أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ابراهيم خليل العلاف - جريدة الزوراء مصدرا لتاريخ العراق الحديث















المزيد.....

جريدة الزوراء مصدرا لتاريخ العراق الحديث


ابراهيم خليل العلاف

الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 03:59
المحور: الصحافة والاعلام
    



أ.د. إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية -جامعة الموصل
في أي محاولة للكتابة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر، تمثل الصحف، إلى جانب الوثائق والكتب والمذكرات الشخصية أهمية بارزة كمصدر لاغنى عنه للمؤرخ،ولعل ذلك يأتي من ناحيتين اولهما: إن الفترة المنقضية بين وقوع الحدث التاريخي وتسجيله صحفيا، هي في العادة قصيرة. وثانيهما إن الصحافة تعكس أكثر من غيرها، أراء الناس ومشكلاتهم وحقيقة واقعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وفي جريدة الزوراء، التي صدر عددها الأول ببغداد صبيحة يوم الثلاثاء 15 حزيران عام 1869، ثروة زاخرة من المعلومات والحقائق والآراء التي تعكس حركة المجتمع البغدادي خاصة، والعراقي عامة خلال حقبة مهمة من تاريخ العراق الحديث. امتدت منذ عهد مدحت باشا (1869_1872) وحتى الاحتلال البريطاني لبغداد يوم 11 آذار 1917. ولكون جريدة الزوراء قد احتوت البيانات الحكومية ونصوص المراسيم والقوانين. فضلا عن اهتمامها بالأخبار والأوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية وبابا لانتقادات القراء ورسائلهم، فأنها تعد ابرز مصدر يعتمد عليه المؤرخ في الكتابة عن تاريخ العراق، في الخمسين سنة الأخيرة من عهد السيطرة العثمانية.
إن تاريخ جريدة الزوراء يرتبط بإنشاء أول مطبعة إليه في بغداد، سنة 1869، وهي المطبعة التي جلبها الوالي مدحت باشا بنفسه(1869-1872 )، حيث وصل بغداد. وقد بلغ ما صدر من الزوراء ابتداءا من عددها الأول وحتى عددها الأخير الذي صدر في 13 آذار 1917 (2607) إعداد. وكانت تصدر بأربع صفحات من الحجم المتوسط مقاس (43سم 27سم): صفحتان باللغة العربية وصفحتان باللغة التركية .وتعد مقدمة العدد الأول من الجريدة بمثابة المفتاح الأساس لدراسة تاريخها.. وفي المقدمة توضيح لأهدافها وأسباب صدورها وفلسفتها المستقبلية .. فضلا عن أنها عكست إبعاد شروع مدحت باشا لتحديث العراق وإصلاح اوضاعه العامة.
لقد اعتادت الزوراء نشر نصوص الفرامين (المراسيم) التي يعيين بموجبها ولاة بغداد واعتادت كذلك نشر خطبهم عند تسلمهم الولاية .. وكانت هذه الخطب بمثابة المنهاج الوزاري في أيامنا المعاصرة. وكان لتأثير مدحت باشا بأفكار الثورة الفرنسية وتحمسه للحرية والمساواة، اثر كبير في أن تعكس الجريدة قدرة المثقفين العراقيين آنذاك لنقد حكامهم وأوضاعهم العامة على صفحات الجريدة وقد ظهر ذلك واضحا في أعدادها الأولى خاصة.
ولقد ساهم في تحرير الزوراء عدد من الأدباء والمثقفين العراقيين وقسم منهم تولى ادراتها أو تحريرها نذكر من هؤلاء احمد عزت محمود العمري الموصلي واحمد الشاوي وجميل صدقي الزهاوي وطه الشواف ومحمود شكري الالوسي وفهمي المدرس ومعروف الرصافي.. وكان في جريدة الزوراء كأي جريدة متقدمة أقسام للتحرير والترجمة والترتيب .وفوق هذا فإنها كانت تتابع من خلال أعدادها حركات العشائر ونصوص المعاهدات والأوامر السلطانية وعلاقات العراق بالدول المجاورة ولم تهمل السياسة الدولية .. وكانت تنقل بعض أخبارها من صحف اسطنبول وباريس ولندن .. كما اعتمدت في معظم أخبارها الخارجية على برقيات وكالات الأنباء (الاجانسي ) الأجنبية والفرنسية منها على وجه الخصوص .
واهتمت الزوراء بأخبار تطوير أوضاع ولاية بغداد والذي ظهر ذلك من خلال تشكيل لجان خاصة بأمر من السلطة المركزية للبحث في سبل وأسباب الأعمار الذي كانت تحتاج إلية بغداد، على حد تعبير الجريدة آنذاك. وكثيرا مااهتمت بمتابعة مظاهر التأخر الذي كانت تعانيه بغداد.. فعلى سبيل المثال أشارت إلى قدم وتخلف وسائل الإنتاج المستخدمة آنذاك ولجأت إلى أسلوب التهكم والسخرية عند تناولها هذه المسائل..
واهتمت الزوراء بوسائل المواصلات وخطوط التلغراف والسفن التجارية (الوابورات) التي كانت تمخر عباب نهري دجلة والفرات أو التي كانت تروح وتغدو إلى دار السعادة أي استانبول. وفي الجريدة أسماء هذه السفن ومواعيد تحركها ومقدار حمولتها.. وانصرفت الجريدة لمتابعة أخبار مشروع سكتي حديد بغداد والحجاز.. وناشدت المسؤولين والأهالي على اقتناء المخترعات الحديثة.
واستأثرت المشاكل الاجتماعية باهتمام الزوراء وتابعت أخبار القضاء والمحاكم والضرائب والبلدية ودعت إلى ضرورة تغطية أحياء بغداد بأنابيب المياه وتبليط الشوارع العامة وكرست الزوراء العديد من صفحاتها لشؤون الصحة ودعوة الأهالي إلى اتخاذ الاحتياجات أثناء انتشار الأمراض والأوبئة.
ونالت قضايا التربية والتعليم والثقافة اهتمام الزوراء، وعكست جانبا من انتقادات المثقفين العراقيين للسياسة التعليمية العثمانية والمتمثلة بإهمال التعليم ورداءة طرق التدريس السائدة في المدارس وعدم قدرة المدارس التي كانت موجودة على تلبية احتياجات المجتمع العراقي وتابعت الزوراء أنباء احتجاج وجهاء ومثقفي بغداد على قرار غلق مدرسة (كلية) الحقوق سنة 1912، هذه الكلية التي فتحت سنة 1908 بحجة أنها أصبحت بؤرة للفكرة القومي العربي المضاد للدولة العثمانية.
وتفيدنا الزوراء في متابعة أخبار حركة التنقيب عن الآثار، وتكشف المعلومات التي نشرتها جانبا من صراع القوى الاستعمارية الأوربية حول آثار العراق والنهب الذي تعرضت له هذه الآثار.
ومن خلال الزوراء نتعرف على مكتبات بغداد العامة والخاصة ومن الطريف أنها تبنت رغبة بعض الأدباء والكتاب في دعم وتحقيق ونشر المخطوطات التراثية. كما تولت نشر قصائد الشعراء المعروفين آنذاك..
ومن هنا فهي تعد مصدرا لتاريخ الأدب العراقي الحديث وتياراته.
والزوراء مصدر مهم لمعرفة الكثير من المفردات والألفاظ والمصطلحات والتسميات التي كانت شائعة في العراق أبان السيطرة العثمانية.. ومعظمها غريبة عن اللغة العربية.. ومن هذه المفردات: البر وغرام (المنهاج) والبوستة (البريد) والبولتيقة (السياسة) والقونطوراتو (العقد).
والزوراء كذلك تعد مصدرا لمعرفة معلومات طيبة عن الأبنية والمؤسسات والمنشات المعمارية (المدنية والعسكرية) التي كانت موجودة في بغداد آنذاك.. ومن ذلك قشلة العسكرية والحداد خانة والحديقة الملية( العامة ) وخستخانة(مستشفى ) الغرباء وليمان دائرة سي(السجن ). ونستفيد من الزوراء في معرفة إحصاءات سكان بغداد إبان السيطرة العثمانية.
ونتعرف من خلال صفحاتها على أساليب التجار والحرفيين والأطباء في الإعلان عن أعمالهم ومنتجاتهم..
وأخيرا فان الزوراء مصدر مهم لمعرفة بعض المعلومات والأخبار عن علاقات العراق والدولة العثمانية مع دول العالم وأقطاره، ونتعرف من خلالها على أن بغداد كانت تضم قنصليات أجنبية كثيرة، منها القنصلية البريطانية، القنصلية الأمريكية، القنصلية الفرنسية، القنصلية الألمانية.
وهكذا فان الزوراء تعد مصدرا لتاريخ بغداد والعراق كله خلال الفترة الواقعة بين 1869 و1917.. وللأسف فإنها لم تحظ، لحد الآن بدراسة أكاديمية،لا من الناحية الفنية ولا من الناحية التاريخية.. وجدير بنا أن نوجه الأنظار إليها.. وهي متوفرة في دار الكتب والوثائق ببغداد ذلك أن توجيه الأنظار والاحتفاء بها ودراستها.. يعد في ،اعتقادنا، مسالة علمية ووطنية جديرة بالاحترام والتقدير.



