|
المخلفات المأساوية للأزمة وآفاق التجاوز
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 09:18
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مقدمة كتابات غزيرة صدرت منذ انفجار الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة، تحليلات متعددة تختلف باختلاف توجهات أصحابها، تنبؤات بعضها متفائل والبعض الآخر مغرق في التفاؤل. أوهام كبرى صيغت من أجل اسدال جو من الضبابية على حقيقة الأزمة ومن أجل عدم ايقاض المارد النائم البروليتاريا المسحوقة بنيران الرأسمالية. مساهمة منا في الدراسة والتحليل لسبر أغوار الأزمة الأخيرة وفهم حقيقتها على بشاعتها والعمل على اقتراح ما من شأنه تجاوز هذه البشاعة كمساهمة بسيطة لا تتوخى محاباة جهة ما بل تنطلق فقط من التجرد والحرية الفكرية. ستتناول هذه الورقة من خلال ثلاث محاور، نخصص للمحور الأول لمؤشرات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة، تم نتطرق في المحور الثاني لحقيقة الأزمة الرأسمالية وتعمق تناقضات الإنتاج الرأسمالي وفي المحور الثالث نتناول المخلفات المأساوية للأزمة وآفاق التجاوز.
أولا: مؤشرات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة
1 – مؤشرات الأزمة المالية منذ شهر شتنبر 2008 أعلن عن افلاس أكثر من 114 بنك أمريكي وذاك حسب احصائيات ال The FDIC من أصل 135 بنك أمريكي تعرض للافلاس منذ فاتح أكتوبر 2000، مما يعني أن هناك أزمة أبناك أمريكية من شأنها احداث تأثير عميق على الصعيد العالمي. ففي يوم الجمعة 12 شتنبر 2008 انهار بنك ليمان برادرز وهو ثاني أكبر خمس أبناك أمريكية عالمية، وخلال الأسبوع الموالي ستتدخل الادارة الفدرالية لجورج بوش من أجل انقاد ثلاثة من أكبر الأبناك الاستثمارية الأمريكية وهي كل من ميريلي لينتش ومورغان ستانلي وكولدمان ساشس، لكن تدخل الادارة الأمريكية كان على أساس افقاد هذه الأبناك دورها كأبناك أعمال. وقد تم الإعلان عن تفويت ميريل لينتش Merrill Lynch إلى بنك أمريكا la Bank of America. وفي يوم الاثنين 15 شتنبر 2008 أعلن عن افلاس AIG وهي أكبر شركة تأمين في العالم، وقد تم تأميمها في اليوم الموالي بأموال عمومية بلغت 85 مليار دولار. وفي أوروبا تعرض للافلاس بنك فورتيس Fortis في بروكسيل وحيث تم تأميمه جزئيا من طرف حكومات هولاندا وبلجيكا وللوكسمبورغ، كما تلقى بنك ديكسيا Dexia دعما ماليا بقيمة 6,4 مليار أورو بدعم من حكومتي فرنسا وبلجيكا؛ وفي بريطانيا قامت الحكومة بتأميم بنك برادفور وبينغلي Bradford & Bingley المتخصص في الرهونات وقد تم بيع جزء من أسهمه إلى بنك سانتاندر الاسباني Santander. كما سبق لثاني بنك للرهونات الألماني هيبو ريال استيت Hypo Real Estate أن دخل في 5 شتنبر 2008 في عملية انقاذ بلغت فيمتها 50 مليار أورو لكن نجاح العملية لم تكن مضمونة. من جهة أخرى قامت اسلندا بتأميم ثالث أهم بنك لديها كليتنير Glitnir، وتعرض البنك السويسري أبس UBS لخسارة بحوالي 35 مليار دولار. تسببت أزمة الأبناك الأمريكية والأوروبية واليابانية المتسارعة منذ شهر شتنبر 2009 في توقف تدفقات التمويل العالمية والتي تعد بالتريليونات الدولارات من الأرباح. وقد بدأ يظهر للجميع أن أزمة الأبناك الدولية بدأت تخنق الأسواق المالية وتهدد النظام المالي العالمي بالإنهيار.
ستنعكس أزمة الأبناك المتسارعة ونضوب وسائل التمويل إلى لجوء المستثمرين إلى بيع الأسهم والعملات الأجنبية من أجل الحصول على السيولة، مما أدى إلى انهيار لولبي لسوق الأوراق المالية والذي تولدت عنه أزمة عالمية في سوق هذه الأوراق. فقد نزلت قيمة الأسهم في بضعة أيام بنسبة 20 % وهو مستوى من الانهيار لم تحدث يمكن مقارنته بسنة 1929 وسنة 1987. وهكذا بلغ حجم الخسارات في البورصات العالمية ما يزيد عن 34 مليار دولار في الأيام الأولى للأزمة والتي ستستمر لكي يتبخر أزيد من 50 مليار دولار.
2 – مؤشرات الأزمة الاقتصادية ابتداء من شهر أكتوبر 2008 ستتعمق الأزمة الاقتصادية بشكل غير مسبوق، نتيجة أزمة الأبناك والأوراق المالية والبورصات العالمية. فقد انتشرت الأزمة الإقتصادية العالمية إلى مختلف الدول الرأسمالية الرئيسية بتزامن نسبي وبعنف كبير جدا. وقد انعكست الأزمة على الخمسمائة شركة متعددة الاستيطان الاحتكارية الأكبر في العالم والتي استطاعت منذ بداية عقد التسعينات الهيمنة على السوق الدولي بكامله وقسمته فيما بينها. وبسبب الانسداد المفاجئ لأسواق الصادرات الدولية، لم تستطع الاقتصاديات الرأسمالية الرئيسية تحويل منتجاتها الفائضة نحو أسواق أخرى، وذلك مثلما حدث خلال الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 2001 – 2003. فخلال الثلاثة أشهر الأخيرة فقط من سنة 2008 انهارت التجارة العالمية ب 20 في المائة مقارنة مع أعلى مستوى خلال لها خلال الثلاثة أشهر الثانية والثالثة من سنة 2008.
في الربع الثالث من سنة 2008 ، انهار الإنتاج الصناعي العالمي بنسبة 23 في المائة مقارنة بالسنة السابقة. وهكذا، عرفت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الأزمة، أكتوبر، نونبر ودجنبر، تراجعا اقتصاديا صارخا مقارنة بما حدث خلال سنة كاملة من الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929. وفي دجنبر 2008، عرف الانتاج العالمي من الحديد انخفاضا بنسبة 30 في المائة مقارنة مع أعلى مستوى له في شهر مايو 2008. كما تراجعت مبيعات السيارات التي تنتجها الدول الثلاثين في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية OCDE ، بنسبة 25 في المائة في شهر دجنبر 2008 مقارنة مع أعلى نسبة من المبيعات تحققت في أبريل 2008.
ومع تراجع الانتاج والتجارة العالمية، تراجع أيضا قطاع اللوجستيك، الذي كان يعيش نموا مصطنعا منذ التسعينات. كما انخفضت مبيعات الشاحنات في أوروبا بنسبة 38 في المائة كما تراجعت مداخيل الطلبيات الخارجية الى نحو الصفر. على المستوى العالمي، تم تخزين 50 في المائة من حاويات البواخر لأنها لم تستعمل. كما انخفضت الملاحة التجارية بنسبة 50 في المائة.
