|
مستجدات الوضع السياسي والمهمات، الذي قدمه المكتب السياسي
الحزب الشيوعي اللبناني
الحوار المتمدن-العدد: 836 - 2004 / 5 / 16 - 14:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الحزب الشيوعي اللبناني
المجلس الوطني
مستجدات الوضع السياسي والمهمات، الذي قدمه المكتب السياسي
وناقشه وأجازه المجلس الوطني في دورته بين منتصف
أذار ومنتصف نيسان 2004
يتناول هذا التقرير المستجدات السياسية والمهمات المرتبطة بها، على المستوين العربي واللبناني. وهو يركز على الفترة التي أعقبت المؤتمر التاسع الذي كان قد ناقش الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعالم، وأقر التوجهات والمواقف والمهمات الضرورية التي سيرتكز إليها عمل هيئات الحزب حتى المؤتمر العاشر.
ولعل الحدث الأبرز في نطاق المستجدات هو إحتدام وتصعيد الصراع في العراق وفلسطين على نحو خطير مقرون بالمجازر والاغتيالات، إثر إعلان الولايات المتحدة عن نص مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الذي سيقدم الى قمة "الثماني" في الولايات في حزيران القادم بالتزامن مع إجراء "نقل السلطة" الى حكومة عراقية مؤقتة في آخر شهر حزيران أيضاً. ويندرج هذا المشروع في نطاق الخطة الأميركية الاستراتيجية للهيمنة على المنطقة بالوسائل العسكرية والسياسية المباشرة وغير المباشرة، وبأشكال من الضغوط والتدابير والسياسات التي من ضمنها تغيير وتفتيت دول، وتبديل او تعديل أنظمة، وفرض وترويج أنماط وعلاقات لا تستثني شيئاً.
وإسرائيل شريك ومستفيد أساسي في كل ذلك: فمن جهته يندفع السفاح شارون في محاولة تصفية شعب فلسطين وقضيته، متجاوزاً أو متجاهلاً، كل القرارات والمشاريع الدولية، مستخدماً القوة العسكرية والتشجيع الاميركي والعجز والتواطؤ الرسميين العربين، عاملاً على رسم خريطة دم ودمار لا تؤدي الى قيام دولة فلسطينية بل الى منع قيام مثل هذه الدولة، ولو بأكثر المواصفات والشروط تواضعاً وهشاشة.
ويتحرك الوضع السياسي الداخلي اللبناني ويزداد تأزماً، تحت تأثير هذه الاحداث الخطيرة، وكذلك تحت تاثير أزماته الخاصة وإقتراب الاستحقاقات الانتخابية، وأبرزها إنتخاب رئيس للجمهورية في الخريف القادم.
I - التطورات في المنطقة
لم يؤد إعتقال صدام حسين الى إنهاء أو إضعاف المقاومة لقوات الاحتلال الاميركية والحليفة، في العراق، كما كانت تأمل الإدارة الاميركية. لا بل أن هذا الاعتقال وعلى النحو المهين الذي برز فيه الديكتاتور العراقي السابق، قد كشف ضعف علاقته بهذه المقاومة من الناحية المادية على الأقل. ودون إنكار الإنتصار المعنوي الذي حققته قوات الاحتلال من خلال هذا الإعتقال، الا ان إستمرار المقاومة، وبالوتيرة نفسها، قد أكد بأن المقاومة هي عملية طبيعية موجهة ضد الاحتلال وبسبب ما ولدّه من تناقضات، وليست مجرد محاولة من قبل أنصار وقوى النظام السابق، لإستعادة مواقع وسلطة مفقودة.
ومن ناحية واقعية أخرى، فان إعتقال صدام، قد فتح الطريق واسعاً أمام إحتمالات اخرى أمام الشعب العراقي، ومنها شعار إيجابي مكمل لنشاط المقاومة في ضرب مواقع الاحتلال وعملائه على طريق هزيمته وإخراجه. وهذا الشعار الايجابي هو النضال من أجل بديل ديموقراطي في عراق محرر وموحد. ذلك يعني طرح خيار جديد ثالث أمام المقاومة العراقية لرفد وتوسيع صفوفها، بديلاً من ثنائية بوش ـ صدام، اي ثنائية الاحتلال والديكتاتورية التي عمل الأميركيون، خصوصاً، لتكريسها معادلة وحيدة، بهدف كسب دعم كل الذين عانوا من الديكتاتورية ولا زالوا يخشون عودتها في حال خرج الإحتلال طائعاً أو مكرهاً.
