نسبة النجاح .. جيدة !!

محمد سوادي العتابي

الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 04:30
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

تفتخر شعوب العالم اليوم بإنجاب العلماء والمفكرين الذين ساعدوا في النهوض بالواقع المعيشي لدولهم ، طبعا لم تأت هذه النخبة من فراغ بل إن ما توفره الدول لهم من إمكانيات تجعل من صناعة العقول أمرا واردا خاصة إذا ما مارست الدولة أو بمعنى اصح الحكومة الطرق الصحيحة في صقل مواهب النشئ ، وتبدأ هذه الأساليب في طرق التعليم والتعلم ووضع المناهج المتطورة ، وكلما ارتقت عملية التخطيط زادت نسبة النجاح في الطلبة مما يوفر عددا كبيرا يمكنه إن يقطع أشواطا في تطور البلاد ، وهذا الأمر لا يبدو منطبقا على وزارة التربية في العراق بشكل جلي ، فعندما أعلنت وزارة التربية نتائج الصفوف المنتهية للعام الدراسي 2008/2009 وخاصة الصف السادس الإعدادي بفرعيه العلمي والأدبي انتابتني _ صراحة _ الحيرة وأنا اسمع إن نسبة النجاح لا تتعدى 25% من مجموع الطلبة الداخلين إلى الامتحانات الوزارية وهذه النتيجة تنذر بخطر سوف تظهر نتائجه في السنوات القليلة القادمة ، وإذا كنا نرى الأمر كارثيا على البلد نفاجأ بتصريح من الناطق الرسمي في وزارة التربية حيث يصرح بان نسبة النجاح جيدة ؟؟ !
، وكيف تكون هذه النسبة جيدة ودرجة النجاح التي تفرضها الوزارة على الطالب يجب ألا تقل عن 50 وحتى هذه النسبة لا تعد جيدة بل ولا مقبولة حسب ما يصطلحون عليها ...
وهذا هو الحال في وزارتنا فبدلا من إن تقول : إن النسبة سيئة وغير مقبولة ( فضيحة ) نرى ناطقها يبرر ويدافع عن وزارته ( باب رزقه الوفير ) بضرس قاطع ، متغافلا ومبتعدا عن طرح الأسباب التي أدت ببقية الطلاب إلى عدم النجاح وما هو سبب الإخفاق المتوقع في هذه الوزارة التي تنتقل من السيء إلى الاسوء ..
علينا مواجهة الأمر بصراحة وبدون تملق فالمستوى التعليمي في العراق يمر بانتكاسة لا مثيل لها نتيجة عدم التخطيط من وزارة التربية لرفع هذا المستوى ... فكل محافظات العراق ( مستثنيا إقليم كردستان ) تشكو من التردي التربوي ولا نسمع إلا تبريرات يسوقها المسؤولون لإنفاق فشلهم مع ادعائهم العلم والعمل الدؤوب الذي يعملونه لوحدهم ولا يلمس المواطن تطبيقا له .
الم يفكر المسؤول إن نسبة المكملين والراسبين هي 75% وهي نسبة جدا عالية خاصة إذا علمنا إن المكمل هو الذي يرسب في درسين من أصل سبعة وهكذا شددت الوزارة على هذا المعدل ولا اعرف لم لا يجعلون المكمل هو ذاك الذي يرسب في ثلاث مواد ، يبدو إن لوزير التربية شان لا نعرفه من وراء هذا التصرف الذي أرجعنا إلى أيام الحرب العراقية – الايرانية حيث كانت الوزارة تحاول تكثير نسبة الراسبين حتى يلتحقوا إلى محرقة الهدام ، من خلال الأسئلة الصعبة التي لا يفهمها ولا يجيب عنها إلا الراسخون في العلم وأولاد المسؤولين الذين أما إن تصل إليهم الأسئلة إلى البيت أو إن يكتفوا بتسجيل أسمائهم على الدفاتر الامتحانية والمعدل مضمون وكم كان النظام السابق يتلاعب بالنتائج من اجل زج أولاد الشعب إلى حروبه التي لم تنته إلا بموته.
ولنا إن نتساءل الآن :ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض الغير مسبوق في نسبة النجاح هذه ؟؟ ومن هو المسؤول عن هذا الواقع ؟ وهل غابت الرقابة ولجنة النزاهة عن هذه الوزارة الحيوية والتي من المفترض إن تكون الداعم الأساسي لخلق جيل مثقف متعلم يسهم في بناء وتطوير جميع مفاصل البلد ؟
يمكننا إن نلخص الإجابات على هذه التساؤلات بعدة نقاط :
1. عدم توفير الكادر التدريسي الكافي في المدارس وبالتالي فان الطلبة لا يكملون المنهج المقرر في الوقت المحدد ، ولقد شاهدنا بعض المدارس لا يكتمل كادرها التدريسي إلا بعد إن تنقضي نصف السنة حيث تكون فرصة إكمال المنهج ضئيلة إن لم تكن معدومة .
2. ضعف بعض المدرسين في إلقاء دروسهم إذ أنهم لا يستطيعون إيصال مادة المنهج إلى ذهن الطالب فيصبح الكتاب عبارة عن شفرات وطلاسم ، وكيف نطالب الطالب بالنجاح وهو لا يفهم شيئا مما يقوله الأستاذ ، وسيحتاج هذا الطالب حتما إلى مدرس خصوصي ، وكما نعلم فان هذا الأمر غير متاح لكثير من الطلبة ذوي الدخل المحدود وتبقى فرصة النجاح متاحة للأغنياء الذين يتمكنون من جلب المدرسين الأكفاء وبأجور جيدة .
3. ضعف تجهيزات المدارس خاصة في المختبرات التي يمكنه إن تساعد الطالب في فهم المادة ورفع مستواه العلمي ، وقد عانينا هذا الأمر وكثير من الطلبة إذ أنهم غالبا لا يفهمون ما هو وجه الحاجة إلى كل هذه المناهج وان تدريسها ثقل وعبء ومضيعة للوقت ، فالمختبرات العلمية تساعد كثيرا في معرفة السبب من دراسة الفيزياء والكيمياء بل حتى في العلوم الطبيعية .
4. إهمال بعض الأسر لأبنائها وعدم تشجيعم والشد على سواعدهم وإفهامهم بان امتحان الصف السادس الإعدادي هو مفتاح المستقبل وما يبذل من جهد مضاعف خلال هذه السنة سوف يرجع بالفائدة عليهم ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يجب على الأسرة إن توفر الجو المناسب للدراسة وعدم إرسال ابنها إلى العمل أو تسخيره لشؤون المنزل في فترة ما قبل الامتحانات إذ أنها تشكل الفيصل في فهم الطالب واستيعابه للمادة الدراسية .
وهكذا خلصنا إلى إن جلّ الأسباب تقع على عاتق وزارة التربية التي تطلق تلك النسب الارتجالية وتلقي بلائمتها على الطالب الذي يجب إن يفهم وان لم يفهم فعليه إن يعيد السنة ( سنة من عمره ومستقبله ومن دخل أسرته التي تستقطعه من فمها في سبيل مواصلة ابنها طريق التخرج والحصول على الشهادة سلاح المستقبل )

انه من الواجب على كل نزيه في البرلمان والحكومة أن يقف بحزم أمام هذا الوضع المتردي في وزارة التربية التي لا نرى فيها أي تخطيط أو تخصص بل الداهية العظمى إن ترى وزير التربية يصير غدا وزيرا للداخلية مع البون الشاسع بين الاختصاصين ...
إنها كلعبة الشطرنج وحذار من ( الكش مات ) .

#محمد_سوادي_العتابي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات