|
قفزة 15 آب وخمسة وعشرون عاماً والكرد يقولون -كفى-!!!
شيار محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2737 - 2009 / 8 / 13 - 08:17
المحور:
القضية الكردية
تطل علينا الذكرى الخامسة والعشرون لقفزة الخامس عشر من آب التي انطلقت في 1984 في شمال كردستان بطلقة وصرخة مدوية هزت عرش الطورانيين، صرخة ما زالت صداها عالقة في مخيلتنا إلى وقتنا الحاضر لما حملت معها من آمال وطموح لنيل الكرد حقوقهم في العيش بكرامة وحرية أسوة بباقي الشعوب في العالم. صرخة فحواها أن القائد الميداني "عكيد" نفذَّ ما أراده الكرد من صميمهم بأن يقول "كفى" للظلم والجور الذي يتعرض له الكرد في وطنهم الذي ترعرعوا فيه منذ آلاف السنين. كانت صرخة في ضمير كل كردي بأن يستيقظ من سباته العميق الذي ولج إليه وأن ينفض الغبار من على عينيه ويتعرف على واقعه والحقيقة المرَّة التي يعيشها والحقيقة التي يجب أن يعيشها وأن يتعرف على تاريخه المجيد بأن الكردي هو صانع الحضارات وأنه لم يقبل الخنوع والذل على مر التاريخ. وإن كان ذلك إنما لفترات محدودة وإن قبلها عن شكل إلا أن جوهره لم يكن ليتقبل ذلك البتة. وهذا ما أراد أن يقوله الكرد في صرخة الخامس عشر من آب. لهذا تعتبر هذه القفزة مرحلة مهمة ينبغي التوقف عليها بكل مضامينها وتفرعاتها، لأنها لم تكن عبارة عن طلقة طائشة وصدفة حدثت في ذاك اليوم أو تلك الساعة من قبل شخوص لا هدف لهم. تاريخ الكرد في كردستان بكافة أجزائها معلوم للجميع لما كان يلاقيه من إنكار وتصفية بكافة السبل الوحشية الاستعمارية، وأن الكرد كانوا على شفير الهاوية والضياع من ذاكرة التاريخ والحاضر والمستقبل. حيث قامت الدول الحاكمة على كردستان وبمساعدة الدول الرأسمالية وبشكل ممنهج وحتى راهننا بتطبيق مخططاتها بتصفية الكردي أينما كان وجعله عبارة عن إنسان لا حول له ولا قوة. حتى وصل به الأمر بأن يخجل من الاعتراف بهويته القومية وحتى من اسمه ويعيش حالة من سيكولوجية وسوسيولوجية القهر الداخلي قبل الخارجي. من هكذا إنسان لا يمكن انتظار الأمل مهما كانت النيات. ولا يتبقى في طريقنا سوى القيام بثورة بكل معنى الكلمة هذه الثورة قدِّر لها أن تكون داخلية قبل أن تتوجه للعدو الخارجي، لأن العدو الذي زرعه الأعداء في نفوس الكرد كان أشد وطأة من أي عدو آخر. لذلك كانت لقفزة الخامس عشر من آب معناها التاريخي والذي تجلعنا أن نراجع ذاتنا ونعيد حساباتنا من جديد وتقييم المرحلة التي وصلناها ووضع المخططات من أجل المستقبل. عمل السيد أوجلان بشكل متواصل على توضيح هذا الأمر مراراً من أجل التعمق بشكل جوهري في فحوى كل مناسبة وكل خطوة يتم تخطيها ضمن الثورة، لأنها بذات الوقت تعتبر ثورة بحد ذاتها. كان قراراً يعتمد على إرادة جوهرية وإصراراً لا يعرف معنى المستحيل وكل خلية في جسدهم تقول سوف ننتصر بهذه الطلقة الأولى والصرخة الأولى. كانت صرخة لكل شيء بات من دون معنى. "كفى" لحالة الخنوع والإستسلام، "كفى" للعمالة والخيانة، "كفى" للظلم والجور والقتل، "كفى" للدمار والخراب والمجازر، "كفى" للإنكار والتصفية، "كفى" للتاريخ والواقع المزيف المعاش، "كفى" لقتل العشق والمحبة. بهذه الصرخات والمعاني تم خطو قفزة الخامس عشر من آب. خطوات تحمل في جوهرها الكثير من القيم المقدسة والتي من أجلها ينبغي التضحية وإنكار الذات والإصرار بكل عناد في المقاومة من دون تردد للوصول إلى الهدف المرسوم في مخيلة وقلب كل كادر وثوري امتشق السلاح وكله عنفوان وطموح لبناء غدٍ مشرق وزاهٍ. إذ كل الهدف هو الوصول إلى وضع معاني لكل شيء في الحياة، إعطاء معنى للمقاومة والحياة والعشق والمرأة والبناء وللشمس والقمر والأرض والوطن والجبال والأنهر والجداول والطيور وكل شيء يدب على هذه الأرض. فإن لم تكن تمتلك قلباً عرضه السموات والأرض وممتلىء بالمحبة للوطن والشعب أين لك أن تضحي بذاتك من أجل تلك المعاني. هذا ما علَّمنا أياه السيد أوجلان في كل لحظة عاشها ونعيشها في معمعة هذه الثورة المعطاء. ثورة ثقافية واجتماعية قبل أن تكون سياسية واقتصادية ودبلوماسية. إحياء الثقافة في نفس كل كردي والرجوع إلى الذات والتعرف عليها قبل أن تحارب العدو. أي القضاء على العدو الداخلي في الدرجة الأولى لأنها من أصعب الحروب على الإطلاق. "إعرف ذاتك" تعتبر بحد ذاتها ثورة على النفس. وبذلك إذا نظرنا في راهننا إلى الكرد أينما كانوا نعلم مدى حقيقة هذه الثورة والتعرف على الذات ومعنى كل كلمة قيلت وتُقال. اليوم وبعد خمسة وعشرون عاماً تطل علينا ذكرى هذه الثورة على الذات ومدى توسعها في كل مكان. هزت عرش العدو الذي أبعد الكردي عن ذاته ويقول في قرارة نفسه إنني "قتلت الكردي إلى الأبد" ولم ولن يعد بالمقدور إيقاظه من سباته وموته. لكن الحقيقة أمامنا كوضوح الشمس التي لا يمكن حجبها بالغربال. الآن العالم أجمع تعرف على الكردي من هو ومن يكون، وأنه تبنى تاريخه وذاته وحاضره وهو الآن في طريقه يخط مستقبله بكل قوة وعزيمة لا تلين البتة. منذ خمسة وعشرون عاماً والسيد أوجلان وضع خارطة الطريق لحرية الشعب الكردستاني وكذلك شعوب منطقة الشرق الأوسط، لكن العدو المغرور بذاته أين له أن يتقبل رأي الكردي الحر. وها نحن وبفكر أوجلان ثانية نكرر وبنفس اليوم والسيد أوجلان يطرح خارطة الطريق ثانية لحل القضية الكردية بالطرق السلمية. لم يتغير الكثير ما بين الخارطتين، حيث أن جوهرها واحد وكلتاهما تطرح الحل عينه وتقول "كفى" لكل أشكال القمع والإنكار والتصفية. وأن الكرد متواجدون منذ آلاف السنين على أرض أجدادهم ولهم الحق في استخدام ثقافتهم وفنهم ولغتهم بكل حرية، ومن حقهم الدفاع المشروع عن ذاتهم بقواتهم الأنصارية المشروعة والتي لم ولن تنزع سلاحها مهما كلف الأمر. إذ علمنا التاريخ أن راية السلام لا ترتفع إلا على فوهة البندقية. ومن دونها وفي مجتمع قوانينه تغلب عليها شريعة الغاب لن يتخلى مقاتلوا الحرية عن سلاحهم الذي يعتبر من القيم المقدسة لصون مقدسات الكرد أينما كانوا. قالتها طليعتنا منذ خمسة وعشرون عاماً "كفى" وها نحن اليوم نردد صداهم ونقول "كفى" للتصفية والإنكار و"نعم" للأخوة والسلام والديمقراطية. بهذه الكلمات نحيي الكرد أجمع بمناسبة قفزة الخامس عشر من آب.
#شيار_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قامشلوا، مدينة العشق الأبدي، ولو كره المنافقون!!!
-
رفض إعدام شخص لكنه وافق على إعدام ثورة وشعب!!! الطالباني إنم
...
-
الكرد والإتفاقيات التركية – الأمريكية
-
نظرة لزيارة المالكي لأنقرة وما تمخض عنها؟؟؟
-
النظام السوري وخنجر الحزام العربي والكرد
-
كي لا تفوتنا الفرصة!!!
-
هل حان الوقت لعقد كونفرانس قومي كردستاني؟؟؟!
-
ديمقراطية اللكمات في البرلمان التركي
-
هولير لا تحزني، إنه ليس إلا مخاض ولادة!!!
-
وماذا إذا أعلن العمال الكردستاني الحرب؟؟؟!
-
إذا كانت الحرية ستأتي بقتل طفل بريء فاللعنة على تلك الحرية..
...
-
الكرد بين بيكر – هملتون وكيسنجر – أردوغان؟؟؟!
-
نداء للمحامين الكرد.. إرفعوا دعوى ضد غول؟؟؟!
-
هل ستستفيد تركيا من مبادرة حزب العمال الكردستاني...!!!
-
قالتها تركيا، أحسن كردي هو ذاك الكردي -الميت-...!!!
-
هل يعي الكرد لعبة التوازنات في المنطقة...!!!
-
شاهو كوران: قرار اغلاق المؤسسة يحمل في طياته بعداً سياسياً و
...
-
إسرائيل تطبل وتركيا ترقص!!!
-
ما بين سوريا وإيران، ضحية اسمها لبنان!!!
-
ثانية التراجيديا الكيمياوية في الحقيقة الكردية!!!؟؟؟
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|