اومري بنختي
الحوار المتمدن-العدد: 2746 - 2009 / 8 / 22 - 09:09
المحور:
القضية الكردية
في هذا اليوم 20/8/2009 ، تم اداء اليمين الدستوري من قبل رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني و اعضاء البرلمان في الدورة الثالثة ، بعد تصديق النتائج النهائية من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي جرت في 25 تموز ، ان هذه الانتخابات كانت اكثر حيوية و فاعلية من الانتخابات السابقة من حيث تاثيرها على مستقبل المجتمع الكردستاني ، لان نسبة المشاركة كانت كبيرة وواسعة في الانتخابات مقارنة مع اغلب الدول العالمية بشكل عام و باقي مناطق العراق بشكل خاص ، لان الشعب الكردي راى في التصويت حق وواجب وطني و قومي لاحلال الديمقراطية في ربوع كردستان ، و ايمانا منهم انه من خلال الانتخابات يمكن ان يحصلوا على حقوقهم الاجتماعية و السياسية ، لان لكل فرد من افراد الشعب حق و عليه واجب ؟ لذلك اظهرت الكثير من المفأجات على عكس الانتخابات السابقة سواء على مستوى المشاركة او على مستوى الخريطة السياسية ، و كذلك انتخاب رئيس الاقليم عن طريق الاقتراع المباشر لاول مرة ، و من ناحية ثانية فان هذه الانتخابات جرت في ظروف سياسية معقدة ، تشهد مخاطر جدية على القضية الكردية و عدم وضوح مستقبل كردستان في ظل ظروف و اوضاع اقليمية و دولية ضاغطة .
يمكن الحديث عن هذه الانتخابات و اخذ الدروس و العبر منها من عدة نواحي :
اولا : حجم المشاركة ، فكما قلنا كانت نسبة المشاركة كبيرة وواسعة بلغت حسب تصريحات المفوضية العليا للانتخابات 78،5 بالمئة ، اي حوالي اكثر من مليونين ونصف مليون مواطن في كردستان ، و هذا يعكس ارتفاع الوعي الانتخابي و روح المشاركة و يؤكد على تمسك الشارع الكوردستاني بقضيته العادلة و الدفاع عنها ضد المخاطر الخارجية من جهة ، و من جهة اخرى يعقدون الامال على تطبيق البرامج الانتخابية من قبل القوائم الانتخابية لمضاعفة الخدمات الاجتماعية و القيام بالاصلاحات الاقتصادية و السياسية لمكافحة الفساد على كافة الاوجه ، لاننا لاحظنا ان كل قائمة ركزت في دعايتها الانتخابية على مكافحة الفساد و تحقيق امال الشعب الكردستاني في الرفاهية و الكرامة ، و هذا ما اكد عليه السيد برهم صالح رئيس القائمة الكردستانية عندما قال : (( نحن في القائمة الكردستانية سنكون امناء على الرسالة التي ضحى من اجلها جماهير شعبنا طوال سنوات نضاله الدؤوب من اجل تحقيق حقوقه المشروعة ، و ما حققناه هو جزء من المهمة الكبرى الملقاة على عاتقنا و هو ايصال شعبنا و قضيته العادلة الى بر الامان ، فما زالت هناك تحديات كبيرة تواجه مستقبلنا من اهمها البناء الداخلي الذي سنكرس له كل جهودنا القادمة )) . كما دعى رئيس قائمة التغيير السيد نوشيروان مصطفى الى فصل الحزب عن الحكومة مؤكدا : (( ان اولويات الاحزاب في مرحلة قيادة الثورة تختلف كليا عن اولويات في ادارة الحكم ، و بناء عليه يجب ابعاد الحزب عن التدخل في شؤون الحكومة لضمان بناء حكومة مؤسساتية تلبي حاجات المجتمع )) . مع العلم ان الكثيرين من الاكراد و الكردستانيين حرموا من حق التصويت في المناطق المتنازعة عليها و خارج الوطن .
