فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 2737 - 2009 / 8 / 13 - 09:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الحملات الدعائية للأنتخابات البرلمانية القادمة بما فيها من مؤتمرات وإجتماعات ولقاءات ونشاطات جماهيرية وإصدار بيانات وشعارات وبوسترات وطرح برامج وحملات توعيه واسعه والقيام بفعاليات جماهيرية متنوعة . إنها ستكون معارك سياسية قاسية وشرسة . ومع إنه كل قائمة أوكتلة سيكون لها غرفة عمليات لأدارة حملتها الأنتخابية . ولكن تبقى الأمكانيات متباينة من جانب ( ما متوفر لهامن أموال وإمتلاكها لوسائل الأعلام ) من هذا من المتوقع بأن تلجأ بعض الكتل بأستخدام وسائل قذرة يتم فيها التلاعب بمشاعر وأحاسيس الشعب وخداعه, والتوقعات بأن الفرص في المنافسة الأنتخابية ستكون غير متكافئة وغير عادلة لسبب بسيط هو غياب القانون . ولكن ما يميز القوائم والكتل عن بعضها هو في استراتيجية كل طرف , فأطراف استراتيجيتهم في الحملة الأنتخابية هو الصراع على كرسي الحكم وتلبية مصالحهم الذاتية وقد إختبرهم الشعب وأطراف استراتيجيتهم هو مصلحة الوطن .وهم الأكثر جماهيرية ولكن في ظل غياب القانون الأنتخابي , ستستخدم الكتل التي مقتها الشعب كل الوسائل الغير قانونية من أجل تحقيق مواقع في البرلمان للأعوام الأربعة القادمة .
مالعمل بالنسبة لقوى اليسار والديمقراطية :
قوى اليسار والديمقراطية هي قوى واسعة ومتنوعة وبمجموعها تشكل التيار الديمقراطي في العراق , ما يميز هذا التيار لدية رصيد جماهيري كبير وواسع , ويشكل طرف قوي في المعادلة السياسية , ولدية خبرات وتجارب نضالية غنية لا يمتلكها أي طرف آخر, ويستطيع أن يحقق نجاحات كبيرة في الأنتخابات البرلمانية القادمة , ولكن لبعض أطرافه ثغرات ونواقص ورؤى ومواقف بعضها ذاتية أسهمت بمجموعها في إضعاف قوى اليسار والديمقراطية ويمكن أن أشير لبعض هذه الثغرات والتي يمكن معالجتها :
1- بعض شخصيات وقوى اليسار لا تجيد استخدام التاكتيك السليم في الظرف الملائم لأسباب عدة . ليس المطلوب في هذه المقالة ذكرها . ولكن بصدد الحملات الأنتخابية نجد أن شخصيات يسارية وقوى وأطراف منها أسهمت في إضعاف مواقع اليسار العراقي في الأنتخابات البرلمانية الماضية من خلال تشتيت بعض أصوات الناخبين للتدليل على ذلك أذكر المثال التالي ( شخصية يسارية كان محسوب على الحزب الشيوعي العراقي ومن منطلقات غير مفهومة وغير واضحة , وبحكم إمكانياته المالية الكبيرة شكل قائمة بأسم على ما أتذكر (وطني) ودخل الأنتخابات وهو يعرف مسبقاَ لا يستطيع الحصول على مقعد برلماني واحد , بلا شك هذه الممارسة أضعفت مواقع اليسار ومركزه الحزب الشيوعي العراقي وقد أسهمت في تشتيت الأمكانيات والطاقات والأصوات الأنتخابية ) . وهناك بعض القوى اليسارية لم تدخل الأنتخابات وبنفس الوقت لم يصوت أعضائها ومؤيدوها لقائمة ( إتحاد الشعب) آنذاك. هذا خلل فكري وسياسي اليساري الحقيقي لا يرتضي بأضعاف مواقع اليسارفهل يتم تجاوز هذا الخلل في الأنتخابات البرلمانية القادمة . ومن المناسب في هذه المقالة أن أشير إلى تجربة روسيا التي هي أكثر دولة فيها أحزاب وجماعات يسارية مستقلة عن الحزب الشيوعي الروسي (( لكن في الأنتخابات وبالذات الرئاسية تتحد كل أحزاب وقوى اليسار في سياسة إنتخابية واحدة وتدعم مرشح الحزب الشيوعي الروسي ))([1] ) .مع شعارات وخطاب إعلامي موحد هذا هو التاكتيك السليم والذي يعكس النضج السياسي والفكري لتقويةمواقع اليسارفي الحملات الأنتخابية , فأن تقوية مواقع اليسار والديمقراطية في الأنتخابات البرلمانية القادمة في العراق يتطلب خطوات عملية ملموسة , تبدأ بتجميع الطاقات والأمكانيات والتي ترتكز على قاعدة جماهيرية واسعة ووفق برنامج إنتخابي مفتوح لكل القوى اليسارية والديمقراطية .
