|
فشل انظمة ..ام شلل مجتمع وثقافة 3
ثائر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 09:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
3. المسألة الثقافية والفكرية.
في الموضوع السابق تطرقنا ال دور المثقف . ولكن ذلك يتطلب كما هو مفهوم، المرور ولو سريعا على القاعدة او الحاضنة التي يتشكل فيها الدور الاجتماعي والادوار المرتبطة به . ودون الخوض في تفاصيل بنية المثقف العضوي او العام ، فان كيانات وجماعات وبنى ثقافية ، يجب ان تظافر وتتكامل كي تحقق تغييرا ملموسا يعزز خطوات مشروع الحداثة . ابتداء من العائلة وثقافتها العامة والقيم التي تتبناها وترسخها في اذهان اطفالها ، والتي يفترض بها ان تكون بعيدة عن خرافات وتقاليد واوهام التخلف ، ونمط حياتها اليومي ، الى المدرسة ونظامها التعليمي وشخصية المدرس وعملية اعداده. وهنا اميز قضيتين هامتين . الاولى : تشجيع روح التقييم الشخصي المستقل ، وتكوين الراي المنفرد ، المستند الى الحجة العلمية والمعرفة الملموسة . واحترام الحقيقة لذاتها والسعي لها ، وفصلها عن الاعتبارات الاخرى. الثانية: ترسيخ ثقافة التعامل مع الراي الاخر : الاصغاء ، احترامه كرأي لطرف آخر ، الاستعداد على قبول صواب الاخر وخطأ الذات ، البرهنة على اهمية التنوع والتعدد في الرؤى والخيارات . كيفية الثبات على الراي المقنع ، والية العمل من اجل التاثير على قناعات الاخرين .
اعتقد ان هناك ميادين هامة لا يمكن تحديث المجتمع دون حلحلتها او الاحتكاك بها، على خطورتها: • اعادة قراءة اهم مكونات الثقافة المحلية، ولاسيما القضية الدينية والقضية القومية ، على اسس تنسجم وروح العصر وقيمه المشتركة التي توحد وتقرب البشر، لا تفرقهم او تباعد بينهم. وترسيخ ثقافة كره ماهو ظلامي ، بشع وظالم وعنصري في ماهو مذهبي وديني وخرافي مفوت اوانه التاريخي ، وكاذب مسيء لقيمة البشر ...والحكم على مواقف الاشخاص والاحزاب والزعماء والمرجعيات الفكرية بدور الممارسة والموقف وليس الادعاء او الكذب . • ترسيخ الصلة بين القول والعمل ، الممارسة والعقيدة ، والعمل على تعزيز النزعة الموضوعية لدى الجيل الجديد ، والتعامل بجرأة مع مقدسات الموروث الوهمية ، باخضاعها للفحص والتدقيق ، والاستناد الى حقائق العلم والحياة ، في قبولها او دحضها . باختصار مايمكن ان نطلق عليه علمنة الثقافة والقيم وعلاقات الحياة ، وجعل المقدس الوحيد ، قيم الانسانية والعلم والحقيقة ، باي شكل جاءت . وكون الممارسة ، يجب ان تبقى معيار الحقيقة والمصداقية الاوحد، فن تكريس جهد استثنائي خاص الى قضية المراة والعلاقة بين الجنسين. انطلاقا من القيم العامة التي اشرنا لها . ومن اعتبارات بعيدة عن التاويلات السياسية ، او الدينية ، او اية تاويلات اخرى شخصية او طائفية (بالمعنى اللغوي) . والانطلاق بالذات من اعتبار : 1. حقها كانسان في المساواة مع الرجل في القيمة ، والحقوق. 2. ان النظرة القديمة لها ، هي نظرة تاريخية ، لها ظروفها الاجتماعية والسياسيةز 3. ان اراء بعض الفقهاء او المفكرين او السياسين التوفيقين ، تنطلق من . تجربتهم الخاصة، وقرائتهم ، وثقافتهم . مصلحتهم الخاصة الاجتماعية والسياسية 4. ان احتقار بعض الرجال للمرأة او معاملتها كانسان ناقص غير كامل الاهلية لاتعكس فقط جهلا بالظروف التاريخية التي حرمت المراة من الفرص المتساوية للتطور، وانما هي ايضا اساءة لذات الرجل الاخلاقية والانسانية. 5. انها لحالة مرضية، ان تكون حياتك وسعادتك ووجودك ذاته مرتبط بهذا الكائن، وان يقابل ذلك بالحقد على المرأة والاحتقار. 5. تجريم بعض المواقف والتصريحات التي تنال من كرامتها وشخصيتها ، خصوص تلك التي تقال على الهواء وفي الاعلام . • ان الدين والقومية والعقيدة والمذهب ، شانا فرديا شانه شان اختيارك او اظطرارك لتعليم، ومهنة وعائلة ، هي بالعموم نتاج تقاطع ظروف عدة . لايختار الانسان او الرب الفقر او المرض او الجهل او التخلف. ومن يقول بعكس ذلك هؤلاء الذين يريدون تبرير سبب التمايز والسطوة على حقوق ومصالح الغير . وهؤلاء لهم بالتاكيد اخلاقهم ، التي لاتشابه ، اخلاق الجوعي والمرضى والفقراء . لان مصالحهم ليست واحدة. ولكن ميزان العدل لايقبل عدم المساواة في الحقوق والفرص. • كل الايديولوجيات تنطلق مما هو تاريخي ، وخاص (محلي ، طائفي ، قومي ..) ولهذا تواجه اشكاليات عامة ، غالبا مال تخطأ في ضبط توازن العلاقة بينها مثلا : . العلاقة الملتبسة بين ماهو عام وما هو خاص ...في الفكرة ، الدين ، التاريخ ، القومية . تضخيم الخاص الديني او القومي او العقائدي عموما على حساب العام . توظيف (موضوعي ـ بحكم زاوية النظر ) وذاتي ـ بحكم المصلحة الانية التي كان بالامكان تفاديها ، للحقائق التاريخية الخاصة والعامة. . اضعاف وضح ودور الخصائص العامة ، تجاهلا و جهلا ، او كنتيجة موضوعية لتضخيم الخاص. . ربط منح القدسية للفكرة والطقس والراي ، بالمعاييرالقيمية التي تحمي كرامة الانسان وحقوقه وتعبر عن مضمونه. في تراث كل الايديولوجيات الدينية والقومية والماركسية والليبراية، الكثير من الشواهد على هذا المنهج . وعتباره شرطا معياريا في الشخصية وثقافتها.
