مسعود محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2733 - 2009 / 8 / 9 - 08:18
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
هل ستشهد الساحة السياسية الفلسطينية انطلاقة متجددة لحركة فتح التي استطاعت في العام 1965 أن تحول القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إلى قضية وطنية في المقام الأول، حيث بات اللاجئ الفلسطيني مع انطلاقة رصاصتها الأولى فدائيا مقاتلا في سبيل الوصول إلى حقه في العودة إلى وطنه ودياره. سؤال ليس بالسهل الاجابة عليه في ظل صراع أجنحه و اتهامات متبادله كانت بدايتها تحويل مندوبي فتح في غزة الى لاجئين و أسرى ممنوعين من حضور مؤتمرهم للتعبير عن موقفهم خاصة و انهم يشكلون خط الدفاع الأول بوجه حماس الراغبة بالغاء فتح ليتسنى لها الحلول مكانها على الساحة الفلسطينية عامة بعدما حلت مكانها في غزه و نجحت بتحويلها الى سجن كبير لكل القضية الفلسطينية . السؤال المطروح بقوة هل أزمة فتح هي أزمة قيادة مزمنة كما حدث "للقادة التاريخيين " في ثورات أخرى؟ أم أزمة شرعية داخل هيكلية المؤسسة أو الحركة أم أزمة رؤيا مستقبل المشروع الوطني في إقامة دولة مستقلة على أراضي عام 1967 وعاصمتها القدس.
حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، هي تنظيم فلسطيني نشأ في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1957، وظل يعمل سرًّا حتى عام 1965، حين أذيع أن الراحل ياسر عرفات هو الناطق الإعلامي للحركة، و تعود نشأتها الى اتفاق مجموعات من الشبان الفلسطينيين عاشوا النكبة واكتسبوا بعض الخبرات التنظيمية في اتحادات وروابط الطلاب الفلسطينيين أو في أحزاب قومية عربية، و هي اليوم مشتتة فيما بيت تيارين رئيسيين تيار الداخل الذي يمتلك نفوذاً تنظيمياً واسعاً، وبِـيدها أدوات السلطة والثروة، لكنها ممزقة بين مجموعات تختلِـف في قراءة المشهد من ناحية، وفي تحديد طبيعة القيادة والعلاقة بين الحركة والسلطة.و تيار الخارج الذي يقوده فاروق القدومي ، والذي بقي طَـيف واسع منه على موقفه الرافِـض لاتفاقية أوسلو ولسياسات السلطة، ومحيـر بين تبنـي الخيار السـلمي والمقاومة، حتى ولو بصورتها السلمية. الفتحاويين أمام معضلة أخرى و هي التجديد للقيادة التاريخية و الوفاء لها بغض النظر عن الأزمات التي تسببت بها و الانقلاب على تلك القيادة و ضخ دم جديد في القياده و انتخاب قياده شابه تعيد اطلاق فتح لتكون في ريادة العمل الوطني الفلسطيني الا أن المتوقع هو المزاوجة فيما بين القديم و الجديد من خلال توافـق بين جيل الشباب على تنصيب مروان البرغوثي، الذي أعلن من السجن ترشيح نفسه لعضوية اللجنة المركزية، ممثلا الجيل الجديد وتمهـد الطريق له للعب دور سياسي أكبر، في حال خرج من السجن لاحقا، ويتوقـع أن يدخل معه إلى الأطر القيادية مجموعة أخرى من جيل الشباب في الحركة. التساؤل حول مستقبل حركة فتح مطروح بقوة بعد غياب ياسر عرفات، وازداد ضغطا بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية و انقلابها على السلطة و فرض سيطرتها على غزه. هل ستبقى حركة فتح متماسكة وقادرة على المضي في رسم صورتها الجديده وإعادة ترتيب صفوفها، والعودة مجددا بقوة إلى المسرح القيادي الفلسطيني؟ هل هناك مقومات لنجاح هذه المحاولات، أم أن الحركة قد انهكت و ستطلق على نفسها رصاصة الرحمة في مؤتمرها؟
مرت حركة فتح بعواصف عديده منذ انطلاقتها و استطاعت الحفاظ على تواجدها رغم المد و الجزر الذي يتعرض له نفوذها :
• عام 1970 أجبرت على الخروج من الأردن الى لبنان على أثر معركة الكرامة .
