أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد ريفلاند - تامسينت : عنوان انتفاضة مستمرة














المزيد.....

تامسينت : عنوان انتفاضة مستمرة


محمد ريفلاند

الحوار المتمدن-العدد: 2736 - 2009 / 8 / 12 - 05:48
المحور: حقوق الانسان
    


تامسينت تلك القرية الصغيرة الواقعة بإقليم الحسيمة شمال المغرب ، و التي لم يكبر حجمها و لم يزداد عدد سكانها القاطنين بها لعقود طويلة ، كأنها تأبى التطور أو التغيير ، إلا أنها في الواقع تحاصر داخل حدود ضيقة ينتقص منها شيئا فشيئا ، و يفرض عليها كل الأشكال التي تؤدي إلى اندثارها و محوها من الجغرافيا و من التاريخ . فرغم كل التهميش و التضييق الذين يمارسان عليها لعقود طويلة فإنها لا زالت صامدة .
أكيد أن لإسمها أو تاريخها أو سكانها ذنب ما حتى تعامل بمثل هذه الطريقة .. أكيد أن التاريخ كتب و سجل أن تامسينت و سكانها لعبوا دورا ما يضايق و يزعج البعض .. و أكيد أن هذا التاريخ حفظ و سجل أن تامسينت و أبناءها لعبوا دورا مهما في انتفاضة 58/59 ، تلك الإنتفاضة الشعبية التي قامت في وجه الطغيان والفساد و التهميش . تلك الإنتفاضة التي ساهمت بكثير في المسيرة التي بدأها ثوار المنطقة منذ بداية القرن العشرين و أبرزهم طبعا محمد بن عبد الكريم الخطابي في توعية المواطنين بمعنى الإستعمار و معنى التهميش و معنى سرقة و نهب الثروات ... كانت انتفاضة شعبية سلمية و مشروعة ، لكن ووجهت بوحشية ، بالنار و الحديد ، بل أكثر من ذلك قوبلت بحصار و تهميش ممنهجين للمنطقة لعقود طويلة ، ليس لذنب غير المطابة بالحق .
كما أنه أكيد أيضا أن التاريخ سجل أن تامسينت و أبناءها لعبوا دورا كبيرا في انتفاضة 84 التي أتت نتيجة لإستمرار الحصار و التهميش و النهب .. فكثير من شباب هذه القرية قادوا حركات احتجاجية في مختلف ثانويات و شوارع إقليم الحسيمة و لاسيما بالمدينة القريبة إمزورن. إلا أن الحديد و النار و الإعتقال وقفوا في وجه المواطنين ، في وجه الإنتفاضة . و استمر الحصار و التهميش للمنطقة مع قليل من المساحيق التجميلية لتزيين وجوه أصحاب الحديد و انار وتزيين الآثار التي مر منها حديدهم و نارهم ، إلا أن الشمس سرعان ما أكلت تلك المساحيق و عرت عن الوجوه البشعة .
تمر السنين تلو السنين و القرية لم تختفي و لم تنهار عزيمة سكانها .. أبناءها تعلموا الصمود و المقاومة أبا عن أب ، بل يتوارثونها في جيناتهم .
تأتي سنة 2004 بكارثة طبيعية بقوة تدميرية كبيرة على تامسينت و ما جاورها و على السكان المحليين ، كأنها مساعدة لأصحاب النار و الحديد في سبيل تدمير هذه القرية و محوها من الجغرافيا و التاريخ ، إلا أن قوة و صمود أبناء القرية كانا أقوى من قوة الكارثة الطبيعية . حاول مجددا المسؤولين أو أصحاب الحديد و النار تهميش و تدمير هذه القرية العنيدة و إتمام ما بدأوه منذ عقود ، هذه المرة باستغلال الكارثة الطبيعية و نتائجها الكارثية ، و ذلك في التضييق على معيشة و سكن أبناء القرية . إلا أن السكان تكتلوا و توحدوا ضد كل محاولات تهميشهم و نهب حقوقهم . هذه المرة استيقظت روح الإنتفاضة في نفوسهم ، و استرجعوا ذكريات الإنتفاضات السابقة . نظموا تظاهرات و تحركات شعبية سلمية مشروعة للمطالبة بالحقوق المشروعة و الكف عن الحصار و التهميش . إلا أن رد فعل أصحاب النار و الحديد كان هو لعب نفس الدور الذي طالما لعبوه لعقود ، استعملوا نارهم و حديدهم في قمع الإنتفاضة و إيقاف أي تحرك شعبي مشروع ، كما نهجوا حصار و ملاحقة أبناء القرية . أرهبوا المسالمين الآمنين ، اعتقلوا الشيوخ و الأطفال ، حاصروا القرية مجددا .. لكن يأبى أبناء تامسينت أن يستسلموا للأمر الواقع ، تأبى عزيمتهم الذوبان و الإندثار ، يستمرون في كل مناسبة و في كل فرصة في التظاهر و الإحتجاج و المطالبة بالحق و لو أن أصحاب و مسؤولي النار و الحديد مستمرون بالمقابل في القمع و التضييق و التهميش ..
فرغم كل تلك المساحيق الظاهرية التي تزين بها المنطقة من مشاريع تافهة أقل ما يقال عنها أنها لا تسمن و لا تغني من جوع ، فإن الإنتفاضة مستمرة لإستمرار أسبابها و شروطها .






#محمد_ريفلاند (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيناناغ ... ماشا نشنين نزرا عاذ نتوارا / قالوا لنا...لكن نرى ...
- تحنيط الريف : ابقاءه و إحضاره شكلا . و قتله و تغييبه مضمونا
- جزيرة الجزيرة
- الصراع السلطة الحرية
- يا له من شخص؟؟(صاحبنا في الموضوع )
- فن الخطاب
- ايتها السيدة


المزيد.....




- حماس: جاهزون لصفقة شاملة تنهي الحرب وتعيد الأسرى
- باكستان.. اعتقال 178 شخصا بعد هجمات على مطاعم -كنتاكي- مرتبط ...
- اعتقالات في باكستان بعد هجمات على فروع كنتاكي
- الأونروا: لم تدخل أية مساعدات إلى قطاع غزة منذ 2 مارس الماضي ...
- الأونروا: لم تدخل أية مساعدات إلى غزة منذ 2 آذار الماضي
- مبعوثة الأمم المتحدة تسلط الضوء على صراعات ليبيا الأمنية وسط ...
- للجزائر الاضطراب زائر
- الولايات المتحدة.. احتجاجات جامعية ضد استهداف ترامب للمنح وح ...
- خليل الحية: حماس مستعدة لإطلاق سراح جميع الأسرى مقابل وقف ال ...
- برنامج الأغذية العالمي يوقف شحنات المواد الغذائية إلى مناطق ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد ريفلاند - تامسينت : عنوان انتفاضة مستمرة