أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - جلببة العلم على -سنّة- حماس















المزيد.....

جلببة العلم على -سنّة- حماس


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2752 - 2009 / 8 / 28 - 04:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"اطلبوا العلم ولو بالصين، فإنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم"، هكذا حثَّ نبي الإسلام المسلمين على العلم، يوماً، كما جاء في أحد الأحاديث النبوية التي رواها البيهقي في المدخل(1/241)، وإبن الجوزي في الموضوعات(1/215)، والذهبي في الميزان(2/335)، والألباني في الضعيفة(416).

فعلى الرغم من "تكذيب" البعض من المدارس والتيارات الإسلامية لهذا الحديث، وتبويبه ضمن الأحاديث "الضعيفة"(حيث وصفه الألباني بالباطل، وإبن باز في "تحفته الكريمة" والسخاوي في "مقاصده الحسنة" بالضعيف)، إلا أن الحديث لا يزال يفعل فعله، في الكثير من الأدبيات الإسلامية التي تتناول العلم بإعتباره فريضة على كل مسلم ومسلمة.

وطلب العلم في الصين، كما هو واضح من فحوى الحديث ومعناه، ههنا، لا يعني طلب العلم بإعتباره "علماً محجّبّاً"، أو "علماً مجلبباً"(علماً داخلاً في الجلباب أو ذاهباً إليه)، بقدر ما أنه يعني طلب العلم بإعتباره "معرفةً وكشفاً"، أي طلب العلم بلا حدود.
عليه، فالعلم في مفهوم النبي العربي، كما هو واضحٌ من هذا الحديث، ليس محدداً بجغرافيا وحدود وسدود، ولا مشروطاً ب"حجابٍ" أو "جلباب"، لأن العلم، بإعتباره طلباً وهدفاً ومبتغى، هو بيت القصيد في "فريضته".

ما أصدرته مديرية التربية في "إمارة غزة الحمساوية"، أمس الأحد، من "إجراءات مشددة لفرض ارتداء الزي الإسلامي الشرعي، أي الجلباب، على الطالبات"، لا تتناقض مع حرية الطالبة(أو الطالب)، بإعتبارهما "عقلاً طالباً للعلم بلا حدود" فحسب، وإنما هي تتناقض أيضاً مع العلم بإعتباره "عقلاً مطلباً" فوق كل الحدود، وأعلى من كل السدود.

فالذي "يطلب العلم وإن في الصين"، ليس بالضرورة أن يطلبه مع الحجاب والجلباب أو على طريقتهما، لأن الهدف في النهاية، هو العلم بإعتباره هدفاً، وليس "حجابه أو جلبابه"، بإعتبارهما "طريقاً أو سبيلاً".
ثم أنّ أكل "عنب" العلم، أهم بكثير من "قتل" نواطيره.

المدرسةُ ليست جامعاً أو مسجداً ل"هندسة" الصلوات. كما أنّ المدرسَ ليس خطيباً أو إماماً، لصناعة "المحللات والمحرّمات".
المدرسةُ تعلّم طالب العلم علوم الدنيا، التي يستوجب على "أهل التربية" فصلها عن علوم الدين، التي لها أهلها وناسها وطلابها الخصوصيين المتفرّغين.
المدرسةُ تؤسس للإنسان وما حواليه من دنيا ويقينيات، ولا تؤسس لله وما حواليه من دين وسموات وغيبيات.
المدرسة لا دين لها، تماماً مثلما العلم لا يعرف حدوده في دينٍ أو طريقةٍ أو شريعةٍ واحدةٍ لا شريك لها.
المدرسة ليست مصلّى، أو جهةً للعبور إلى هذا الإله أو ذاك، بقيادة هذا النبي أو ذاك، وإنما هي جهة للعلم الذي لا نبي له، سوى العقل، الذي يساوي بدوره كل الإنسان.
المدرسة لا تؤسس لأديان ضد أخرى، ولا تهدم ديناً لتصنع منه أو به وفيه، ديناً آخر.
المدرسة، هي فوق الدين، ليس لأنها "أقدس"، وأنما لأنها أكثر سؤالاً وأكثر فتحاً للإنسان، وأكثر فتحاً للماضي منه وللحاضر، وللمستقبل به وفيه.
المدرسة، ليست حرماً ل"حجب" العلم، أو"جلببته"، أو"تأنيثه"، أو "تذكيره"، وإنما هي أوسع وأكبر وأعلى من كل ذلك، لأنها "بيت للعلم"، الذي تبدأ حدوده بالإنسان؛ كل الإنسان(ذكراً وأنثى)، العابر لكل الأديان وتواريخها.

طالب العلم، برأيي، ليس بالضرورة أن يكون "طالباً للدين". وطالب الفيزياء والكيمياء والحساب، ليس بالضرورة أن يكون طالباً للحجاب والجلباب أو فيهما، أو ملفوفاً بهما.

العلم، ليس مذكراً ولا مؤنثاً؛ وليس مفرداً ضد الجمع، ولا جمعاً ضد المفرد، كما تقول "سنة" حماس، التي أمرت ب"خطف" حرية الفرد لصالح الجماعة، وب"تأنيث" المدارس، وتنظيفها وتطهيرها من كل ما يمكن أن يؤدي إلى إسمٍ مذكرٍ، أو إلى ظله، أو رائحته، وكأن الله خلق آدم في عالمٍ بلا أنثى للرجال فقط، وخلق حواء في عالمٍ آخرٍ بلا ذكر، للنساء فقط.