وتبعا لتقديرات البنك الآسيوي للتنمية BAD، فإن من بين تأثيرات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، حدوث تدمير لحوالي 50 بليون دولار أمريكي من رؤوس الأموال حتى نهاية 2008. ويعتبر هذا المبلغ أكثر ارتفاعا بألف مرة مقارنة بما أحدثته الأزمة من تدمير لرؤوس الأموال بالولايات المتحدة الأمريكية في نهاية سنة 1929، والذي بلغ حجم التدمير آنذاك حوالي 50 مليار دولار.
في مارس 2009 مقارنة مع مارس 2008، تراجع رقم الأعمال في الصناعة التحويلية بنسبة 22 في المائة، وبنسبة 32,3 في المائة في قطاع السيارات، وبنسبة 31,5 في المائة في انتاج وفبركة المعادن، وبنسبة 22,4 في المائة في مجال البناء الميكانيكي وبنسبة 25,6 في المائة في مجال الصناعة الكميائية. وفي فبراير ومارس 2009 انخفضت الطلبيات الصناعية بنسبة 32,5 في المائة مقارنة مع فبراير مارس 2008 . وفي أبريل 2009، انهار إنتاج الصناعة الحديدية الألمانية بنسبة 53,1 في المائة مقارنة مع السنة السابقة ولكي يسقط إلى نفس مستوى نهاية عقد الخمسينات. في الشهور الثلاثة الأولى لسنة 2009 تراجع الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 6,7 في المائة مقارنة مع السنة السابقة. ويعتبر ذلك أهم تدهور اقتصادي حدث منذ الحرب العالمية الثانية. ورغم برامج التصدي للأزمة المهمة المتخذة من طرف الحكومات الرأسمالية للتخفيف منها، فالملاحظ أن الافلاسات تضاعفت على الخصوص لدى مقاولات تجهيز السيارات الصغار. ولكن كذلك لدى عدد من المقاولات الكبرى المعروفة في ألمانيا مثل شركات هيرتي وسينليفر وول وورث وتمد فريكسيون وروزنطال وكيموندا وإيدشا، وماركلين وولف كارتانكرات وكارمان ... الخ، فقد صرحت بعدم قدرتها على السداد. وبدون مساعدة الدولة، فإن سلسلة من الأبناك الكبرى ستظهر أيضا على هذه اللائحة مثل كومرسبانك واكب وكفدبليو أو هيبو رييل ستيت. وحسب دراسة للبنك الدولي، فإن النمو الاقتصادي سينهار سريعا في 94 دولة من اصل 116 دولة من دول العالم الثالث، خصوصا عقب الانخفاض الدرامي للطلب على المواد الأولية وانهيار أسعارها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المهاجرين القادمين من الدول الخاضعة للاستعمار الجديد هم أول من يفقدون عملهم، على الخصوص في دول المهجر الرئيسية كاليابان والولايات المتحدة وأوروبا. كما تراجعت تحويلاتهم والتي كانت تعد بالملايير في ميزانيات دولهم الأصلية. ويبدو أن تضخما جديدا لأزمة المديونية الدولية بدأت تخرج للوجود من جديد، والتي سيكون لها انعكاسات غير منتظرة على ظروف العيش والعمل لدى الملايين من الكادحين في العالم. إن أزمة الاستعمار الجديد، والتي تقلصت شيئا ما خلال مرحلة الرواج المؤقتة السابقة، والتي استطاعت أن تبقى متنكرة، ستنفجر من جديد. بل ستتعمق بشكل درامي، لأن الدول الإمبريالية ستعكس بدون شك أعباء الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية على الدول التابعة لها والمقموعة من طرفها. كما أن البطالة الواسعة وهشاشة الشغل ستعرف تزايد قويا على الصعيد العالمي انطلاقا من بداية الأزمة الاقتصادية العالمية. وهكذا نلاحظ أن 4,3 مليون شخص فقدوا عملهم فيما بين أكتوبر 2008 وأبريل 2009. أما في في الصين، وحتى بداية شهر أبريل 2009، فقد تم دفع 20 مليون عامل مهاجر نحو البطالة، وحيث جعل أسرهم تعيش في فقر مطلق. كما توقعت اللجنة الأوروبية أن البطالة ستتضاعف في دول البلطيق مرتين أو ثلاث مرات حتى نهاية 2010 مقارنة مع سنة 2008، وأنها ستنمو بحوالي 70 في المائة في بولونيا وتشيكوسلوفاكيا. ومن المنتظر أن تؤدي الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية إلى توثرات تضخمية سيتم استغلالها لتحقيق العديد من أشكال تقليص الأجور وتفكيك المكتسبات الاجتماعية والزيادة في الأسعار. كما سينتشر الفقر والجوع بين الطبقة العاملة أكثر فأكثر حتى في قلب المتروبولات الامبريالية. وفي نهاية الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، فإن تضخما قويا سيهدد العديد من الدول يستغل كضرائب غير مباشرة لإتاحة تمويل البرامج الهائلة لأزمة الدول البرجوازية التبعية كالمغرب. إن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية سيكون لها تأثير خطير على الفلاحة والبيئة، فمن جهة تعمل الاحتكارات على السيطرة على المصادر الفلاحية العالمية وتحطم عائدات المنتجين الصغار، ومن جهة أخرى تثير المضاربة في البورصات على هذه المواد مما سيكون له تأثير على الاستمرار في الحياة للعديد من الشعوب، كما أن الاستغلال المفرط للبيئة والبحث عن الطاقات المتجددة واستغلال الطاقة النووية سيزيد من تهديد الغلاف الجوي والحياة على الأرض. أما بالنسبة للحياة الاجتماعية فستعرف من جديد أخطر تدهور وتفكيك حيث ستضرب الأزمة بقوة أصغر خلية متضامنة عند البروليتاريا وهي الأسرة، فيندر الزواج ويتراجع التحمل العائلي لمسؤولية الأبناء نظرا للتسليع المتزايد للمرافق العمومية التقليدية التي كانت توفرها الدولة بالمجان. فعبر التدمير النفسي والجسدي الذي يتوسع دائما أكثر وسط الطبقات الشعبية بسبب الإفقار الواسع، الى جانب النقص في التغذية أوسوء التغذية، والأمراض النفسية، ثم الانحطاط الاجتماعي عبر الحرمان من التكوين والتعليم والعلاج الصحي، والتراجع عن الأمل في الحياة السائر في الانخفاض بسبب العمل الى درجة الإرهاق، وأيضا عبر الأوبئة الفتاكة جنون البقر انفلونزا الطيور والخنازير السرطان والإيدز. فالأزمة الاقتصادية والمالية العالمية تدفع نحو أزمة اجتماعية عميقة، سيكون لها انعكاسات وخيمة على التطور الاجتماعي.