ثانيا : الخريطة السياسية ، استطاعت هذه الانتخابات من فرز خريطة سياسية جديدة بعكس ما جرى في عام 2005 ، لانه في السنوات الاخيرة برزت ظاهرة عدم الرضا في اوساط الجماهير من اداء الحكومة ، و الدعوة المتكررة من قبل الجماهير لمحاربة الفساد و المحسوبية و المنسوبية ، و تمكنت القوائم الاخرى استغلال هذه الظواهر لمحاربة اداة الحزبين الرئيسين الديمقراطي و الاتحاد الكردستاني ، و لكن يجب الانتباه الى نقطة مهمة ان لا نجعل من هذه الخلافات لكسب المناصب الحكومية و انما لنحافظ على البيت الكردي ، و لبناء كردستان اكثر رفاهية و عمرانية لان الخلافات الكردية الكردية ستضر بالقضية الكردية بشكل عام و مكتسبات شعبنا الكردي في كردستان العراق بشكل خاص لان المؤامرات الدولية و الاقليمية لا تتوقف لاشعال الفتن و الاقتتال الداخلي بين ابناء شعبنا ، و انما لنجعل من ظهور المعارضة في البرلمان الكردستاني معارضة ايجابية لرفع من اداء البرلمان و دوره الرقابي اضافة الى دوره التشريعي ، و ان تركيبة البرلمان الجديد ستمنحه القدرة على التاثير في التطورات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية في كردستان ان جرى الالتزام بالدستور الذي اقره مؤخرا البرلمان ، كما ستكون امتحان للقوائم الانتخابية فان اي ضعف او تقاعس في الاداء من قبل اي قائمة يمكن ان يحدث تراجع فعليا في عدد مقاعده في الانتخابات القادمة و هذا ما لاحظناه في هذه الانتخابات فان شعبنا صوت للقوائم الاخرى و الجديدة بسبب الفساد الاداري و البيروقراطية المتفشية لدى اغلبية المسؤوليين السياسيين الكرد في كردستان ، و لان بعض المسؤوليين و القياديين بدل ان ينصفوا بين ابناء الشعب و يوزعوا الثروات بشكل عادل جعلوا من مناصبهم مراكز للاستغلال و النهب و الفساد ، فكانت هذه الانتخابات و النتائج رد فعل الشعب على عنجهيتهم و بطرهم الفظيع ، لذا لا بد من مراجعة الذات و الاستفادة من اخطائهم السابقة في ادارة الحكم ، و ان لا يجعلوا من السلطة التسلط و الاستبداد و انما ان تكون السلطة مركز لادارة البلاد بشكل ديمقراطي و عادل ، و ان نتعلم تداول السلطة بشكل سلمي لان التداولية التي تعني صعود طرف لسدة المسؤولية لا تعني الغاء الطرف الاخر و انما تعني فسح المجال له ليدرس الاخطاء التي ارتكبها مما دفعت قناعة الناخب لاختيار طرف آخر ليسلمه مسؤولية الادارة في المرحلة المعينة . و لكن فان اللعبة الديمقراطية لا يمكن ان تأتي دائما بما يتفق و تطلعات الناخب و طموحات القوى الحية و الديمقراطية بل تتيح احيانا عبر آلياتها فرصا لنفوذ قوى غير ديمقراطية او اخرى ليست في قائمة خيار الناخبيين و لكنها تعرف اصول اللعبة فتمر في ضوء خطط و حسابات فاسدة . و كما قلنا بخلاف الانتخابات السابقة ظهرت حركة معارضة قد تكون مؤثرة اذا كانت معارضة ايجابية ، فقد حصلت قائمة التغيير على نسبة 23 بالمئة و قائمة الخدمات و الاصلاح على نسبة 13 بالمئة و هذا مؤشر على ان بعض ابناء شعبنا غير راضيين من هيمنة الحزبين الرئيسين و الذين ايدوا المعارضة اغلبيتهم الطبقات المتوسطة و المتعلمة الساعيين لمزيد من الاختيارات ، لان الكثيرين يشكون من التمييز في الوظائف و الاعمال و الفساد الاداري و النهب .
ثالثا : انتخاب رئيس الاقليم بشكل مباشر من قبل الشعب ، و من خلال هذه الانتخابات تبين تمسك حوالي 70 بالمئة من الناخبيين بالرئيس مسعود البارزاني ليكون رئيسيا للاقليم لانه اصبح الزعيم المجرب الذي لا يساوم على حقوق شعبه ، السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ، لذلك يقع على عاتق الرئيس مسعود البارزاني مسؤولية كبيرة لمتابعة كل القضايا المتعلقة بالوضع الداخلي و مهام و اعمال حكومة الاقليم ، اضافة الى المسائل العالقة مع بغداد في اطار عراق فيدرالي اتحادي ، و خاصة تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي و مسائل النفط و الغاز و الاستثمارات ، بالاضافة الى السياسات الخارجية الاقليمية و الدولية .
#اومري_بنختي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