|
مدينة الثورة في يوبيلها الذهبي ..
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 07:49
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ليلـة البارحـة احتفلت بالعيد الخمسين لميلاد مدينتي وهي لازالت محاصرة بأجراءات عهـر اغتصابها الأخير ’ احتفـلت وكأن العراق والتاريخ معي ’ ومثلما سلام عادل والحيدري والمهداوي وماجد امين ووصفي وحسن السريع وبشار وغيرهم ’ كان سماحـة الأمام محمد باقر الصدر وكأنـه يقبل صورة الزعيم عبد الكريم قاسم قائلاً ’ انا عالم وشهيد وليس بحاجـة الى استعارة ماقام بـه الأخرون مـن عمل الخير ’ لقـد سبقني شهداء ويأتي بعدي شهداء وانا اصلي مـن اجلهم جميعاً ولا اقبل الأساءة لأحـد او ادعي مدينـة لم اضع فيهـا حجر واحـد ’ اني اشهد انها كانت مـن اعمال الخير الكثيرة التي قام بهـا الشهيد عبد الكريم . نعم السيد الشهيـد يستحق تخليده بمؤسسة علمية هامـة مثلما يجب ان يخلد كـل شهيد سبقـه او استشهد بعده ’ لأن العلمـاء والفنانين والأدباء والمبدعين هـم دائماً الوجه المشرق لهويات وتواريـخ المدن . لـم اشاهد مع الأسف في الأحتفالية كاتباً او فناناً او شاعراً او اديبـاً مـن ابنائهـا سـوى الكاتب الوفـي اميـر اميـن في مقالته ( نصف قرن على مدينـة الثورة ) بعكسه نسمع بعضهم ينطقون بغير اسمها وكأنهم يبسقون في وجـوه امـهاتهم . الصديق الجنرال هاشـم عبد الجبار وهو ابن خالـة عبد الكريم حدثنا " في يـوم طلبت اخت الزعيم عبد الكريم ان نتوسط ( بلكي يشوف النـه بيت ’ جندوب انضل بالأجار ) عندما سمعها الزعيم اسطحبها معـه ثم وقفنا على السدة المشرفة على مستنقع خلفها وكان عدد مـن الأكواخ واطفال يسبحون مـع الدابات والكلاب في المستنقع فأشار قائلاً ’ اذا حصلوا هؤلاء على بيوت وهم الأحق ’ سيأتي دورك ’ قبلته اختـه " خويـه بارك اللـه بيك واللـه يحفظك الهـم " . كنت ضمن وفـد للتضامـن مـع المكونات العراقيـة التي تتعرض للأضطهاد الديني والعرقي ’ وقدر لي ان اقيم في بعض مـدن كردستان وقراهـا اكثر مـن عشرة ايام ’ كان البعض في المطاعم والمقاهي يسألوني . ـــ كاكه انت منين ... ؟ مـن العمارة واسكن في بغـداد . مـن مدينة الثـورة ... ؟ ... ثم يدفعون حسابي دون ان يتركوا لي فرصـة الأعتراض " كاكـه احنـه اخوة وماكو فرق بينـه " ’ انهم شعب طيب مسالم يحبون الآخر ولم يعرفوا الأنانيـة ’ وفوق كل هذا لا يقبلوا لمدينـة الثورة غيـر هويتهـا وكنيتهـا . في الطريق مـن كركوك الى بغداد ’ توقفنا ـــ استراحـة ــ في احد المطاعم وبعد حديث مـع شاب قال ’ حجي اذا انت مـن بغداد فمن اللهجـة مـن مدينـة الثورة . لا اتصور ان بنات وابناء مدينـة الثورة سوف يتعايشون طويلاً مـع بشاعـة المنظر ’ وهم يدركون ان وثائقهـم وذكرياتهم وسمرة وجوههـم تحمل ما يميزهم ( ولـد في مدينـة الثورة ) حادثـة انقلها كما هـي ’ كنا نريد زيارة قريب لنا في مدينـة الثورة ’ وقرب احدى الكراجات سمعت " ثـوره ... ثوره .. نفرين ثوره " همس صديقي وهو مـن نفس المدينـة " هذا كان ممنوع وانا اسمعـه لأول مرة ’ ونحن في السيارة سألت السائق ’ انت مـن مدينـة الصدر ... ؟ ـــ عمـي ياصدر ’ قبل يومين حرره جيشنـا ... ـــ ومـنين حررهـه ... ؟ ... مـن الأيرانيين ’ حجي لو جاي قبل اسبوع عبالك ساكـن بقـم . ـــ وين راحـوا ... ؟ .... عمـي هربوا لـو الأيران لو السوريـه والأردن ... راحوا يتدربون لشيب موتاهـم ثـم قهقـه . اقسم باللـه ’ لو رأيت لوحـة لا تحمل اسم الثورة اشعر بالحزن وتأخذ العبرة مأخذها منـي ’ وعندما ارى صـور مقتدى الصدر بهيئتـه ( بوزه ) المريبـة تغطي واجهات المدارس والساحات والشوارع او معلقـة على الأعمدة ’ اشعر وكأن حالـة زنــا ترتكبهـا الدولـة والحكومـة وامانـة العاصمة مع الحقيقـة والتاريخ وهويـة الدينـة . عندما غادرت مدينتي في نهايـة الستينات ’ تركتها مكتضـة بالمبدعين والفنانين وادباء ومطربين وشعراء ورياضيين ’ ورغم بؤسها كانت شوارعها ودرابينهـا تتنفس الحركـة الطامحـة لأحلام الشباب والصغار ’ امسياتها تبداء والى وقت متأخر بحفلات الأعراس والخطوبـة والمناسبات ’ كان الغناء بألحانه المبتكرة والرقص بأنواعـه والهوسات وهلاهل الحبايب والأمهات والأخوات وقهقهات الأحفاد ’ انهم يعيشون الفرح والألفـة وضرافـة النكتـة والأبتسامة مثلما لا يخشون التضحيـة والفداء . لم اراها في محنـة اغتصابهـا الأول ’ قالوا لي كلان الأسواء ’ لكني زرتها بعد اغتصابها مـن قبل زمـر الجنرا ابو درع ( الآن في مدينـة قـم ) لصاحبـه رجـل الدين الشاب وكان كل شي قـد تغير وكأن اعصار قد نزع جلد المدينـة وترك شوارعها وساحاتها وملاعبها وكأنها اشلاء ’ المدينـة مغلفـة بالسواد ورائحـة الخوف والجريمـة ولوعـة المخطوفين تنبعث مـن مكاتب السيد الشهيد ’ ومحاكمها الشرعيـة تسحق عضام الضحايا وتشرعن الحوسمـة الشاملـة ’ والحزن قائم على وجوه الناس وواجهات البيوت وصور نجل الحوزة الناطقـة تشـخ على تاريخ المدينـة وتراثهـا ’ غربان الفطائس منتظمـة في مليشيات التيـار مسلحـة منفلتـة تتجول رعبـاً على صبـر اهل المدينـة ’ هكذا رأيت مدينتي في حالـة اغتصابها الأخير ولا زالت تنزف تاريخها المجيد وتراثها الشعبي الخالد ’ مـع كل ذلك قررت ان اواصل احتفالي وانا على ثقـة بأن مستقبل العراق سيبتسم في عيون مدينتي وهي مغتسلـة مـن اوحال الفكر الطائفي وقـذارات البعث الشيعي وشعوذات المتسللين مـن ( ذاك الصوب ) . 24 / 08 / 2009
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجرائم تبتلع بعضها ...
-
من سنتهم ... ؟
-
المالكي : بين دولة القانون والأئتلاف الطائفي ..
-
الجلبي وخرافة البيت الشيعي ...
-
جمالية التضامن عند ميسون ...
-
العراق على طاولة المركز والأقليم ...
-
لا ان نرى المالكي بنصف عين ...
-
قائمة وطنية للمرأة العراقية ...
-
الفيليون : خصوصية على مفترق الطرق ...
-
ديموقراطية المنتصر ...
-
يديمك الله يا رخص
-
جمعية من طراز جديد ...
-
بين المركز والأقليم
-
شكراً لتموز وعبد الكريم ...
-
نشيد قومي بمخالب بعثية ...
-
ماكو دليل ...
-
افرح ولن احتفل ...
-
ظاهرة الكتبة الجيجانيين ...
-
وللديموقراطية شعب يحميها ...
-
نريد ان نصدق .. ولكن ... ؟
المزيد.....
-
مقتل 10 أشخاص في هجوم مسلحين على قرية علوية بريف حماة وفتح ت
...
-
ماذا دار بأول اتصال بين ترامب والسيسي بعد إعلان مقترحه لنقل
...
-
اجتماع عربي يرفض -تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم-، وإسرائيل تف
...
-
النرويج تفرج عن سفينة يقودها طاقم روسي بعد الاشتباه بدورها ف
...
-
السودان: مقتل العشرات في هجوم للدعم السريع على سوق بأم درمان
...
-
من أصحاب الأحكام العالية.. من هو المصري الذي أفرجت عنه إسرائ
...
-
بحرية الحرس الثوري الإيراني تكشف عن -مدينة صاروخية- جديدة
-
راجمات الصواريخ تدك القوات الأوكرانية
-
ترامب يقيل روهيت تشوبرا مدير مكتب الحماية المالية للمستهلك ا
...
-
السفير الإيراني يوضح مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران في عهد
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|