|
لما ينتقد الملك انتظارية الحكومة وسلبيتها .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2734 - 2009 / 8 / 10 - 07:58
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
شكل خطاب العرش بمناسبة الذكرى العاشرة لتولي الملك محمد السادس الحكم تقييما موضوعيا لأداء كل الفاعلين السياسيين ( البرلمان ، الحكومة ، الأحزاب ، المجالس المحلية .. ) ، من أجل تحقيق الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية . إذ حرص الملك على استهلال خطاب العرش بمصارحة الشعب المغربي بطبيعة العوائق والاختلالات التي تعترض مسار البناء الديمقراطي التنموي الذي هو المدخل الأساس لتوفير شروط العيش الكريم . وإذا كانت الإكراهات الخارجية المرتبطة بالأزمة الاقتصادية والمالية العالمية أو بالتقلبات التي يعرفها الاقتصاد الدولي على مستوى أسعار الطاقة والمواد الغائية ، لها ما يبررها ، فإن العوائق والإكراهات الداخلية لا مبرر لها سوى وضعية الانتظارية والإجراءات الترقيعية التي تلجأ إليها الحكومة . لهذا جاء الخطاب الملكي صارما في انتقاد هذه الوضعية ( بيد أن ذلك لا ينبغي أن يحجب عنا ما أبانت عنه هذه الأزمة غير المسبوقة،من اختلالات هيكلية،ومن مضاعفة حدة بعضها. لذا،ندعو إلى تعبئة جماعية لكل السلطات والفعاليات،من أجل تقويمها،بما تقتضيه الظرفيات الصعبة،من إرادة قوية،ومن ابتكار للحلول الشجاعة. بعيدا عن كل أشكال السلبية والانتظارية،والتدابير الترقيعية ). بالتأكيد أن على الحكومة أن تقطع مع وضعية الانتظار والترقيع وتدبير الأزمة لتنتقل إلى مرحلة الفعل البناء والجريء الذي يتطلب حلولا جذرية سبق للملك أن حدد خطوطها الرئيسية ومداخلها الأساسية ، وفي مقدمتها إصلاح القضاء وإطلاق الأوراش الكبرى لتحقيق التنمية المستدامة ومحاربة اقتصاد الريع . فالحكومة تكتفي بانتظار التوجيهات الملكية للاشتغال على تنفيذها دون أن تكون لها الجرأة على وضع برامج ومخططات تعكس شخصية الحكومة وتميزها في صياغة وإطلاق مبادرات تنموية تجسد الشعارات والبرامج الانتخابية التي تقدمت بها مكوناتها الحزبية إلى الهيئة الناخبة . وهي ، بتقاعسها وانتظاريتها ، تحول أعضاءها إلى مجرد موظفين في خدمة الإدارة ، بدلا من يكونوا فاعلين يحولون الإدارة إلى أداة لتنفيذ المخططات والبرامج . إذ كون الحكومة ، من الناحية الدستورية ، هي حكومة جلالة الملك ، فهذا لا يشفع لها أن تظل تتغذى على المبادرات الملكية أو تعيش على هامشها . قد يحاجج البعض بكون الحكومة مقيدة ببنود الدستور ولا يمكن إطلاق ديناميكيتها إلا بإصلاح سياسي ودستوري يمنح للوزير الأول وللحكومة وللبرلمان صلاحيات واسعة . لكن الواقع يكشف حقيقة لا مراء فيها وهي أن حالة الضعف والانتظارية التي توجد عليها الحكومة ليس مردها إلى غياب السند القانوني أو النص الدستوري بقدر ما تعود إلى افتقار مكونات الحكومة إلى الجرأة في اقتناص الفرص وإلى الشجاعة في اتخاذ القرارات البناءة والهادفة إلى تقوية التماسك الاجتماعي وضمان العيش الكريم . ومن أبرز الفرص التي تتأخر الحكومة في التقاطها واستثمارها التوجيهات الملكية التي تحث الحكومة على الفعالية والحزم كما جاء في خطاب العرش لهذه السنة ( وفي هذا الصدد،نحث الحكومة على مضاعفة جهودها،ببلورة مخططات وقائية واستباقية ومقدامة،للتحفيز الاقتصادي،وتوفير الحماية الاجتماعية) . فالملك ينتظر من الحكومة أن تقدم بشجاعة على سلسلة من الإجراءات التي تتوخى منها تحقيق العدالة الاجتماعية والرفع من مستوى عيش عموم المواطنين . بالطبع لن يأمر الملك حكومته بتنفيذ قرارات بعينها ، بل عليها هي وحدها وضع التدابير التي تحقق الغايات المرجوة . لهذا يكون حريا بالحكومة أن تتخذ من الخطاب الملكي منطلقا لها لتأطير سلسلة من الخطوات الشجاعة التي يجب عليها القيام