|
سيكولوجية الجندي الاميركي
محمد النابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 836 - 2004 / 5 / 16 - 14:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المقاتلون في صفوف الإحتلال ليسوا أميركيين فقط ونستطيع تقسيم هؤلاء الى فئات مختلفة تمام الإختلاف في موقفها القتالي ومن الحرب نفسها. وأهم هذه الفئات هي: 1- المتعاقدون مع الجيش الأميركي. 2- الجنود البريطانيون. 3- الجنود المشاركون رمزياً في الحرب. 4- المرتزقة / فضيحة السلفادور ودول اميركية لاتينية أخرى لتجنيد المرتزقة. 5- العراقيون والعرب المقاتلون الى جانب الإئتلاف. 6- الجنود الأميركيون. هؤلاء الجنود يوصفون في بلادهم على أنهم فرق معدة للإستعراض العسكري وليس للحروب. ومناظرهم جميلة وكاملة التجهيز لكنهم غير مقاتلين. والكلام لجنرالات وكتاب أميركيين. أما عن العقيدة القتالية لهؤلاء فهي مستمدة من سيطرة مبدأ الرخاء على مجتمعهم وهي بالتالي عقيدة ربح. وهم يظنون بأن الآخرين لا يجرأون على قتلهم أو حتى قتالهم. فإذا ما حدث فهم شديدو الثقة بتفوقهم العسكري التقني. فالمقاتل الاميركي في العراق يسير وهو يحمل معدات بقيمة 30 ألف دولار ليقاتل جائعاً من الفلوجة المحاصرة لا يملك سوى سلاحه الخفيف. يترسخ جنون العظمة هذا عند الجندي الأميركي عبر تصريحات رسمية قال أحدها لقد خسرنا 70 قتيلاً مقابل 700 فلوجياً !؟. لكن إستمرار مقاومة المظلومين يحول جنون العظمة الى جنون إحتقار للذات وقدراتها. فالجندي الأميركي يريد الهروب من العراق. إذ فوجيء أن الحرب في العراق ليست رحلة صيد لقتل بعض البشر. فقد تحول العراق الى مصيدة لللقتل. وهذا ما عبر عنه حنود أميركيون في مقابلات مع CNN فما كان من القيادة الأميركية إلا وأن منعت هذه المقابلات. الجندي الأميركي يتذكر اليوم ما سمعه من روايات عن حرب فيتنام ويتفهم سبب هروب بوش وكبار مسؤوليه من تلك الحرب وهم يريدون بدورهم الهروب. أما عن المشاكل داخل الجيش الأميركي فبعضها بات معلناً ومعروفاً وبعضها ممكن الإستنتاج من التجارب الأميركية السابقة.
كما أن الجندي الاميركي يدرك بان سياسة بلاده تقوم على جلب المكاسب عن طريق التهديد بالقوة. فإذا لم ينجح التهديد فهي تلجأ الى الترويع بإستخدام تفوقهم التسلحي. ويعتقد الجندي الأميركي أن قيادته لا تزج به بأكثر من رحلة صيد. وترسخت هذه القناعات عبر حرب كوسوفو برفض القيادة إنزال أي جندي أميركي قبل نهاية الحرب فدفع الفرنسيون بجنودهم لإنهاء تلك الحرب. أما في أفغانستان فقد تولت القبائل المهمة. ولم ينزل الجندي الأميركي الى ارض افغانستان الا بعد إستقرار الأمر فيها. هذه الأمثلة تبين قناعة الجندي الأميركي حول دوره القتالي. وهو دور معدوم المخاطر. من هنا كانت صدمة الجندي الأميركي أمام المقاوم العراقي عنيفة إذ وجد نفسه أمام أخطار حقيقية وأمام مواجهات مباشرة تكاد تشل تفوقه التقني وتجهيزه بثلاثين ألف دولار من المعدات لحمايته. وهذه الوضعية تفسر لنا قائمة المظاهر الصدمية المتبدية لدى الجنود الأميركيين في العراق ومنها الظواهر التالية: - حالات الإنتحار الوبائية بين الجنود الأميركيين. - النيران الصديقة./ بريطانيين وشرطة ومتعاونين عراقيين وحتى تجاه جنود اميركيين. - زيادة