خيارات الحزب الشيوعي العراقي :
1- أن لا يرتكن الحزب الشيوعي العراقي إلى الأنتظاروالترقب مع أن التريث والصبر مطلوبان ولكن أن يمسك بزمام المبادره ويقود حملة واسعه لمفاتحة كل قوى اليسار والتيار الديمقراطي مع أن هناك طيف واسع لقوى وكيانات محسوبة على التيار الديمقراطي (كل القوائم والكتل المسيحية من الكلدان والآشوريين والسريان , الكورد الفيلية , الصابئة المندائيين, الأزيدية , الشبك, قوى من التركمان ,كل قوى اليسار والديمقراطية في إقليم كوردستان العراق ) أن يتوجه إليها الحزب الشيوعي العراقي لتشكيل تحالف واسع القاسم المشترك هو مصالح الوطن وضمان حقوق هذه الكيانات والقوميات , التي لا يضمنها غير قوى اليسار والديمقراطية وكما أن مصالح هذه الكيانات تقتضي التحالف مع قوى اليسار والديمقراطية ,وأن ما يسمى بنظام الكوتا للأقليات حسب ما يطلق عليها هو خطة من الطائفيون والقوميون لأبعاد هذه القوميات والكيانات عن بيئتها وتيارها الديمقراطي .
2- أن وحدة قوى اليسار والديمقراطية مهمة ملحة في حالة تحقيقها ستضيف لهذا التيار النقي والأصيل عناصر جديدة تسهم في تنمية وتوسع قواعدة الجماهيرية , وسيغير موازين القوى في المجتمع والدولة وأن تحققت الوحدة الأنتخابية لهذا التيار الواسع فسيحقق نجاحات كبيره في الأنتخابات البرلمانية.
3-في حالة تعذر إقامة تحالف ديمقراطي واسع , سيكون الخيار الوحيد والأمثل هو أن يخوض الحزب الشيوعي العراقي الأنتخابات بقائمة لوحدة وبأسم الحزب , وأن يرشح فيها رموز ذات سمات جماهيرية , وللحزب الشيوعي العراقي طاقات وإمكانيات كبيرة ومتنوعه لم يتم توظيفها بشكل جيد في الأنتخابات السابقة ولديه خبره متكدسه ورصيد جماهيري وسياسة وطنية مشهوداَ لها وهو يمثل جسد العراق , ويمثل العقلانية والموضوعية والوطنية الأصيلة .والضامن للحقوق والحريات والقانون والديمقراطية فهو يمتلك سمات الحزب الأنتخابي والتي ستتجذر هذه السمات بالممارسة العملية وبالمبادرة الجريئة كما إنه ستتوفرللحزب أمامه إمكانيات كبيره لتعبئة طاقاته وإمكانياته التنظيمية والجماهيرية.
