|
موقع العمل الحمعوي في استراتيجية العمل الشبيبي
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 834 - 2004 / 5 / 14 - 03:47
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
موقع العمل الجمعوي في استراتيجة العمل الشبيبي - Iتقديم لا شك أن مقولة لينين المشهورة : "لا حركة ثورية دون نظرية ثورية" مقولة مأثورة و صالحة لكل زان و مكان ، إلا أن تمحيص النظرية عبر عمل الحركة أمر ضروري ، من أجل الوقوف عند نقط الضعف تقويمها و تطويرها و إغنائها لضمان استمرارية الحركة ، و لا يتم ذلك إلا في ظل جدلية النظرية و الحركة عبر سيرورة تاريخية يعتبر فيها التنظيم آلية ضرورية لبلورة الأهداف الاستراتيجية للحركة ، و في ظل إديولوجية تعتمد الماركسية اللينينية أداة للتحليل عند مناضلي الحركة الذين يستهدفون في عملهم السياسي الانصهار وسط الجماهير الشعبية ، عبر التنظيمات الذاتية للجماهير في أول الأمر ، دون أن يطغى العمل الجماهيري الصرف على انشغالاتهم اليومية ، بقدر ما يجب أن يكون العمل الجماهيري في ارتباط جدلي بالعمل السياسي مع احترام التنظيمات الذاتية للجماهير ، التي لا يجب أن يتم إلحاقها بالحركة و لا إلحاق مناضلي الحركة بالإطارات الجماهيرية كجيوش همهم الوحيد متابعة العمل الجماهيري اليومي ، بل يجب تجاوز هذه الحلقة الوسط للوصول إلى تنظيم الجماهير الشعبية داخل الحركة لرفع الوعي الحسي لديهم إلى مستوى العمل السياسي في مرحلة ثانية ، من أجل الدفع بها لبناء تنظيمها السياسي المستقل الأداة الوحيدة الكفيلة بتحقيق مطالبها التاريخية ، و يعتبر العمل الشبيبي أرقى مراحل العمل السياسي للحركة ، و الذي يجب اعطاؤه بالغ الأهمية لما يشكله من شرط أساسي في دينامية و حركية التنظيم باعتباره العامل الأساسي في تجديد هياكله و أطره . - IIتجربة العمل الجمعوي للنهج الديموقراطي بتارودانت من خلال تجربة مناضلي النهج الديموقراطي بتارودانت في الحقل الجماهيري و خاصة مع الفلاحين الفقراء و العمال الزراعيين ، يتضح مستوى الفعل الجماهيري في تمحيص النظرية و صقل عمل المناضلين و نحث قدراتهم الإبداعية و الفكرية ، مع العلم أن مستوى من التكوين النظري ملازم لعملهم الجماهيري الذي يتم تقويمه و توجيهه من داخل التنظيم في ظل استراتيجية جدلية السياسي و الجماهيري ، الشيء الذي دفع باللجنة المحلية في مرحلة من مراحل تطورها إلى تعميق النقاش حول الأجوبة العملية للأسئلة الاستراتيجية التي يطرحها مفهوم النضال الديموقراطي الجذري ، خاصة في المنطقة التي يمكن اعتبارها مركز صراع دائم بين الفلاحين الفقراء و العمال الزراعيين و بين تحالف الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار ، و عبر الممارسة العملية لمناضلي النهج الديموقراطي تبلورت العناصر الأساسية للصراع و هي تتمركز حول النضال من أجل الحق في الأرض و الماء و الأركان و الأمازيغية للفلاحين الفقراء . و بعد تعميق النقاش انطلاقا من تجربة مناضلينا في الإطارات النقابية و الحقوقية و الجمعوية ، في شتى الأصعدة و في شتى أماكن تواجد الجماهير الشعبية خاصة بالبوادي ، ثم وضوح الرؤية حول الانشغالات المستقبلية التي يمكن اعتمادها من طرف النهج الديموقراطي ، و كان القرار السياسي بتأسيس جمعية تارودانت الاجتماعية و الثقافية