3 – الحلول المقترحة من طرف الائتلاف الرأسمالي الدولي لإيجاد مخرج من الأزمة العالمية
على اثر انفجار الأزمة المالية بانهيار كبريات الأبناك العالمية حاول خبراء الاقتصاد السياسي البرجوازي البحث عن متهم من أجل التمويه عن افلاس هذا الاقتصاد الذي سيقع في تناقض خطير مع نفسه عندما سيضطر إلى دعوة الدولة للتدخل بملايير الدولارات لإنقاذ الرأسمال الخاص من الانهيار وهو الذي كان بالأمس على لسان كبار مفكريه مثل ملتون فريدمان وهايك ولافر يعتبر أن تدخل الدولة هو سبب أزمة تضخم الجمود خلال عقد السبعينات وأن حياد الدولة سيجعل الاقتصاد الحر يستعيد توازنه من تلقاء نفسه ودعوا دول العالم الثالث إلى التخلص من كامل قطاعها العمومي للدخول في عالم الاقتصاد الحر والمنافسة الحرة. سيعتبر هؤلاء الخبراء أن المسؤول عن الأزمة هي قروض السوبرايم والمشتقات المالية المتعددة التي تم ابداعها منذ بداية عهد الرئيس رونالد ريغان وتفنن فيها المسيرون الماليون في الأبناك وفي البورصات العالمية، وأن هؤلاء بالغوا في عدم الحيطة في اعتماد هذه المشتقات المالية الى حين انهيار ديون السوبرايم بسبب عدم قدرة حوالي مليونيين من الحائزين على هذه القروض على سداد الفوائد المستحقة عليهم والتي تضاعفت خمس مرات وعدم القدرة على سداد الفرق الحاصل بين أثمنة شراء العقارات والثمن الذي تدهور كثيرا بفعل عرض عدد هائل من العقارات على البيع. كما اعتبروا أن هذه الديون المسمومة التي تمت تجزئتها الى سندات وأسهم وتمت المضاربة بها في مختلف البورصات العالمية مما عمم إفلاس الأبناك على الصعيد العالمي. من هنا فإن الحلول الجاهزة أصبحت تتمثل في انقاد الحكومات للأبناك والشركات المنهارة من خلال ضخ بلايين الدولارات في صناديق هذه المؤسسات الخاصة عبر الميزانيات العمومية الممولة بواسطة الضرائب المقتطعة من الكادحين. وذلك ما شرعت فيه فعلا الحكومة الفدرالية لجورج بوش من خلال موافقة الكونكرس الأمريكي على ضخ 700 مليار دولار لدعم الشركات المفلسة. كما وافق الائتلاف الدولي المكون على عجل من مجموعة العشرين التي اجتمعت في قمتين اثنتين، الأولى انعقدت في واشنطن في 15 نونبر 2008 والثانية انعقدت في 2 أبريل 2009 في لندن، على مخطط ضخ بلايين من الدولارات لتثبيت الوضع الاقتصادي والمالي المتأزم، فقد تأكد للبورجوازية العالمية الخطر الجسيم الذي أصبح يتهددها في حالة انهيار النظام المالي العالمي الامبريالي والإنتاج الرأسمالي المنظم على المستوى الدولي. وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من تعاظم الصراع الطبقي وحدوث إضرابات جماهيرية واسعة، اضطرابات، وانتفاضات، وحدوث أزمات ثورية في كل مكان تعجل بانهيار النظام الرأسمالي. وقد ورد هذا التخوف الأخير في تقرير دنيس بلير مدير الاستعلامات الوطنية لدى حكومة أوباما ومنسق مجموعة الستة عشرة وكالة استخبارية في الولايات المتحدة الأمريكية، الصادر في 12 فبراير 2009 والذي خلص إلى أن التهديد الرئيسي بالنسبة للامبريالية الأمريكية لا تتمثل فيما تحاول ايهامنا به بخصوص "الإرهاب" الدولي ولكن، الخطر الكامن هو في انعكاسات الأزمة الإقتصادية العالمية، والمثمثل في الانتفاظات العمالية الثورية، خصوصا في أوروبا. حسب بلير: "الانشغال الأول المرتبط بالأمن، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، هو على المدى القصير الأزمة الإقتصادية العالمية وانعكاساتها الجغرافية السياسية" وهو ما يمكنه أن يحدث "تطرفا عنيفا". وقد ذكر بوضوح ب "الأحداث المأساوية التي أعقبت الانهيار الإقتصادي لسنوات 1920 و1930 في أوروبا" ولفت الإنتباه نحو واقعة أن "أغلبية الانتفاضات المناهضة للحكومات" حدثت حاليا في "أوروبا والاتحاد السوفياتي السابق" . وبالفعل فقد واجه العمال في ألمانيا أرباب الشركات، كما قررت العاملات والعمال في فرنسا عقب الاعلان عن تسريحات جماعية واقفالات واسعة، محاصرة الباطرونا. وفي الدول التابعة للامبرياليات، تعددت تمردات وانتفاضات الجوع ومظاهرات ضد غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومية. إذن فالتفسيرات المبسطة لأسباب الأزمة المالية والاقتصادية بالإضافة للإجراءات المعتمدة والائتلاف الدولي المشكل على عجل بين مجموعة الثمانية زائد 12 دولة أخرى لحمل ثلثي ساكنة الكوكب على الالتزام بنفس الإجراءات التي سيتم فرضها من طرف الأوليغارشية الامبريالية، تستهدف التنويم المؤقت للتناقضات فيما بين الامبرياليات والتي كان الدافع إلها أيضا، علاوة على تشجيع البرامج الضخمة لدعم الأبناك والمجموعات الصناعية، أسباب سياسية وإيديولوجية؛ فاللقاء الأول لمجموعة العشرين استهدف على الخصوص التخفيف من انعدام الثقة الذي انتشر بين الجماهير في مواجهة نظام مالي واقتصادي رأسمالي يعاني بقسوة. وقد تأكد ذلك عند متابعة القمة المالية العالمية في 2 أبريل في لندن والتي ترتب عنها زيادة الأموال التي تقررت لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنح الضمانات لتغطية الصادرات والتي بلغت 1,1 بليون دولار أمريكي والتي تفيد في المقام الأول منع حدوث أزمات ثورية عنيفة.