الإقبال على المخدرات والكحول./ تسجل المقاومة إختراقات معلوماتية هامة للجيش الاميركي بتأمين المخدرات للجنود. (وجدت زجاجات ويسكي فارغة في الطائرات والعربات الأميركية، كذلك ترصد حالات منتشرة من إدمان المخدرات على أنواعها. حيث تم عقاب عدد من الضباط الأميركيين لاتجارهم بهذه المواد، كما أنه من المعروف أن تعاطي المخدرات شائع بين الشباب الأميركي ولا يستثني الجنود منهم، وهؤلاء يقاتلون وهم تحت تأثير المخدر بما يدعم تكرار وكثافة الممارسات الإنحرافية للجنود الاميركان). - تضخم السلوك الغريزي ( فلأفعل كل شيء قبل أن أموت). - سيطرة الغرائز البدائية. ومن هنا تفجر الشذوذ والإنحرافات الأخلاقية ذات الطابع الوحشي لدى الجندي الأميركي. - تنامي مخاوف الموت والرغبة في الهروب من العراق. - الهروب من الخدمة / بعضهم يتزوج عراقيات ويسلم ويختبيء. - عدم الجهوزية القتالية. حيث أهلية الجنود الأميركيين للقتال في العراق تنخفض تدريجياً بسبب تداخل الظروف المناخية مع حرب العصابات مع الجهل التام بثقافة البلد... ألخ من الظروف المهددة للجندي الأميركي والتي تجعله في حالة خوف دائم وإرهاق نفسي ضاغط، الأمر الذي يدفعه للاستعجال في إطلاق النار ولممارسة العدوان لمجرد شعوره الذاتي بالخطر. وذلك إضافة الى الإرهاق الناجم عن عدم تبديل الفرق الأميركية المقاتلة وبقاءها في ساحة القتال مدة أكبر من قدرتها على الاحتمال. - تفاقم الفساد داخل الجيش الأميركي. ومن مظاهرها الصراعات على المغانم. حيث سجلت عمليات فساد واسعة في الجيش الأميركي بدءا من سرقة البيوت لغاية سرقة الآثار، مرورا بتجارة المخدرات وغيرها من مظاهر الفساد وهذه العمليات الفاسدة تتخللها عادة الصراعات والتصفيات الجسدية بين الجنود الأميركيين. وهي تسببت بإقالة عدد من كبار الضباط الأميركيين مناصبهم. - التمييز داخل الجيش الأميركي. حيث حوادث التميز العنصري والطبقي بين الجنود الأميركيين وبخاصة التمييز الممارس على المقاتلين رغبة في الحصول على الجنسية الأميركية. وهؤلاء يشكلون نسبة 24% من عديد الجيش الأميركي. كما أن غالبية الجنود الأميركيين في العراق ينتمون إلى الطبقات الأميركية الفقيرة. - تلاوين الفساد الأميركي. حيث توجد علاقة لأنماط وأنواع فساد الجنود بانتماءاتهم العرقية والطبقية وبقية التناقضات الأميركية. وهذا ما تجلى قبل بداية الحرب بحادثة الجندي الأميركي الذي قتل رفاقه في الخيمة في الكويت. - غياب العقيدة القتالية لدى الجندي الأميركي. حيث أن الجيش الأميركي لا يملك عقيدة قتالية تدفعه للتضحية بحياته لأجلها،وهذا ما تبينه مقابلات ال CNN مع الجنود الأميركيين والتي تم منعها لاحقا. وهذا المنع إنما يعكس هشاشة الهيكلية للجيش الاميركي في العراق. أما عما بقي من اللحمة في الجيش الأميركي بغياب الرخاء فهو سبب وحيد هو الخوف من الموت ومن التواجد في العراق في وضعية تهديد للحياة من الدرجة الأولى. وهي وضعية تكاد تخرج على السيطرة مع التطور النوعي لعمليات المقاومة العراقية. والتي بلغت حدود قصف مقرات القيادة الأميركية والنجاح في إستهداف مسؤولين أميركيين كبار. مما يفقد القيادة القدرة على تقنين مخاوف وانفعالات جنودها. وهذه الوقائع يجب أن تثبت للأميركيين أنهم يملكون جيشاً مؤذياً ومدمراً لكنهم لا يملكون بحال جيشا مقاتلاً وليس أدل على ذلك من محاولات بوش المستميتة للهروب من العراق. ولو بثمن طلب الغوث الاسرائيلي ودفع ثمنه المستحيل. فشراكة اسرائيل في الورطة الاميركية تحول الولايات المتحدة من دولة عظمى الى رئيسة عصابة دولية تتحكم فيها اسرائيل وتفرض الإتاوات على العالم عبر القوة الاميركية. د. محمد احمد النابلسي رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية
Subject2 أمبراطور فاقد الأهلية ها هو بوش يحقق حلمه الامبراطوري بالحصول على سطوة عالمية توازي القوة العسكرية لبلاده. وها هي حرب العراق تتكشف عن إحتلال اميركي صريح للعراق مع حرية التصرف بنفطه وبشعبه. هذه النتيجة لا علاقة لها بالوعود الاميركية للمعارضة العراقية. ولا هي على علاقة بالحجج التي استند اليها بوش في تبريره لحربه العراقية. فالامبراطور لا يأبه ولا يبالي بمعارضة أعضاء مجلس الامن الدولي لهذه الحرب. وهو كان يعرف مسبقاً بقدرته على العودة الى المجلس بعد أن يحقق أهدافه العراقية. حتى بعد استخدامه للأسلحة المحرمة دولياً من قنابل عنقودية وحرارية وغيرها. وبعد سقوط آلاف المدنيين العراقيين ضحايا لهذه الأسلحة. لقد وعد بوش بتحرير العراق وبتحويله الى ديمقراطية نموذجية عبر حرب نظيفة تتجنب ايقاع ضحايا من المدنيين وصولاً الى تخليص العراق من براثن حاكمه المالك لاسلحة دمار شامل والمتحالف مع الارهابيين. كما نفى أطماعه في نفط العراق وفي ثرواته مؤكداً على ملكية مخابراته لمعلومات دقيقة تؤيد مزاعمه. وها هو قرار مجلس الأمن ، المقرر لاحتلال العراق ولحرية اميركية في نفطه ، يكشف عن كذب كل الوعود والتعهدات الاميركية المذكورة أعلاه. حيث المحرك الأوحد لبوش هي الرغبة في التمديد لفترة رئاسية ثانية. وشرط التمديد هو علاج الحالة المتردية للإقتصاد الأميركي. حيث كان خضوع بوش لهذا الشرط متوقعاً كما كان جنونه في دخول الحلقة المفرغة للحروب الاستباقية متوقعاً. وفي حالات الجنون ما من أحد يحاسب على الهوس والهلوسات والوعود والتعهدات والالتزامات. فالمجانين يفقدون الأهلية ولا يحاسبون. وعندما يتم لمجنون ما النصر فإنه يحول العالم الى مجنون. وهو تحويل يكرسه المبدأ الروماني القائل بضرورة التحول الى مجنون عندما تعيش في عالم يسيطر عليه مجانين. لكننا معشر الأطباء النفسيين نعارض المبدأ الروماني معارضة مبدئية وقل عقائدية لو شئت. وبصفتي المهنية أجد من الواجب تشخيص دوافع سلوك مجلس الامن الدولي تجاه بوش وإدارته. فهل يستند إقرار المجلس باحتلال العراق الى المبدأ الروماني الذي يتجنب رفع الاهلية عن المجانين مع رغبة في تقليدهم ؟. أم أنه يستند الى التريث لغاية نهاية نوبة الهوس الاميركية الراهنة؟. بالرغم مما يصاحب هذه النوبة من مبالغات في استعمال القوة العسكرية وفي توزيع تهديدات صقور بوش على العالم!. من جهتي فإني أميل لترجيح الاحتمال الثاني إذ تشير السوابق التاريخية لإستحالة تحويل العالم الى الجنون. لأن سكان كوكب الارض يرفضون التخلي عن عقولهم مهما بلغت قناعة المجانين بصحة تفكيرهم. ومهما بلغت قوة المجانين وضغوطاتهم. وهنا يستوقفني مشروع باول للشراكة مع الشرق الأوسط. الذي وعد العرب بالديمقراطية. بما يدعو للتساؤل عن