كإطار جمعوي مرتبط ارتباطا مباشرا بالنهج الديمقراطي و منفتحا على الجماهير الشعبية ، مع ضرورة توفير مقر مستقل يعتبر مركزا لاستقبال الجماهير الشعبية و مختبرا للتكوين النظري للمناضلين و الشباب و موقعا للأنشطة الإشعاعية و الثقافية . و إلى جانب الأنشطة الثقافية للجمعية (دروس الدعم ، عروض ثقافية و فنية ، بحوث الشأن المحلي ...) يأتي إعداد المشاريع الاجتماعية التنموية ضمن الأولويات من خلال رصد و طرح المشاكل الاجتماعية للجماهير الشعبية ، خاصة تلك التي لها العلاقة بحياة الفلاحين الفقراء و التي تستهدف صحة المرأة و الطفل باعتبارهما من الفئات الهشة ، و التي يتم انتهاك حقوقهما في الصحة باعتبارها حقا أساسيا من حقوق الإنسان ، و إلى جانب المرأة و الطفل يعتبر تكوين الشباب في مجال الصحة و الفلاحة هدفا أساسيا لتنمية الوعي بأهمية الثروات الطبيعية بالمنطقة ، من أجل حمايتها و الدفاع عنها و الحفاظ عليها من هجوم الملاكين العقاريين الكبار الذين يعملون على تدميرها يوما بعد يوم ، كما أن الاهتمام بالأمازيغية التي تعتبر من الخصوصيات المحلية الأكثر عرضة للتهميش و الاقصاء أصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى ، حيث أصبحت الخصوصيات المحلية ذات البعد الاستراتيجي في الصراع من أجل التغيير الديموقراطي الجذري ، في إطار النضال من أجل تمتيع المنطقة بالحكم الذاتي الذي يخول للفلاحين الفقراء الحق في تقرير مصيرها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي ، إلا أن هذه المشاريع التنموية ذات البعد الاشتراكي التي تستهدف تنمية الإنسان باعتباره ثروة بشرية ضرورية في كل تنمية ديمقراطية ، تلقى عائقا أساسيا يتجلى في التمويل المادي الذي نفكر اليوم في إمكانية تجاوزه ، على اعتبار أن وراء كل تمويل أجنبي أهدافا تخدم الليبرالية المتوحشة و له تأثيره السلبي على المناضلين ، إما بجعلهم يخضعون لضغوطات و إكراهات هذه المشاريع و ينصرفون إلى العمل الجماهيري الصرف في أحسن الأحوال ، و إما أن ينحرفوا تحت تأثير أهداف التمويل الغير المباشرة و تنقلب المشاريع التنموية إلى ضدها في أقبح الأحوال ، هكذا يمكن اعتبار التكوين الذي يستهدف المرأة و الطفل و الشباب في ظل المشروع التنموي الذي أعدته جمعية تارودانت الاجتماعية و الثقافية . من بين المشاريع التي يمكن تحقيقها دون تمويل أجنبي مما يضمن استقلالية الجمعية في توجيه المشروع خدمة للجماهير ، و ستجدون صحبته نموذجا من المشروع . - IIIاستراتيجية العمل الشبيبي و دور العمل الجمعوي : إن تنوع أنشطة الجمعية و التي تستهدف أساسا بناء شبيبة النهج الديمقراطي ، يجب أن تصبح ذات مضمون يوفر الشروط الأساسية للتكوين الذاتي للشباب سياسيا و إيديولوجيا و فكريا ، من خلال العروض النظرية و البحوث الميدانية و العروض الفنية و الخرجات و الرحلات ... مع وجود مقر تحيط به الأحياء الشعبية التي تعيش تهميشا ملحوظا في جميع المستويات ، و كما قال أحد المنحدرين منها : "تعيش ليس فقط تهميشا بل معاناة نلاحظها بالعين المجردة ، الأمية ، العطالة ، الفقر ... و أغلب الذين يتوفرون على مستويات ثقافية منغلقون على أنفسهم ، يتخوفون من فكرة العمل الجمعوي ، بالإضافة إلى تجارب الأحزاب السياسية الكارثية بالأحياء الشعبية و التي خلقت احباطا