أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن دارا سليمان - في الدين والدولة والعلمانية














المزيد.....

في الدين والدولة والعلمانية


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2736 - 2009 / 8 / 12 - 08:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن سيطرة الفكرة الدينية على الدولة لا تقل خطورة عن سيطرة الدولة ومحاربتها للدين ، ففي الحالة الأولى، تؤدي إلى انتفاء الحاجة والدافع إلى بناء المؤسسات القانونية الوضعية وعدم الاعتماد عليها كمصدر أساسي لتوليد وتعميق وترسيخ القيم المدنية، وبالتالي تبديد التراكم الحقيقي للتقاليد السياسية الضرورية للتفاهم والبناء والتقدم، والقضاء على أي محاولة من محاولات التجديد لمعنى السياسة والغرض منها، وكذلك حرمان المجتمع من فهمها واكتشافها وفك ألغازها والمساهمة في تطويرها . كما ستؤدي أيضا تبعية الدولة للدين، إلى جمودها وتكلسها وتخبطها المستمر، نتيجة التأويلات والتفسيرات المتعددة والمتضاربة في تسيير شؤون السياسة والإدارة العامة، وخضوعها للاجتهادات الشخصية في غياب وتمييع فكرة المؤسسة والقانون .

وفي الحالة الثانية ، تؤدي سيطرة الدولة على الدين ، إلى عودة الجماعات المتنافسة سياسيا والمتصارعة حول السلطة والنفوذ، لتوظيف العصبيات الدينية في اللعبة السياسية وخلق سلطات سيادية موازية داخل المجتمع، ومنافسة للدولة في الخفاء أو العلن ، الأمر الذي سينتج القسر والقهر والإكراه والاستبداد بهدف قمع تلك الجماعات وإخضاعها عنوة، وهو ما حصل بالضبط في نموذج العلمانية المبتذلة والمشوهة، التي شهدها الاتحاد السوفييتي السابق ودول المعسكر الشرقي .

وكما أن الدولة الثيوقراطية في الحالة الأولى ، لا مستقبل لها ضمن الدورة السياسية الحديثة، ولا مكان لها في الخارطة السياسية الدولية، وسيؤدي بها الأمر حتما إلى العزلة والانكماش ومن ثم الزوال ، فالدولة "الملحدة" في الحالة الثانية، ستخرج لا محالة من حياديتها المفترضة إزاء المعتقدات والأديان والآراء المختلفة، حين تقحم نفسها كطرف في تلك الصراعات التي ينبغي أن تترك للزمن والتاريخ، وبالتالي سيكون هدفها هو فصل الدين عن المجتمع، وليس فصل الدين عن الدولة كما هو مطلوب .

فالدولة المحررة من الدين من جهة، ومن التعسف والاستبداد والطغيان السياسي من جهة أخرى، هي التي يمكن أن نصفها بالدولة العلمانية، والتي ستكون الأساس والمنطلق للتحولات الديمقراطية المنشودة ، وإعادة بناء السياسة والدولة والمجتمع ، بما تنطوي عليه من رؤى وتصورات عقلانية في التفكير والممارسة السياسية والاجتماعية معا .

إن الانطلاق من المقولات الجاهزة والمجتزئة حول العلمانية كما يجري اليوم، وكما تعودنا في الفكر السياسي المألوف والموروث، لا يشوه المفهوم فحسب، وإنما يتغاضى النظر عن طبيعة ومستوى الواقع الذي تسعى العلمانية إلى مواجهته وتقديم واقتراح الحلول الممكنة والمناسبة لمعالجته . إذ بدون تحليل الواقع الاجتماعي كما هو، وفهم تناقضاته الآنية والبعيدة في القدم، والقبول والاعتراف بشرعية المشاكل الداخلية العميقة التي تطرحها فئاته المتنازعة، وإعادة تنظيم السلطات الاجتماعية وحدود صلاحياتها، والوصول إلى صيغ وتسويات وتنازلات متبادلة بشأنها ، ستبقى الحلول المطروحة خارجية وسطحية ومؤقتة ، قد تسكن الألم حينا، ولكنها لا تعالج المرض .

فلا الذين يرفضون العلمانية جملة وتفصيلا ويكفروها ويرتاعون من مجرد ذكرها ، ولا الذين يقدمون صورا مشوهة عن هذا الواقع الاجتماعي المركب والمتحول أبدا ، يدركون أن جوهر العلمانية كنظرية هو فهم الواقع الاجتماعي الذي أمامنا، والذي نراه كل يوم ونعيش ونتخبط بين تناقضاته ونعجز عن تفسيره .

فالدولة الحديثة ، دولة القانون والمؤسسات والمواطنين الأحرار ، هي كائن مجرد يقوم على عقد اجتماعي سياسي يتمثل في الدستور الذي هو بمثابة القانون الأساسي والعمود الفقري لها، والتي تقف وينبغي أن تقف على الحياد من جميع الأديان والمعتقدات، وتنشأ أساسا على مبادئها المعروفة في المساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان، بغض النظر عن الدين والقومية والطائفة والمذهب واللون والجنس والمعتقدات الأخرى .

ولا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة اختراع هذه الدولة الحديثة عربيا أو إسلاميا مرة أخرى ومن جديد، ولكن الممكن فقط ، هو ابتكار الصيغ والأشكال والمسارات المناسبة محليا للوصول إلى فصل الدين عن الدولة . فهي على وضعها الحالي ومنذ عقود طويلة، ليست دولا دينية ولا مدنية ولا حديثة ولا أي شيء آخر، وإنما هي تجميع بائس ومضحك للتعبير عن الحنين إلى بقايا السلطنات والإمبراطوريات المقدسة القديمة .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في اشكالية الدين والعلمانية
- التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة
- العلمانيون القدامى والمتعلمنين الجدد
- علمانيون ضد العلمانية
- العراق الجديد الى أين ؟
- العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟
- مصير العراق الجديد يتوقف على الانتخابات المقبلة
- نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية
- العراق الجديد : هل الدولة فضاء للسياسة أم فضاء للغنيمة ؟
- هل ينحسر الاسلام السياسي أم ينكشف على حقيقته ؟
- العراق الجديد : مصالحة وطنية أم تصالح مع الذات ؟
- العراق الجديد : معوقات بناء الدولة الوطنية
- جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد
- العراق الجديد:في التحول الديمقراطي واعادة الاعتبار للسياسة
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية؟-الجز ...
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية ؟
- عن الانتخابات العراقية وثوب الديموقراطية اواسع
- الخلفيات الاجتماعية والسياسية لاعادة تأسيس حركة الانصار1979/ ...


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن دارا سليمان - في الدين والدولة والعلمانية