خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2739 - 2009 / 8 / 15 - 07:34
المحور:
الصحافة والاعلام
في حلقة انعقدت اخيرا من الحلقات التي يديرها الاخ ناصر اللحام , وكان موضوعها خاصا بازمة اعلام حركة فتح من ضمن الازمة العامة للاعلام الفلسطيني والفصائلي منه, استضاف الاخ ناصر بها الناطق الاعلامي لحركة فتح , الى جانب رئيس لجنة الاعلام التي شكلها مؤتمر فتح الساس , حيث جرت محاولة لتحليل ازمة اعلام حركة فتح بصورة متخصصة , طرح الاخ ناصر اللحام على ممثلي فتح التنظيم والمؤتمر سؤال حول سبب ازمة اعلام حركة فتح ؟ وما سبب قصوره امام اعلام حركة حماس ؟
لكن منذ البدء لا بد من نقد الاخ ناصر اللحام بصورة ايجابية على ادارته للحوار , وعلى قدرته الاعلامية المميزة التي جعلته احد عوامل جذب المشاهد لمتابعة بث المؤسسة الاعلامية الرئيسية للسلطة الوطنية أي تلفزيون فلسطين , فللاخ ناصر اللحام منا كل تقدير على جهده وتميزه الاعلامي الذي اتسم بنقاء الولاء للوطن اساسا للتميز .
وقد تمنيت , ان يكون الاخوة ممثلي حركة فتح المؤتمر والتنظيم , على درجة من الوعي بمهمة الاعلام يقترب من المستوى المتحقق للاخ ناصر اللحام , لكنه للاسف , ابى الاخوة مغادرة موقع الجهل بالمهمة , ومحاولة الاستجابة لدعوة الاخ ناصر لهم ان يرتقوا برؤيتهم الاعلامية لمستوى المسئولية , فقد حاول الاخ ناصر منذ البدء تحديد مستوى حد ادنى للحوار حول المهمة يرتقي بها عن الرؤية والتبرير التقني والمالي , غير ان الاخوة في فتح اصروا على عدم مغادرة هذه الرؤية والتبرير التقني والمالي , وان اعطوه مسمى اخر هو ( المؤسسة ) بل لقد حاول الاخ ناصر تذكيرهم منذ البداية , (بالواقع) حيث يتوافر للحركة الامكانات التقنية والمالية وخبرة الكادر, و(بالتجربة ) حين ذكرهم بايام لم يكن معها لدى حركة فتح ما هو متوفر لها الان , ايام ان كانت تعتمد على توزيع المنشور والبيان , فعللوا ذلك بحالة المد الوطني التي كانت تتوافر حينها , وهي اجابة ( للاسف ) في منتهى السقوط الاعلامي والدعاوي , فجوهرها بيروقراطي وظيفي يخلو من الاعتراف بالمسئولية ويحيلها اتهاما للجمهور , بانه يعيش حالة جزر من الاهتمام بقضيته المصيرية , وكم كان اجدر منهم الصمت وعدم الاجابة بدلا من الاجابة التي تعللوا بها ؟ ولست ادري لماذا نسي الاخوة ان الاعلام هو احد مجالات الحفاظ على وتوسع المد الوطني
ورغم انني لست اعلاميا لا مهنيا ولا احترافيا , بل كاتب رأي , ومحاور , على اقصى الحدود , إلا ان لخبرة تجربة مضت ما قد تقدمه , بهذا الصدد , ولنبدأ من حيث الاسس :
1- الاعلام من حيث كونه انعكاسا للسياسة :
تعلمنا خبرة التجربة الثورية العالمية , ان الاعلام ككل نواحي النهج الكفاحي , هي انعكاس للرؤية النظرية السياسية , هذاالانعكاس الذي يتجلى بصورة رئيسية بقناعتنا بالقضية التي نناضل من اجل الانتصار بها وايماننا باهدافنا وثقتنا بوضوح الاستراتيجية النضالية , وصوابية تقديراتنا , بعيدا عن المهنية والحرفية المثالية , لذلك لم يكن غريبا ان تكون اجابة لينين على سؤال _ ما العمل _ تمحورت على نقاط محددة ,الجانب الرئيسي منها ضمان الكفاءة النضالية