#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد بيومي و100 سنة من عمر صناعة السينما العربية
- طلال صفاوي وريادة حركة النحت الحديث في العراق
- عبد المجيد شوقي البكري ونشاطه السياسي والاجتماعي
- الشيخ عبد الكريم المدرس عالما وفقيها
- صبيحة الشيخ داؤود وريادة الحركة النسائية في العراق
- نزار رؤوف النقيب ومجهوداته الانسانية
- ضرورة تجديد وظائف التعليم العالي في الوطن العربي
- ثورة 14 تموز 1958 واثرها في تنظيم الجيش العراقي وتسليحه
- التعليم العالي الاهلي في العراق :التاريخ -الواقع -المستقبل ! ...
- قصة النشأة الاولى لدائرة صحة نينوى !!
- قصة النشأة الاولى للمحاكم في الموصل
- نحن وتركيا :كتاب جديد للدكتور ابراهيم خليل العلاف
- رسالة بدر شاكر السياب الى شاذل طاقة ..من وثائق التاريخ الثقا ...
- من بدر شاكر السياب الى شاذل طاقة ..من وثائق التاريخ الثقافي ...
- عبد الوهاب النعيمي 1944-2009 وداعا
- رحيل الكاتب والاديب والصحفي المبدع عبد الوهاب النعيمي( 1944- ...
- المدرسة التاريخية والاثارية العراقية تفقد احد أعمدتها :رحيل ...
- هل كان للعراق قدرات نووية ؟!
- قاسم المفتي 1924-1988 ودوره السياسي في العراق
- خيارات العراق في اقامة افضل العلاقات مع دول الجوار !!


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ابراهيم خليل العلاف - جريدة الزوراء مصدرا لتاريخ العراق الحديث