ثانيا: حقيقة الأزمة الرأسمالية وتعمق تناقضات الانتاج الرأسمالي
1 – التناقضات الملازمة للرأسمالية لقد كان كارل ماركس وفردريك انجلس أول من اكتشف علميا التناقضات الملازمة للرأسمالية منذ بدايتها وحتى نهايتها، وقد استطاعا استخلاص ضرورة استبدالها ثوريا بنمط إنتاج اشتراكي لاقتناعهما باستحالة تغيير الرأسمالية عبر الديمقراطية البرجوازية. فالتناقض الرئيسي للإنتاج الرأسمالي يقوم على أساس أن الإنتاج هو اجتماعي في أصله إلا أن الرأسماليين أخضعوه لملكيتهم الخاصة. فهذا التناقض بين قوى الإنتاج الاجتماعية من جهة وعلاقات الإنتاج الرأسمالية من جهة أخرى تبرز بوضوح خلال الأزمات الدورية. فإذا كانت البرجوازية تنجح في تجاوز مؤقت لأزمتها، إلا أنها تحضر فقط مرة أخرى لأزمات جديدة أعمق وأكثر تعقيدا. فموضوعيا حسب كارل ماركس وفردريك انجلس لا يمكن إلغاء أزمات الرأسمالية إلا عن طريق الثورة الاشتراكية. وقد كتب ماركس سنة 1859 في مقدمة نقد الاقتصاد السياسي ما يلي: "في مرحلة معينة من تطورها، تدخل قوى الإنتاج المادية للمجتمع في تناقض مع علاقات الإنتاج الموجودة، ... وفي ظل أشكال من تطور قوى الإنتاج تصبح علاقات الإنتاج عاملا معرقلا. هنا تنفتح إذن حقبة من الثورة الاجتماعية . لقد بلغت الرأسمالية مرحلة من التطور يتسم بوفرة الإنتاج السلعي والمالي لا تستطيع الفكاك منه، وتعتبر كنتيجة ملازمة لنظام الاستغلال الرأسمالي. وقد استخلص كارل ماركس وفردريك انجلس من نمط الإنتاج القائم، خلاصة أنه يجب بلورة نمط إنتاج اشتراكي. فالرأسمالية لا يمكنها أن توجد سوى عن طرق مراكمة بدون توقف لرأس المال. كما أن نمو رأس المال يقوم أساسا على تكثيف استغلال العمل المأجور عن طريق تملك الفائض من العمل غير المأجور(ساعات العمل الزائدة التي لا يتقاضى العامل عنها أجرا). ويرغم قانون المنافسة الرأسماليين على جعل العمل الحي(العمل المأجور والعمل غير المأجور) أكثر إنتاجية ثم العمل على استبداله بالآليات. ويؤدي هذا التكوين العضوي المرتفع من رأس المال بطبيعة الحال الى الاقتصاد في الأجور واستغلال أكبر للعمال، من خلال الزيادة في حجم العمل الإضافي غير المؤدى عنه. لكن في نفس الوقت ، يحتاج الرأسمالي إلى المزيد من رأس المال للاستثمار في الآليات. من هنا تتدهور العلاقة بين الرأسمال المستثمر والربح المحقق. ومن أجل إيقاف تدهور معدل الربح، فإن الرأسماليين يصبحون مجبرين على زيادة حجم الأرباح عبر تمديد نطاق الإنتاج في مجموعه وعن طريق دفع العمال أكثر فأكثر نحو العمل المأجور، أو عن طريق زيادة متوالية في وقت عملهم الحي. وإذا لم ينجح ذلك، بسبب جمود الأسواق مثلا والتي، في الغالب، لا تتمكن من امتصاص المد المتصاعد من السلع، فإن أزمات وفرة الإنتاج وظواهر أخرى لهذه الوفرة تبرز للوجود. وحسب كارل ماركس، فإن الاتجاه نحو تدهور معدل الربح، والذي يسميه قانون أزمة الرأسمالية، "يظهر ... يهدد تطور عملية الانتاج الرأسمالي، ويتيح فاض وفرة الإنتاج والمضاربة والأزمات وتكوين الرأسمال الفائض الى جانب جماهير فائضة" . إن من يريد الغاء الأزمات الرأسمالية، لا يجب أن يحاول معالجة عوارضها، وإنما يجب أن يلغي الرأسمالية ويقيم مكانها الاشتراكية !. لقد كانت تلك هي الخلاصة الأساسية لكارل ماركس. في ظل صيرورة نظام الإنتاج العالمي الجديد، حيث استطاعت 500 من أكبر الشركات الاحتكارية العالمية إخضاع السوق الرأسمالي العالمي والإنتاج الرأسمالي العالمي. إن منطق الرأسمالية الحديثة اليوم يتمثل في الحفاظ على موقع مهيمن على السوق العالمي بهدف ضمان استمرارية الربح الأقصى. ومن نتائج هذا الاتجاه، حدوث تضخم مهول للرأسمال الخاص لهذه الشركات ال 500 دولية النشاط والذي انتقل من 3,2 بليون دولار أمريكي سنة 1994 الى 11,1 بليون دولار سنة 2007. وخلال هذه الفترة، زادت الأرباح التي حققتها والتي انتقلت من 282 مليار دولار أمريكي إلى 1.593 مليار دولار أمريكي، حيث تضاعفت بست مرات تقريبا . وقد قاد هذا التطور إلى تراكم مفرط لرأس المال، لأن الأسواق والاستثمارات لا تتبع نمو رأس المال. وهذا يعني الاستحالة المزمنة لتحقيق أرباح عبر رأس المال المتراكم في إطار الدورة العادية للانتاج واعادة انتاج الذي يستهدف تحقيق الربح الأقصى. فالتناقض الصارخ بين الإنتاجية المتنامية وعدم قدرة الرأسماليين على وضع هذه الإنتاجية من أجل سعادة الإنسانية، تشكل السمة المتعفنة لنمط الإنتاج الإمبريالي. وطالما أن الرأسمالية يمكنها بسهولة أن تتطور وتتمدد وتدمج أكثر فأكثر دول جديدة في نمط الإنتاج الرأسمالي، وإذن فتح أسواق جديدة، فإنها تؤجل معالجة تناقضاتها الداخلية. هذه الصيرورة التاريخية تبدو أنها بلغت نهايتها، ذلك أن كل امتداد جديد للسوق يتم تجاوزه بسرعة عبر الإنتاج والسوق العالمي، وحاليا تحقق ذلك، ويظهر أن ذلك أصبح حاجزا مثلما كان الأمر في السابق بالنسبة للأسواق الوطنية الضيقة. إذن فما هي عواقب بلوغ الرأسمالية حدودها التاريخية؟
2 – عواقب الأفق المسدود للرأسمالية لقد أدى التراكم المفرط المزمن للانتاج والأرباح ورأس المال إلى سلسلة من العواقب الوخيمة والتي ستطبع كامل نمط الإنتاج الرأسمالي في المستقبل: أ - أزمة هيكلية دولية متواصلة: سيقود نظام الإنتاج العالمي الجديد نحو أزمة هيكلية دولية متواصلة. وحيث سيصبح من المطلوب تدمير أكثر فأكثر من رؤوس الأموال وبشكل متواصل، من أجل أن تتمكن صيرورة الإنتاج وإعادة الإنتاج من العمل. ب - المضاربة كعنصر مندمج في نمط الانتاج الرأسمالي: التضخم المهول للمضاربة أصبح يرتدي دورا مهيمنا في الاقتصاد العالمي وبعد ذلك في نظام الإنتاج العالمي الجديد. فقد أصبحت المضاربة جزءا مندمجا ضروريا، لتثمين الرأسمال الذي يطالب بالربح الأقصى. فقد عرف رأس المال المضارباتي في السنوات الأخيرة انفجارا. حيث تزايد القطاع المالي الدولي بخمس مرات أكثر من الإنتاج. وفي سنة 2007، ارتفع الحجم المالي العالمي (مجموع القروض، المنتجات المالية، سوق النقد الأجنبي ... الخ) الى 2,3 بليون دولار أمريكي. ويمثل هذا المبلغ 65 مرة أكبر من قيمة الناتج الوطني الاجمالي الحقيقي العالمي . وكلما بدأت إمكانية تحقيق الربح الأقصى في الصيرورة الصناعية للإنتاج وإعادة الإنتاج تضيق بسبب التراكم المفرط لرأس المال، كلما بحثت الاحتكارات الدولية عن المضاربة برؤوس أموالها الفائضة في الأسواق المالية الدولية للحصول على الربح