أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - علاء اللامي - ردا على كوردة أمين :حول الابتزاز باسم العداء للكرد والشيعة : لماذا يسيء المتطرفون من الكرد لقضية أمتهم العادلة ؟















المزيد.....



ردا على كوردة أمين :حول الابتزاز باسم العداء للكرد والشيعة : لماذا يسيء المتطرفون من الكرد لقضية أمتهم العادلة ؟


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 166 - 2002 / 6 / 20 - 15:03
المحور: القضية الكردية
    


 

ردا على كوردة أمين :

حول الابتزاز  باسم العداء للكرد والشيعة :

لماذا يسيء  المتطرفون من الكرد لقضية أمتهم  العادلة ؟

 

                                                                                         علاء اللامي

  نشرت السيدة  الفاضلة "كورده أمين " والتي تعرف نفسها بالحقوقية والباحثة مقالة في عدد من المواقع العراقية على شبكة الانترنيت  بعنوان غريب  يقول ( الجاهل عدو نفسه .. ) هاجمتني فيها شخصيا وبالاسم  في محاولة للرد على مقالات  نشرت لي في الصحف العربية الصادرة في لندن ومنها مقالة أشارت لها وقالت إنها نشرت في جريدة " القدس العربي عدد 16 تموز 1999   . وحين اطلعت لأول مرة على مقالة السيدة أمين قررت عدم الرد عليها لثلاثة أسباب : فهي تتضمن شتائم مقذعة لا تجازف بقولها أية سيدة تحترم نفسها و هي ثانيا تحتوي على اتهامات  خطيرة ولكن دونما دليل أو سند  والسبب الثالث هو شعوري بعدم الحاجة  للدفاع عن نفسي ودرء تهمة معادة الشعب الكردي والشيعة في العراق التي اتهمتني  بها الكاتبة   لأنني أتشرف بكوني صديق مخلص للأمة الكردية ومدافع قديم عن حقها في تقرير المصير في كل ما كتبت ، ولأنني لست عدوا " للشيعة " فهم أهلي بل عدو"للطائفيين الشيعة وغير الشيعة " الذين يريدون أن يجعلوا الولاء لشيوخ الطائفة  قبل الولاء للوطن والشعب والحقيقة . غير أن إصرار السيدة المذكورة على نشر مقالتها في أكثر من موقع جعل الحالة تنتقل من إطار حق النقد و إبداء الرأي الى إطار التشويه المقصود والمخطط له بمهارة مخابراتية ملحوظة . ولهذا سأحاول في السطور التالية مناقشة ما كتبته السيدة الفاضلة و الباحثة الحقوقية كورده أمين والتي تعلم ، على الأقل من خلال كونها حقوقية ، أن العنف كاصطلاح جنائي  ليس ماديا" بدنيا "  فقط بل ثمة ما يسميه القانون في الدول المتحضرة أي تلك  التي لا تحكمها العصابات وأمراء الحرب العنف اللفظي ومقالتها - لشديد الأسف - مثال بالغ الدلالة على العنف اللفظي والتجريح  البدائي الذي عفا عليه الزمن  .

  منذ السطر الأول من مقالتها تهتف السيدة أمين بالقول ( إن كركوك مدينة كردية والنظام الفدرالي ليس تمزيقا لمقومات الدولة العراقية ..) وفي هذا القول دليل ساطع على سوء فهم   خطير لكل ما كتبت . فهي تعتقد أنني أناقش موضوع الهوية القومية المختلف عليه لمدينة كركوك في حين أنني ركزت بحثي وتحليلي على الإشكالية السياسية والتعقيدات الإنسانية لسكان هذه المدينة  على أساس إنها متعددة القوميات ولها خصوصيتها الشاخصة  ولتفادي مستقبل  دامس بعد زوال الدكتاتورية ، مستقبل ينذر بالمجازر والمجازر المضادة على أسس عرقية وقومية  عابقة  برائحة نفط كركوك  طرحتُ رؤية أو تصورا سلمي النزعة ، ديموقراطي المضمون  ، يقوم على أربعة  مرتكزات هي :

-  رفض ادعاءات النظام الحاكم  القائلة بعروبة المدينة وعروبة أغلبية سكانها ورفض اعتبارها كباقي المحافظات العراقية العربية التابعة مباشرة للحكم المركزي .

