطة
- الناقد والنقد الأدبي
- المنظومات الشمولية وصراعها مع المثقفين


المزيد.....




- بضمادة على أذنه ترامب يحضر مؤتمر الحزب الجمهوري بعد ترشيحه ل ...
- ليتوانيا: إعصار قوي يقتلع أسطح المنازل ويدمّر السيارات
- الأسد لـRT: لا نضع -شروطا- لإعادة العلاقات مع تركيا بل نتحدث ...
- ترامب يظهر في مؤتمر الحزب الجمهوري بضمادات على أذنه (فيديو) ...
- وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل غير متوقعة حول مطلق النار عل ...
- إصابة 3 إسرائيليين بإطلاق نار قرب مستوطنة شافي شومرون بقضاء ...
- بايدن لوسائل الإعلام: ترامب كذب 28 مرة فلماذا تركزون على فشل ...
- بايدن يعقد اجتماعين مع أجهزة المخابرات منذ محاولة اغتيال ترا ...
- انقلاب ناقلة نفط قبالة سواحل سلطنة عمان
- اليوم الأول لمؤتمر الحزب الجمهوري: ترامب يعلن اختيار نائبه و ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صاحب الربيعي - مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد