|
أوراق الجهوية في المغرب
أحمد الخمسي
الحوار المتمدن-العدد: 2738 - 2009 / 8 / 14 - 06:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في خطاب العرش الأخير (31/7/2009)، أعلن عاهل المغرب عن عزمه تشكيل لجنة استشارية لتقديم اقتراحات حول النظام الجهوي الموسع والمتدرج. وهي المبادرة التي ستفرز تجديد النقاش الواسع حول إمكانية الاستفادة من الدول وتجارب الشعوب الأخرى في إعادة تنظيم الدولة المغربية. وهي إحدى النقط المضيئة والشجاعة والمتبصرة للعاهل المغربي. والذي جمع بين طيبوبة جده محمد الخامس وحزم أبيه الحسن الثاني. لكنه اتجه رأساً نحو المطالب التي تتقاطع ما بين الحاجيات المحلية وبين الأجندة الدولية. مما ألزم الأطراف الأخرى بالإنصات لمقترحاته. مثل مقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية الذي سيؤكد المستقبل أنه أفضل مخرج لمختلف الأطراف في ظل الظرفية المقلقة في الصحراء الكبرى، المغربية والجزائرية والموريطانية والمالية والنيجيرية. ومن المفروض أن تستجمع الأحزاب السياسية أفكارها المتناثرة بصدد الجهوية. ولا يمكن الاعتراف سوى بما نظمة الاتحاد الاشتراكي ندوة بمراكش حول القضية، ولو أن محمد اليازغي ساعتئذ، اعتبر استفادة المغرب من التجربة الألمانية (اللاندرز) غير مستحبة بالنظر إلى التاريخ المفكك لألمانيا والتوحيد الاستثنائي، على عكس المغرب، حسب رأي اليازغي، الزعيم الاتحادي السابق. كما سبق لشتات المغاربة في أوربا أن نشّط تفكير السياسيين والمثقفين من المغرب واسبانيا، بقرطبة سنة 2004، حول مغرب الجهات، بتنظيم مشترك بين مجلة دفاتر الشمال وجمعية العمال والمهاجرين المغاربة باسبانيا. كما توجه اليسار الاشتراكي الموحد المغربي نحو تبني قضية مغرب الجهات في خطوطها العريضة. مما يستوجب اليوم العودة الى القضية. قصد توفير تصور استراتيجي يصبح محل ميثاق وطني بين التيارات الكبرى الثلاث في المغرب: اليسار والليبراليين والأصوليين. ومساهمة في هذا النقاش، نشرنا في "الجريدة الأولى" اليومية المغربية حلقات عبارة عن أوراق حول الجهوية. وتجدر الإشارة إلى كون النخب المغربية مفرنسة من حيث اللغة المستعملة في التفكير والتعبير. مما يفسر انغلاق الطبقة السياسية المغربية في تفكيرها ضمن الفكر السياسي لليعاقبة الذين انتصروا في الثورة الفرنسية على حساب الجيرونديين الجهويين الملكيين المعتدلين. مما يدعو إلى مراجعة الفكر السياسي المعمول به زادا لبلورة الرؤى والبرامج والمواقف. بداية من الفكر الفرنسي الجيروندي الجلي (كوندورسي مثلا) والخفي (الراهب سييس). أما العولمة فتقتضي التشرب بالثقافة السياسية الانكلوسكسونية المبنية على دولة الجهات (الولايات المتحدة الامريكية وسويسرا والمانيا واسبانيا) بصيغ متفاوتة المنطوقة في الدستور. كما يقتضي أمر الجهوية اعادة التفكير في القوى الاجتماعية الطبقية التي أعلن الملك التوجه للانشغال بدورها ومصيرها: الطبقة الوسطى. ولو أن تنظير المؤسسات الرسمية كتفعيل لمقترحات الملك كانت سياسوية ضعيفة. سواء ما اعتبرته الحكومة في الصيف الماضي تفعيلا. أو ما دبجته المندوبية السامية للتخطيط، بعد ذلك، في شكل أرقام إحصائية منبتة ومزدحمة بالأرقام بلا توجيه بل بتعريف هلامي عن الطبقات الوسطى، مفهوم