-  رفض موقف الأحزاب الكردية القومية المسيطرة على إقليم كردستان والقائل بكردية المدينة و كردية أغلبية سكانها وإلحاقها بما يسمونه  "حكومة الإقليم الفدرالية" .

-  رفض ادعاءات الأحزاب والقوى السياسية المعبرة عن صوت الأقلية العراقية التركمانية و رفض اعتبار المدينة  والأغلبية السكانية فيها تركمانية .

-  اقترحت اعتبار المدينة ومحيطها الإداري الرسمي منطقة و وحدة سياسية  ذات حكم ذاتي محلي يدار ذاتيا من قبل جميع سكانها بعد عودة جميع  المهجرين منها قسرا وانتخاب هيئاتها السياسية التمثيلية  بشكل ديموقراطي .

  وفي مقالة أخرى نشرت بعد أيام على نشر تلك التي علقت عليها الكاتبة  قلت بوضوح أكبر أن همي ليس البحث في الجذور القومية والإثنية للمدينة  ولمن كان يسكنها ويشكل الأغلبية فيها قبل مئات أو آلاف الأعوام إذا كان هذا البحث يؤدي الى منزلقات شوفينية تؤدي الى المجازر والمذابح ، الأمر الذي  قد يؤدي الى تعقيد الأمور ويفتح ملفات أخرى لا معنى لها من الناحية السياسية  والحضارية الراهنة كأن نكتشف مثلا أن مدينة " أربيل " الكردية اليوم كانت قبل آلاف الأعوام  مدينة سامية كلدانية أو آشورية بدليل اسمها الكلداني "أربيل" والذي يترجمه البعض بعد التفكيك الإركولوجي الى "  أربع أيل " أو " أربى أيل "  أي  ربوة كبير الألهة  أيل وقريب منها اسم باب أيل " بابل "  و قد ترجمها باحث  آخر الى  "الآلهة الأربعة " فأي معنى لهذه المنزلقات إذا كان  الواقع الحالي لأربيل يقول  أنها مدينة كردستانية واسمها باللغة الكردية " هولير "  ؟  غير أن هذا الموقف لا يعني منع الناس من احتياز  قناعاتهم  وآرائهم الشخصية  ولا يعني أيضا  منع العلماء والمتخصصين من البحث في ميدان الجغرافيا والإنثربولوجيا والتاريخ .

أما الفدرالية فأنا  لا أرفضها لأنها فدرالية بل لأنها ليست فدرالية حقيقية وقائمة على الاختيار الحر والاستفتاء الديموقراطي لمكونات الشعب العراقي الرئيسية بل لأن الموجود الآن ليس إلا أكذوبة سياسية تغطي إعلاميا على محمية أمريكية  أملتها ظروف قاهرة مر بها الشعب الكردي والعراق كله بعد العدوان الغربي عليه في 1990 . وقد أوضحت في مناسبات عديدة أنني ، ومع كل تعاطفي و تفهمي للظروف الخاصة وللمعاناة الرهيبة التي عاشها سكان إقليم كردستان  بسبب قمع النظام الشمولي أو بسبب تقاتل الأحزاب الكردستانية ، أؤمن بأن المطلوب حقيقة ليس إمارات ومناطق نفوذ تديرها فئات حزبية وإقطاعية محمية بالطيران الأمريكي والبريطاني و الجندرمة الأتراك أو الحرس الثوري " الباسدران " الإيراني بل المطلوب هو  نظام فيدرالي حقيقي يتألف من فيدرالية لإقليم كردستان وفيدرالية للعراق العربي ومنطقة حكم ذاتي لمدينة كركوك وضواحيها بشرط أن يوافق الشعب العراقي كله بعربه وأكراده وأقلياته القومية الأخرى على هذا الخيار عبر استفتاء شعبي ديموقراطي ونزيه فإن رفضت الأغلبية الشعبية هذا الخيار  وجب البحث عن خيار أو  صيغة كأخرى كالإدارة الذاتية أو غير ذلك .