بها ، بل إن الواقع المعيش يفرض عليها مثل هكذا خطوات خصوصا وأن الظرفية الاقتصادية العالمية بقدر ما هي نقمة ففي طيها نعمة . ومما ينبغي للحكومة القيام به : 1 ـ إلغاء الامتيازات والعلاوات والتعويضات على أعضائها أولا ثم على عموم الموظفين السامين ــ مدنيين وعسكريين ــ الذين يكلفون ميزانية الدولة مبالغ طائلة هي في حاجة ماسة إليها لدعم مخططات التنمية المستدامة . فدولة من مستوى المغرب بميزانية محدودة وموارد شحيحة لا ينبغى لها على الإطلاق أن تجزي العطاء تحت أي مسمى كان . فليكن أعضاء الحكومة عبرة لغيرهم من ذوي الحظوة والامتياز في التنازل الطوعي عن امتيازاتهم تكريسا لمبدأ التضامن الاجتماعي . 2 ـ المراقبة الصارمة للنفقات بدءا من الوزراء الذين عليهم أن يكونوا قدوة في المواطنة والتعفف ، مرورا بكل القطاعات الحكومية وشبه الحكومية وصولا إلى الجماعات المحلية ، حيث إن فواتير الوقود والهاتف وتعويضات التنقل وقطع الغيار فقط تعكس حجم التبذير التي تعاني منه هذه المرافق . 3 ـ إلغاء عقود عدد من المشاريع التي لسنا بأمس الحاجة إليها والتي تكلف الخزينة العامة ملايير الدراهم ، ومنها مشروع القطارات فائقة السرعة (تي.جي.في) التي ستربط بين الدار البيضاء وطنجة لتكلفتها الباهضة (22 مليار درهم) . فالمغاربة بحاجة إلى عمل وخبز وسكن ودواء أكثر من حاجتهم إلى قطارات بسرعة 360 أو 400 كلم في الساعة . فالتركيز على عامل السرعة ينبغي أن يكون في اتجاه الأمن الاجتماعي الذي يتهدده الفقر والتهميش والإجرام والتطرف . 4 ـ محاربة الرشوة بالتدابير العملية وليس بالشعارات وذلك بالانفتاح على التصورات التي تقدمها الهيئات العاملة في مجال محاربة الرشوة والفساد ، فضلا عن إصلاح القضاء إصلاحا جذريا وحقيقيا . 5 ـ تخليق الإدارة وتكريس مبدأ الشفافية بتبسيط المساطر واعتماد الإجراءات والتدابير الضرورية لفرض النزاهة ومعاقبة المفسدين بالإكراه البدني ومصادرة الممتلكات المتراكمة بفعل النهب واستغلال النفوذ . 6 ـ تخليق الحياة السياسية والحزبية كمدخل لتخليق الحياة العامة . إذ الفساد السياسي والحزبي يقود حتما إلى الفساد الإداري والمالي ويعوق أي إصلاح. فهل ستكون الحكومة في الموعد هذه المرة ؟ أكيد أن تذمر المواطنين من أداء الحكومة وضعف الأحزاب يوسع دائرة اليأس والعزوف السياسي مما سيفشل حتما جهود الانتقال الديمقراطي ويقوي ، بالمقابل ، تيارات الفساد والعدمية والتطرف .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البيجيديون وخطيئة الاحتماء بالأجنبي .
-
إستراتيجية تأهيل الأئمة ضرورة أم غاية ؟
-
هل ثقة الملك في الحكومة تحميها من كل تعديل أو إسقاط ؟
-
شهادة البكالوريا بوابة مفتوحة على المجهول .
-
هل فعلا لفظ الجلالة وتقبيل يد الملك هما ما يمنعان جماعة العد
...
-
فتاوى شيوخ التطرف دليل إدانتهم .
-
التحالف بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة يقتضيه المن
...
-
براءة شيوخ التطرف المفترى عليها .
-
ما الذي يمنع التحالف بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والم
...
-
المغرب كان محصَّنا ضد المشرقيات وعليه أن يبقى
-
حتى لا يبقى المغرب حضنا لضلالات الوهابية ومخاطرها .
-
الجزائر وهوس الزعامة الإقليمية .
-
لوهابية تأكل أبناءها وتحاكم عقائدها .
-
أخطار المد الوهابي على وحدة الشعب واستقرار الوطن .
-
المد الوهابي والمد الشيعي فكا كماشة واحدة .
-
حزب العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(2)
-
العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(1)
-
إبداعات فقهية لتكريس شقاء المرأة واستغلالها.
-
لتكن إجراءات الدولة شاملة ومستمرة .
-
ما أعجز الحكومة عن التخفيف من معاناة المنكوبين !!!
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|