|
الدب الروسي يعود إلى الواجهة
فاطمة الزهراء طوبال
الحوار المتمدن-العدد: 2748 - 2009 / 8 / 24 - 07:09
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
عادت روسيا إلى واجهة المسرح الدولي بدبلوماسيتها التي أخذت تظهر دينامكية متنامية إزاء الأزمات التي بدأت تهز مناطق عديدة من العالم في المياه الدافئة بالخليج و البحر الأحمر، حيث تحولت موسكو إلى طرف نشط مدافع على كل الجبهات من إيران إلى فلسطين،ومن مياه الخليج إلى سوريا و لبنان مرورا بالعراق إذ لم تعد الوزارة الروسية الخارجية قسما ملحقا بوزارة أمريكا الخارجية بل هي تسعى لاستعادة مواقع النفوذ بصفتها قوة عظمى لها دور رئيسي في مجلس الأمن الدولي. الدب الروسي يفرض وجوده على الساحة الدولية... عباسة الجيلالي يصرح للقادسية وللغوص في حيثيات الموضوع إلتقينا بالأستاذ الجامعي و الباحث في الإعلام عباسة الجيلالي حيث اتصلنا به بصفته كمدير لمكتب وكالة الأنباء الجزائرية بموسكو، فأجاب مشكورا على أسئلتنا مفيدا بأن روسيا منذ انهيار الإتحاد السوفيتي في 1991 و تفككها عبر مياه جنوب أذربيجان، جورجيا، أوكرانيا، تركستان، كازاخستان، و غيرها من الجمهوريات الإسلامية،فسحت المجال للحضور الأمريكي حول بحر القز وين و آسيا الوسطى ، إذ قامت أمريكا بوضع ثلاث قواعد عسكرية في أوزباكستان و تركستان يعني في كل منطقة من مناطق آسيا الوسطى حيث افتعلت خدعة لروسيا لكي تتموقع في منطقة آسيا الوسطى على أساس محاربة الإرهاب في أفغانستان، وقد كانت الأراضي الروسية حسب ذات المتحدث عبارة عن معبر للقوات الأوربية وهذا ما جعل موسكو تمضي عقد اتفاق مع الحلف الأطلسي بين أمريكا و الدول الأروبية ذلك أن كل ما تصبو إليه الولايات المتحدة الأمريكية هو السعي إلى تحقيق أهداف سياسية و ليست اقتصادية كون أن مد خط أنابيب لنقل الغاز من آسيا الوسطى إلى أوروبا دون المرور بروسيا باهظ التكاليف ولن يستطيع بالتالي منافسة الغاز الروسي ولذلك يضيف ذات المتحدث قائلا بأن هذا المشروع يندرج في إطار الضغط على روسيا لمنعها من تطوير العلاقات مع غيرها من مصدري النفط و الغاز و المستوردين و لو نعود إلى التدخل الأمريكي في العراق يضيف عباسة الجيلالي قائلا بأن روسيا قد ارتكبت خطأ فادحا لأن الولايات المتحدة عملت لأجل حرب طاقة لا لحرب نووية حتى أن القضية الإيرانية ليس لها دخل بما يقع و إنما كان الأمر عبارة عن تضخيم لمصادر الطاقة و على مستوى الطاقة التي تعد العملية الموصلية في العملية السياسية بين روسيا و أمريكا فقد كان لكل خطوط المد بمصادر الطاقة في الإتحاد السوفياتي يمرون من آسيا الوسطى عن طريق الإتحاد السوفياتي سابقا ولما دخلت أمريكا لآسيا الوسطى و أصبحت تستورد مصادر الطاقة كان هناك نفوذ روسي يستعمل مصادر الطاقة كورقة سياسية إذ أن الرئيس ساكشفيلي حسب ذات المتحدث يطمح إلى إدخال بلاده في عضوية حلف شمال الأطلسي(ناتو)، وكذا شركات النفط الغربية و الإسرائيلية، إلى جعل من جورجيا منطقة لعبور خطوط أنابيب