وتفيد معطيات كثيرة، بانه تنشط في صفوف المقاومة العراقية، بالفعل، قوى من النظام السابق. إلا انه يمكن إدراج أكثريتها في عداد المتضررين من المحتل وتدابيره. فإدارة الاحتلال قد سرحت مئات الالاف من عناصر القوى الامنية المختلفة (حل الجيش وأجهزة الامن) وسرحت العاملين والموظفين في الاعلام و... كذلك أصدرت قانون "إجتئات" حزب البعث ... هذا فضلاً عن تردي الامن وإنهيار الإدارة، وتباطؤ عودة الخدمات العامة والبطالة، وتدني الاجور، ونهب البلاد وتدمير جزء من حضارتها، وإنتهاك سيادتها ومقدساتها...
الى ذلك فلا شك بأمرين آخرين أيضاً بالنسبة للمقاومة العراقية: الأول، هو وجود قوى سلفية أصولية متطرفة بين الناشطين في صفوف المقاومة (من جماعة "القاعدة" و"أنصار الاسلام" وسواهما....) وبذريعة هؤلاء ينشط جواسيس وعملاء استخبارات اسرائيلية وأميركية لتشويه صوره المقاومة وإضفاء طابع مذهبي أو تخريبي عبثي عليها، خصوصاً على غرار ما حصل في ذكرى عاشوراء. والثاني، هو وجود قوى وطنية وديموقراطية بين المساهمين في المقاومة. وبعض هؤلاء من أصول ماركسية وقومية ومستقلة. وقد دلت التحقيقات، مثلاً، بأن شهيد أحد العمليات ضد قوات الاحتلال كان حتى الغزو الاميركي، معتقلاً في سجون النظام السسابق.
لا شك بأن شروط عمل مناسبة للمقاومة باتت تتوفر أكثر، في البيئات الناقمة. ويدل توسع العمليات وإستهدافها لقوات الإحتلال وللأطراف الأنشط في التعاون معه وللأجهزة الامنية المنشاة تحت رعايته، كل ذلك يدل على إشتداد ساعدها وزيادة قدرات التحكم والسيطرة النسبية لديها، والى تحولها قوة كبيرة التأثير والضغط على المحتل وإجراءاته، ومن ذلك بعض التنازلات التي قدمها مؤخراً فيما يتعلق بمواعيد الانتخابات ونقل السلطة...
أ ـ النجف بعد الفلوجة معادلة جديدة
لقد كان الأمر على هذا النحو حتى إندلاع الصراع في صيغته الأخيرة، بين "جيش المهدي" بقيادة مقتدى الصدر، و"قوات التحالف" المحتلة، بقيادة الجيش الأميركي. ولقد أضفى دخول الصدر على الصراع طابعاً مهماً من الناحية العسكرية والسياسية في آن معاً.
فمن الناحية السياسية، يشكل هذا الدخول عامل إخلال مهماً، بالمعادلة التي حاول الغازي الأميركي تكريسها منذ غزوه للعراق وحتى اللحظة الراهنة. وقد قامت تلك المعادلة على تصوير الكتلة الشيعية- السياسية متعاونة مع الاحتلال وشريكة في تدابيره وإجراءاته، ومستفيدة من التحولات والتوازنات الطائفية والمذهبية التي يسعى لتكريسها، على حساب الطائفة السنية المتضررة والمنتفضة.
ومن الناحية العسكرية تحرك "جيش المهدي" بقدرة إحتراف جيدة وبتسليح لافت وبدعم شعبي واسع جداً في معظم المناطق ذات الأكثرية الشيعية. وقد تكبد الأميركيون في المواجهة مع جيش الصدر خسائر بشرية ومادية كبيرة جداً. وجرى إخراجهم من عدة مدن أساسية: النجف وكرباء والكوفة...