  تتهمني الكاتبة بالعداء للشيعة ( يبدو أنها لا تعلم بأنني من أسرة شيعية كما لاحظ ذلك كاتب إسرائيلي هاجمني ورفيقي الراحل هادي العلوي على صفحات جريدة "الحياة"  الصادرة في لندن العدد 12973 حيث اكتشف من خلال لقبي أنني من قبيلة بني لام العراقية العربية  الشيعية ! ) وسبب الاتهام الذي ورد على لسان السيدة الكريمة كورده أمين هو أنني ( هاجمت بعض الرموز الشريفة في المعارضة العراقية التي طرحت فكرة الحكم الفيدرالي في جنوب العراق على أساس جغرافي لا طائفي مستغلا هذه المناسبة فصب جام غضبه ضد الشيعة . ) ولي على هذا الكلام عدة اعتراضات إذ لا وجود للدقة وللصدق فيه . فأولا إن  ما طرحته تلك " الرموز الشريفة " لم يكن حكما فيدراليا بل كان دعوة لإقامة " محمية " أمريكية  للمدن التي تضم أغلبية شيعية في الجنوب العراقي  وقد أضيفت إليها مدينتي كربلاء والنجف المقدستين لدي المسلمين الشيعة . و" محمية " ليست كلمة من اختراعي أنا  بل هي الكلمة التي وردة حرفيا على لسان عرّاب المشروع وأول من روَّج له وأقصد  الشيخ محمد بحر العلوم في مقالته المنشورة في جريدة "الحياة" عدد 2/4/2001  والتي عقبتُ عليها في حينه في جريدتي "السفير" البيروتية و "الزمان" اللندنية . وثانيا فلم تكن  خطة تلك المحمية الجنوبية   تقوم على أساس جغرافي لا طائفي، بل كانت طائفية قلبا وقالبا .فالشيعة يؤلفون نسبة لا تقل عن خمسة وتسعين بالمائة من سكان المنطقة ، وقد سبق للسيد غسان العطية بفترة  ليست  طويلة  أن طرح مشروع حركته الملكية الدستورية  الخاص بأسس تلك الفدرالية والتي يجب أن يسبقها – كما يرى العطية -  إجراء إحصاء للسكان على أساس " الانتماء الطائفي والعرقي ". وقد عقبت على مشروع العطية الذي طرحه في إحدى ندوات المعارضة العراقية في واشنطن على صفحات جريدة " القدس العربي " والمقالة منشورة أيضا على الصفحة 297 من كتابي " نصوص مضادة دفاعا عن العراق ". وبالمناسبة فلم يرد أحد من أهل المحمية على ما كُتب وقيل من قبل كاتب هذه  السطور أو من كتاب آخرين في التيار الوطني المستقل والمعارض للدكتاتورية وللعدوان الغربي معا، بل لاذوا بالصمت المعبر  وبعد فترة جمعوا بضاعتهم وانصرفوا من " الميدان " .

