|
لا مشروع وطني بدون حركة فتح ولا فتح بدون غزة
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 2733 - 2009 / 8 / 9 - 08:17
المحور:
القضية الفلسطينية
بالرغم من التحديات الداخلية التي تواجه مؤتمر فتح السادس وبالرغم من اشتغال أكثر من طرف على إفشال المؤتمر أو توجيه نتائجه لما هو أسوء من الفشل،إلا أن كل وطني فلسطيني وكل مسلم وعربي حريصا على الشعب الفلسطيني يتمنى التوفيق والنجاح للمؤتمر لأنه بدأ يتأكد انه وبعد سنوات من المراهنة بدون جدوى على الإسلام السياسي وخصوصا حركة حماس حيث بان أن جهلها السياسي وتوقها للسلطة لا يقل خطورة عن الفساد السياسي التي تتهم به خصومها، وبعد سنوات من المراهنة على أن تنهض قوى اليسار الفلسطيني من كبوتها وتوحد نفسها أو تقود تحالفا واسعا بعيدا عن صراعات وتجاذبات فتح وحماس بل استمرأت قوى اليسار العيش على هامش صراع الكبار والاكتفاء بمهمة التنظير،وبعد فشل ظهور تيار ثالث أو تيار للمستقلين حيث ما ظهر منهم مجرد فقاقيع توظف ما لديها من ثروة وما ربطت من علاقات مع دول الجوار المعنية بالبحث عن أدوات جديدة لها في الساحة الفلسطينية، للزعم أنهم البديل للقيادات التاريخية أو المنقذ للحالة الفلسطينية ... بعد كل ذلك تأكد الجميع أن فكر ونهج حركة فتح هو الصحيح وان فكرة فتح وبالرغم من كل ما أصابها من وهن وما علق بها من فساد ومفسدين ... هو التجسيد الحقيقي للوطنية الفلسطينية والهوية والثقافة الوطنية حيث خصب التنوع والإبداع والاستعداد لاستيعاب الجميع والحوار مع الجميع لان الوطنية لا تقصى أي كان من أبناء الوطن لمجرد الاختلاف في الرأي أو العقيدة . حركة فتح التي نتحدث عنها ليست تنظيم فتح الراهن وليست أشخاصا محددين وليست السلطة ،إنها الفكرة الوطنية والمشروع الوطني،ليس هذا القول تعصبا لفتح ولكن تعصبا لفلسطين وخوفا عليها من الضياع بعد غياب وفشل كل القوى الأخرى التي تنطعت لقيادة العمل الوطني ،هذا لا يعني أيضا أن حركة فتح وحدها قادرة على إنجاز المشروع الوطني ولكننا نفصد إنها العمود الفقري للمشروع الوطني ،وبالتأكيد فإن هذه الصفة وهذا الدور مشروطان بأن تستمر حركة فتح كحركة تحرر وطني وان تستمر أمينة على الفكرة الوطنية،بمعنى ان حركة فتح تفقد دورها الريادي إن تخلت عن المشروع الوطني التحرري،والمعادلة هي أن لا مشروع وطني تحرري بدون حركة فتح، ولا قيمة لحركة فتح بدون المشروع الوطني التحرري. من هنا تأتي أهمية انعقاد المؤتمر وفي هذا الوقت بالذات،حيث بتعرض المشروع الوطني لخطر وجودي .أهمية المؤتمر أنه جاء بعد أن وصلت القضية الوطنية برمتها لطريق مسدود ويتم تحميل الفلسطينيين المسؤولية عن ذلك، والفلسطينيون يتطلعون لحركة فتح والرئيس أبو مازن ليخرجوهم من الطريق المسدود !،يأتي المؤتمر بعد فشل كل القوى الأخرى في ملء الفراغ الناتج عن تراجع حركة فتح،ويأتي المؤتمر بعد أن باتت هويتنا وثقافتنا الوطنية مهددتان بالتلاشي بعد أن عملت بهما إسرائيل تشويها وتغييبا ثم جاءت جماعات الإسلام السياسي لتناصباهما العداء وتؤسس لثقافة غريبة عن شعبنا حتى وإن زعمت بأنها ثقافة إسلامية،ذلك أن الإسلام الحقيقي لا يُغيب أو يلغي الثقافات والهويات الوطنية وخصوصا إن كانتا مهددتين من عدو صهيوني يحمل مشروع قوميا يشكل نفيا لهويتنا الوطنية والقومية.