وشموليتها رغم قلة حجم التنظيم الثوري المبني على اسس الاحتراف وتوفير المقرات , والوسيلة التي كانت وسيلة دعاية واعلام ذلك الوقت , أي الجريدة السياسية التي اوكل لمهمة الانتظام على اصدارها وتوزيعها مسائل بناء تنظيم حديدي في تماسكه حديث في تقسيم مهماته يستجيب لكافة الجوانب الكفاحية من تنظيمية ودعاوية وتحريضية , وحتى مسائل الامن في الاتصال وتحقيق نسب المطلوب منها اوكل امره اليى مهمة اصدارها ايضا , وطبعا كان قمة مهمة الجريدة هو ترقية الوعي السياسي للحزب والجمهور , فهل نجد في رؤية فتح النظرية السياسية ما ينعكس بهذه الصورة الثورية في كفاحيتها ونضالها , ام ان واقع الامر يؤكد ان مستوى الرؤية السياسية لتنظيم الحركة لا يتمايز في الواقع عن الرؤية السائدة في الشارع الفلسطيني الامر الذي لا يفقدها التمايز الاعلامي فحسب بل ايضا الرشاد والتمايز القيادي
ان الوقوف عند حد القبول بمقولة الدولة الفلسطينية , والانخراط في التسوية , لم يكن استجابة لادراك واقع وحقيقة مسار التطور التاريخي الفلسطيني , ولا واقع ومسار حركة الصراع العالمي الراهن , ولا جراء ادراك لمسار حركة الصراع الاقليمي من حول النضال الفلسطيني ,بل جاء في سياق الهروب للامام ومحاولة الافلات من الحصار الاقليمي الذي وجدت وضعها عليه بعد اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982 الامر الذي جعل الفكرة المفجرة للثورة والنضال الفلسطيني المستقل ,( مقولة الخصوصية الفلسطينية ) تتراجع امام هجوم الفكر والرؤية السياسية الدينية والعرقية القومية العربية , ليس بصورة اجتماعية فلسطينية عامة فحسب , ولكن بخصوصية الانحطاط بوعي عضو الفصيل الوطني , الذي لم ينحاز لفتح او فصائل الاستقلالية الفلسطينية إلا بحكم الاحساس بالخصوصية الوطنية وان يكن بصورة غريزية وعفوية , وحين تراجع عطاء ومبادرة هذه الرؤية , ولم تعد الجماهير تتلمس هذه المزايا , وتراجعت كفاحية خط الخصوصية الفلسطينية وانزوت الى ركن اتقاء شر النظام الاقليمي واوكلت امر الجماهير الفلسطينية الى رؤية الانظمة المعادية للتحرر والاستقلال الفلسطيني ,لذلك فان حالة نكوص الجماهير عن حالة المد الوطني الى الجزر كان امرا طبيعيا , وكان من الطبيعي ايضا ان تتقدم الى الامام حالة توسع واجتياح الفكر الرجعي القدري والعرقي القومي العربي , وان يصبح الفصيل الفلسطيني الذي يمثل هذه الرؤية مرشحا قياديا للموقف والحركة والالتفاف الجماهيري , طالما انه يقدم للجمهور تفسيرا سياسيا للاية الكريمة ( لله الامر من قبل ومن بعد) اصبحت معه المبادرة الوطنية خطيئة يعاقب الله الفلسطينين عليها وطالما ان التفكير العرقي القومي العربي يرسخ في الوعي الجماهيري انه هو قدر الشعب الفلسطيني ومستقبله
2- دور تمايز الرؤية السياسية القومية في التمايز الاعلامي القومي :