  تلجأ الكاتبة بعد ذلك الى أسلوب التشكيك المخابراتي ومحاولات تشويه سمعة الخصم  فتكتب دون أن يطرف لها جفن من  تردد أو خجل : ( ولم يسلم من كتاباته – علاء اللامي – أحد حيث لا نشك  بوجود جانب من التنسيق في طرح الأفكار التي تفوح منها رائحة كريهة ضد الكرد والشيعة مع أشخاص يعملون في إحدى الصحف الصادرة في لندن والارتباطات المعروفة لبعض كتابها بالأجهزة الأمنية العراقية ..) وهذا كما لا يخفى على كل متابع وقارئ للصحافة كلام مخابراتي يدخل في باب التشنيع لا أقل ولا أكثر. أما تلميحات الكاتبة الى " تلك الجريدة التي تصدر في لندن  " التي نشرت فيها مقالاتي موضوع نقدها  أي " القدس العربي "  فقد كان عليها ومن باب عدم نكران الجميل أن تتذكر  أن هذه الجريدة  نشرت لي ولغيري من عرب وكرد  العديد من المقالات المدافعة عن الأمة الكردية والمرأة الكردية والثقافة الكردية وإذا كانت تعرف جريدة نشرت أكثر منها في هذا الباب فلتذكرها لنا . أما إذا كانت للكاتبة عقدة معينة من عداء تلك الجريدة  للعدوانية الأمريكية وللحصار المفروض على شعب العراق  فهذا شأن آخر يهمها هي و لا أحد سواها  . و بخصوص  الشيعة الذين هبت للدفاع عنهم فقد سلف قولي الى أنهم أهلي و تراثي ولكنني  أنظر إليهم وفق سلم الأوليات المبدئي والوطني . فهم  من وجهة نظري عراقيون أولا ، و عرب  ثانيا ،  مسلمون ثالثا  ، و شيعة  رابعا . علما بأنني كفرد  أفخر شديد الفخر بالدور الرائد والعظيم لفقهاء ورجال دين هذه الطائفة في معارك التحرر والجهاد  والتصدي للغزاة البريطانيين والذي بلغ ذروته في الثورة العراقية الكبرى سنة 1920  . وبالملموس فأنا شديد الفخر والاعتزاز بالأسماء المضيئة لقادة أفذاذ من أمثال مهدى الخالصي ومهدي الحيدري ومحمد تقي  الشيرازي و شيخ الشريعة و الأسماء الأحدث عهدا  و التي تلت ذلك الجيل كالشهيدين الشجاعين الصدر الأول والصدر الثاني وشهداء آل الحكيم  الأبرار والقائمة طويلة و لا تقلل من قيمتها البتة تلك المواقف والألاعيب  الملتبسة لعدد من شيوخ السياسة في زمن "قلة الخيل " والذين يتاجرون  بمعاناة  الشيعة و غير الشيعة في دهاليز وزارات الخارجية الأمريكية والبريطانية  .غير أن هذا الفخر لا ينبغي أن ينحو بالمرء الى"خانة الشواذي " الطائفية الضيقة التي يراد لها أن تتخذ شكل محمية قزمة  في الجنوب بل يجب أن يطلقه في فضاء عراق ديموقراطي يكون فيه جميع مواطنيه أسيادا وأحرارا متساوين .

ثم تتطرق الكاتبة الى أنني ذكرت أخوتنا العراقيين التركمان بخير وقلت فيهم بضعة جمل تطريهم وتمدح بعض صفاتهم  فما الذي أزعج السيدة في هذا الأمر ؟ هل أدمنّا على الشتائم العنصرية المتبادلة أم إنها الغيرة السياسية التي تلهبها ثقافة الحقد العنصري البدائي البالغة حدود الافتراس  الأدلوجي  ؟

  أما قولها بأني وصفت تركيا بـ ( الأم الحنون ) فهو يدل على أن الكاتبة لا تفهم ما  يكتبه الآخرون إلا لماماً كمعظم الذين جاءت بهم المصادفة  الى عالم الكتابة  ، ففي الواقع   كنت أتهكم على بعض المتطرفين  التركمان الذين ولاؤهم لغير العراق وبوضوح أكثر فقد قصدت  الموالين للدولة التركية " ظالمة أو مظلومة " وكأنها هي دولتهم وليس العراق .

  وفي معرض تعليقها على الإحصائيات التي أوردتها في مقالتي حول نِسب سكان مدينة كركوك من حيث الأصول القومية تتساءل السيدة بالقول ( أي دليل وما هي المراجع العلمية التي رجع إليها؟) مع أن المراجع مذكورة في المقالة  الرئيسية .  ثم تحيلنا الى ما تسميه البحوث المقدمة الى " مركز كربلاء  في لندن " والى الإحصاء السكاني لسنة 1957 فتقدم النسب التالية لسكان المدينة :

-48,3 بالمائة كرد

-28,2 بالمائة عرب .