الأقصى. وعبر فترات منتظمة، سيؤدي ذلك نحو انفجار كارثي للفقاعات المضارباتية، حتى خارج أزمات فائض الإنتاج الدورية، وتنشر في كل مرة الاضطراب في مجموع العالم المالي البرجوازي. هذا سيزيد بشكل كبير عدم الاستقرار العام للمالية البرجوازية . إن انفجار الفقاعة المضارباتية تبين بأن المضاربة مصدرها في فائض وفرة الإنتاج الحقيقي لرأس المال والذي من أجل ذلك توفر المضاربة بطبيعة الحال مجالا مؤقتا للتصريف، لكن معالجتها تتم مؤقتا فقط ولا يحدث ذلك بدون عواقب. فالمضاربة لا تنتج تزايدا حقيقيا في القيمة، بل تشكل فقط استعمالا آنيا لأرباح مستقبلية. ففائض القيمة لا يتحقق سوى عبر استغلال العمل المأجور، وإذن عبر استغلال قوة العمل الحي. فالربح المضارباتي هو إذن عبارة عن "ربح سرقة" والذي يوزع فقط بين الحائزين على حصص رأس المال عبر مختلف أشكال المضاربة البورصوية. لقد دخلت المضاربة في جميع مجالات الإنتاج، والتجارة والحياة الاجتماعية. كما استمرت وتعددت أشكال رأس المال الافتراضي المرتبط بهدف الحفاظ على المضاربة وتأخير انفجار الفقاعة المضارباتية. وهكذا، لجأت الاحتكارات الصناعية أكثر فأكثر الى فتح أبناك من أجل الاغتناء مباشرة بهذه العمليات المضارباتية. ثم إن أشكال المضاربة الجديدة بدأت تمتد نحو الاستثمارات المنتجة، في ما وراء إمكانيات تحقيق الربح الأقصى في غالب الأحيان عبر بيع السلع. وعند بداية الأزمة الاقتصادية العالمية، شكلت احتكارات السيارات مثلا "قدرات مفرطة" بلغت 39 مليون سيارة على المستوى العالمي . إن رأس المال المضارباتي ينتهي أيضا بالهيمنة أكثر فأكثر على جميع مجالات الأداء الاجتماعي، والخدمات العمومية والإنتاج وإعادة إنتاج الحياة المباشرة. كالسلع الأساسية مثل القمح والأرز والماء والصحة والتعليم والطاقة والتأمين الاجتماعي، الخ حيث أصبحت سلعا للمضاربة. وفي سنة 2007 - 2008 ، تسبب التمركز المؤقت للرأسمال المضارباتي في ميادين المواد الأولية والمواد الغذائية في اشتعال الأسعار على المستوى العالمي بحيث أن البلدان الفقيرة المستغلة من طرف الامبريالية لم تتمكن من الحصول على هذه المواد الغذائية. وفي ربيع 2008 حدثت في 11 دولة انتفاضات الجوع والتي شارك فيها على الأقل 3 ملايين شخص، وقد كان وقع غلاء أسعار المواد الغذائية أحد أسباب حدوث تحركات جماهيرية واسعة في المغرب انطلقت منذ شهر شتنبر 2006 ولا زالت مستمرة لحد الآن. ج - تقلص فترات الرواج فيما بين دورات الأزمات يبدو واضح مدى تزايد هشاشة البنيات الاقتصادية الرأسمالية أمام الأزمات الدورية، ويظهر ذلك على الخصوص من خلال تقلص دورة الأزمات وإغراق فترة الأزمة أو مرحلة الهبوط الاقتصادي dépression التي تعقبها. وقد خلصت احدى الدراسات إلى أنه منذ آخر أزمة اقتصادية عالمية فيما بين 2001 و 2003، تقلصت فترة الأزمة إلى 7,5 سنوات مقابل 10 سنوات سابقا . د - تحول دور الدولة نحو تدبير الأزمة الرأسمالية التدبير العام للأزمة أصبح من المهام الاقتصادية الأساسية للدولة. ومع ذلك فإن الإجراءات المتخدة مؤخرا من أجل التخفيف من الأزمة تعتبر على المدى المتوسط، عبارة عن صندوق ديناميت حقيقي ! . فهذه المبالغ الهائلة المقدمة للأبناك والمجموعات الرأسمالية المتمثلة في بلايين الدولارات ستفجر أزمة مديونية خانقة. وحسب المنطق الرأسمالي، فإن هذه المليارات لا يمكن تسديدها سوى عبر موجة جديدة من إعادة توزيع الدخل من الأسفل نحو الأعلى، الشيء الذي سيستتبعه إعادة النظر في محتلف المكتسبات الاجتماعية المتبقية. فأنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية مثلا ستنهار نظرا للارتفاع المفاجئ للبطالة الواسعة. إذن فالأزمة الحالية يتم التحكم فيها فقط بكلفة التحضير لأزمات جديدة أكثر تعقيدا وأكثر عمقا. ومع ذلك، فإن تدبير الأزمة من طرف الدولة تشكل بحد ذاتها مضاربة نظرا لأنها تفترض أن الضمانات الكبيرة المقدمة للأبناك والمجموعات الرأسمالية ستتم المحافظة عليها، أطول مدة ممكنة بدون خسارات جديدة.
ه - ظهور أبعاد اقتصادية ومالية خطيرة للأزمة تهدد بإفلاس الدول الأبعاد الحالية للأزمة الاقتصادية والمالية العالمية تعتبر فريدة من نوعها في تاريخ الرأسمالية. ففي هذه الأزمة ، بلغت عوامل التراكم المفرط لرأس المال مطلق فورتها من حيث الانهيار العام للنظام المالي العالمي وعملية الإنتاج وإعادة الإنتاج العالمي. كما أن تدخل الدول لتدبير الأزمة يجعل الميزانيات العامة للدول تتأثر بالهشاشة العامة لأزمات الاقتصاد الإمبريالي العالمي، وتخلق تهديدا مزمنا بالإفلاس العام للدولة.
ثالثا: المخلفات المأساوية للأزمة وآفاق التجاوز
إن أول من يؤدي الثمن غاليا لهذه الأزمة هم الطبقة العاملة والنساء والمهاجرين والمهاجرات والشباب. ففي كل مكان لم تتوقف الأسعار وتكلفة المعيشة عن التزايد بينما واصلت الحكومات ضربها لقطاعات الصحة والتعليم والسكن الاجتماعي وقريبا سيطلب من الكادحين سداد ديون إنقاذهم للأبناك والمقاولات الرأسمالية التي يعمل اليسار الاصلاحي على وصفها بالمواطنة. بالنسبة للعاملات والعمال فإن السنوات المقبلة ستشكل سنوات هبوط اقتصادي وبطالة مصحوبة بالعديد من المشاكل. ثم إن العاملات أو العمال الذين سيحتفظون بعملهم سيكون من المفروض عليهم بدل مجهود أكبر دائم تحت طائلة تغييرهم بسرعة من خلال الجيش الاحتياطي للعمل الذي بدأ يمتلأ بأصحاب الدبلومات العليا. إن هذه الأزمة تنشر البؤس وتفقد الكادحين والعاطلين القدرة على الخروج من ورطتهم المعيشية. كما أن هناك جماهير كثيرة في العديد من الدول خاصة في افريقيا تموت من الجوع منذ عقود ومن المتوقع أن تتعمق. إن الأزمة الاقتصادية تعلن عن فصول قادمة أكثر مأساوية في الوقت الذي يتعرض فيه الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية وإفريقيا للنهب والاستغلال منذ عقود. إن القوى الامبريالية الوحشية لا تتردد عن تهديد وقلب الحكومات التي ترفض الخضوع لديكتاتوريتها، على المستوى الاقتصادي أو عن طريق إستعمال القوة. فهناك استغلال ونهب بشع للموارد الطبيعية مما ينجم عنه تدمير للحياة، كما تلجأ الرأسمالية للبيع بأسعار منخفضة لتحطيم الإنتاج المحلي، ويتم سداد أجور زهيدة للعمال، بل يتم اغتيال القيادات الثورية في ظل إفلات مطلق من العقاب. ومن أجل الخروج من الأزمة وانقاد نظامهم، تستطيع القوى الإمبريالية القيام بأي شيء لتشديد الاستغلال الأكثر وحشية.