2- أن تعقد العملية السياسية والحالة الغير طبيعية التي يمر بها الوطن , يتطلب العمل بعقلية استراتيجية علمية وليس بعقلية استراتيجية تقليدية عفا عليها الزمن , الحملات الأنتخابية تتطلب استخدام خطوات ذكية جداَ من أجل أن تكون المنافس الأفضل والأقوى , فليس من المعقول أن تلجأ إلى التبسيط في الدعاية الأنتخابية مثلآ كأن تقول إنتخبني فأنا الأفضل, وإنما التفكير بالعمل والسلوك إنه كذلك . والشجاعة في طرح القضايا المستعصية وبروزالشيوعيين والتيارالديمقراطي ومرشحيهم كرمز للمسير ليس لا وهم حقاَ رمزاَ لوحدة العراق وتقدمه ورمزاَ لحماية المواطنين والوطن ورمزاَ لأنقاذ الشعب من الخوف والرعب الذي أدخله الطائفيون إلى نفوسهم وهم حقاَ رمزاَ للقضاء على الجريمة والمجرمون من خلال تطبيق القانون وهم رمزاَ لتطور الأقتصاد وإيجاد فرص عمل وتوفير الخدمات و رمزاَ لضمان الحقوق والحريات . وهم رمزاَلحامية القانون والحريات والديمقراطية .
3- من نقاط ضعف قوى اليسار والديمقراطية في الحملات الأنتخابية هو ضعف إمكانياتهم في الجانب الأعلامي وهذا خلل واضح , , والخلل الآخر هو النقص في الأمكانيات المالية , لأنه لا توجد دولة أقليمية تدعم قوى اليسار والديمقراطية كما هو حاصل مع بقية الكتل وهذا من وجهة نظري هو يشكل أحد عناصر القوة لقوى اليسار والديمقراطية بأعتمادها على قوى شعبها وليس على قوى خارجية وهذه شهادة على هويتها الوطنية الأصيلة .
4- وبنفس الوقت لقوى اليسار والديمقراطية إمكانيات كبيرة لم تستخدمها بعد في حملاتها الأنتخابية وهي وسائل جماهيرية فعالة لا تملكها الكتل المهيمنة على السلطة , فلقوى اليسار والديمقراطية أفضل المغنين والفنانين ومئات الفرق الفنية التي بمقدورها إقامة أضخم وأوسع التجمعات الجماهيرية لدعم قائمتهم الأنتخابية ويمكن أن تكون تحت شعارمثلاَ ( صوت أو تخسر الوطن) أو ( صوت وإلا تخسر مستقبلك) . وهناك طاقات أخرى تملكها قوى اليسار والديمقراطية وهي الشعر والمسرح والرسوم الكاريكاتيرية والبوسترات .... إلخ وهي وسائل فعالة لم توظفها قوى اليسار والديمقراطية في حملاتها الأنتخابية الماضية بشكل جيد .
5- لهذا أن الحملات الأنتخابية وبعد الدروس المستخلصة , المعول بأن لاتكون حملات تقليدية كسابقتها أن تمتاز بالحيوية وسعتها الجماهيريه وأن لا تقتصر لجان الحملات الأنتخابية على أعضاء الأحزاب فقط لا بل وتطعيمها بالأصدقاء والمستقلون من الشبيبه والنساء والفنانون والشعراء والخطباء , لأن مواصفات أعضاء اللجان الأنتخابية لا تقل أهمية عن مواصفات المرشح , بأمكانياتها تستطيع التلاعب بمهارة على مزاج وإحساس الجماهير الذي تستقطبه والذي يبدأ يكبر يوماَ بعد آخر بالتأييد لهذه القائمة . وأن يجري التوجه للكتل الشعبية المستقلة والتي يقدر عددها أكثر من ثلث الناخبين لأنه من يربح أصوات هذا الوسط سوف يربح الأنتخابات . والمهم في الحملات الأنتخابية أيضاَ هو تعبأة مواقع قوى اليسار وبالأساس في صفوف الطبقة العاملة وأن قوتها هي أقوى من قوة المال السياسي المستورد من الخارج .