-      21.4 تركمان . 

و ثمة هنا فرق كبير  بين هذه الأرقام و الأرقام التي نقلناها نحن عن كتاب "العراق" للمؤرخ الراحل حنا بطاطو الكتاب الثالث ص 224 وهو  باحث مستقل من أصل فلسطيني لا يمكن اتهامه بالانحياز للكرد أو للتركمان ولا حتى للعرب لأنه  ذكر لوجودهم  نسبة منخفضة جدا عن تلك التي جاءت بها الكاتبة نفسها من " مركز كربلاء في لندن "  . ولو كان كاتب هذه السطور ذا ميول  شوفينية ولا يحركه دافع البحث عن الحقيقة لشطب على أرقام بطاطو و صفق  لأرقام كورده أمين التي جعلت العرب هم القومية الثانية بعد الكرد . كلا يا سيدتي ،  الحقيقة هي الحقيقة . و ها هي الأرقام التي نقلتها عن بطاطو في مقالتي تلك  والتي رصدها بطاطو  بعد عامين على إحصائية 1957 أي بعد ارتفاع نسبة الكرد والعرب وانخفاض نسبة التركمان .  و أكرر  هنا تلك النسب  كما هي تاركا أمر البت بصحتها أو خطئها وصحة أو خطأ الأرقام التي أتيت  أنتِ  بها  للمتخصصين في الموضوع .

كانت نسب السكان في مدينة كركوك في سنة 1959 كما يلي بحسب الأرقام التي ذكرها حنا بطاطو على ص 223 من كتابة " العراق "  :

-      التركمان  أكثر من النصف قليلا .

-      الأكراد  حوالي ثلث السكان .

-      العرب والآشوريون  ما تبقى من النسبة أي أقل قليلا من عشرين بالمائة .

ومتى ما ظهر بطلان هذه النسب وأكد الخبراء والمتخصصون ذلك البطلان  فأنا مستعد لسحبها واعتبارها خاطئة وآمل أن تفكر السيدة أمين بالطريقة العلمية ذاتها .

  ولكن ما القصد من كل هذه التفاصيل ؟ قلتُ آنفا أن غرضي ليس الخوض في الأصول القومية والهوية الإثنية لهذه المحلة العتيقة أو لهذا الجدار الأثري ، وإنما  على واقع ومستقبل العراقيين في هذه المدينة التي يلوب حولها التطرف والتعصب والمرشحة – وهذا ما يعترف به أغلب العراقيين – لكي تكون مدينة المجزر والدماء بحق حين تسقط الدكتاتورية  . إنني أحاول توضيح اقتراح معتدل وإنساني يضمن حقوق جميع  الناس، ولا يمس بكرامة طرف من الأطراف ، ويحاول عن طريق استجلاء هذه الأرقام وغيرها من معطيات التأكيد على أن مدينة كركوك  كانت وهي الآن و ينبغي أن تكون مستقبلا  مدينة متعددة القوميات وسكانها يتوزعون على أربع مجموعات  قومية رئيسية  هم التركمان و الكرد والعرب والآشوريون  .

ثم تحاول الكاتبة ابتزازنا بنوع آخر من التأويلات المخالفة لحقيقة ما قيل والتي  لا تنطلي على أي إنسان يحسن القراءة والكتابة . من ذلك  مثلا  قولها أن كاتب هذه السطور ( وصف الكرد بأوصاف غير لائقة وهذا دليل على ثقافته الهزيلة ومن ذلك قوله  أن الكرد ديكة الشوفينية ) . هنا أيضا للأسف ثمة تحريف يناهز الكذب الصريح ، فأنا لم أصف الكرد كأمة بهذا الوصف ولا أريد أن استدر  عطف السيدة أمين  فأسرد عليها ما قلته عشرات المرات من آراء ومواقف من الأمة الكردية بل أحيلها الى أي كتاب أو مقال لي عن الكرد لتقرأه وتخرج بالنتائج المناسبة . لقد وصفتُ وسأصف المتطرفين و المتعصبين من الكرد ومن غير الكرد بديكة الشوفينية ومشعلي حرائق وسلبيين هدفهم التحريض على الحروب ( حتى آخر بيشمركة  ) والعبارة الأخيرة للكاتبة  ، من أجل تحقيق طموحاتهم السياسية الذاتية ومن أجل حصص أكبر من نفط كركوك ثمنها دماء الفقراء من الكرد والعرب والتركمان وجميع العراقيين . وهؤلاء المتعصبون و الديكة الشوفينيون موجودون في كل ساحة وميدان وهم أقلية دائما و منهم حسنو النية،  ومنهم  أشخاص مريبون يهدفون الى الإضرار عن عمد بقضية الأمة التي ينتسبون إليها وتنفير الجميع من قضاياها العادلة  وحرمانها من الأصدقاء والمتضامنين  الحقيقيين فمن يقف وراء هؤلاء وأولئك ؟

