جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 07:49
المحور:
سيرة ذاتية
موضوعنا هو :كيف أعيشُ يومي ؟ طبعاً أنا ما بحبش أطلع خارج البيت نهائياً ,حياتي مثل حياة النسوان إللي في حارتنا والنسوان إللي في حارتنا بيتهن وولادهن أهم شيء عندهن بحياتهن وأنا كمان نفس الشيء بيتي وولادي أهم شيء في حياتي وفي الدنيا وكمان في شيء ثاني غالي على قلبي , فبعد أولادي وبيتي بحبْ كل يوم أكتب ساعة مقالي على الحوار المتمدن وهو من المهمات اللازمة بحياتي طبعاً ليش الكتابه مثلها مثل أولادي؟ أكيذ على شان كل حرف بكتبه بشعر أنه بنزف من دمي ومن جوارحي , الكتابة عندي ولادة لذلك كتاباتي مثلها مثل أولادي على شانها ولادة صعبة التكرار .
الإنجاب مش من السهل أن يحدث كل يوم , بس أنا عندي بنات أفكار كل يوم تخرج من رأسي ولادةً كما خرجت الآلهة (أثينا) من رأس كبير الآلهه (زيوس) وكما هي (الجملة التوليدية )عند (إتشومسكي) وللكتابة عندي درجة حرارة مثلها مثل (رونالت بارت) في كتابه النقدي (درجة الصفر للكتابة ).
هنالك مقولة يرددها الناس تقول (فلان من الناس أطفر من قحبه في رمضان ) وأنا على طول الخط أطفر من قحبه في رمضان أنا مش بس في رمضان طفران أنا في شوال وشعبان وذي الحجة وفي رجب طفران وفي ذي القعدة وفي جمادى الأولى والثانية , العاهرات يطفرن في رمضان على شان الناس بمتنعوا عن الزنا الحرام وما بدفعوش وما بدعموش العاهرات القحبات في رمضان , بس أنا على طول السنه ما حدى بدعمني .
ومبسوط جداً بطفري وبرمجتُ ونظمتُ حياتي على ذلك وكنت ْعلى الغالب أتذايق من الطفر وأشعر أنه عار ٌ وليس عيباً بس في النهاية برمجت حياتي عليه وأنا مندمج الآن في آلامي وأظن أن أي تغيير سوف يعرض إبداعي للخدش فأنا لا أحب أن يرتفع مستوى دخلي لأنه لو ارتفع سوف تتغير حياتي فحياتي حتى الآن على مستوى دخلي جيدة جداً وراضياً عنها ولا أحب التغيير فيها فلو مثلاً زاد مالي وجاهي وسلطاني فإنه من المؤكذ أن تتغير حياتي لذلك إبداعاتي سوف تقل جدا .
هنالك سيدة أمريكية لا أذكرُ اسمها حالياً غير أنها كانت مليونيرة ثم أصبحت طفرنيرة وكتبت سيرتها الذاتية وهي غنية وفقيرة ووصفت الناس وكذلك وصفت نفسها والناس وهي مكسورة الوجدان والخاطر ففي كل مرحلة هنالك إختلافٌ بالرؤية وأنا حياتي كذلك لا أريدها أن تتغير ولا أحب أن تتغير صورة الناس عندي فالذين يستنكرون عليّ حياتي لا أريد منهم غداً حين أصبح ثرياً أن تتبدل وتتغير وجهة نظرهم بي , أنا هيك شايف حالي كويس وجيد وما بديش أغير وجهة نظري عن الناس اللي بحبوني ولا عن الناس إللي بكرهوني ولا حتى عن الناس إلمتكبرينً عليّ .
هو في حدى بكبر عليّ؟ طبعاً ما فيش , بس بقصد إلعايشين حياة يظنون أنها أجمل وأحسن من حياتي , وهيك هي الدنيا كل إنسان (عقله براسه مدينه) كلمة كان يقولها أبي (كل إنسان عقله براسه مدينه) وهذول الناس بتضايقوا من إسلوب حياتي وكمان على شان ما بشكيش , في حياتي كلها ما شكيت من حدى كتوم جداً وبعيش في أسرار وألغاز هيك الناس بظنوا (يظنون) علماً إنه ما فيش لا أسرار ولا ألغاز بس يمكن على شان أنا ما بحكي إكثير عن نفسي , وبسألوني الناس شو بدك من الدنيا ؟ على شان لابروح على جامع ولا باجي من جامع يعني ما بدخلش بيوت الله فعشان هيك بحكولي شو إللي بدك إياه من الدنيا ؟, أكيد طبعاً ما بديش أي شيء بس ...بس شيء واحد السلام والحب والطمأنينة والحرية والديموقراطية , وكل تلك المطالب معجزة إلهية في وطني العربي الكبير من الجرح إلى الجرح ومن الوريد إلى الوريد .