• عام 1982 نفذت اسرائيل الترانسفير الثاني من خلال اخراج منظمة التحرير الى أكثر من عشر منافي .
• عام 1991 عقد مؤتمر مدريد و مثل الفلسطينيين باطار الوفد الأردني و من ثم كمستقلين .
• عام 1992 عقدت اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية و اسرائيل .
• عام 1994 انتقلت فتح من مرحلة الثورة الى مرحلة بناء الدولة على أثر انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في نيسان من العام نفسه .
• عام 2000 انطلقت انتفاضة الأقصى لرفض سياسة الاملاءات على الشعب الفلسطيني و فرض الأمر الواقع الاسرائيلي من خلال توسعة الاستيطان و التحضير للترانسفير الثالث الذي تريه اسرائيل هذه المرة أن يشمل فلسطينيي 48 ليتثنى لها انشاء دولة يهوديه خاليه من الفلسطينيين .
• عام 2006 كان عام حماس بامتياز حيث اكتسحت مقاعد المجلس التشريعي و كان ذلك مقدمة لسيطرتها لاحقا على غزة و انشاء امارتها الاسلامية فيها (الوجه الآخر للدولة اليهودية ).
المطلوب اسرائيليا على الساحة الفلسطينية الاعتراف بيهودية الدولة مقابل اعتراف إسرائيلي بدولة فلسطينية غير محددة المعالم ومنزوعة السلاح؛ بعد وصول نتنياهو إلى سدة الحكم في إسرائيل وتشكيل حكومة أكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
على مؤتمر الحركة أن يحدد لها الخطوات السياسية القادمة بناء على المتغيرات السياسية التي شهدتها الساحة الفلسطينية وخاصة بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994. وفي هذا السياق سيكون مبدأ الشفافية في الأداء والمحاسبة عن الأخطاء السياسية والتنظيمية ضوابط أساسية لكي تستعيد الحركة وهجها الكفاحي والعودة إلى أهداف الرصاصة الأولى التي انطلقت في كانون الثاني ( يناير) عام 1965 عندما كرست المفاهيم الوطنية بمعنى الانخراط في الجهد المبذول لتحرير فلسطين و عليها الابتعاد عن الشعارات الكبرى في مرحلة النشأة للحركة و أن تعيد لمنظمة التحرير دورها من حيث جعلها بيتا لكل الفلسطينيين يساعد على بعث الهوية و الشخصية الفلسطينية و بالطبع لا بد من الابتعاد عن جميع المحاور في المنطقة والإقليم سواء تلك المحاور العربية أو غير العربية لغرض تركيز وتكتيل الجهد فقط من أجل فلسطين.
أخيرا و ليس آخرا نتوقع من فتح الجواب عن الأمور التالية :
• كيف ستعيد إحياء الفكر القومي وتضع مشكلة فلسطين في الإطار القومي العربي
• كيف ستعيد إحياء العلمانية وتوضيح مفهومها احياء لميثاقها الوطني " نحو بناء وطن علماني ديمقراطي على كامل التراب الفلسطيني".
• احد أهم أسباب سقوط حركة فتح واليسار معها لأنهما لم يمتلكا برنامج سياسي واجتماعي واضح، و على المؤتمر أن يوضح العلاقات فيما بين ثلاث نقاط هي البعد القومي، الأيديولوجي والديني ومن ثم علاقة الدين بالبعد القومي الوطني.
تبدو السلطة الفلسطينية اليوم أكثر تماسـكا و قوة وقـدرة على إدارة السياسات والتوازنات على أرض الواقع، مقابل حركة فتح التي تعاني حالة من الشيخوخة وهشاشة البنية التنظيمية، لكنها تبقى ضرورية في سياق التعبئة الشعبية والسياسية وفي المواجهة الداخلية مع حركة حماس، و هي الأقدر و الأجرأ على السير مع السلطة الفلسطينية باتجاه السلام العادل حتى تحقيق حلم الشعب الفلسطيني بالعودة و العيش بدولة محددة المعالم على كافة حدود ال 68 و عاصمتها القدس تماشيا مع رؤية مؤسسها ياسر عرفات الذي تحدث في 13 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1974 للمرة الاولى امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك قائلا "أتيت إلى هنا حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية المقاتل من اجل الحرية في الاخرى. فلا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي". الحل كان و ما زال غصن الزيتون بقيادة السلطة الوطنية .
#مسعود_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