أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة الزهراء طوبال - هل يمكن أن نقيم نظام مثالي؟















المزيد.....

هل يمكن أن نقيم نظام مثالي؟


فاطمة الزهراء طوبال

الحوار المتمدن-العدد: 2747 - 2009 / 8 / 23 - 05:52
المحور: المجتمع المدني
    


1/ الآراء التي تستبعد قدرة العرب على إقامة نظام سياسي مثالي :
أ) – السياسة العربية في النظرة الخلدونية :
يتعرض ابن خلدون في مقدمته إلى مجموعة من التفسيرات تستبعد قدرة العرب على إقامة نظام مثالي مميز يثبت عليه اتجاههم دون الرجوع إلى الوراء فهو بذلك يوضح تركيز طباعهم على عنصر البداوة إذ يقول : " السبب في ذلك أنهم أكثر بداوة من سائر الأمم و أبعد مجالا في الفقر و أغنى عن حاجات التلول و حيويتها لإعتيادهم الشظف و خشونة العيش " (1).
هذا ، وكما نجد أن ابن خلدون يعمل مقاربة علمية حول هذا الطرح وفق منهج المقارنة و من خلال استبعاده كذلك وفرة قدرة التصنيع لدى الفرد العربي على غيره من العجم بحجة أنه " أعرق في البدو و أبعد عن العمران في الحضري " (2)بيد أن العجم في نضره هم : " أقوم الناس عليها لأنهم أعرق في العمران الحضري و أبعد عن البدو " (3) .
إذن هذا الملمح الخلدوني و المحلل لأوضاع المجتمعات العربية يعطي صيغة عصرية لهذا التحليل الذي نلحظ من خلاله تشريح التاريخ و الذي يعد في المفهوم الخلدوني " كعلم لبدائل الأحوال " (4)بحيث يستغرب الفكر الخلدوني مسألة أنه من يستحوذ من الملة الإسلامية على العلم " العجم" مع استبعاد احتمال وجودها في الملة العربية " و السبب في ذلك أن الملة في أولها لم يكن فيها علم و لا صناعة لمقتضى أحوال السذاجة و البداوة " (5) فالمقارنة العلمية التي أبداها ابن خلدون من خلال تحليله لواقع الأمم العربية يصح فيها إثبات مجموعة من الحقائق ترتكز على مفهوم التقدم و مواكبة العصر إنطلاقا من مقياس " العلم " و لعل ما عبر عنه ألكسيس كاريل يتقارب مع المفهوم الخلدوني الذي جعل العلم أساس بناء الدولة و تقدمها ، يقول ألكسيس حول الإنسان الجاهل : " إنه لم يستطع أن ينظم دنياه بنفسه لأنه لا يملك معرفة علمية بطبيعته " (6) لذلك ضم الفكر الخلدوني مجموعة من المفاهيم جعلت القدرة العربية على مواكبة العصرنة محدودة وفق معوقات ترمي إلى ضرورة التخلي عنها لمواصلة السير و التفحص الدقيق في أحوالها.
2/ آراء تنفي المقدرة العربية على التنظيم المثالي :
أعربت بعض الدراسات النفسية على حصر فشل القابلية العربية في التوفيق في إقامة نظام يتميز بالممارسة المهاراتية في نطاق السيكولوجية النفسية بحيث يذهب فرج عبد القادر طه إلى تحليل الشخصية العربية إذ رأى بأنه لا يمكنها أن ترتقي إلى المثالية المنشودة كون أنها تستثير بسهولة لانفعالاتها الوجدانية : " فمن السهولة بمكان أن ينقلب التأييد إلى معارضة ، أو تنقلب المعارضة إلى تأييد في أي من البلاد العربية بسبب حدث سطحي تافه " (7) حيث أنه يوضح ذلك من خلال " التقلب الوجداني السريع و المتكرر في العلاقات بين كل بلد عربي و آخر " (8) و هذه الخاصية التي ميز بها فرج طه الشخصية العربية جعلته يصل إلى نتيجة بأن تربص الأعداء بالأمة العربية على حد تعبيره صار أمرا هينا ماداموا يعرفون نقاط الضعف التي بددت شمل البلدان العربية.