"تأنيث" المدارس، و"جلببة" العلم فيها، كما قررت "تربية حماس"، هو قرار "جاهلي"، هدفه "تجهيل" العلم، وإغراقه في المزيد من اللاعلم للعودة بركّابه وطلابه، إلى "جاهليته الأولى".
زج العلم، بقرار "تربية ذكورية"(كقرار "تربويي حماس" هذا) في "جلباب أو زي فضفاض"، هو قرار "أكثر من جاهلي" خارج على كل العلم، لتفريغه من "حقيقته الإنسانية"، بإعتباره "عقلاً بشرياً"، يساوي الإنسان كله، في كونه ذكراً وأنثى.

إنّ قرار تشطير العقل إلى "عقلين ضدين"، وبالتالي فصل "عقل الأنثى" عن "عقل الذكر"، من خلال تطهير المدارس "المؤنثة" من "العقول المذكّرة"، هو قرار عنصري، يُراد به قتل العقل لحساب ضده، وقتل المدرسة لحساب التكية، وقتل طالب وطالبة العلم لحساب طلاب الجهل.

فهل هناك مثلاً، "رياضيات مؤنثة" وأخرى مذكرة؟
هل هناك فيزياء أو كيمياء "نسائية" وأخرى "رجالية"؟
ما العقل في "تأنيث" العلم أو "تذكيره"، ثم أوليس هذا جهلاً ما بعده جهل بإنسانية العلم، بإعتباره عابراً لكل الأديان وكل الثقافات وكل الحضارات؟
لماذا كل هذا الإصرار على "تديين العلم"، أو تلبيسه الجلباب، وتجهيله، ومسخه بالتالي إلى مجرد "كتلة لحم تتدحرج" وسط تابوهاتٍ تبدأ بالدين ولا تنته إلى أية دنيا؟

إذا كان العلم واحداً من وإلى عقل بشري واحد، فلماذا هذا الفصل القسري بين طالب العلم وطالبته، وشطرهما إلى إثنين ضدين، علماً أنّ كلاهما يدرسان داروين واحد، وفيثاغورث واحد، وأينشتاين واحد، وغاليليو واحد...إلخ؟
هل هناك "رياضيات حرام" أو "رياضيات كافرة" لأنها تلبس الميني روك، و"رياضيات أخرى حلال"، أو "رياضيات مؤمنة"، لكونها تلبس الحجاب أو الجلباب مثلاً؟

قرار "تربية حماس" ب"تأنيث المدارس"، وتشطيفها وتمشيطها من كل ذكر، ذكّرني بإحدى الفتاوى، التي صدرت من بعض الشيوخ المتخصصين المهووسين في صناعة التابو، الذين أفتوا فيها ب"تحريم تداول المرأة للخيار والموز والكوسا والجزر، خصوصاً تلك المقدّمَة إليها من الرجل، حتى لا تستثار جنسياً"، بحسب هؤلاء الفتوَجيين.

ففي الوقت الذي أفتى هؤلاء الشيوخ ب"قتل" الخيار والكوسا والموز والجزر وتقطيع أوصاله، كي لا تثير أشكالها "المغرية" و"طبيعتها الموَسوَسة والمدسوسة" المرأة، نرى شيوخ حماس وفقهاءها يفتون بقتل العلم، وتقطيعه إلى "علم مذكّر من الرجال للرجال فقط"، و"علم مؤنث من الإناث المحجبات المجلببات للإناث مثلهن، في الزي الفضفاض فقط"!

ما أخشاه، هو أن يأتي يوم، ويفتي هؤلاء الشيوخ بقتل "الرقم واحد"، و"الخط المستقيم"، في علوم الرياضيات، لأنهما يشبهان الخيار وأخوانه، أو يفتوا بإعدام مفردة "القضيب"(الشائعة الإستخدام في علوم الفيزياء وعلوم طبيعية أخرى) ومحوها من ذاكرة اللغة العربية، ربما منعاً لأي التباس ممكن قد يؤدي إلى إثارة ممكنة، في "المدارس الشرعية" أو "المدارس الحلال"!



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشت سوريا -الضرورة-..يسقط لبنان!
- خروج أبطحي على -المخمل-
- ما لن يتغيّر في كردستان!
- كُتاب -التربية الوطنية-
- عندما يصبح الفكر -زبالة-: دفاعاً عن عقل القمني
- سلوك سوريا -الثابت-
- أمريكا المتحوّلة والمسلمون الثابتون
- صدام مات..فيما العراق بسلوكه حيٌّ يرزق
- كردستان الإنتخابات: خرافة تمثيل الأقليات
- مشكلة الموصل: بين مطرقة بغداد وسندان هولير
- موسم الهجرة إلى البرلمان
- هل رأس كردستان هو رأس الفساد؟ (2/2)
- هل رأس كردستان هو رأس الفساد(1/2)
- ثقافة الزعيم، كردياً
- تورك: من لغة القنابل إلى قنابل اللغة
- بيت أردوغان الذي من زجاج
- نقمة العَلَم السوري: قتل العلَم بالعَلم
- واأردوغاناه!!!
- أردوغان، خاطفاً لفلسطين
- مسعود بارزاني: كردستان في الإتجاه الخطأ


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - جلببة العلم على -سنّة- حماس