ما يمكن استخلاصه مما سبق هو ان مشروع الحداثة : • هو مشروع تمدن وتحضر،تتقاطع عنده في مرحلة اولى ، مصالح قوى اجتماعية متناقضة في اهدافها النهائية وفي مشروعها التنموي تحديدا ، لهذا لا يمكن للتوافق الذي حصل ان يستمر. فلتناقض الطبيعة الاجتماعية والاهداف ، قولها الفصل . • مشروع له اولوياته الاساسية ، الغير خاضعة لرؤية انتقائية ، تاويلية باعتبارات ذاتية، باي مستوى كانت. فلا معنى مثلا لاحياء نفوذ القبيلة السياسي والفكري ، في مجتمع يتجه نحو التنمية الحديثة، العولمة ، الاندماج بالعصر ومنجزاته، وينوي تحرير انسانه من الخرافة والتخلف والظلم والتمييز بين اقيام الناس بوصفهم مواطنين لا رعايا ، باحترام استقلالهم. • لايمكنه بشكل عام ان يكون فوق التاريخ، في قراءة الماضي ولا في علاقته بالحاضر. بل هو ينبثق من احشاء الماضي ، بروافع الحاضر وشروطه الاساسية . هنا التوازن مطلوب لضمان تحول سلس، اكثر واقعية ، ومنهجية نحو الهدف. • مشروع بمستويات وميادين عدة تغطي العملية الاجتماعية برمتها. فهو مشروع تحديث ثقافي وسياسي واقتصادي واجتماعي. الا ان بدون التقدم على صعيد الانسان، حريته ومعارفه وثقافته بوصفه اداة وغاية المشروع، والعامل الحاسم فيه.
لهذا لاحظنا الفرق في الحداثة والتنمية في معظم التجارب العربية والخليجية تحديدا، عن بعض تجارب العالم الثالث، التي اختارت طريق بناء الانسان، مهنيا ونفسيا وثقافيا. فكل التقدم والمنجزات الهائلة التي حصلت في الصناعة والزراعة والعلم ، كانت ثمرة الاستثمار في الانسان وبهدف خدمة الانسان. ولهذا كانت التجربتين، التجربة السوفيتية والصينية ، موضوعيا مثالا ملهما للهند والبرازيل ، وغيرها من الدول. اما النموذج الاخر الذي ، يسود اليوم العالم ، بحكم ظروف تاريخية معروف اغلبها ، فهو النموذج الطفيلي ، الريعي ، المضارب . ولكن عضة هذا النموذج نراها اليوم ، في درس الازمة المالية والاقتصادية العالمية الاخيرة ، وفي درس الانخفاض الحاد في اسعار البترول ، واسعار الدولار والاسهم، وارتفاع اسعار الغذاء العالمية ، وخطر ظهور اوبئة ، لاتمتلك هذه الدول اية قاعدة علمية او موارد لانتاجها ،... وتاثير افلاس كبريات الشركات وخسائرها، على الدول الشديدة الارتباط بالمراكز، ....
يتبع
#ثائر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فشل انظمة ..ام شلل مجتمع وثقافة 2
-
مفارقات العولمة / الحداثة/ الاصالة
-
فشل انظمة ..ام شلل مجتمع وثقافة
-
قراءات في المشهد الايراني
-
الحوار المتمدن ..تهنئة من القلب ..مع التقدير
-
اوباما ...الواقع والآمال
-
من وحي ثورة اكتوبرالخالدة .. نظرة على الازمة الحالية استلهام
...
-
من وحي ثورة اكتوبرالخالدة .. نظرة على الازمة الحالية بديل اك
...
-
من وحي ثورة اكتوبرالخالدة .. نظرة على الازمة الحالية ..تدخل
...
-
من وحي ثورة اكتوبرالخالدة .. نظرة على الازمة الحالية استلها
...
-
حيوية الماركسية .بين قرائتين 2
-
حيوية الماركسية .بين قرائتين
-
بؤس الثقافة والسياسة
-
الازمة الجورجية الروسية ..الدلالة والآفاق
-
مواقف ..وتاريخ .. ذا دلالة :
-
اشكالات ..ومغالطات في العملية السياسية 3 .. الوطن.. الوطنية.
...
-
المثقفون الوطنيون الجدد
-
اشكالات.. ومغالطات في العملية السياسية : تقاطع الاجندات
-
اشكالات.. ومغالطات في العملية السياسية:
-
التحرير الامريكي للعراق ..تحرير للذات العراقية .... (6) الحر
...
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|