أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - اينعت ثمار الأستبداد















المزيد.....

اينعت ثمار الأستبداد


فريد حداد

الحوار المتمدن-العدد: 833 - 2004 / 5 / 13 - 08:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ما من شك , بأن ما حصل في مدينة القامشلي وامتداداته الداخلية والخارجية , كان كارثة وطنية بامتياز من جهة , كما كان سقوطاً مدوياً لركيزة اساسية من ركائز دعاية النظام حول انجازاته على صعيد الوحدة الوطنية والألتفاف حول " القائد " أو الأنتظام خلفه أو ماشابه من تلك الأسطوانات الممجوجة , من جهة أخرى . كارثة تعادل من حيث مدلولاتها وأسبابها كارثة سد زيزون , باعتبارهما المولود الشرعي للأستبداد وافرازاته من فساد واهمال للوطن بحجره وبشره , حّول الوطن الى مزرعة , والمواطن الى عّبد . الا أن المؤشرات المستقبلية لهذه الأحداث أخطر بكثير من عداها , لأنها تعبير عن ان النخر قد أصاب اللحمة الوطنية لشعبنا , تلك الوحدة التي لا فضل لأحد في وجودها الا للشعب السوري نفسه , والتي نراها الآن مهددة كنتيجة للأستبداد والفساد السائد , مع ما يحمله ذاك النخر , من امكانية لفتح ابواب تدخل خارجي نوعي جديد في حاضرنا , ومستقبلنا , - ناهيك عن ذلك الذي كان في الماضي - تلك الأبواب التي لم يتمكن الأستبداد في كلٍ من العراق سابقاً وسورية حالياً من أغلاقها, بسبب سيطرة هاجس الحفاظ على أمتيازات ومكاسب السلطة على عقول المتسلطين , أكثر بكثير من هاجس الحفاظ على وحدة واستقلال الوطن .

ُيفسر علم الفيزياء حركة المواد والأجسام بأنها تتم تحت تأثير واحدة من قوتين اثنتين , أو كلاهما معاً , قوة دافعة , أو قوة جاذبة . وفي تحرك الشعب الكردي في سورية توفرت القوتين الضروريتين للحركة .
فقد مثل العنف الذي مازال النظام يمارسه منذ اربعون عاماً بحق كل ابناء الشعب السوري , والذي أخذ منحى متميز في الوسط الكردي من انكار لخصوصيتهم الثقافية والقومية , وتجريد حوالي 200.000 شخص من جنسيتهم السورية غزت الولايات المتحدة العراق بعدد مساوٍ من الجنود ومنعهم من التوظيف والحصول على الوثائق الشخصية وتسجيل زواجهم وولاداتهم وامتناع المدارس عن استقبال أطفالهم وحرمانهم من التملك وتشريد بعضهم اثناء تنفيذ سياسة التعريب السيئة الصيت . بالأضافة الى سيطرة السلطة على محاصيلهم الزراعية ومحاصيل المُعترف بمواطنيتهم تحت يافطة الأقتصاد الأشتراكي , وسد ابواب الرزق على من يمتنع عن التعاون مع الأجهزة الأمنية بسبب النفوذ الذي تمارسه تلك الأجهزة على ارباب العمل في القطاع الخاص . كل ذلك شكل قوة الدفع المُحركة .
كما شكل ما حصل عليه الشعب الكردي في العراق , بموجب قانون تنظيم الدولة الجديد الُمقر من ِقبل مجلس الحكم , من حق ثلث الأكراد في نقض ا لدستور لكامل العراق مستقبلاً , كما حصولهم على حقهم بالأحتفاظ بجيش مستقل حتى بعد اعادة بناء الجيش الوطني , وسيطرتهم على جزء من الثروة النفطية واستثماره لصالح الجزء الكردي فقط من العراق . اي باختصار حصولهم على الشكل الأولي لبناء دولة كردية مستقلة . شكل ذلك قوة الجذب المولدة للحركة أيضاً .
ان العنف الذي ظهر في الأوساط الشعبية الكردية , لم يكن الا رد فعل طبيعي على عنف السلطة الرسمي , الذي مازالت تمارسه بحق كل فئات الشعب السوري بدون تمييز, منذ نشأتها . فاحتقار الناس والأعتداء على كرامتهم ومعتقداتهم وحقوقهم , هي ( سياسة مبدئية ثابتة للنظام ) , لايحيد عنها, وها هو يحاول تجديدها بشكلها الأكثر شراسة مرة أخرى بعد أحداث الثمانينات , ولكن لسوء حظه فقد شاخت ادواته , واختلفت الظروف المحيطة به , مما أدى الى انخفاض عدد ضحاياه من عشرات الألوف في الثمانينات الى 25 او 30 ضحية حالياً .