منها البرجوازية الصغرى وفئاتها الدنيا. والحال أن المعني بالطبقة الوسطى الفئات العليا من البرجوازية الصغيرة المطلة على الجزء الأدنى من البرجوازية الكبيرة. من فرط طموحها المعتمد على اختصاصاتها التقنية وتطلعها للتحول أساسا إلى فئة اجتماعية مالكة ومستثمرة. ويقتضي الأمر أيضا الربط بين البرنامج الملكي القاضي بخلق أقطاب اقتصادية بعيدا عن الدار البيضاء، بل وقريبا من المدن المحتلة في الشمال، وعلى الحدود مع الجزائر قصد خلق فرص اقتصادية ومناخ استثماري ايجابي لحل المشاكل العالقة بين البلدين الشقيقين. مما يعني مساهمة النظام الجهوي في اعادة انتشار الانشطة الاقتصادية وفي توسيع وإبراز كوامن السوق الداخلية. وتبعا للنقطة الأخيرة، وضمن التراكم في مجال الحريات، أصبح المجتمع معنيا ببلورة الأفكار وتهيئة المناخ العام لبلورة المواقف في الأمور السيادية. مما يقتضي فتح النقاش في الصورة التي يتملكها المغاربة انطلاقا من النظام التعليمي والجامعي عن القوى العالمية المعنية بالمحيط الإقليمي المباشر للمغرب. أي أصبح التفكير في التوازنات الأوربية الأوربية مطروحة على العقل السياسي المغربي. مما سيعيد تشكيل الصورة عن اسبانيا وانجلترا، وهما محاذيان ترابيا للمغرب، احتلالا وجوارا. في سبتة وامليلية وجبل طارق. وفي هذا السياق، جاء الاقتراح المغربي لتشكيل مجموعة الدول الافريقية المطلة على المحيط الأطلسي للتدبر في الأخطار المحدقة المشتركة، ليملأ الفراغ، وفي التوقيت المناسب. ولسوف يأتي توقيت التعديل الدستوري، ليصبح من مهام خبراء الصياغة إدماج المقترحات حول النظام الجهوي ضمن البنيان الأساسي لدولة القانون. مما سيقتضي الاستفادة من التجارب العالمية لطرح الحلول في توزيع الاختصاصات بين الدولة وبين الجهات. وما يقتضيه من أدوار للمؤسسات المحورية في الدولة: بداية دور التحكيم الملكي ثم الاستقرار على دور القضاء في حسم النزاعات في هذا الأمر. مما سيهيئ المغرب، ليلعب دورا متميزا في السيرورة التي قد ينجح في إطلاقها مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، الذي لن يستطيع القفز على تململ الاتحاد المغاربي.
#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دردشة مع سمبريرو
-
من أجل الجسور الواصلة
-
الطبقات المتوسطة وانتخاب الغرف المهنية؟
-
في عرض البحر السلطة والمخدرات والقتل
-
العدالة والتنمية ومكتسبات الشمال؟
-
من السياسات العمومية إلى دور العمال في الأقاليم المغربية
-
ما هذا الانحطاط في الإدارة الترابية بشمال المغرب؟
-
تحت الظل الثقيل لمتابعة العقيد القدافي للصحافة المغربية أمام
...
-
الانتخابات أرقام وشكليات أم بوصلة؟
-
لخبطة -التحالفات- في الانتخابات بالمغرب الدولة مسؤولة
-
المغرب هل تحبل الظرفية باضطراب اجتماعي في الشهور المقبلة
-
ماكينة الانتخابات في المغرب عطب في صناعة النخب
-
انتهى مأتم أكل لحم الجيفة!
-
ميلاد -الحركة الوصولية- الليبرالية
-
امتحانات الشباب والنخب: العقل أم -النقل-؟
-
بركان سياسي ينفجر في النيبال
-
الاحتراف الانتخابوي والليبرالية المتوحشة
-
الخطأ الجسيم لحزب الهمة في الظرفية الانتخابية
-
38 سنة من حكم القهر
-
الملاحظ في تازمامارت
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|