وشكل إضطرار الجيش المحتل للقتال على محوري الفلوجة- النجف... تحولاً سياسياً وعسكرياً كبيراً، رغم ما رافقه من بعض السلبيات المذهبية في الاحتشاد والخطاب. فلقد تحولت المقاومة من العمليات السرية الى المواجهة المكشوفة، ومن الاغارة الى السيطرة على مواقع ومدن ومناطق... إنها حالة نوعية مهمة بكل المقاييس، وعلى الأرجح، غير محسوبة بالنسبة للمحتل وللمتعاونين معه.
ولقد دفع ذلك الأميركيين الى إرتكاب المجازر المروعة، دون أن يتمكنوا مع ذلك، من حصد إلا المزيد من الصعوبات والمآزق لهم ولكل المشاركين في "مجلس الحكم".
ومن نتائج ذلك، السلبية على الأميركيين، أيضاً، الارباكات السياسية الاضافية في واشنطن حول دوافع الحرب ونتائجها، وتدني شعبية بوش وإرتباك فريقه، وإنسحاب القوة الاسبانية والهندوراسية... وأخيراً إضطرار واشنطن الى طلب (ولوخجول) للتدخل والوساطة من قبل إيران وسوريا!
اننا نرى بان التحول الايجابي في وضع المقاومة العراقية يجب أن يتصاعد لجهة توسيع القوى (لزيادة مساهمة ممثلي الاتجاه الوطني التقدمي)، ولجهة البرنامج (بما يرجح فيه العامل الديموقراطي التوحيدي)، ولجهة الأساليب (بما يستبعد الأشكال العبثية والتدميرية الموجهة ضد أهداف مدنية أو إنسانية غير ذات صلة بالاحتلال وأدواته وسلطته...).
ويطرح ذلك مسألة ضرورة إعادة النظر بتوجهات وعلاقات ومواقف أطراف داخل مجلس الحكم، بمن فيهم الشيوعيون وقوى معارضة سابقة أخرى للنظام الديكتاتوري الصدّامي.
ب ـ الاحتلال والديمقراطية!
والواقع أن الاحتلال الاميركي للعراق ليس شاناً عراقياُ داخلياُ لجهة التاثير والاهداف. ويحاول المحتلون الاميركيون إشتقاق معادلة ثابتة بالارتباط مع الاحتلال، ولخدمة استتباب الامر له وتحقيق إستهدافاته، على صعيد المنطقة وعلى الصعيد العالمي. وتجمع هذه المعادلة ما بين حتمية الإحتلال، والتخلص من الاستبداد والديكتاتورية. وهكذا يصبح الاحتلال عملية تحرير للشعوب بوسائل القوة اذا لزم الامر، وبوسائل الضغوط والتدخلات السياسية والاقتصادية والاعلامية والأمنية على غرار ما يرمي إليه مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الذي طرحته إدارة بوش ونشر في 12 شباط الماضي.
أن هذا المشروع كما كل التدابير الاميركية في العراق، هو في خدمة مشروع السيطرة الاميركية على هذه المنطقة بموقعها الاستراتيجي وثرواتها الهائلة وخصوصاً النفط، وهو ما جرى تناوله، بشكل مركز، في "موضوعات" المؤتمر التاسع اواخر العام الماضي.
ولقد تحدث القادة الاميركيون، مراراً، عن إعادة النظر بخريطة المنطقة ودولها، بما يخدم إستراتيجية السيطرة الاميركية. ويدل "قانون إدارة الدولة" الذي أقر في الثامن من أذار الماضي، على بداية توجه بشأن للعراق، يتجاوز الفيدرالية الى ما يؤسس للتقسيم الذي يرتبط في واقعة الراهن والمستقبلي بالدور وبالقرار وبالوجود الاميركي! هذا فضلاً عن السعي لزرع الفتن الطائفية والمذهبية... ولا يقتصر تأثير ذلك على العراق، بل يتناول الدول المجاورة. وبشكل أو بأخر، تشير أحداث مدينة القامشلي السورية، الى إنعكاسات هذا الامر، دون إهمال أسبابها الداخلية المتراكمة.
