|
تقييمٌ أوَلي للإئتلاف الوطني العراقي
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 07:48
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كما كان مُتوقعاً ، فأن قُطبي الإئتلاف الشيعي القديم ، قد تَشّظيا ، واُعلِن في 24 / 8 / 2009 ، إئتلافٌ تحت اسم " الإئتلاف الوطني العراقي " ، بدون حزب الدعوة الاسلامية وزعيمهِ نوري المالكي . فحتى قبل إنتخابات مجالس المحافظات في مُستهل عام 2009 ، فأن الإختلافات ثم الخلافات ، بَدَتْ واضحة للعيان ، بين المجلس الاسلامي الاعلى وحزب الدعوة الاسلامية . وفاقَمَتْ نتائج إنتخابات مجالس المحافظات ، التباعد العملي بين الطرفين ، حيث بدا ان المالكي وإئتلافهِ دولة القانون ، قد فاز بعددٍ من المقاعد ، جعلتْ التوازن " يختَل " بين الجانبين لصالح الدعوة . وفي خضم هذه الاجواء ، فأن كل حزبٍ حاول وما زال يحاول حشد أكبر عددٍ من الحلفاء والانصار القدماء من نفس العجينة الطائفية السابقة ، إضافةً الى تطعيمٍ بأحزاب وعشائر سنية وشخصيات مستقلة وحتى علمانية . أدناه بعض الملاحظات الاولية حول الإئتلافات الجديدة : - رغم تدهور صحة زعيم المجلس الاعلى الاسلامي " عبد العزيز الحكيم " ، وإبتعادهِ الفعلي عن قيادة المجلس منذ اكثر من سنتين ، فأن هذا التشكيل السياسي كان من أكثر التشكيلات مُحافظةً على تماسُكهِ خلال الاعوام الستة المنصرمة ، التي شّهّدتْ إنقسام وإنشقاق العديد من الاحزاب على الساحة السياسية العراقية . وربما هنالك صراعات خفية على زعامة المجلس وربما هنالك خلافات مع الذراع العسكري السابق " بدر " ، ولكن عموماً ، إستطاع المجلس الاعلى ان يُنّظم ويُنسق إئتلافاً واسعاً ضم أغلبية مكونات الإئتلاف السابق ، بل انه نجح في إستقطاب أطراف جديدة وحتى من السنة ! - ان أكثر الاحزاب التي أصابها الإنقسام ، هو حزب الدعوة / تنظيم العراق . ففي حين ان رئيس كتلة الحزب في مجلس النواب " عبد الكريم العنزي " ، قد تآلفَ مع المجلس الاسلامي الاعلى ، نرى بأن زعيم الحزب " هاشم الموسوي " بقي ضمن الإئتلاف الذي يقوده المالكي . عِلماً ان الخلافات إشْتدتْ منذ حوالي السنة، بين مراكز القوى في حزب الدعوة تنظيم العراق المتمثلة ب " هاشم الموسوي " ، " عبد الكريم العنزي " ، " عبد الفلاح السوداني " ، " عبد الهادي الحساني " ، " خضير الخزاعي " ، " شروان الوائلي " ، " خالد الاسدي " . فالصراع ما زال قائماً على ( فضائية المسار ) ومَنْ يمتلكها ومَنْ يُديرها . وهنالك إتجاهٌ يعتقد بأن المالكي وبعض قيادات الدعوة تنظيم العراق ، قّدموا وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني ( كبش فِداء ) ، حيث انه لم يكن الفاسد الاوحد في التشكيلة الوزارية ! - " إبراهيم الجعفري " الذي كان زعيماً لحزب الدعوة الاسلامية ورئيس الوزراء السابق ، إنشق عن الحزب بعد ( إنقلاب ) نوري المالكي عليهِ ، وشكل " تيار الإصلاح " وبقي معه فقط من القيادات البارزة " فلاح الفياض " . أثناء توليهِ رئاسة الوزراء ، كانت مواقفه يطغى عليها عرقلة المساعي الكردية الرامية لتطبيق المادة " 140 " مما جعل التحالف الكردستاني مع أطرافٍ اخرى يصوتون لتنحيتهِ . الجعفري بصورةٍ عامة ، أكثر قُرباً من المالكي الى إيران . ويبدو انه فقدَ الكثير من وزنه السياسي وشعبيتهِ مقارنةً مع الاعوام 2003/ 2004 . - لأول مرة بعد إنسحابه من الحكومة ومن الإئتلاف العراق الموحد ، حسَمَ ( التيار الصدري ) أمرهُ ، وقرر المشاركة الفاعلة في الإئتلاف الوطني العراقي ، الجديد . ويبدو ان الصدريين لم ينسوا ولم يغفروا للمالكي دوره الكبير في معارك " فرض القانون " التي ذهب ضحيتها المئات من أنصار التيار الصدري في بغداد والعديد من مدن الجنوب والوسط ! وهذا هو السبب الرئيسي في إنضمامهم الى الكتلة المنافسة للمالكي . حيث ان شعار التيار الصدري المُعادي للأمريكان وللإتفاقية الامنية ، لم يَعُد مُقنِعاً ، لان الإئتلاف الذي إنضموا اليه الان ، فيه العديد من أكثر المقربين لأمريكا والمؤيدين للإتفاقية الامنية . عموماً إذا كان المجلس الاعلى الاسلامي وحزب الدعوة يُمثِلان أثرياء الشيعة وتجارهم وأغنياء رجال الدين والطبقة الوسطى ، فإن التيار الصدري " من المُفْتَرض " ان يُمثل فقراء الشيعة ومعدوميهم ومهمشيهم ! ومن المتوقع ان يعود زعيم التيار ( مقتدى الصدر ) من " رحلتهِ الدراسية " في ايران ، ويُكمل تحصيله الحوزوي في العراق ، ليحصل على ( لقبٍ ) يؤهلهُ للإفتاء الشرعي ! ويكون بذلك قد أنجزَ في سنتين ونصف ، ما يعجز عن إنجازهِ الآخرون في عشرين سنة ! - " حزب الفضيلة " الذي تَرّيث كثيراً ، قبل ان يعقد العزم على المشاركة في الإئتلاف الوطني العراقي ، أعتقد ان نوري المالكي لو " ضحى " بالمُستقل " حسين الشهرستاني " ، لربما إستطاع ان يكسب حزب الفضيلة الى جانبهِ ! . أصل الخلاف وسبب خروج الفضيلة من الحكومة ومن الإئتلاف القديم ، هو عدم منح وزارة النفط اليهم ، وتحجيم دورهم البارز في البصرة بنفطها وموانئها وتجارتها . بعدها ( إضطلع ) حزب الفضيلة بدور " راعي النزاهة " ومحاربة الفساد وإستهدف خصوصاً الوزارات التي يدعمها المالكي مثل وزارة التجارة والنفط والتربية والدفاع ! - " الخَرق " الذي يتباهى به الإئتلاف الوطني العراقي ، هو إنضمام زعيم مجلس إنقاذ الانبار " حميد الهايس " اليهم . لكن الحقيقة هي ان الصراعات في الانبار بين شيوخ ورؤساء العشائر ، على السلطة والنفوذ ، هو ما ادى الى إنضواء " حميد الهايس " تحت الإئتلاف الجديد ، بينما منافسهُ الشيخ " أحمد ابو ريشة " رئيس مجلس صحوة الانبار ، سينضم الى الإئتلاف الذي سيشكلهُ قريباً رئيس الوزراء " نوري المالكي " . في حين ان أمير عشائر الدليم " علي حاتم سليمان " ، لايعترف بأحد ، ويقول بانه والامريكان فقط هم الذين دحروا الارهاب والقاعدة ! هنالك ايضاً ، رئيس جماعة علماء العراق فرع الجنوب ، وهم رجال دين " سنة " ، قد إنضم الى الإئتلاف الجديد . وبهذا يستطيع الإئتلاف ان يّدعي ان هنالك قُوى سنية ضمن مكوناتهِ ! - " احمد الجلبي " وحزب المؤتمر ، رغم حجمهِ الصغير ، وتأثيرهِ المحدود على الساحة السياسية العراقية ، فلقد نجحَ في ان يجد له موطأ قدم في الإئتلاف الجديد ، ويقف " ولو إعلامياً " في الصفوف الاولى مع الشخصيات البارزة ، خصوصاً عندما تُلتَقط الصور او امام عدسات التلفزيون ! - " كتلة تضامن " ، من مكونات الإئتلاف الجديد . مستقلون ، من أبرزهم " قاسم داود " ، " شذى الموسوي " ، " قيس العامري " ، " حنين قدو " ، " طه درع الساعدي " ، " محمد الحيدري " . هنالك الكثير من الإختلافات الفكرية بين