وكثير من الآراء التي تتقارب و الطرح الخلدوني باعتبار أن الشخصية العربية هي شخصية قبلية مبنية على روابط التعصب التي تعلن الولاء في حالة العدل أو الظلم و لكأني بالبيت الشعري الذي يقول فيه صاحبه :
و هل أنا إلا من غزية ؟ إن غوت *** غويت و إن ترشد غزية أرشد "(9) .
الأمر الذي ينقص من تسيير الأمور وفق الحقائق الموضوعية و كثيرا ما يفقد خاصية الدقة في جميع المجالات كالدقة في إتقان العمل و الإسلام نص عليها " إذ قال رسول الله (ص) : " اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ، و إن أحب العمل إلى الله أدومه و إن قل وكان إذا عمل عملا أثبته " (10).
و من المعوقات التي يبرزها فرج طه كذلك سيادة الأمية و تخلف التعليم مما يعود إلى انعدام النوايا المخلصة لعلاج هذه المشكلة من جانبهم " (11) و نفس النقطة تعرض إليها أبو القاسم سعد الله الذي رأى بأن النخبة قد أخذت بعد الإستقلال الجزائري 1962م على عاتقها إنشاء مراكز التعليم بيد أنها كانت دائما تفتقد إلى مناهج للتسيير الحسن حيث قال : " دخلنا الميدان بمعارف مبتورة و فرضت علينا فرضا " (12) و إنطلاقا من مقياس " البداوة و القبلية " أرى أن اجتماع أغلب الدراسات التاريخية على جعله كأول دافع للتراجع العربي عن إقامة نظام يصلح لتسيير البلاد كدراسات محمد الرميحي التحليلية و التي أسفرت بأن الأنظمة العربية بطابعها القبلي تختفي " تحت الأشكال الضاهرية للتمدين العربي " (13) ذلك أنها حسب تعبيره ترتدي أقنعة عصرها بيد هي في واقعها قبلية و إذا بحثنا عن ماهية تطبيق هذا الطرح فستجده يتجسد خصوصا في " النظام العماني " و إن كانت قد أدخلت عليه بعض التطورات من طرف " السلطان قابوس " 1970 الذي رأى أن " القبلية العنصر الفاعل في النظام " (14) خاصة في قضية إبعاد فكرة الإنتخابات و التي رأى أنها من المسائل التي تحد من الحرية الفردية للمواطن العماني وليس هذا فحسب بل من الأمور التي تزعزع الأنظمة السياسية العربية هي أبدية المدة الرئاسية للأنظمة التي تربعت على السلطة عن طريق الإنقلابات العسكرية كما هو الحال في دولة الجماهيرية الليبية و التي يحتفظ فيها معمر القذافي بسلطته منذ 1969 و إلى حد الآن لذلك أمكن القول بأنه لا يمكن الحفاظ على شرعية النظام من خلال مثالية إذا لم يكن فيه تجديد للقيادات الحاكمة أو تداول معتدل على السلطة تتناسق أفكار قائدها مع مواكبة العصرنة التي يطرحها العالم أمام أرض الواقع.
3/ آفاق ووقائع تمهد لإقامة نظام مثالي :
بينما ذهبت بعض الآراء إلى نفي إمكانية إقامة النظام المثالي على الأرض العربية برزت فيه اتجاهات أخرى حاولت إقتراح مناهج تتمكن الدول من خلالها المباشرة في تطبيقها للرفع من نطاقها المتراجع.
بحيث انطلق أبو القاسم محمد حاج حمد لمعالجة هذه الإشكالية من خلال طرحه فكرة محاولة تجاوز الصراع العربي الأروبي قد " طرح الله منهجية السلام الكوني " (15) و يرى عبد الله العروي أن كل الأقطار العربية " ستعرف تقدما في مجالات الإقتصاد و التجهيز و الثقافة " (16) إذا تفادينا التعامل مع غيرنا على أساس المصلحة القطرية .