ج ـ مشروع "الشرق الاوسط الكبير"
وفي عودة الى مشروع " الشرق الأوسط الكبير" نتوقف عند عدة مسائل اساسية منها: اندراجه في مخطط الهيمنة والوصاية على المنطقة. إندراجه في سياق العولمة الأميركية وبأدواتها التي تجمع ما بين الوسائل السياسية وغير السياسية وصولاً الى الدمج ما بين المصالح الأميركية ونمط الحياة الاميركي. وضع هذا المشروع في سياق محاولة إضعاف و "تجفيف" منابع "الإرهاب" البشرية والمالية والتعبوية... محاولة إضفاء طابع سياسي وانمائي وتطويري وديموقراطي على مشروع السيطرة الأميركية...
ويقع هذا المشروع بين مؤشرات أخرى عديدة، في نطاق ما تعطيه الإدارة الاميركية لنفسها من حقوق في التدخل والعمل "الاستباقي" و "والوقائي"، في اي مكان من العالم، دفاعاً عن أمنها وامن "الأنظمة الحرة"... وهذا ما عبر عنه كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة بالتساؤل عن معنى السيادة والحدود، في ظل الإستراتيجة الأميركية الراهنة؟!.
وتحاول الولايات المتحدة أيضاً توفير دعم دولي وأوروبي لتوجهاتها المذكورة. وبديهي أيضاً ان تحاول إستمالة قوى ونخب من ابناء بلداننا الى جانب مقولاتها عن دورها في نشر قيم الديموقراطية والمعرفة والانفتاح والتقدم والتسامح... وفي مجرى ذلك يصبح الإحتلال مجرد أداة إضطرارية لمقاومة الطغيان والاستبداد والديكتاتورية ويصبح الاميركي محرراً بدل أن يكون طامعاً ومحتلاً وسارقاً؟! ولهذا الغرض بدأت واشنطن تنشيء المؤسسات الاعلامية المباشرة وترصد الموازنات الكبيرة، بموازاة قرارات وميزانيات واجراءات سريه للخطف والاغتيال والتصفية وتغيير الحكام..
وفي نطاق خطة الفصل الشارونية، تحظى إسرائيل بكل الدعم الضروري والاستثنائي من قبل واشنطن، وأكثر من أي مرحلة سابقة. فحتى سياسة الاغتيالات تشجعها وتبررها وتدعمها واشنطن. وتطلق يد شارون في محاولة إبادة شعب فلسطين وتصفية حقوقه وقضيتة. ولم يكن الحديث عن "دولة فلسطين" ومشروع "خريطة الطريق" الا لذر الرماد في العيون، فيما يخلو مشروع "الشرق الاوسط الكبير" من اي إشارة الى الصراع العربي ـ الصهيوني، والى حقوق شعب فلسطين والى المجازر التي ترتكب ضده على يد شارون وبدعم أميركي سافر.
د ـ العدوان الشاروني المدعوم بـ "وعد بوش"
وفي امتداد كل ما ذكر وكجزء أساسي منه، تستمر الضغوط على الشعب الفلسطيني، وتصنف واشنطن نضاله وانتفاضته إرهاباً لا دفاعاً مشروعاً عن النفس... وهي تواصل الضغوط على الأطراف الرسمية العربية للمساهمة في حصار الشعب الفلسطيني وفي منع كل دعم له أو مساندة سياسية أو مالية لنضاله ولفصائله. ولا تجد إدارة بوش حرجاً، وهي تروج لقيام أنظمة ديمقراطية، بأن تقاطع القيادة الفلسطينية الشرعية ورئيسها المنتخب بطريقة ديمقراطية. كما لا تجد حرجاً في تأييد شارون وهو يغتال شيخ فلسطيني مقعد بالإضافة الى قائد حماس في غزة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، أو يضع لائحة رسمية علنية لتصفية قادة فلسطينيين بينهم رئيس السلطة الفلسطينية، نفسه، ويقيم عدد منهم في دول مجاورة، أو وهو يرسم بالدم وبالدمار حدود اسرائيل خلافاً، حتى لأكثر الاتفاقيات الثنائية إجحافاً والموقعة في واشنطن، أو لكل القرارات الدولية التي صدرت بشأن الصراع العربي-الصهيوني والتي تؤكد على بعض حقوق شعب فلسطين، وليس على كل حقوقه التاريخية في أرضه وفي وطنه. وكانت الذروة "وعد بوش" الذي يشكل نسخة مكملة لوعد "بلفور". فبوش دعم سياسة شارون في التصفية، وفي بناء المستوطنات وفي إلغاء حق العودة، وفي عدم إحترام القرارات الدولية، مطالباً العالم بأن يشكر شارون على سياسته وتضحياته!!