شخصيات هذه الكتلة ، لكن الذي يجمعهم هو عدم إنتماءهم لأي حزب سياسي . أعتقد ان أكثرهم حركةً وتأثيراً على مستوى الإعلام والمواقف المُغايرة لسياسات السلطة، في المرحلة السابقة ، " شذى الموسوي " . وبدرجةٍ أقل " قيس العامري " و " حنين قدو " . - أعتقد ان أكثر شخصيتين مُثيرتين للجدل ، خلال السنوات الماضية ، هما " جلال الدين الصغير " من قيادات المجلس الاعلى الاسلامي ، و " سامي العسكري " المُستقل المحسوب على حزب الدعوة جناح المالكي . فمن المعروف ان خطاب المجلس الاعلى الاسلامي ، عموماً ، هو خطابٌ " مُعتدل " وهاديء ، ولكن كما يبدو انه [ إستخدمَ ] احد قيادييهِ وهو " جلال الدين الصغير " ك ( بالون إختبار ) في الكثير من المواقف والاحداث ، مُستغلةً مَيل الصغير الى التطرف والإثارة والتصعيد ! فعديدةٌ هي المرات التي علا فيها صوت جلال الدين الصغير من على منبر جامع براثا وتسبب في أزماتٍ ومشاكل إنعكست على الشارع في السنوات الماضية ، وآخرها تدخلهِ الفظ في حادثة مصرف الزوية وتداعياتها المؤسفة ! ومن الجانب الآخر ، ف " سامي العسكري " الذي يطرح نفسهُ كَمُستقل ، نراهُ يوماً يقول عن نفسهِ " مُستشار رئيس الوزراء " ومرةً ناطقاً باسم الحكومة ، وهو عضو في مجلس النواب ! وكما يظهر فأنه مُكّلف بصورةٍ "غير رسمية " بإثارة بعض المواقف والتصريحات التي ( لايستطيع ) المالكي ان يُعلنها صراحةً لإعتباراتٍ سياسية كثيرة ! وتصريحاته الاعلامية ايضاً تسببت أحياناً في خلق التوترات وتكريس الإنقسامات ! - سيسعى نوري المالكي ، الى إستدراك الموقف وسحب البساط من تحت أقدام " الإئتلاف الوطني العراقي " ، ويعتبر ان الاسم الذي اُستخدمَ هو " ملكية فكرية " لحزب الدعوة وله شخصياً ، وان الآخرين " سرقوا " الاسم من غير وجه حق ! سيسعى المالكي الى كسب ( أكبر عدد ممكن ) من القوى والاحزاب والشخصيات " السنية " ليس في الانبار فقط ، بل في صلاح الدين والموصل وديالى وكركوك ايضاً ، سيسعى الى ضم احزاب وشخصيات تركمانية نكايةً بقلة عددهم في الإئتلاف الآخر ، سيعمل المالكي ان يكسب الى جانبهِ احزاب وحركات وشخصيات كردية مؤثرة ليس في المناطق المتنازع عليها فقط ، بل حتى في داخل أقليم كردستان ! يريد ان يبرهن بأن " إئتلافهُ " هو " الوطني الواسع " الحقيقي ، فهل سينجح في ذلك ؟
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إئتلاف دولة القانون العشائري
-
الموصل .. هل ثمة أمل ؟
-
أحداثٌ مُخجِلة وثقافة الإستقالة
-
بازار منصب - الرئيس - العراقي
-
شخصيات عراقية مؤثرة (1)
-
حذاري من المؤتمرات المشبوهة !
-
نظرةٌ على اللوحة السياسية في العراق
-
آفاق زيارة المالكي الى اقليم كردستان
-
ألسواح الأمريكان والجُغرافيا الحدودية !
-
الحَمير والإنتخابات الأفغانية !
-
إضاءة على إنتخابات أقليم كردستان العراق
-
إنتخابات اقليم كردستان ، قوائم الأثرياء تحصل على اصواتٍ أكثر
-
الكويت مَدْعُوة للتصرف بحِكمة
-
ضوءٌ على شخصية : رائد فهمي !
-
مَزارُ صدام المُبارَك !
-
ضوءٌ على شخصية : علي بابان !
-
هذا ال... ليس غريباً عليَّ ولكن !
-
جَوٌ أغْبر يَلُف العراق !
-
على هامش إنتخابات أقليم كردستان (2)
-
القِيَم الإجتماعية ودورها في نشر الفساد
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|