مصير هذه الدعوة بعد إعلان إحتلال العراق؟. وهو سؤال مشروع بعد معاودة ظهور تيارات محلية عربية ، أميركية التوجه، وإشعالها الشموع بإنتظار الديمقراطية الأميركية الزاحفة سريعاً الى الشرق الأوسط!. وها هي الخيبة تعاود هذه التيارات مع تكرار التخلي الأميركي عن الأصدقاء والحلفاء. وبالرغم من كون هذا التخلي مبدأً من المباديء الأميركية المعلنة فإن المعارض العراقي أحمد الجلبي يعجب له فيعلن في خطاب موجه الى الأمة العراقية عن أنه إتفق مع الاميركيين على تحرير العراق وليس على إحتلاله أميركياً. وهذا ما يقوله الجلبي على الأقل!. فهل من حاجة بعد ذلك لمزيد من الأمثلة على مصداقية الديمقراطية الاميركية وأربابها!؟. قد يريد البعض أمثلة إضافية على ذلك. وعلى هذا البعض الانتظار قليلاً لغاية البدء بتصفية الثقلاء من زعماء المعارضة العراقية من رفاق حرب أميركا وإعتقال بعضهم مع إغتيال بعضهم الآخر. كما أن الانتظار سوف يوفر لنا معلومات عن مدى نظافة حرب بوش عبر إحصائيات القتلى والمشوهين والمصدومين العراقيين. وعندها سنرى بوضوح خصائص ديمقراطية بوش الرومانية الموعودة عربياً. وهي الديمقراطية التي بدأت تطل برأسها عبر صور إذلال الأسرى العراقيين وإنتهاك أبسط حقوقهم تحت طائلة التكذيب الأميركي لكل الوثائق المعروضة. بما يبرر لبوش التمسك بوزير دفاعه الهمام رامسفيلد. وهذا ما يدعم تشخيصنا لتنامي مظاهر هذيان الموسوية ( الإعتقاد بأنه المسيح المخلص) لدى بوش. أما المهتمون بنهاية نوبة الجنون الاميركية فعليهم رصد حالات الجنون التي ستعلن عن نفسها تباعاً. وهي تقسم الى قسمين الأول يقلد الجنون الاميركي سعياً وراء فتات من الكعكة العراقية. والثاني هو الجنون المحرض المعاكس للجنون الأميركي. حيث يمكن للصراع بين هذين النوعين من الجنون أن يعطي لمبتوري الأعضاء العراقيين فرصة الانتقام من المجانين الذين بتروا لهم أعضاءهم. لكن الأمر يحتاج الى أشهر معدودة ولننتظر علنا نرى عالمنا يتخلى عن جنونه ويلفظ المجانين الذين يؤذون بلادهم والعالم... فهل ترانا نشهد الإعلان عن لا أهلية الأمبراطور بوش؟. أم أننا سندخل في نفق مرحلة جديدة من الجنون العالمي؟. الجواب لا تقرره الانتخابات الأميركية وحدها فهنالك مجموعة عقلاء وأخرى من المجانين تساهمان في تحديد أهلية بوش وإعطاء الجواب على سؤالنا... د. محمد احمد النابلسي رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية
#محمد_النابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحليل لـCNN: كيف غيرت الأيام الـ7 الماضية حرب أوكرانيا؟
-
هل الدفاعات الجوية الغربية قادرة على مواجهة صاروخ أوريشنيك ا
...
-
كيف زادت ثروة إيلون ماسك -أغنى شخص في العالم- بفضل الانتخابا
...
-
غارة عنيفة تهز العاصمة بيروت
-
مراسلة RT: دوي انفجارت عنيفة تهز العاصمة بيروت جراء غارة إسر
...
-
عاجل .. صافرات الانذار تدوي في حيفا الآن وأنباء عن انفجارات
...
-
أوستن: القوات الكورية الشمالية في روسيا ستحارب -قريبا- ضد أو
...
-
ترامب يكشف أسماء جديدة رشحها لمناصب قيادية في إدارته المقبلة
...
-
البيت الأبيض يبحث مع شركات الاتصال الاختراق الصيني المشتبه ب
...
-
قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|