ويجسد مشروع الانسحاب من غزة، السياسة الشارونية المذكورة آنفاً. كما يجسد جدار الفصل، محاولة لتقطيع وفصل الجزء الأكبر من الضفة، وعزل وتدمير وإلحاق معظم القطاع بالادارة المصرية والسيطرة الاسرائيلية.
هـ التواطؤ الرسمي العربي
وتستفيد واشنطن وتل أبيب من ضعف وعجز الموقف الرسمي العربي، وإنقسامه بين متواطيء وخائف. وتجري ممارسة ضغوط على الأنظمة العربية، بما فيها الحليفة لواشنطن، بهدف المزيد من إنخراطها في مكافحة "الإرهاب" تحت وطأة إطاحتها أو استبدال حكامها. ولقد برز الدور الاميركي صريحاً في القمة المؤجلة، حيث ضغط الاميركيون من أجل إلغائها إذا لم تتخذ مواقف إضافية ضد "الإرهاب" الفلسطيني، وإذا لم يجر عزل المواقف التي ما زالت تتسم بحدٍ أدنى من الاعتراض على الخطة الاميركية. وفيما كان عدد من أركان النظام العربي يحاول ان ينأى بنفسه عن دور مباشر في هذه العملية، ونظراً لتعذر تامين جو مؤيد للمقترحات المذكورة آنفاً، تولى الرئيس التونسي تأجيل القمة مهدداً أخر ما تبقى من العمل العربي المشترك عبر الجامعة العربية.
كذلك تستمر الضغوط الموجهة، بشكل خاص، ضد السياسة السورية المعترضة على بعض جوانب المشروع الأميركي. وتشمل الضغوط على سوريا سلة من الأساليب: إقرار ومحاولة تنفيذ "قانون محاسبة سوريا وإستعادة سيادة لبنان". تهديدات عسكرية ضمنية أميركية. تهديدات اسرائيلية مباشرة (غارة عين الصاحب قرب دمشق). إطلاق تحذيرات من امتلاك سوريا لأسلحة دمار شامل كيمياوية وبيولوجية موضوع حقوق الانسان والديمقراطية....
وتهدف هذه الضغوط الى إحداث تحول جوهري في الموقف السوري بشأن الموقف من الاحتلال الأميركي للعراق ومقاومته. وكذلك بشأن المواقف من بعد أطراف المقاومة الفلسطينية (خصوصاً حماس والجهاد والشعبية...) وكذلك بشأن العلاقة مع "حزب الله" والجنوب... وتعطي الولايات المتحدة وبريطانيا كنموذج، بهذا الخصوص، الموقف الليبي الذي أثر السلامة وتقديم تنازلات كبيرة لمصلحة واشنطن، بدل السعي لتصليب الموقف العربي ضد تهديداتها ومشاريعها.
زـ خلاصة ومهمات
ويمكن القول، في الخلاصة، أنه رغم الصعوبات التي يواجهها الاحتلال الأميركي في العراق فإن المخطط الأميركي مستمر وبوسائل عديدة. ويجب مقاومة هذا المخطط بكل الوسائل السياسية وغيرها. وتقع مسؤولية كبيرة على عاتق القوى الوطنية العراقية ومنها الحزب الشيوعي العراقي، وكذلك على عاتق كل قوى التحرر العربية، لدعم نضال الشعبين الفلسطيني والعراقي، ولرفض مقايضة الديكتاتورية بالاحتلال، ولتشديد النضال ضد الأنظمة الاستبدادية التي ترفض مشروع واشنطن حول "الشرق الأوسط الكبير"، إمعاناً منها في التمسك بالتفرد وبالسيطرة وبالاستبداد، لا حرصاً على الكرامة أو على السيادة، أو بسبب إمتلاكها او إقتراحها لوسائل أخرى للانخراط في المسار الديمقراطي.