الكتل المهيمنة على السلطة تمر في أسوء حالات الضعف والتراجع :
ستكون هذه الكتل هي الأضعف في حملاتها الأنتخابية لسبب بسيط لأنها فقدت مصداقيتها ولم تفي بوعودها للجماهير التي صوتت لها . وهذه مسألة هامة في علم السياسة هو أن أخطر شيئ على الكتل والقوائم عند نجاحها في الأنتخابات هو إنه عندما لاتتمكن من تنفيذ وعودها وهذا ما يؤكد للشعب أن هذه الكتل ليس لديهم أهداف وبرامج ومشاريع واضحة . فهي تمر الآن في أ زمة وفي أسوء حالات الضعف والتراجع وأن معطيات الوضع السياسي في العراق تؤكد ذلك :
1-عرضوا البلاد إلى عدد من الكوارث السياسية خلال فترة حكمهم وأوصلو الناس إلى الخوف والرعب وكما هو معروف إنه لا يوجد لدى الدولة العصرية أي هدف أسمى وأهم من حماية حياة مواطنيها , ولكن في الواقع نجد أن دولة المحاصصة الطائفية قد تقاعست في حماية مواطنيها وهناك كثير من الجرائم لم تتمكن من الوصول إلى مرتكبيها بعد وهي غير قادرة على حماية القانون والديمقراطية والحريات .
2- أصبح التحالف الطائفي والقومي المهيمن على الدولة الآن هو معادي لرغبات ومصالح الجماهير هكذا بدت الصورة في الشارع العراقي بحكم كثير من الأزمات التي عجز التحالف المهيمن على البلاد من حلها والتي تمس الحياة اليومية للناس . عدم توفر الخدمات بأنواعها , البطالة وإتساعها , نقص الوقود والطاقة ,الأمن , والفساد المالي والأداري , الحقوق والحريات وعدم ضمانها .... إلخ وهناك كثير من الملفات العالقة ولم يتم حلها بسبب عدم التوصل إلى محاصصة حولها يقبلها أطراف التحالف الطائفي .
3- مايميز التكتل المهيمن على الدولة إنهم يرتكنوا لدول إقليمية وعربية ويحصلوا منها على الدعم والمساعدات المالية الكبيرة ويستقووا بها على شعبهم ويضللوا بها الناس البسطاء , الذين إعتادوا أن يكونوا ضحية للطرف القوي . وهذا ليس بهدف التشهير وإنما هو تقييم لواقع الأنتخابات الماضية في العراق والرشاوي التي قدمت للمواطنين , لأنهم إستخدموا أموال غير قانونية لتحقيق هدفهم . وعندما فازوا بدأو يتحدثون بصوت عالي عن الأنتخابات بأنها ديمقراطية , في الوقت الذي لايحكمها قانون بدليل إنهم إستخدموا أموال سوداء لا يعرف مصدرها ويمكن إعتبارها إما هبه من دول الجوار أو أموال حكومية سرقت .
4- الكتل المهيمنة هي الآن ترمم وضعها وتحاول أن تخلع ثوبها القديم لترتدي ثوب جديد , ولكنه يحمل نفس ماركة الصنع القديمة طائفية بأمتياز ولكن بشكل محسن ., فوضعها الآن على درجة عالية من التعقيد فهي التي قاومت تشريع قانون للأحزاب وتأخير إصدار قانون إنتخابي جديد الذي سمح لكل مرشح أو قائمة استخدام مبلغ محدود في الحملة الأنتخابية الدافع الرئيس , لتوظيف الثغرات في القانون القديم لصالحهم وللحصول على الدعم المالي الخارجي ثانية لسبب بسيط أن التأريخ لن يحاسبهم على ما فعلوه في المره الأولى وسيفعلوها في الأنتخابات البرلمانية القادمة هذه القوى التي سئمها الشعب إذا خسرت الأنتخابات سوف تخسر كل شيئ لأنها تخسر السلطة والمنافع الذاتية .لهذا فأنها ستستخدم كل ماهو غير قانوني في حملتها الأنتخابية وستوظف الدولة وإمكانياتها لحملتها الأنتخابية , وكذلك توظف وسائل الأعلام والتي هي شكلاَ من أشكال السلطة التي تحول الظالم مظلوماَ والمظلوم ظالماَ .
فقوى اليسار والديمقراطية ستكون هي الأقوى في معركة الحملات الأنتخابية للبرلمان القادم إذا وحدت قواها وطاقاتها وإمكانياتها في كتلة واحدة وكونت أوسع قاعدة جماهيرية .
10-8-2009 .
[1] - ليونيد مليتشين . ترجمة طه الولي . تأريخ روسيا الحديثة من يلتسن إلى بوتين . منشورات دار علاء الدين . سورية – دمشق . السنة . 2001 . ص- 122 .
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