وتبلغ حملة السيدة الكريمة ذروتها الشتائمية حين تقول بأنني (  من تلاميذ  ميشيل عفلق والذين أكملوا دراستهم في كلية لشريعة ..الخ ) وهذا ما يذكرنا بالمثل الشامي القائل ( شو جاب طُز  لمرحبا ؟)  إضافة الى تلميحاتها بأنني كنت عضوا في الاتحاد الوطني للطلبة التابع للسلطة العراقية .ومع اشمئزازي من الكلام عن نفسي وخوض المهاترات الذاتية  ولكنني مجبر على قول بعض الحقائق ، وملعونة هي الظروف التي صارت تجبر الناس على التعري من تفاصيلهم الشخصية  على صفحات الجرائد ليثبتوا أنهم  شرفاء  ولا علاقة لهم بالسلطة وأجهزتها في الوقت الذي يهرع بعض "الزعماء المعارضين العراقيين المحنكين " الذين تدافع عنهم هذه السيدة الى الاجتماع علنا بوفود وخبراء وكالة  المخابرات المركزية الأمريكية علنا في مكاتب ودوائر رسمية في إقليم كردستان . أذكر لفائدة السيدة إنني كنت المسؤول الأول عن الاتحاد العام لطلبة العراق " اليساري " في مدينتي ومسقط رأسي " الشطرة " في السبعينات وعضوا في اللجنة التنفيذية لهذا الاتحاد في محافظة ذي قار " الناصرية ".  ومعلوم أن هذه الاتحاد الطلابي العريق " تأسس في سنة  1947 وهي السنة التي تأسس فيها حزب البعث أيضا !!"  قد حُلَّ و جمد نشاطه من قبل الحزب الشيوعي إرضاء لحليفه حزب البعث الحاكم  و بالمناسبة أذكر   بأن الحزب الديموقراطي الكردستاني  الذي تدافع عنه الكاتبة كان الحليف الثالث في تلك التوليفة الحاكمة في السبعينات  . وثانيا فلم أكن طالبا في كلية الشريعة بل في كلية "أصول الدين " ويبدو أن من قدموا هذه المعلومة الى السيدة أمين كانوا على عجلة من أمرهم ، أو قُلْ إنهم أرادوا توريطها بمعلومة ملغومة !  ولا أدري إن كانوا قد  أعلموها أيضا بأنني و مجموعة من الشباب اليساريين لجأنا الى كلية أصول الدين  لأنها الكلية العراقية  الوحيدة آنذاك  التي لم تكن قد بُعّثت قسرا "أي  تشترط الانتساب الى حزب البعث  للقبول فيها"   بعد أن طُردنا من أكاديمية الفنون الجميلة فرع المسرح،  ولم يبق أمامنا  إلا الانخراط في الخدمة العسكرية حيث ينتظرنا تنفيذ عقوبة الإعدام رميا بالرصاص لأننا شيوعيون مكشوفون وهو ما حدث فعلا للعشرات من أمثالنا  أو التقديم والانتساب الى تلك الكلية  الدينية والتي تم حلها وإلغاؤها بعد سنتين فقط من قبل النظام وألحقنا نحن طلابها بكلية الآداب جامعة بغداد  .