1 - الإطارات السياسية المكافحة في مواجهة الإمبريالية إن المتضررين من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية بوجدون في الصفوف الأمامية لمواجهة الامبريالية وانعكاسات الأزمة: • فالطبقة العاملة هي الأكثر تعرضا لآثار الأزمة بسبب البطالة والاستغلال المفرط والتقليص العام للأجور. فهذه الطبقة تبقى هي الأكثر استعدادا لتأجيج الصراع الطبقي في مواجهة الاحتكارات الكبرى الدولية وانقياد الحكومات ورائها، وتبقى البروليتاريا الصناعية الدولية هي الأكثر قدرة على ممارسة دورها الموجه في الصراع ضد النظام الإمبريالي العالمي؛ • تشكل النساء إحدى الشرائح المجتمعية الأكثر تضررا من الأزمة سواء في أماكن العمل أو بسبب البطالة أو نظرا لوضعهم المتردي في البادية فالنضال من أجل تحرر المرأة وتحسين ظروف معيشتها يسير بالموازاة مع نضال الطبقة العاملة من أجل التحرر من الاستغلال والقمع ومن شأن ذلك جذب شرائح وسطية من البرجوازية الصغرى؛ • يشكل الشباب جزءا مهما من الجماهير الشعبية المتضررة بقوة من الأزمة الاقتصادية والمالية الامبريالية بسبب بطالتها وظروف استغلالها كشبيبة عاملة لذلك من المفترض أن تتحول جماهير الشباب لكي تصبح الطليعة العمالية في مجال الصراع الطبقي؛ • تشكل الطبيعة والبيئة ومصادر الحياة محلا لهجوم وحشي للامبريالية الرأسمالية خصوصا في ظروف الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية لذلك تبرز أهمية المقاومة النشيطة ضد التهديدات بالكوارث البيئية والمناخية الكونية المهددة للإنسانية والتي يجب أن تتطور الى مقاومة دولية؛ • تعتبر الحروب أهم متنفس للإمبريالية لتدبير أزمتها الاقتصادية والمالية العالمية وكذلك من أجل اقتسام مجالات التأثير والسوق العالمي. لذلك يصبح الدفاع عن السلم العالمي من بين أهم القضايا التي من شأنها تثوير الجماهير الواسعة؛ • على المستوى الاعلامي تأجيج الانتقادات المباشرة اللاذعة لكل القوى الانتهازية والإصلاحية والتحريفية التي تزكي هيمنة الإمبريالية وتخدر الطبقة العاملة وتبحث للرأسمالية عن حلول لتدبير أزمتها على حساب معيشة الجماهير الشعبية. لقد أججت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية صراعات جماهيرية في العديد من الدول الأوروبية، فقد عاشت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وهنغاريا مظاهرات جماهيرية صاخبة واضرابات عامة بالملايين، في المغرب تعرضت وقفة احتجاجية لتحالف اليسار الجذري على هامش انعقاد مؤتمر حلف الناتو في اللكسمبورغ للقمع الوحشي بالرباط. ويمكن ملاحظة أنه على المستوى العالمي هناك اتجاه عام متزايد نحو اليسار بين الجماهير. ففي أمريكا اللاتينية أسفرت الحمى الثورية عناك عن سلسلة من الحكومات التقدمية بعضها مناهض للامبريالية، في النبال، تم قلب الملك عن طريق الثورة وانطلق نقاش من أجل الديموقراطية والاشتراكية. كما أن الاتجاه نحو اليسار نجد تعبيرا عنه في نقد أوسع الجماهير للظروف الرأسمالية والتساؤل عن البديل الاشتراكي الممكن. ورغم عدم تجاوز هذا الاتجاه للوهم الإصلاحي لليسار التحريفي، إلا أن الصراع الطبقي البروليتاري قد يؤدي إلى القضاء على نمط التفكير البرجوازي الصغير الإصلاحي، ويحول هذا الاتجاه لكي يصبح قوة ثورية على المستوى الجماهيري. وكلما تطورت النضالات الجماهيرية الاقتصادية والسياسية كلما انفجرت نزاعات مفتوحة مع جهاز الدولة الرأسمالية، وكلما انتشرت امكانية قيام أزمة ثورية عالمية. فنضج الجماهير الشعبية قد يصبح حقيقة ملموسة إذا ما استمرت الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الحالية وتأجج الصراع الطبقي، والذي هو من الأهمية بمكان بالنسبة للبروليتاريا الثورية المتميزة بوضوح عن الانتهازية. وقد كتب لينين في هذا الخصوص: "الوضعية الموضوعية في أوروبا تتميز بتصاعد الإحباط بين الجماهير، التدمر، الاحتجاج، الادانة وووضعية ذهنية ثورية قابلة في درجة معينة من تطورها، أن تتحول بسرعة انفجارية من حيث الفعل. وعليه فإن القضية التي تطرح الآن، وليس إلا هكذا: المساعدة على نمو وتطور عمليات ثورية ضد بورجوازيتها وحكومتها، أو عرقلة، وخنق وتجميد الوضعية الذهنية الثورية. للوصول إلى هذا الهدف الأخير، البرجوازيون الليبراليون والانتهازيون سينخرطون (ويجب أن ينخرطو، من وجهة نظر مصالحهم) في أي خطاب لفظي يسراوي، في تقديم مجموعة من الوعود ... والإصلاحات من جميع الأشكال، وكل ما نرغب فيه، أملا في تفادي القطيعة مع الجماهير مع رؤسائهم الانتهازيين والانتقال نحو عمليات ثورية أكثر فأكثر جدية . فتصاعد جديد للصراع من أجل الاشتراكية يتطلب قوة أكبر من الرأسمال المالي الدولي ونظامه الامبريالي العالمي. التفوق الاستراتيجي للحركة العمالية لا يمكنها أن تتطور إلا عن طريق الدولية البروليتاريا، تعمل على توحيد الطبقة العاملة الدولية في تحالف مع الشرائح الواسعة للفلاحين الصغار والمتوسطين وكذا جزء من الانتلجانسية البرجوازية الصغرى والنضال المناهض للإمبريالية للشعوب والأمم. ورغم مختلف الاختلافات من حيث الخصوصيات التاريخية والثقافية وكذا من حيث الشروط الإجتماعية والسياسية لمختلف الدول، والتي يجب أخذها بعين الإعتبار في كل استراتيجية وكل تاكتيك وطني، فالثورة الاشتراكية العالمية في حاجة للنضال المشترك. فيجب أن يجمع الصراعات الطبقية الفردية وحركات الجماهير الديموقراطية والتقدمية في قوة عليا دولية ضد النظام الإمبريالي العالمي. إن هذا يتطلب وجود أحزاب ماركسية لينينية قوية مستقلة في مختلف الدول، والتي عليها الخروج بخلاصات حاسمة في شأن التراجع التحريفي للحركة الشيوعية القديمة.
