أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد جهاد - العراقييون و كلاب لندن














المزيد.....

العراقييون و كلاب لندن


محمد جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 836 - 2004 / 5 / 16 - 14:28
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كانت امسية صيفية عادية لوالدي رحمه الله الذي احببت فيه البساطة وعدم التدخل في مسيرة حياتنا الخاصة ولكننا كنا نبصر ونستفهم عن كل ما يقولون وما يفعلون ثم نوزنها فنحللها ونستنتج منها الاشياء وبعد كل هذا وذاك نفعل ما يحلو لنا. هذه هي المعادلة رغم وجود بعض الضوابط و الموروثات الاخلاقية التي رغم هشاشتها ومحاولاتنا الشذوذ عنها كانت الاطار العام لحدود الرؤية لنا. تم الترحيب به لا لانه الجيل الاول المتبقي بل لانه النسيب والموظف الكبير في وزارة العدل التي كنت اجهل علاقتها بالعدل و تحقيق المساواة في لوائحها. لم يكن غريباً ان يبحثوا عن احجار الدومينو القاسم المشترك للباحثين عن قتل الفراغ الفكري والاخلاقي في بداية الستينات من القرن المنصرم. كنت منشغلاً في البحث عن ديدان الارض في حديقة دارنا التي احتضنتهم والتي كنت احب اصطيادها معتقدا بأنها احدى فصائل الحشرات الضارة ولم يخطر ببالي انها كانت اكثر نفعا للوطن من اغلب زعماء الامة الذين كانوا يعلنون الحرب على الاستعمار و يساندون علناً حركات التحرر الوطني. كنت قد تصرفت باحدى احجار الدومينو لا خبثا بل لكي اجعل لقاء القادة من كبار المعارف مجدية اكثر من اصوات لطمها على اسطح المناضد دون ان افهم مبررها. تحدثوا في كل شيء حتى وصل الحديث منتهاه بعد العشاء الدسم وهي ذكريات زيارة الوالد لعاصمة الضباب والمجد آنذاك لندن مدينة الاحلام. توقف بحثي عن الديدان لا لأنني لم افلح في اصطيادها ولكن الديدان التي كانت في داخلي لسماع رأي احد كبار موظفي وزارة العدل عن هذه المدينة الوهمية اكبر من نظيراتها في ارض حديقة الدار. لم اخفي ارتيابي بكرشه الكبير والذي كان رمزا للسلطة والوجاهة في ذلك العصر ألا انه استفاد منه في ان يريح اصابعه العشرة مضمومة لبعضها فوق تلتها تاركا صلعة رأسه تعكس ضوء مصابيح الحديقة لتساعدني في البحث عن ديدان الارض. ترك العنان لابهاميه في حركة هستيرية ترسم دوائراً متداخلة في اتجاهاتٍ متوافقة وكأنه يقول نعم نعم للحياة هناك وهو يستمع لتفاصيل الحياة في لندن مدينة الاحلام. خلط الموظف الكبيرالضرورة الشعرية بالضرورة التأريخية بعد ان التقيا ابهاميه المتحركان وجها لوجه ثم دفع احدهما الاخر بعد ذلك رفع اصابعه العشرة الملتحمة من اعلى كرشه حتى بلغا منتصف المسافة المتبقية من جذعه في تعبيرعن توصله لنظرية جديدة. تنهد قليلا كأن الهواء احتبس في صدره ولم تسعفه رائحة الهيل المنبعثة من الشاي القسري في اعقاب العشاء الدسم ثم قال "لو ان الله خلقني كلباً في لندن لكان افضل من ان يخلقني انسان في العراق" ثم سكت.
لك الله يا عراق لم يكن لموظف الدولة الكبير في تلك الايام اية مشاكل مالية او اخلاقية عندما قالها وصمت. ترى ما كان سيقوله لو بقي حياً بعد القادسية الثانية وام المعالف أو ام الخواصم وفضائح سجون المحررين وتحليلات النخبة والمثقفين ازاءها . لك الله يا عراق.



#محمد_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة الى الدكتور خالد السلطاني


المزيد.....




- الخارجية الروسية: ألمانيا تحاول كتابة التاريخ لصالح الرايخ ا ...
- مفاجآت روسيا للناتو.. ماذا بعد أوريشنيك؟
- -نحن على خط النهاية- لكن -الاتفاق لم يكتمل-.. هل تتوصل إسرائ ...
- روسيا وأوكرانيا: فاينانشيال تايمز.. روسيا تجند يمنيين للقتال ...
- 17 مفقودا في غرق مركب سياحي قبالة سواحل مرسى علم شمالي مصر
- الاختصارات في الرسائل النصية تثير الشك في صدقها.. فما السبب؟ ...
- إنقاذ 28 فردا والبحث عن 17 مفقودا بعد غرق مركب سياحي مصري
- الإمارات تعتقل 3 متهمين باغتيال كوغان
- خامنئي: واشنطن تسعى للسيطرة على المنطقة
- القاهرة.. معارض فنية في أيام موسكو


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محمد جهاد - العراقييون و كلاب لندن