أما قولها بأنني كنت _ بالإضافة الى كل ما ذكرت عن  كلية الشريعة وغير ذلك  -  تلميذا لميشيل عفلق ، فالذي أعلمه ويعلمه العراقيون جميعا وحتى السوريين فهو أن عفلق لم يكن أستاذا يعطي دروسا خصوصية ولا  كان صاحب تكية أو زاوية لتحفيظ القرآن  بل كان مؤسسا لحزب السلطة الذي كنت وما أزال خصما حقيقيا له .

  وختاما تسجل الكاتبة عليَّ ذنبا جديدا وهو أنني أقيم في مدينة جنيف السويسرية التي " و يا للعجب ! "يقيم فيها أيضا  برزان التكريرتي  أخ الرئيس العراقي وتلومني على أنني لم أقم بما ينبغي فعله من أجل تقديم هذا الشخص الى المحكمة الدولية كمجرم حرب ! إنني ومع تواضع إمكانياتي كإنسان بسيط يكسب قوته بعرق جبينه ، تلك الإمكانات التي لا تتعدى قلم بسيط وجهاز  كومبيوتر أكثر بساطة وضمير أزعم أنه حر و حي ،  أسأل السيدة أمين سؤالا صريحا هو : هل تضمنين  يا سيدتي أن هذا الشخص الذي تنعتينه  اليوم  بمجرم حرب  والذي تطالبينني بتقديمه للمحاكمة الدولية  لن يجتمع  مستقبلا  بمن تسمينهم "الزعماء المحنكين في  أربيل أو السليمانية " إذا ما حل محل أخيه في الرئاسة  ؟  إن السيدة التي تأخذ عليَّ  كل هذه المآخذ تنسى أو تتناسى أن زعماءها المحنكين الذين تدافع عنهم و تطريهم أيما إطراء هم أنفسهم  من هرعوا الى القصر الجمهوري وأخذوا صدام حسين بالأحضان والقبلات أمام كاميرات التلفزيون وقبل أن تجف دماء شهداء انتفاضة آذار 1991 المغدورة  .

   لقد حان الوقت ، وأقول هذه الكلمات بكل المحبة والصدق والأمل ، للأخوة المتعصبين من الأكراد ومن التركمان والآشوريين والعرب  كمواطنين أحرار و شركاء  في الوطن العراقي بحسب  عبارة  مؤسس الجمهورية العراقية الشهيد عبد الكريم قاسم ، أن يتخلوا عن تلك العصبية العمياء المقيتة ويركزوا البصر والبصيرة على ما يجمع لا على ما يفرق ويفرِّخ المجازر . ومع أنني أزعم أن مقالة السيدة أمين والعشرات مثلها لن تضعف  من تضامني الأممي والإنساني مع كل المضطهدين وفي مقدمتهم الأمة الكردية  ولكنني أخشى أنها ستلحق ضررا فادحا بقضية الأمة الكردية ذاتها فتنفر الجمهور منها وتجعل كل إنسان  في العالم العربي وخارجه يفكر ألف مرة قبل أن يُقْدِم على إبداء تضامنه مع الكرد ولسان حاله يقول إذا كان بعض الكرد قالوا كل هذه الاتهامات والتهجمات القاسية بحق علاء اللامي الذي يعتبر نفسه كرديا أكثر من الكرد أنفسهم فكيف سيكون مصير غيره من حسني النية ؟