2 – الحزب الثوري كأداة سياسية للتغيير
تشكل الأزمات جزءا مندمجا في الرأسمالية، فتفصح بذلك عن التناقضات العميقة للنظام. وتتطور هذه التناقضات وتظهر في واضحة النهار دائما مع الكثير من العنف، كما هو الشأن في الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة حيث أن أزمة عقارية بسيطة في الولايات المتحدة انعكست في زمن قصير في العالم بأسره. فمن خلال سباقهم المحموم نحو الأرباح، فجرت القوى الامبريالية الحروب، ودمرت البيئة وشددت دائما أكثر استغلال العاملات والعمال. ليس لدينا ما نربحه من نظام يجعل منا آلات لتوليد الربح للأوليغارشية المهيمنة. الرأسمالية محكوم عليها بالإفلاس وسيظل دالك متوقفا علينا للإسراع بتعجيل نهايته والتأكد من عدم عودته.
فإذا كنا فعلا نريد تغيير الأشياء، فيجب العمل على ذلك، فالاشتراكية لا تولد فقط من قوة قناعتنا، ولا يكفي نشر الأفكار لإحداث التغيير المنشود، فالرغبة في عالم من المساواة والعدالة يجب أن تترجم بالضرورة في كفاح عنيف ضد الرأسمالية. لكن، فيما بين النظام الاجتماعي البرجوازي وانتزاع السلطة من طرف الشعب يقف حاجز رئيسي هي الدولة الرأسمالية، بقضائها وشرطتها. فسبب وجودها الأول هو حماية الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، ومركزة الثروات بين يدي أقلية أوليغارشية من الرأسماليين. فللانتقال نحو الاشتراكية يجب تنظيم عملية قلب هذه الدولة الرأسمالية، وهو ما يسمى بالثورة. فالثورة لا تحدث عفويا، بل تنظم في اطار صراع واعي طويل النفس. ولكن حتى لا تهدر الطاقات وتندثر التجارب يجب بناء منظمة تتيح تركيز جميع القوى وتجاوز جميع مظاهر الضعف، وهذه المنظمة، هي الحزب الشيوعي الثوري. فالحزب السياسي القوي يمكن من الدخول في النضال الثوري، ومن تم الذهاب به إلى نهايته. وهو يتيح أيضا للبروليتاريا تجاوز مظاهر ضعفها الذاتي. فمثلا في الآونة الراهنة، هناك العديد ن العوامل التي من شأنها أن احداث التفرقة بين المناضلين: فهناك بعض الشرائح ذات وضعية اقتصادية أفضل من شرائح أخرى؛ وهناك تخوفات شوفينية تقف كحدود بين المجموعات الدينية أو العرقية أو الثقافية؛ كما أن بعض البروليتاريين منقبون بينما البعض الآخر ويشكل الأغلبية غير منقبين، ثم هناك البعض الآخر بدون عمل. ثم إن كل واحد يقاوم في قطاعه، في مجموعته، يناضل من أجل مطالبه الخاصة دون أن يظفر بها نظرا لانعزاله. البرجوازية تهيمن عن طرق الاستناد على هذا التشتت وعلى انطواء كل قطاع من البروليتاريا على نفسه. إن دور الحزب الشيوعي هو إقرار الوحدة السياسية للبروليتاريا على قاعدة الهدف الذي يجب بلوغه: الشيوعية ووسيلة تحقيقها، الثورة. وفي ما وراء تعدد المصادر الثقافية والشروط الاجتماعية الاقتصادية، فإن الحزب يخلق داخل معسكر الشعب انسجام لحمته هو الوعي الطبقي بالمصلحة المشتركة. ومن خلال الحزب الثوري، فإن العمال والعاملات يتشكلون في طبقة مستقلة إيديولوجيا وسياسيا عن البرجوازية. إن مجموع نضالات البروليتاريا تتناسق وتتركز في مشروع سياسي شامل وموحد: يتمثل في قلب الرأسمالية وبناء مجتمع اشتراكي. فالحزب يتيح خلق وحدة العمل الذي وحده قادر على إنزال ضربة قاصمة ضد الوسائل القوية لقمع الدولة الرأسمالية. اليوم، الكفاح ضد الأزمة الرأسمالية أصبح غير قابل للفصل عن الكفاح من أجل بناء الحزب الشيوعي الثوري. فكل شخص يرى ضرورة قلب النظام الرأسمالي يجب أن يشارك في الصراع بحسب ما يتوفر عليه من وسائل. الحزب يمثل مصلحة الجميع ولكل مناضل دور يجب أن يلعبه. إنه سلاح لمحاربة الرأسمالية والأداة لبناء الاشتراكية. لنتملك الحزب الشيوعي الثوري ولنبني قوة قادرة على تشطيب الرأسمالية.
3 – الصراع من أجل البديل الاشتراكي الأزمة لا تضرب الجميع بشكل متساوي، فهناك أولائك الذين يستفيدون منها مثل الرأسماليين وهناك أولائك الذين لا يربحون أبدا شيئا منها وهم البروليتاريا وهناك أيضا الذين يملؤون خزائنهم، من مدراء الشركات وحكام الدول، وكبار الماليين، - ويشكل هؤلاء جزءا من البرجوازية – يلجؤون إلى كل الوسائل للمحافظة على سلطانهم وأرباحهم. إنهم يجلسون على ملايير الدولارات التي تقدم لهم كإعانات من طرف الحكومات. إن الدولة الرأسمالية في خدمتهم، سواء فيما يتعلق بتخفيض ضرائبهم، أو القبول بتهربهم الضريبي، أو بتغيير هذا القانون أو ذاك أوفي في خلق توثرات تضخمية. وبطبيعة الحال لا تتردد الدولة في تسريح الآلاف من الأشخاص وحرمانهم حتى من التعويض مع استعمال القضاء في هذه العملية. وفي الواقع، حتى إن تمت محاولة ايهامنا بأن النقود التي تقدم للشركات تستعمل في إنقاذ الشغل، فإننا نلاحظ جيدا أن جميع أشكال إعادة الهيكلة تمر دائما عبر تسريح المئات بل الآلاف من العاملات والعمال. وفي كل مكان يطلب من الكادحين تشديد الحزام والمساهمة بالواجب لأن الوضعية تعتبر جد صعبة. كما تأتي التلفزة والراديو والصحف لتكريس نفس الرسالة. لكن بالنسبة للعاملات والعمال الذين لا يملكون شيئا، والذين لن يتمكنو أبدا من الحصول على إعانات، والذين يشاهدون ساعات عملهم تتقلص أو يفقدون نهائيا عملهم، فإن الأزمة بالنسبة لهم هي في الواقع مختلفة. ففي ظل غياب المناضلين الثوريين يظل هؤلاء مغلوبين على أمرهم. علما أن النظام المتعفن لا يمكن قبوله أبدا، لكن الكادحين مأخوذين بفقرهم. فلمواجهة الأزمة، هناك أحد الاختيارين: إما التنازل أو المقاومة. فالنقابات، ومجموعات الدفاع عن المصالح، وحتى الأحزاب السياسية للبرجوازية تدعي أنها تناضل من أجل الطيقة العاملة. لكن العمل الذي يقومون به يعمل بدلا من ذلك على تشتيت لحمة هذه الطبقة وتفكيك وحدتنا عندما يتفاوضون حول ما يسمونه "بمصلحة الطبقة العاملة". وحينما يلجأون بدلا من النضال ضد التفكك، الى النضال من أجل تفكك أقل، وبدلا من النضال من أجل الزيادة في الأجور، يناضلون من أجل تقليص أقل من الأجر، وبدلا من النضال ضد اقفال المعامل والشركات يناضلون من أجل اقفال أقل للمعامل والشركات. وبدلا من النضال من أجل مصالح الطبقة العاملة يدافعون عن مصالح الرأسماليين. لكن تحت هذه الشريحة الطفيلية، هناك الجماهير، التي تحاول الدفاع عن ذاتها. فمن خلال تجمعات هنا وهناك، يتمكنون من تنظيم أنفسهم للنضال ضد الأزمة وعواقبها. وفي الغالب فإن الآفاق والنتائج تبقى جد محدودة بسبب غياب الإدارة سياسية الواضحة التي تستهدف تدمير الرأسمالية. لكن مع ذلك في هذه الطريق يجب السير إذا ما كانت هناك ارادة حقيقة للتنظيم وتملك المستقبل. هناك الآلاف من الأمثلة لهذه الحركات الإيجابية التي ذهبت فيها عاملات وعمال بعيدا في رفض المصير المخصص لهم من طرف الرأسماليين. فهم يناضلون من موقع عملهم مباشرة ضد مسيري المقاولة. وعن طريق مهاجمة الرأسماليين والحكومات. في ألمانيا، العمال والعاملات واجهوا أرباب الشركات. وفي فرنسا، عقب الإعلان عن التسريحات وإقفالات واسعة، قررت عاملات وعمال محاصرة الباطرونات. وفي الدول التابعة للامبرياليات، تعددت تمردات وانتفاضات الجوع. لا يمكن مهاجمة الرأسمالية بواسطة الانتخابات كما تقترح ذلك الأحزاب البرجوازية وكذا الأحزاب التي تسمي نفسها يسارية. على العكس من ذلك، فعن طريق المشاركة في الانتخابات تضع الطبقة العاملة قيود مصالح الرأسماليين حول عنقها. فلمهاجمة الرأسمالية، يجب النضال من أجل فرض الاشتراكية. هذا النضال يتم داخل المعامل وفي الأحياء، وفي المدارس، ... الخ، ضد أدوات الهيمنة الرأسمالية والتي هي الدولة والجيش والشرطة وضد كل هجوم امبريالي. الأجوبة ضد الأزمة يمكنها أن تكون مختلفة جدا ثم إن ما يميزها على الخصوص، هو بعدها السياسي.