أهم شيء يجب أن يعرفه القارىء هو أنني مبسوط جداً بحياتي , مبسوط بتعبي وإرهاقي مبسوط جداً بيتي وأولادي وأقكاري وأضحي من أجلهم بالغالي والنفيس , ومبسوط جداً بقلمي وكتاباتي.
موضوعنا هو كيف أعيش يومي؟ وصدقوني أنني لا أملك برنامجاً خاصاً وإنما أعيش هكذا على البركة كما يقولون , بسيط جداً مع نفسي وزوجتي والأولاد أعطي الجميع ما يتمنونه ولا آخذ شيئاً من أحد وأضحي من أجل الجميع ولا أحد يضحي من أجلي حتى حين أكون قد شرعت بكتابة مقال الكل يبدأ بإزعاجي صوت المكنسة الكهربائية وصوت الأولاد وصوت المنادين فأولادي حركتهم كثيرة جداً وأي زائر يأتيني أحذره أو أحاول إعطاءه لمحة عن أولادي وخصوصاً بناتي لميس وبردبس الطفلتين المدللتين جداً وذات مرة زارني مهندس صديق قديم لي وقلت له (بدك ما اتواخذنا هسع أولادي بجننوك وأنا بصراحه ما بحبش أحكيلهم تأدبوا أو اسكتوا ) وحين دخلنا غرفة الضيوف طلعت أمام الضيف الصديق كذاب جداً فجاءوا وجلسوا بأدب وخرجوا دون أن يفتحوا فمهم بكلمة واحدة فقال لي الضيف : شو يا ابو علي على اليوم أولادي زي أولادك وبأدبهم وصمتهم فقلت : له صدقني أكيد في وحي نازل عليهم اليوم وأنا رايح أحاول اكتشف السبب بس (إنت أصبر شويهناويلهم على نيه).
والاستماع للأغنية الجميلة أهم شيء في حياتي بعد أولادي وكتاباتي فأنا بدون طرب لا أستسيغ المنزل استمع كل يوم منذ الصباح الباكر لعبد الحليم حافظ ولغيره والطرب عندي في القديم والحديث فأنا أستمع لأم كلثوم كثراً ولكن ليس كل ما تقوله وتغنيه أم كلثوم أعتبره طرباً وكما قالت الفنانة (فلة)
"مو كلشي بيلمع ذهبا ذهبا
ولا كلمن غنى طرباً طرباً طربا
المغنى يا أهل المغنى صاير عجبا
في مغنى لا له معنى ولا له أدبا"
فأنا أستمع لروبي ولهيفا وهبي ولنانسي ولفريد ولعبد الوهاب , للجميع وأذني تتواجد بكميات هائلة حيث الكلمة والمعنى الأصيل ولا جرم أن تعرفوا بأنني أكتب المقال على الأغلب بعد سماع أغنية جميلة وها أنا أكتبُ مقالي هذا وأنا أستمع لعبد الحليم وهو يُشنّفُ آذاني بأغنية (جبار).
ًالكل يطلبُ مني وأنا لا أطلب من أحد أي شيء والذي بجيبي دائماً ليس لي ,كريم جداً مع بيتي وزوجتي وأولادي حتى أن زوجتي دائماً تقول لي : إنت تعبك بعزش عليك ؟ تعلمتْ أن أُهين قرشي وأن لا أهين نفسي .
وأنا أحترم الساعة الخاصة لأي فرد من أفراد منزلي وأُعّلمُ الجميع بأن كل إنسان له في يومه ساعة خاصة يقضيها مع نفسه ومع ذاته الكبير والصغير حتى الأطفال, وكل إنسان يجب أن تكون تلك الساعة عنده مقدسة يحترمها الآخرون ,وكل يوم أنهضُ من نومي مبكراً جداً فأنا لا أعرف النوم طويلاً ربما لأنني منذ طفولتي تعودتُ على الصحيان المبكر مع العمال والشغيلة فأنا نشأت بين العمال والشغيلة المصريين والسوريين والأردنيين وما زلتُ إلى اليوم أعيشُ طوال النهار معهم.