لدى الجماهير الشعبية بعدم الثقة فيما هو سياسي ... "و يمكن تسجيل توغل المخزن و القوى الظلامية بهذه الأحياء لكن ليس بالدرجة المفرطة التي نتصورها ، إلا أن الأوضاع الكارثية للأحياء الشعبية تظل تنعكس سلبا على سكانها خاصة منهم الشباب الذي قد يتعرض لأشكال الانحراف (المخدرات ، الدعارة ، السرقة ، الهجرة السرية ...) مما يجعل من دور الجمعية كحلقة وسط بين التنظيم و الشباب ذا أهمية ، خاصة في أوساط التلاميذ الذين يجدون في مقر الجمعية ملجأ لهم ، نظرا لانعدام دور الشباب و الثقافة . من خلال ما سبق ذكره و اعتبارا للنقاشات داخل التنظيم يمكن وضع تصور للعمل الشبيبي انطلاقا من الجمعية ، حيث يجب الارتكاز أول الأمر على فتح نقاش أولي مع الشباب المرتبط بالجمعية ، و ذلك عن طريق تنظيم عروض ذات صبغة ثقافية و حقوقية في إطار الأندية داخل الجمعية ، كنادي حقوق الإنسان الذي يهدف إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان و التربية عليها في أوساط الشباب ، مع محاولة ربط مضمون حقوق الإنسان بمضمون الفكر الاشتراكي و الماركسية اللينينية ، بالاعتماد على المرجعية الفكرية و السياسية و الإيديولوجية للنهج الديمقراطي كحركة ماركسية لينينية تستهدف الجماهير الشعبية . يعتبر الارتباط التنظيمي بالنهج الديمقراطي من طرف الشباب العامل في إطار الأندية داخل الجمعية ، هدفا يجب الوصول إليه لترسيخ أسس البناء التنظيمي للنهج الديمقراطي ، كما أن تحديد المسؤوليات خارج الجمعية أمر ضروري لضمان الامتداد التنظيمي في أوساط الجماهير الشعبية ، و ذلك عبر تكوين لجن عمل : • لجنة الأحياء الشعبية . • لجنة الطلبة و التلاميذ . • لجنة الشبيبة العاملة . • لجنة العمل بالبوادي . كما يجب تحديد الأهداف العملية لهذه اللجان بالارتكاز على المستهدفين : • العاطلين بالأحياء الشعبية . • التلميذات و التلاميذ المنقطعين عن الدراسة . • الحرفيين و المهنيين الشباب . • التلاميذ بالثانويات و الإعداديات و الكليات . • الشباب بالبوادي المجاورة . تحديد محاور الأنشطة كالتالي : • محاربة الأمية : عربية ، فرنسية ، إنجليزية . • دروس الدعم للتلميذات و التلاميذ . • أنشطة ثقافية : حقوقية ، أمازيغية ، إعداد بحوث • أنشطة فنية : شعر ، مسرح ، رسم ، موسيقى . • خرجات ، رحلات .
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشروع التنموي للقوى البشرية و نضال الفلاحين الفقراء
-
فاتح ماي بالمغرب
-
مؤتمر النهج الديمقراطي والتنظيم السياسي المنشود
-
إجلاء الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان - الجز
...
-
الحركة العمالية و النقابية و دور اليسارفي المرحلة الراهنة
-
إجلاء الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
-
مشروع ورقة حول الامازيغية و الصراع الطبقي
-
مكافحة الإرهاب وآثاره السلبية على حقوق الإنسان
-
واقـع المتضرريـن من سـد أولـوز و حماية الحق في التنمية
-
العمل التنموي بالبوادي والأحياء الشعبية وحماية الحق في التنم
...
-
آفاق الحماية والنهوض في المرحلة الراهنة
-
القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج في التكوينات الاجتماعية التناح
...
-
الأمازيغية و النضال الديمقراطي الجذري
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|