إذا كان البعض يجلس على ركبتيه أمام الباطرونا والحكومات ويقبل أن يكون سجينا لنظام يستغله ويقمعه، فإن البعض الآخر يناضل فعلا من أجل عالم عادل حقيقة.
4 – الطريق نحو الاشتراكية
انه مع الاشتراكية تتحرر بروليتارية العالم أجمع ويتم وضع أجوبة لحاجياتها على المستوى الكوكبي. فيجب تجاوز النضال فقط من أجل أرباح اقتصادية وإصلاحات. لأن هذه النضالات سيتطلب دائما إعادتها تحت الرأسمالية بدون فائدة. فمن أجل التحرر، يجب مهاجمة مصدر الداء، ومصدر الداء، هي الرأسمالية نفسها.
وتعتبر الاشتراكية مرحلة انتقالية ضرورية فيما بين الرأسمالية والشيوعية حيث يمكن إقامة ديمقراطية شعبية ودولة بروليتارية في خدمة الجماهير التي تعبئها من أجل تدمير بقايا الرأسمالية. فالاشتراكية هي مرحلة مليئة بالتناقضات حيث الشعب يسير المجتمع، ويتحول، ويأخذ المبادرة، وينظم أوساط العمل، والأحياء، ويناضل ضد جميع التوجهات الخاطئة كالعنصرية والتمييز الجنسي، يكتشف طموحاته، ويطور إبداعاته في نفس الوقت الذي يناضل فيه ضد الطبقة المهيمنة القديمة والأفكار الرجعية. كما أن الاشتراكية هي مجتمع العاملات والعمال حيث يأخذ التعاون مكان المنافسة، فهو نضال من أجل تنظيم مجتمع المساواة، بدون استغلال، بدون طبقات، بدون ملكية خاصة، بدون امبريالية، بدون أمم، بدون نوع، وبدون تقسيم العمل بين أولائك الذين يفكرون و أولائك الذين ينفذون. ثم إن الاشتراكية، هي الاعتماد على اقتصاد مخطط يمر بالضرورة عبر نزع ملكية وسائل الإنتاج وثروات الرأسماليين وعن طريق تحويلها إلى الملكية الجماعية في خدمة الشعب والتي تستعمل من اجل إشباع حاجيات الجميع. كما أن تنظيم العمل سيكون هو الآخر جماعيا، فالجميع، في أماكن العمل، من أجل انتاج ما هو مفيد للمجتمع على عكس الرأسمالية التي تبدل كل قوتها لإنتاج حاجيات تتمثل في مجموعة من الأشياء التي لا معنى لها. إن الإنتاج الاشتراكي سيكون في خدمة المجتمع ويتطور بانسجام مع الطبيعة. في جميع مظاهر الحياة، سيحل التعاون والعمل المشترك مكان نمط اشتغال الرأسمالية، كما أن الجميع سيتوفر على سكن لائق، وشروط حياة ملائمة، وتعليم وهوايات يتم توفيرها مجانا، ثم إن الخدمات مثل النقل والصحة ستنتظم بناء على حاجيات الشعب. ومن خلال تحرير كامل لقدراته وإبداعاته، ستؤكد البروليتاريا نفسها كطبقة مهيمنة وبنفس الوثيرة ستناضل يوما عن آخر من أجل القضاء نهائيا على علاقات الاستغلال، والطبقات الاجتماعية، من أجل بلوغ مرحلة الشيوعية.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفريغ الأزمة على حساب الطبقة الكادحة
-
عقد من الأداء الاقتصادي، أية حصيلة؟ 1999 - 2009
-
تجاوز الماركسية للفكر البرجوازي المتعفن
-
تعفن النظام الرّأسمالي العالمي وطابعه الطفيلي يستدعي قلبه
-
الأزمة، وضعية العمال وقانون الشغل، الغلاء وحقوق الإنسان
-
أزمة الإمبريالية وفرص الثورة البروليتارية
-
يا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة انتفضوا
-
الصراع الطبقي ووحدة نضال البروليتاريا الجديدة
-
إضراب النقل جاء نتيجة للإفلاس السياسي
-
ماذا عساي أن أفعل لوكنت مكان وزير الاقتصاد والمالية لإنقاذ ا
...
-
القروض الاستهلاكية أداة سياسية لتدبير أزمة النظام الرأسمالي
...
-
لماذا مقاطعة الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009
-
ارتفاع الأسعار عصف بكل الزيادات في الأجور
-
الحملة التطهيرية شكلت عملية انتقامية وسط التحالف الطبقي الحا
...
-
قانون حرية الأسعار فشل في ضبط السوق
-
قراءة نقدية سريعة في مشروع ميزانية 2009
-
في الذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان
-
الأزمة المالية وآفاق الرأسمالية المأزومة
-
الحد من الجريمة والإجرام لا يعالج بالوسائل الأمنية
-
اندثار الأمل
المزيد.....
-
زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
-
-الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج
...
-
إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
-
عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس
...
-
الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول
...
-
نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
-
بعد فوز ترامب.. الاهتمام بـ-التأشيرات الذهبية- بين المواطنين
...
-
الأخضر اتجنن.. سعر الدولار اليوم الخميس 11-11-2024 في البنوك
...
-
عملة -البيتكوين- تبلغ ذروة جديدة
-
الذهب يواصل رحلة الصعود وسط التوترات الجيوسياسية
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|