حياتي مثل حياة أي قروي متخلف فأنا أشارك الناس حياتهم اليومية ولا أستطيع التحلف عن أقربائي في المناسبات العامة والخاصة وأتدخل بالإنتخابات البلدية والنيابية بشراسة وأختلف ُإلى أهلي وربعي في كل المناسبات كما أنهم يحبونني ويختلفون إليّ ربما لأن عائلتنا تتولى دائماً قيادة العشيرة القبيلة لذلك أنا أعيش مع تلك الأحداث والمؤامرات , فالانتخابات مؤامرة دنيئة البلدية والنيابية لأن الصدق معدوم فيها .
أما حين أتوجه لمؤسسات المجتمع المدنية الثقافية فإن الموضوع مختلف تماماً فأنا أقول قناعاتي الشخصية ليس إلاّ.
أنا شخصية متعددة الأوجه والاهتمامات فأنا أب مسؤول عن بيت وزوجة وأطفال وأنا كاتب مهموم ثقافياُ بهموم قومية أهمها تحقيق القطيعة التامة مع التراث وتحديث اللغة العامية واعتبارها اللغة الرسمية الأدبية ويجب الإعتراف بها في نشرات الأخبار وبرامج التلفزيون والكتابة الصحفية .
ولم أحلم يوما بأن أكون كاتب مقالات كنت ُ أحلم فقط بتأليف كتابين واحد في الأدب العامي والثاني عن المرأة ولكن ظروفنا الصعبة جعلتني في قلب الحدث .
هذه نبذة بسيطة عن حياتي اليومية ولكنها موزعة على طول السنة ومحتلفة نوعاً ما من فصل إلى فصل, ففي فصل الشتاء الموضوع مختلفٌ تماماً غير أن النهوض مبكراً إحدى أهم الميزات التي تميز حياتي فأنا سواء ذهبتُ للعمل أم لم أذهب أقوم من نومي مبكراً من حضن الليل إلى حضن النهار , ففي الليل يلتهمني المساء والخوف وفي النهار أبتلع الضوء وأتصارع مع أشعة الشمس وأقاتل طواحين الهواء تماماً مثل دون كيشوت , الليل يحضنني والنهار على العكس أنا من يقوم بحضنه فأنا الآن أحتضن النهار , وفي الليل أستفيق من سُكري طوال النهار فأنا بعكس أصدقائي فأصدقائي يسكرون ويخمرون ويثملون في الليل من الزجاجات الروحية أما أنا فأسكر طوال النهار من ضوء الشمس حياتي شاقة جداً طوال النهار تضربني أشعة الشمس على رأسي لذلك أكون مثل المسطول أو السكران وحين أذهبُ لمنزلي مساءاً أصحو من غمرة سكري وتلافيف دماغي تبدأ بالنشاط أنا فعلاً طوال النهار سكران وما أنا بسكران من كثر التعب والإعياء وفي الليل أستيقظ وأفيق وأصاب بالصدمة حين أضع رأسي على وسادتي فأنظر إلي يميني فلا أجد رأس حبيبتي وإلى شمالي فلا أجده فأشعر بأنني إما مخبول وإما مفصوم مزدوج الشخصية وخشية أن أصاب بالفصام العقلي أصدق واقعي فأتألم كثيراً فآخذ نفساً عميقاً وأصحو من سكرتي وأنام ُ وأنا غضبان وهذا تقريباً منذ عام 2004م .
لا أعملُ طوال السنة فعندي للعمل مواسم وحين أشعرُ بالتعب أقوم بأخذ إجازة لمدة سنة أو شهر أو شهرين ,. ولكنني لا أتعبً من الكتابة أنا أكتبُ وأقرأ على طول السنة ومدار اليوم والأسبوع.
أهم شيء في حياتي كتابة مقالي أو قراءة كتاب ونادراً جداً ما أقرأ الصحف وفي الحقيقة وليس غروراً نادراً ما أقرأ مقالاً لغيري إلا ما ندر جداً ندرة الكبريت الأحمر وندرة الحب في بلاد العرب.
ونصيحتي للمبدعين أن يقللوا من حجم القراءة وربَّ سائل يفاجأ من ذلك ولكن صدقوني أنني حين أقرأ كثيراً تتبدل شخصيتي وتتهشم رؤيتي وتضعف بصيرتي وتقلُ استنتاجاتي وتتأثر الكلمة عندي بكلمات غيري من الميدعين فأشعر مثلاُ أنني أتقلدٌ شخصية أخرى غير شخصيتي فشخصيتي تضيع بين الكتب .
حين أريد أن أبدع من ذاتي أستوقف عن القراءة ولكن حين أريد أن أكتب عن التاريخ فإنني أقرأ كثيراً فالإبداع الفردي لا يتطلب قراءة بل موهبة ذاتية.
أنا أكتب لأرتاح , وأكتب لإحساسي بوجودي وأكتب لأنني أريدُ أن أكتب .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