النفط من أذربيجان و أنابيب الغاز من تركمنستان، إلى غاية ميناء شيحان، و إسرائيل يستطرد عباسة موضحا أنها بدلا من ربطها بخطوط الأنابيب الروسية التي يكون بمقدورها استخدامها كورقة ضغط ووقف الإمدادات في أية لحظة و إحداث أزمة طاقة كما حدث نهاية سنة 2005 و بداية سنة 2006 إثر نزاع روسيا مع أوكرانيا حيث توقفت إمدادات الغاز في فصل الشتاء عن بعض الدول الأوروبية. وللإشارة يضيف ذات المتحدث بأنه يمر حاليا بجورجيا أنبوب باكو-تبيليسي-جيهان الذي تمتلك شركة بريتش بتروليوم 30 بالمائة إلى جانب نحو عشرة شركاء بينهم مجموعتا شفرون وكونوكوفيليبس الأميركيتين ،كما أن الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى من مصلحتها تأمين مناطق عبور موارد الطاقة من آسيا الوسطى عبر القوقاز وتحرير الدول الأوروبية من التبعية إلى شبكة الأنابيب الروسية يضيف عباسة بأنها تسعى بالإضافة إلى إحراز على مناطق النفوذ بالدول الحليفة إلى مد أنبوب نابوكو على طول (3300 كلم)،الذي سيبدأ إنشاؤه سنة 2010، ويصبح جاهزا للتشغيل سنة2013.وقد عبر حتى العراق عن سعيه للاتفاق مع الإتحاد الأوروبي على تزويده بالنفط والغاز عبر هذا الأنبوب،الذي من شأنه أن يكسب تركيا مزيدا من الأهمية الإستراتيجية في الأمن الطاقي للإتحاد الأوروبي،الذي تلبي له حاليا روسيا أزيد من الثلث من احتياجاته من الغاز. أما فيما يخص دور الأزمة المالية في التحرك الروسي نحو المتوسط يجيب عباسة الجيلالي قائلا بأنه و في غضون الأزمة المالية فإن أمريكا و حلفاءها و على رأسهم بريطانيا تحاول تعويض خسارتها بأموال العرب و نفس الشيء ينطبق على بقية الدول الغربية.إذن،وفي المدة الأخيرة تفطن الدب الروسي للأمر وروسيا تحضر منذ وصول بوتين إلى السلطة لاستعادة موقفها و هي ضد القطبية الأحادية فروسيا تنادي بتعدد الأقطاب و بدأت تحضر منذ حوالي عشرية لاستعادة حمايتها وقوتها التي كانت في الإتحاد السوفياتي لكن لا يمكن استعادة هذه الهيمنة إلا بالردع النووي و روسيا لها قوة نووية أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، لها ترسانة و صواريخ نووية على مدى ستة آلاف كلم يعني ممكن لها أن تضرب حتى في واشنطن ،في سنة ألفين و ستة يقول ذات المتحدث:" كنت قد حضرت الذكرى الخمسين للانتصار على النازية بحضور حوالي ثلاثة و خمسين رئيس ومن بينهم شرود ور الألماني و جاك شيراك الفرنسي و جورج بوش و بوتين و الرئيس الإيطالي ولما تناول بوتن الكلمة قال بأن روسيا تمتلك سلاح نووي قادر على اختراق كل الدفاعات في العالم و قادر أن يمس هدفه في أي منطقة من العالم ولا يمكن لأمريكا الوصول إلى السلاح إلا بعد عشرين سنة وكان بوش بجنبه أي على يمينه و على يساره شيراك . ونفس الشيء كنت قد حضرت ندوة صحفية أقامها بوتين في الكريملن و طرح عليه أحد الصحفيين قضية التخوف من هذا السلاح النووي فقال له : أنتم تتكلمون على سلاح نووي مخيف للعالم فهل هي كذبة أم حقيقة؟