قد يظن البعض ان اصرارنا على مقولة الخصوصية القومية الفلسطينية هو اصرار مزاجي , ولهؤلاء نقول لا , ان اصرارنا عليه هو اصرار على التمايز البرنامجي الذي هو استجابة طبيعية لتمايز مسار التطور التاريخي , وبصدد التمايز الاعلامي , فاننا نجد التراجع عن مقولة الخصوصية الفلسطينية , ينعكس على صورة تراجع في استقلالية التمثيل الاعلامي للخصوصية القومية الفلسطينية وقضاياها , فنحن لا نجد فارقا بين الاعلام الرسمي الفلسطيني مثلا والاعلام الرسمي الاردني , وفي هذه الحال لا شك ان المشاهد سيختار متابعة البرنامج الاردني الذي يقدم الجديد بدلا من متابعة الاعادة التي يقدمها البرنامج الفلسطيني , وايضا فان خلو حياة المواطن الفلسطيني من الانخراط البرنامجي في المهمة النضالية , (وطبعا ليس تحمل الالم والضرب هو الصورة الوحيدة للمهمة النضالية) فانه ليس غريبا وهذه الحال ان يفضل المواطن مشاهدة مسلسل باب الحارة على ان يشاهد ملحمة صمود مخيم جنين ( الاجتياح) رغم فارق التغذية الكبير الذي كان يميل لصالح مسلسل ملحمة صمود مخيم جنين(الاجتياح) ,
3- اين تصب التغذية الاعلامية للحدث اليومي :
من الواضح هنا ان تراجع دور مقولة الخصوصية الفلسطينية , ورؤيتها السياسية , يتقاطع سلبيا مع اتجاه الخدمة والوظيفة اليومية للحدث اليومي , الامني والسياسي والاقتصادي , والفصائلي , فالحدث اليومي يقف على صدر تراجع المبادرة الكفاحية الفلسطينية ( والعمل العسكري احد جوانبها ) لكنه لا يستغرقها جميعا , فلم يعد هناك مبادرة كفاحية فلسطينية ليس بالضرورة ان تكون عسكرية , لكن جوهر هذه الكفاحية هو الصلة اليومية بالجمهور الفلسطيني , واشراكه بالمهمة النضالية , وبهذا الصدد نجد ان الاعلام الفلسطيني الرسمي والفصائلي اصبح اعلاما تكميليا للاعلام المعادي على الجبهتين الصهيونية والعربية ,ان اعلامنا هو تكرار ممجوج لهذا الاعلام حول الحدث اليومي ولا يحمل خبر الانجاز بقدر ما يحمل الم القمع والاعتقال والتصفية دون وجود مبادرة تعيد رفع الروح المعنوية الفسطينية الا قليلا من الحوار والفلكلور المكرر والذي بحد ذاته لا يغطي الا حياتنا في الريف ما قبل عام 1948 ,وكان الحياة الفلسطينية توقفت عند هذا المدى الزمني والديموغرافي
ولو سالنا عنا اين يصب الخبر اعلاميا هل هو لصالح الخط والرؤية الوطنية بجوهر الخصوصية الفلسطينية ام لصالح معارضة خط التفاوض والتسوية ومشروع الدولة الفلسطينية لوجدنا ان هناك تقاطعا توافقيا عالي المستوى في الهدف الاعلامي الصهيوني والعربي تسقط ثماره يانعة لصالح اعلام الدين السياسي والعرقي القومي العربي في الساحة الفلسطينية , ان خبر الاعتقال اليومي والتصفية الجسدية اليومية وتجريف الاراضي وتوسع الاستيطان ....الخ من مجموع الخبر اليومي والذي يضطر الاعلام الوطني لفتح والسلطة والفصائل الوطنية لاعادة الاعلام عنه لا بد وان ينتهي لمصلحة خط معارضة مقولة الاستقلال والخصوصية والدولة الفلسطينية المستقلة . لذلك تحرص الجهات المعادية وخاصة الجانب الصهيوني على تكثيف حدوث الخبر للاصالة البرنامجية ولفائدة تاكتيك التحقق اليومي ولصالح الجانب الفلسطيني الذي يخدمها وان بصورة موضوعية لا وظيفية
في النهاية وهو موضوع جوانبه لا يمكن تغطيتها بمقال ولا من قبل مشاركة واحدة ’ بل هو يحتاج الى اوسع مشاركة ممكنة ومراجعة شاملة الا انني احببت ان اشارك بتحدد ما ارى انه العامل الرئيسي في الازمة , لكن ذلك لا يلغي اهمية عوامل اخرى متعددة متنوعة
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