ان المنشآت العامة من : مدارس تمتنع عن استقبال فئة من الأطفال بتوجيهات من الأدارات " الحكيمة " , وصوامع حبوب تختزن الحبوب المنهوبة من عرق الفلاحين تحت ظل شعارات الأشتراكية المخادعة , والسجل المدني الممتنع عن تسجيل المواطنين واعطائهم حقوقهم وثبوتياتهم , والمحاكم التي تحولت الى ألعوبة بيد الأجهزة والتي تشّرعن الأرزاق المنهوبة لناهبيها . هذه جميعاً قد حولتها السلطة بسياستها الأستبدادية الى رموز للقهر . لا يمكن الا ان نحّمل السلطة مسئولية حرقها وتدميرها , سواء كان الفاعل المباشر , كردي , أوصله القهر لحدود فقدانه التمييز بين الخير والشر , أم كان الفاعل المباشر عميل سلطة أُمر بتنفيذ ذلك لألصاق الصورة السيئة بالمواطن الكردي .
على السلطة السياسية في سورية ان تدرك بأن أنكارها لحقوق مواطنيها بالحصول على حقوق المواطنة كاملة , سوف يدفعهم بدورهم لأنكار " حقها " في ان تكون سلطة عليهم , وسيبدأون بالبحث عن سلطة جديدة تعترف بمواطنيتهم , وها هي ملامح السلطة الجديدة بادئ بالتشكل في العراق .
ما آل اليه وضع الأكراد في شمال العراق , بات يُشكل بؤرة خطر كبيرة في المنطقة ككل لسببين أثنين :
أولها ان أكراد العراق بدأوا بتحقيق مكاسب ليست من حقهم , وعلى حساب غالبية الشعب العراقي , وبدعم واضح من أحتلال أجنبي , زائل , لا محالة , كانوا قد ساعدوا في تسهيل غزوه لبلادهم .
وثانيها هي تلك الظروف السياسية القاهرة التي يعيش فيها الأكراد في كلٍ من سورية وتركيا وايران .

هذان العاملان سيشكلان بداية لحرب أهلية طاحنة تشمل المنطقة بكاملها . اشارة البدء فيها, مرهونة بيد قوى معادية , خارجية , قادرة على تنفيذها عندما تقتضي مصلحتها .

فلتجنب هذه الحرب المحتملة لا بد من ايجاد حل عادل وديمقراطي للمسألة الكردية يستندالى الركائز التالية :
1 – الأعتراف بحق الشعب الكردي في توحيد أمته ضمن كيان سياسي مستقل , أو ضمن كيان سياسي أكبر يضم الأكراد من جملة من يضم .
2 – حل المسألة الكردية لا يمكن ان يتم على حساب شعوب المنطقة وبهند سة خارجية , كما يتم الآن في العراق .
3 – ان يكون حلاً ديمقراطياً متكاملاً ومتناغماً مع الحل الديمقراطي لمجمل مشاكل شعوب المنطقة وبالأخص الشعب العربي .
وفي سورية , فان ( رد المظالم الى أهلها ) ومنها الشعب الكردي السوري , عن طريق الغاء قانون الطوارئ وحالة الأحكام العرفية المكتون بنارها كغيرهم , و اعادة الجنسية للمحروم منها , واعطائهم حقوقهم الثقافية كاملة , ورفع الفساد والنهب الجشع لقوتهم اليومي , لا بد سيفتح الطريق امام دمقرطة الحياة في سورية , وفتح الآفاق امام شرق أوسط كبير , متعدد القوميات , و ديمقراطي , تكون سورية مركز جذب فيه وليس محيط طرد , يلبي طموحات أهله ومصالحهم بحياة كريمة , ويقطع الطريق على شرق أوسط جورج بوش , الذي يُراد له أن يكون بقرة حلوب لشركاته الشرهة المتعددة الجنسيات .

في كندا دولة ديمقراطية ثنائية القومية , وعلى الرغم من وجود حزب ينفخ في آتون فكرة الأنفصال على رأس السلطة في مقاطعة كويبك , لفترة زادت عن العشر سنوات الأخيرة , الا أن المجتمع الديمقراطي الكندي أحبط مساعيهم للأنفصال ونبذهم الى الخلف , في الأنتخابات العامة الأخيرة في مقاطعة الكويبك .

وفي أوروبا الديمقراطية , تسير دولها باتجاه الوحدة , ولنا أمثولة في الديمقراطية الأسبانية التي كانت كفيلة باصلاح المسار في اسبانيا .

كما لنا عبرة , كيف دمر الأستبداد وحدة القوميات في الأتحاد السوفيتي ويوغسلافيا السابقين . ليس عيباً ان نتعلم من تجارب الشعوب كيف نحل مشاكلنا , كما ليس عيباً ان نتراجع عن أفكار متعصبة مضى زمانها . ولايمكن لنا بعد اليوم ان نستمر بالدفاع عن حدود سياسية رسمتها لنا دوائر استعمارية , سايكس بيكو , ونعتبر ذلك مقياس لوطنيتنا .

فريد حداد
2032004



#فريد_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل السياسة الخارجية السورية وطنية ؟وهل كانت تقدمية ؟
- لقاء وحوار مع المناضل رياض الترك في مونتريال - كندا
- ما بين اعادة الأراضي ...والأصلاح ! مسيرة أستبداد وضياع للأوط ...
- خياران للأنظمة العربية.. لا ثالث لهما
- فاقد الشيء ...يدّعيه
- حول مفهوم الديمقراطية والتغيير الوطني الديمقراطي
- الأستبداد مرض نقص المناعة المجتمعي المكتسب
- حول علاقة الصحفي السوري برجل الأمن
- كي لا نقول بعد سنوات فلسطين والعراق وسورية والسعودية و
- كلمة حول - الأستحقاق التشريعي
- انه محضر أجتماع – تحقيق... وليست مقالة
- مظاهر أستقالة الدولة من مهامها وتغيير وظائفها
- تصريحات تؤذي أصحابها
- مضى عامان من عمر العهد الجديد وضاع عام آخر من عمر الأفاضل
- للسفارة السورية في كندا نشاط اعلامي لايحتذى
- الحكم الشمولي في سورية وأزمة الحياة السياسية
- من يخرق الدستور ومن يعتدي على هيبة الوطن والمواطن في سورية
- عدو فسلطين والعرب
- مسيرة إلغاء الآخر
- الكساح والجم: قراءة لعناصر الفساد في سورية


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فريد حداد - اينعت ثمار الأستبداد