ويأتي المؤتمر بعد أن وصلت الخلافات الفتحاوية الداخلية لدرجة التراشق بالاتهامات بالخيانة ومحاولة البعض مصادرة اسم وتاريخ الحركة بعيدا عن أهدافها وكينونتها الأولى. كنا نتمنى أن يحضر المؤتمر كل القيادات في خارج الوطن وكذا قيادات غزة ليتحمل الجميع المسؤولية في هذا المنعطف حيث مجريات ونتائج المؤتمر ستحددان مصير حركة فتح ومستقبل المشروع الوطني ولكن للأسف سارت الأمور بالشكل الذي يضعف التوقعات.إن كنا لا ننتظر أن يخرج المؤتمر بقرارات خارج سياق الحالة السياسية القائمة وخصوصا عملية السلام واستمرار حالة الانقسام بين غزة والضفة،إلا أننا نتمنى أن يقطع المؤتمر الطريق للوصول للمواقع القيادية على كل من أساء لحركة فتح والشعب الفلسطيني،أن يقطع الطريق على أولئك الذين وظفوا التسوية ومشروع السلام الفلسطيني ليؤسسوا لشراكة مصالح مع إسرائيل عاثوا من خلالها فسادا في السلطة وشكلوا طبقة من الفاسدين حيث تاجروا بكل شيء، من الدواء والطحين والأسمنت إلى مداخيل المعابر والتلاعب بالمنح والمساعدات الخارجية ،نتمنى أن يقطع المؤتمر الطريق على أولئك الذين تفردوا بمبادرات سياسية مع إسرائيليين ساوموا من خلالها على حقوق الشعب كحق ألاجئين بالعودة،نتمنى من المؤتمر أن يقطع الطريق على من نسقوا مع إسرائيل لتنفيذ خطة شارون للانسحاب أحادي الجانب من غزة ثم خلقوا حالة الانفلات الأمني في القطاع وسهلوا الطريق على حركة حماس للسيطرة على قطاع غزة،وهؤلاء هم الذين شاركوا أو صمتوا على جريمة اغتيال الرئيس أبو عمار.حكمنا على نجاح أو فشل المؤتمر سيكون من خلال تشكيل اللجنة المركزية والمجلس الثوري ،إن كان الفاسدون على رأس أو ضمن أعضاء هاتين المؤسستين القياديتين فمعنى هذا أن المؤتمر سيشكل قطيعة ما بين حركة فتح والمشروع الوطني لان هكذا قيادة لن تكون حريصة على المشروع الوطني ولا تؤتمن عليه. إن كانت حركة فتح ستصبح بلا معنى بدون الالتزام باستحقاقات المشروع الوطني التحرري ومن ضمن هذه الاستحقاقات أن يكون على رأس الحركة قيادات مناضلة تستطيع مواجهة إسرائيل ومناصبتها العداء إن تطلب الأمر،أيضا لا معنى لحركة فتح ولا للمشروع الوطني بدون قطاع غزة .فمع كامل احترامنا لكل الشعب الفلسطيني ولكل الفتحاويين في الضفة والشتات،فإن قطاع غزة وأهل قطاع غزة وفتحاويي قطاع غزة وكما كانوا تاريخيا وما زالوا حاضرا، هم قلب المشروع الوطني وركيزة أساسية من ركائزه بل لا نتصور قضية فلسطينية أو مشروعا وطنيا أو حركة تحرر وطني أو حركة فتح، بدون قطاع غزة ،لقد حمى قطاع غزة الهوية والوطنية الفلسطيني في أحلك الأزمنة عندما كانت الضفة تحت السيادة الأردنية وكان فلسطينيو الشتات يصارعون من اجل البقاء ولقمة العيش والحفاظ على شخصيتهم الوطنية،كان أبناء قطاع غزة في المقدمة في كل المعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية من الأردن ومجازر 1970 إلى لبنان وجبل الشيخ ثم الانتفاضتين الأخيرتين.فلسطينيو وفتحاويو قطاع غزة الصامدون في القطاع هم الذين جابهوا الانقلابيين ويتعرضون كل يوم للاضطهاد من طرف أجهزة حركة حماس. مع أن عدم مشاركة أعضاء المؤتمر من قطاع غزة تبدو وكأنها نتيجة منعهم من طرف حركة حماس حيث اشترطت هذه الأخيرة لخروجهم الإفراج عن معتقليها في الضفة،إلا أننا نخشى أن الأمر أبعد واخطر من ذلك،ندرك جيدا أن حماس لا تريد استنهاض وتقوية حركة فتح،ولكن ماذا كان سيحدث لو أفرجت الحكومة في رام الله عن معتقلي حماس وكان بإمكانها الإفراج عنهم ثم إعادة اعتقالهم بعد أيام؟