من المهمات المطروحة في هذا الصدد تفعيل صلاتنا العربية وخصوصاً مع القوى التحررية العربية المناهضة للمشروع الاميركي وللعدوان الصهيوني. وقد باشرنا سلسلة إتصالات ولقاءات لهذا الغرض، بما في ذلك في نطاق لجان التضامن العربية التي عقد مؤتمرها في دمشق في 27-28 أذار الماضي، كما استقبلنا وفداً من بعض الاطراف العراقية زار لبنان مؤخراً. ونحن بصدد إجراء الاتصالات لنشاط عربي مشترك بدعوة منّا او بدعوة مشتركة من بعض حلفائنا في لبنان وعلى الصعيد العربي. وفي هذا النطاق نعوِّل أهمية أساسية على تعزيز حواراتنا مع ممثلي الحزب الشيوعي العراقي الذي نسعى لأن تكون صلاتنا به مستمرة، رغم تباينات غير قليلة معه وربما بسبب هذه التباينات ايضاً، وبهدف توضيح موقفنا ومنطلقاتنا من الاحتلال الاميركي ومن سبل التعامل معه.
ونحن نواصل صلاتنا على المستوى الدولي، من أجل تعزيز التضامن مع الشعبين الفلسطيني، والعراقي لوقف المجازر في العراق وتركه لأبنائه، وتضامناً مع شعب فلسطين وفي مواجهة سياسة التصفية والاغتيالات والتي تستهدف كل بناه ومقوماته وقيادته، وفي المقدمة منها، رئيس السلطة الوطنية ياسر عرفات. ولهذا الغرض نساهم في التحضير للقاء دولي في لبنان سيناقش بين أمور أخرى، تنشيط التضامن الدولي الشعبي والسياسي مع قضية شعب فلسطين والعراق.
كذلك قرر المجلس الوطني تنظيم ندوة حوارية حول "الشرق الأوسط الكبير" ومسألة الديمقراطية. ويمكن أن يشارك في الحوار ممثلون عن بعض الأحزاب الصديقة والشخصيات المهتمة، وفق ما تم التداول به مؤخراً مع قيادة الحزب الشيوعي السوري و"حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي" المصري.
II .التطورات على الصعيد اللبناني
يزداد الوضع اللبناني تأزماً. وتتأجج صراعاته المعروفة، بالمزيد من المؤثرات الخارجية، وأبرزها الاحتلال الأميركي للعراق، ومشروع الهيمنة الشامل الذي يخدمه هذا الاحتلال. فالى الضغوط المباشرة على لبنان من اجل تحييد جبهة الجنوب وتجريد "حزب الله" من السلاح، تمارس ضغوط على سوريا تتناول مواقفها العامة ونفوذها فيه، بهدف فرض تنازلات عليها، أو مقايضة هذه التنازلات أو بعضها، بوجودها في لبنان بعد إحداث تغيير أساسي في وظيفته وأهدافه.
والواقع أنه، وفي نطاق اهداف أميركية ـ إسرائيلية ملحة ومتداخلة، شكلت الضغوط على لبنان وفلسطين وسوريا، نتيجة مباشرة لنجاح مشروع الغزو، ثم لتطويق وإضعاف وعزل مقاومته، ثم لترجمة نتائجه إسرائيلياً في الحقول الفلسطينية والسورية واللبنانية. وقد إتخذت هذه الضغوط أشكالاً متعددة ولا تزال. كما أن جهات لبنانية بكّرت في محاولة الاستقواء بالاحتلال الاميركي للعراق وبتتماته بذريعة الإستفادة من التناقض الاميركي ـ السوري (عون بشكل خاص).
وقد حاول كل من لبنان وسوريا إمتصاص الضغوط الاميركية أو الاساسي منها عبر تنازلات محددة لم تتحول الى تنازلات جوهرية حتى الآن، تنفيذاً للمطالب والشروط الاميركية والاسرائيلية (ضمناً). فسوريا كثفت علاقاتها وصلاتها مع مصر والسعودية وتركيا والاردن وباريس ولندن وموسكو، وإتخذت بعض القرارات "الانفتاحية" على الصعيد الاقتصادي. ولبنان أظهر إستعداداً للتعاون إستحق تقدير واشنطن في مجالات تبييض الأموال ومكافحة المخدرات و"الإرهاب"...