بينما يدعوا أمين الريحاني إلى القيام بثورة فكرية تقضي على العادات و التقاليد الفاسدة باعتباره أن " المرء الذي يثور على ما ورث من الأجداد مما كان فاسدا فيصلحه هو الذي يحق له أن يثور على الحكومة " (17).
وكل ما تقدمت به الآراء هو محاولة فكرية جادة لإيجاد كما يقال " بديلا حضاريا " ينقذ هذه الأمة من تراجعها و كل ما شدني إليها هو رأي أبو القاسم الذي يدعو إلى إقامة قطيعة مع الماضي و الإستمرار إلى الأمام إذ يقول : " إن العودة إلى الماضي هي تكرار لا يتناسب و سنة الحياة كما أن البداية من جديد هي نوع من الإدعاء " (18) و أنا أوافقه فيما ذهب إليه إذ لا يمكن أن نعيد تكرار الأخطاء التي سبق و أن مررنا عليها و العصر هو تطور و تقدم إلى الأمام لا رجوع إلى الوراء لذلك وجب على هذا الإنسان العربي أن يهيأ نفسه لإستقبال أفكار جديدة تقوده كما قال محمد أبو القاسم إلى العالمية الإسلامية الثانية " تحمل إلى العالم نهجا حضاريا كونيا بديلا " (19) و بالتالي يقيم نظامه المثالي على الأرض لما يفهم مضامين دستوره القرآني الذي أوحى إليه بأول آية " إقرأ" .
الهـــــــــوامـــــــــش
1- المقدمة – الجزء الأول – المجلد الأول – دار العلم للجميع – بيروت – ص 127.
2 و 3 – نفس المصدر – ص 337.
4- ابن خلدون – نفس المصدر – ص3.
5 – نفس المصدر- ص 477.
6- الإنسان ذلك المجهول – تعريب : شفيق أسعد فريد – 1998 مكتبة المعارف – بيروت – ص41.
7 – علم النفس و قضايا العصر – ط7 – 1999 – عين الدراسات – مصر – ص 292.
8– نفس المرجع – ص 292.
9 – ابن الأثير – الكامل في التاريخ – ط 6 – بيروت – ص 9 .
10– أنظر المنذري – الترغيب و الترهيب من الحديث الشريف – المجلد الثاني – الجزء 3 – 1991 – بيروت – ص 22.
11- نفس المرجع – ص 303 .
12 – السلطة و مراكز العلم في الجزائر – محاضرة ألقاها الباحث أبو القاسم سعد الله في معهد التاريخ بوهران يوم 17 أبريل 2005 على الساعة 9 و 30 د صباحا.
13- سقوط الأوهام – ط 1 – 1998 – دار الساقي – بيروت – ص 191.
14– أحمد تركي – السلطان و القبيلة يحددان مصير عمان – http://www.Islamonline.net (25.12.2000)
15- العالمية الإسلامية الثانية – دار الميسرة – 1399 ه – أبو ظبي – ص 211.
16 – مقدمات لبرالية للحداثة – ط1 – 2000 – مؤسسة رينة معوض – بيروت – ص 287.
17– الإصلاح و النهضة – كيف تصلح الأمة ؟ - إعداد و تقديم محمد كامل خطيب – 1992 منشورات وزارة الثقافة – دمشق – ص 733.
18- نفس المرجع – ص 212.
19 – نفس المرجع – ص 212.



#فاطمة_الزهراء_طوبال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الإستثمارات الأجنبية داخل الوطن العربي
- الدب الروسي يعود إلى الواجهة
- الهجرة غير الشرعية
- قضايا تنموية في الوطن العربي
- الفن و القيمة الفنية في مجتمعاتنا العربية
- الأدب الصوفي وتفرعاته الفنية
- إشكالية النمو الديمغرافي في العالم العربي
- التربية الأسرية في مجتمعاتنا العربية
- الصحة و الوقاية الصحية في المجتمع الجزائري
- إستراتيجية الثورة الجزائرية في القضاء على الإستعمار الفرنسي


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة الزهراء طوبال - هل يمكن أن نقيم نظام مثالي؟