هل إن قرار الإفراج بيد الحكومة والسلطة أم بيد دايتون وبالتالي فمن رفض الإفراج عن معتقلي حماس إنما كان يريد توتير العلاقة بين فتح وحماس وإعاقة مؤتمر فتح وتعزيز الانقسام ما بين غزة والضفة وفتح غزة وفتح الضفة؟وحماس بوضعها لشرطها كانت تدرك ذلك وتريد ذلك.ألا يمكن أن نتصور أن من شارك في خلق مشكلة مشاركة غزة في المؤتمر كان يرمي أن يتم تمثيل غزة بمن بتواجد في الضفة والخارج من أبناء غزة الذين هربوا قبل وأثناء انقلاب حركة حماس وهؤلاء لا يمثلون حركة فتح في غزة ؟. نتمنى لمهرجان بيت لحم أن يكون مؤتمرا فتحاويا بجدارة.لا نريد من المؤتمر أن يتخلى عن خيار السلام بل يتخلى عن الفاسدين ،لا نريد من المؤتمر أن يخضع لابتزاز الانقلابيين من حماس بل يخضع للمصلحة الوطنية التي تقول أن لا فلسطين بدون وحدة الشعب في الضفة وغزة،لا نريد من المؤتمر أن يعلنها قطيعة مع الأمريكيين والأوروبيين وحتى مع الإسرائيليين ولكننا نريده أن يعيد القضية الوطنية لجماهيرها العربية والإسلامية والعالمية ،لا نريد أن يكون غياب قيادات غزة عن المؤتمر سببا في إفشال المؤتمر ولكن نريد أن لا تغيب غزة عن المؤتمر وعن فتح لان لا مستقبل لحركة فتح وللقضية الوطنية بدون قطاع غزة . 07/08/2009
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل فقد مؤتمر حركة فتح أهميته فبل أن ينعقد؟
-
الفضائيات وسياسة الفوضى البناءة
-
هل سيكون مؤتمر حركة فتح سببا في إعاقة المصالحة الوطنية والتس
...
-
هل أصبحت حركة فتح كالهرة التي تأكل أولادها:قراءة في تصريحات
...
-
هل تستحق السلطة كل هذا الثمن؟
-
ما وراء استهداف الرئاسة الفلسطينية
-
علاقة حكومة فياض بحركة فتح وبالمشروع الوطني
-
لغز حل الدولتين
-
قراءة في الانتخابات الإيرانية:ديمقراطية أبوية جديدة
-
الانتخابات اللبنانية والحالة الفلسطينية:أوجه التشابه والتداع
...
-
في مفهوم الانقسام الفلسطيني
-
من أوباما الرئيس الجديد إلى أوباما الاستراتيجية الجديدة
-
الديمقراطية في العالم العربي :انتكاسة في التطبيق أم تغيير في
...
-
الخطاب السياسي و جدلية العلاقة بين المتكلم والمتلقي والمكان:
...
-
الكونفدرالية الفلسطينية في ظل الاحتلال
-
مؤتمر دربان 2:تراجع في التأييد العالمي أم خلل في الدبلوماسية
...
-
ما خفي من حوارات المصالحة الفلسطينية في القاهرة
-
مؤتمر حركة فتح والمصالحة الوطنية والتسوية
-
قمة الدوحة: مصالحات دون حل الخلافات
-
وستبقى القدس عاصمة للثقافة العربية وعاصمة لفلسطين
المزيد.....
-
منشور يشعل فوضى في منتجع تزلّج إيطالي.. ماذا كتب فيه؟
-
-أم صوفيا-.. سلمى أبو ضيف تنجب طفلتها الأولى
-
رداً على تصريحات ترامب بشأن -تهجير- أهل غزة، دعوات إلى التظا
...
-
اللجنة المحلية للحزب في الديوانية: ندين الاعتداء على المحتجي
...
-
حادث مطار ريغان يربط موسكو وواشنطن في مباحثات إنسانية
-
غزة.. انتشال 520 جثة من تحت الأنقاض منذ وقف إطلاق النار
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير 6 بلدات في كورسك ودونيتسك وخاركوف
...
-
وقفة صامتة أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب للمطالبة بالإفر
...
-
بيسكوف: التعليق على تكهنات حول -قوات كوريا الشمالية في كورسك
...
-
فنلندا.. منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|