لكن العامل الاساسي في تمكين سوريا ولبنان من الأفلات من الضغوط الاميركية حتى الآن، كان ولا يزال، الصعوبات المتزايدة التي واجهها الاحتلال الاميركي للعراق بسبب إزدياد وتوسع المقاومة العراقية ومعها الخسائر الاميركية البشرية والمعنوية والسياسية... كما أن التصلب والإجرام الصهيوني الشاروني الموجه ضد شعب فلسطين والمتجاهل والرافض لكل مشاريع التسوية والتفاوض قبل تغيير ميزان القوى بالدم لمصلحته، قد أتاح لسوريا ولبنان والموقف الاوروبي، كشف المسؤولية الاسرائيلية عن تدهور الاوضاع في فلسطين والمنطقة عموماً.
أ ـ رفض الاستقواء بالغزو والاصرار على ضرورة الإصلاح
ومن جهتنا رفضنا منطق الاستقواء بواشنطن. وطالبنا بتحصين الوضع اللبناني عبر سلسلة من الاصلاحات والتدابير، بما فيها تصحيح العلاقات مع سوريا. فقد واصلنا طرح هذا الشعار ولم نوافق أولئك الذين طالبوا بطيّه في مقابل طي مطلب إلغاء الطائفية السياسية! كما لا يمكن الموافقة على سياسة ما يسمى "باللوبي" اللبناني الذي يحرض واشنطن على التدخل في لبنان في نطاق "قانون محاسبة سوريا وإستعادة سيادة لبنان".! ذلك أننا إعتبرنا على الدوام ولا نزال، أن تصحيح العلاقات اللبنانية- السورية مدخل أساسي لتحسين وترسيخ علاقات التعاون والتنسيق بين البلدين في مواجهة الاستهدافات الأميركية والصهيونية. أما الشكل الراهن من العلاقات غير السليمة وغير المتكافئة فمادة للتوتر الداخلي اللبناني ونافذة للتدخلات الخارجية لتمرير أهداف متعارضة مع مصلحة البلدين على حد سواء.
#الحزب_الشيوعي_اللبناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحزب الشيوعي اللبناني يستنكر استبعاده عن الاستقبال
-
الحزب الشيوعي: المشكلة في نهج أطراف السلطة قبل خلافاتهم إدان
...
-
الحزب الشيوعي يتضامن مع تحرك أساتذة الجامعة اللبنانية
-
قانون محاسبة سوريا لفرض تنازلات عليها وتدخل سافر في الشؤون ا
...
-
مظاهرة دعما للعمال والمزارعين والطبقات المحرومة
-
نص المؤتمر الصحافي الذي عرضه الامين العام للحزب الشيوعي اللب
...
-
نداء الى جميع الشيوعيين من المجلس الوطني للحزب عشيـة انعقاد
...
-
القواعد الإجرائية التي أقرها المجلس الوطني لإنتخاب المندوبين
...
-
مشـروعا الموضوعات والتقرير السياسي تحضيـراً للمؤتمر الوطني ا
...
-
مشـروعا الموضوعات والتقرير السياسي تحضيـراً للمؤتمر الوطني ا
...
-
مشـروعا الموضوعات والتقرير السياسي تحضيـراً للمؤتمر الوطني ا
...
-
الحزب الشيوعي: تجربة ودروس التحرير مادة ثمينة لمواجهة الاسته
...
-
تعليقا على قرار مجلس الأمن الأخير بشأن العراق
-
لقاء بين قيادتي الشيوعي والقومي
-
بدأ نقاش موضوعات المؤتمر التاسع
-
كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في الذكرى الأربعين
...
-
في ذكرى عيد العمال العالمي
-
الحزب الشيوعي ينعي رائد الأدب الشعبي سلام الراسي مناضلاً وأد
...
-
بيان
-
نحو مواجهة قومية شاملة للعدوان الأميركي – الصهيوني
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|