فأجابه عليك أن تسأل رئيس بلدك؟" إذن بعد كل هذا نقول بأن روسيا تعود إلى الواجهة و الدليل على هذا أنه عند اجتياح جورجيا لأوسيتيا الجنوبية ولما كان الدخول الروسي للأراضي الجورجية ومدينة بورني الإستراتيجية إذ لما سألته أمريكا عن سبب دخوله جورجيا قال بأن روسيا لا تسأل عما تفعل و اليوم بجانب الترسانة النووية تعيد واقع التوجه الجغرافي وتعمل مناورات مع فنزويلا لأول مرة . الأمر ليس له علاقة بالأزمة المالية يستطرد عباسة موضحا، لأن الأزمة لها تأثير فقط على النظام العالمي و المعاملات التجارية و في نظري أن الأزمة المالية هي عملية مفتعلة لأن اليهوديان اللذان كانا يعملا في بنك روبل قاما بنقل الأموال من ألمانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1950 إذ قالت صحيفة إسرائيلية أن نقص السيولة في هذا البنك لم يكن عبارة عن أزمة مالية في السعودية وإنما في الضرائب التي فرضتها الإدارة الأمريكية على عائدات البنك فقاما البنك بتحويل 400مليار دولار إلى البنوك الإسرائيلية إذن هي عملية مفتعلة لابتزاز أموال العرب و لإعادة النظر في الاقتصاد العالمي. هل هي عودة للحرب الباردة؟ يوضح عباسة الجيلالي قائلا بأن الحرب الباردة لم تنتهي أبدا لأن أمريكا استعملت ما يسمى في المصطلح الروسي بالحروب الملونة –حروب الورود- فشرعت في الإعداد للمشروع النووي الموجه خاصة لفديرالية روسيا منذ عهد بوش الأب الذي أوصى بصنع صواريخ باليستية لصد الصواريخ المهاجمة مشددا على أن يتم ذلك من مختلف قواعد و منصات حيث أضاف رئيس أركان الجيش الروسي أنه"إذا حدث ذلك ستقوم روسيا بالرد بواسطة صواريخ مجهزة برؤوس حربية صوب منشآت أمريكية" ولمواجهة الإصرار الأمريكي على إقامة هذا النظام الصاروخي كشفت قيادة سلاح الفضاء الروسية حسب ذات المتحدث عن خططها لوضع منظومات صاروخية فضائية متطورة،وذلك في إطار " الرد القوي والمتكافئ" على الأمريكيين...و يضيف عباسة الجيلالي قائلا بأنه حسب تسربات صحفية تقوم روسيا ببناء النظام الصاروخي الجديد انطلاقا من النسخ المتحركة من الصاروخ الباليستي العابر للقارات"توبول-ام" إلى نظام آخر بحري حيث تقوم البحرية الروسية على تطوير قوتها النووية و تصنيع غواصات جديدة من طراز "بوراي" تحمل صواريخ جديدة مجهزة برؤوس نووية من طراز "بولافا". و بالتالي فإن عباسة الجيلالي يعتبر أن هذه العودة هي حرب ساخنة وما يحدث لهو دليل على أن الحرب الباردة لم تنتهي بعد بل أصبحت حرب ساخنة . بقلم:فاطمـــــــة الزهـــــــراء طـــــــوبال
#فاطمة_الزهراء_طوبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهجرة غير الشرعية
-
قضايا تنموية في الوطن العربي
-
الفن و القيمة الفنية في مجتمعاتنا العربية
-
الأدب الصوفي وتفرعاته الفنية
-
إشكالية النمو الديمغرافي في العالم العربي
-
التربية الأسرية في مجتمعاتنا العربية
-
الصحة و الوقاية الصحية في المجتمع الجزائري
-
إستراتيجية الثورة الجزائرية في القضاء على الإستعمار الفرنسي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|