آخر ملاحظة  أختم بها تعقيبي هذا   تتعلق بالإعلان المفاجئ الذي  ورد على لسان الكاتبة من موضوع حق تقرير المصير للأمة الكردية وقيام كيانها السياسي أي دولتها القومية فقد كتبت  أنها ( تعتقد بأن الشعب الكردي حين يطالب بحقوقه من خلال حركته التحررية لا ينادي بالانفصال وأن تهمة الانفصال هي تهمة باطلة يرددها أزلام السلطة ) إن ما تعتبره السيدة الفاضلة تهمة باطلة وتحاول التبرؤ منها ، أعتبرها أنا- وقد أعلنت ذلك مررا وتكررا - حقا إنسانيا مشروعا فلقد أيدتُ و دونما تحفظ وبصفتي ماركسيا مستقلا  يؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، أيدت حق الأمة الكردية في تقرير مصيرها وبناء كيانها السياسي القومي حتى لو أدى ذلك وهو سيؤدي حتما الى انفصال أقاليم كردستان الثلاثة من الدول التابعة لها الآن وهي العراق وتركيا وإيران  أما وضع الكرد في سوريا فيندرج في إطار الحقوق الثقافية والمواطنة  وليس  في إطار حق تقرير المصير كما يرى كثيرون منهم  مانديلا الكرد عبد الله أوجلان  .

باختصار إن ما تعتبره الكابة الكردية تهمة باطلة أعتبره أنا العربي المتهم بالعداء للكرد حقا مشروعا وأترك الآن للسيدة الكاتبة وللقراء الكرد خاصة اختيار الصفة المناسبة لمن يتخلى عن حق أمته في الحرية والاستقلال طوعا وعلنا . نعم ،كنت وسأبقى صديقا مخلصا للأمة الكردية وسوف أخيب آمال مَن يريد مني أن أكون مصفقا لزعماء الأحزاب الكردية  والمتاجرين بآلام الفقراء الكرد باسم التضامن الأعمى . فأنا مع الأمة الكردية الطامحة الى الحرية والاستقلال ولست ولن  أكون مع الزعماء  المتذابحين  على الدولارات القادمة من مركز "إبراهيم الخليل"الحدودي كما كشفت عن ذلك تفاصيل الحرب بين الحزبين الكرديين الكبيرين الاتحاد الوطني والديموقراطي الكردستاني  و التي يسميها فقراء الكرد " أُم  الكمارك " في استذكار  تهكمي  لأم المعارك   الحكومية !  

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزعة العراقوية من الجاحظ إلى عبد الكريم قاسم .
- كركوك والموصل في الكعكة السياسية : حين تتحول الأوهام الشوفين ...
- توجان الفيصل ..سلاما !
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة العبودية :قراءة في رسالة مفتو ...
- ثقافة الذبح العشائرية : و نقتل الأكراد مجانا..!!
- لتكن "كركوك" أنموذجا لعراق المستقبل والسلام والمواطنة الحقة
- بعد السماح للعراق باستيراد الفؤوس والرماح : هل سينتهي العراق ...
- الإسلامي "عبد الله نمر درويش " والتنازل عن حق العودة :لمصلحة ...
- حول دعوة وفيق السامرائي لتوطين الفلسطينيين في العراق: الهاجس ...
- هل يبحث صدام عن الشهرة حقا؟
- أخلاقيات العمل المقاوم واستهداف المدنيين الأبرياء .
- جلاد مقاديشو هل يصنع السلام في فلسطين ؟
- هوامش على دفتر المذبحة
- الحوار الكردي الفلسطيني
- لم يبقَ إلا مطالبة شارون بقطع العلاقات مع الدول العربية !
- الهاتف الرئاسي العربي بمواجهة دبابة مركافاه الصهيونية
- مغامرة التأسيس والريادة في رواية السيرة العراقية : في مواجهة ...
- من "ورقة الأمير فهد " الى " تصريحات الأمير عبد الله "
- خطاب العقيد القذافي الأخير :لا جديد تحت شمس العقيد !
- مناقشة لآراء " غراهام فولر" حول نهاية النظام العراقي


المزيد.....




- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
- بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
- بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
- مذكرة توقيف بحق نتانياهو وغالانت: ما هي حظوظ تطبيق قرار المح ...
- مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية ترحب بالقرار التاريخي للمحكمة ...
- الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه ...
- الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس ...
- دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - علاء اللامي - ردا على كوردة أمين :حول الابتزاز باسم العداء للكرد والشيعة : لماذا يسيء المتطرفون من الكرد لقضية أمتهم العادلة ؟