|
هوية الاٍنسان أم هوية اللسان ؟ (3)
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 2731 - 2009 / 8 / 7 - 04:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
... الجزء الثالث.
كثيرا ماقيل بأن اللغة هي الأساس في أية هوية ، لأن اللغة هي المرآة العاكسة لذاتية وخصوصية الناطقين بها ، وقيل بأنها هي صانعة ذلك الشعب ، ( حسب ما يراه العالم اللغوي فرديناند دو سوسور)، غير أن التاريخ يتحكم في تغيير مواقع العناصر المكونة للهوية ، فموقع اللغة العربية على سبيل المثال في التنظير القومي العربي تحتل الصدارة ، حتى قال أحد الشعراء العرب : ( اٍن فرق الاٍيمان بين جموعنا ،، فلساننا العربي خير موحد)، أما ترتيب اللغة في أدلجة الوطنية فهي شبه مهملة ، اٍذ يتم التركيز على أبعاد الأرض والتاريخ ، والمصير المشترك . وعرف أجدادنا ألأمازيغ منذ فجر التاريخ بالبراجماتية في تعاملهم مع اللغات ، فقد اهتموا بلغتهم الأمازيغية لحين ، ثم انفتحوا على لغات الأقوام الوافدة فبرعوا فيها تأثيرا واٍنتاجا ، فكان لهم صولات وجولات في اللاتينية ، بدأ بابداعات يوبا الثاني ، والقديس أوغسطين ، وصولا اٍلى مولود معمري ، وكاتب ياسين و مولود فرعون ، كما أنهم أخذوا بناصية اللغة العربية مشافهة وكتابة في بدايات انتشار الاٍسلام ، فبرعوا فيها كثيرا باعتبارها لغة الدين ، ولغة التواصل مع أهل الملة جميعهم . الواقع اللغوي في الجزائر : اللغة الأمازيغية / الأمازيغ من الأمم القديمة في ابتكار الكتابة ، ولهم تقويم يعود اٍلى 950 سنة قبل الميلاد، ولهم لغة متداولة اٍلى أيامنا هذه في كثير من مناطق البلاد ، هذه اللغة الأمازيغية التي أهينت ، وكادت أن تطمس تماما من الذاكرة الجماعية للأمة لولا اٍرادة الله ، واٍرادة الوطنيين المخلصين لهذه الأمة ، واٍرادة الجدات اللواتي حفظن على الاٍرث رغم الداء والأعداء ، وتتجلى مظاهر الاٍساءة لهذه اللغة من طرف أهلها في تغييب استعمالها في الحياة اليومية ، وتعرض الاٍنسان الأمازيغي اٍلى نوع من ازدواج الشخصية، وما رافق ذلك من تنصل لقيمه وذوبان شبه كلي في الغير ، مخافة الاحتقار أو شعورا بالدونية المغروسة فيه بفعل الاٍستعمارالثقافي . أما الاٍساءة الخارجية فتكمن في التهجم على اللغةالأمازيغية من طرف الوافدين احتقارا واٍذلالا وطمسا ، واٍحلال لغة ،أو لغات بديلة لها ،لغرس قيم الشك والتشكيك في نفوسنا ،وذاك ما يسمح بسهولة التبعية والاٍلحاق عن طواعية للغات الوافدة المرافقة للغزاة . وذاك ما يفعله الصين في اٍقليم التبت ، وتفعله ايران المسلمة في اٍقليم ألأهواز ضد العرب ،وتفعله اٍسرائيل في أيامنا هذه باِقدامها على عبرنة أسماء المدن الفلسطينية ،كما أن عمليات محو التراث الأمازيغي من قاموس التعاملات جار منذ الاٍستعمار الروماني اٍلى يومنا هذا ، مركزا على البعد الجغرافي باستبعاد التسميات ألأصلية واٍحلالها بتسميات ليست من ثقافتنا ولغتنا ، وما رافق ذلك من سياسات الرومنة ، والتعريب والتتريك والفرنسة ، هذه السياسات التي خلقت أمة متذبذبة في هويتها اللغوية والثقافية والحضارية . وكثيرا ما يشاع بأن الأمازيغية سليلة اللغات السامية ، أو اللغات الآرية ، غير أن الشواهد الأركولوجية والأنتربولوجيا تثبت اٍنية الأمازيغ ولغتهم ، وثبت علميا بأن منشأ الاٍنسان الأول افريقيا ، ومنها انتقل اٍلى قارات أخرى . وتبين أن تلك السياسات ما هي اٍلا من باب ايجاد ذرائع وجيهة للهيمنة على البلاد والعباد . وبعد ترسيم الأمازيغية في الجزائر كهوية للبلاد ، حاول الناقمون بعث أزمة الحرف ، فكان الاٍختلاف قائما باٍذكاء المناوئين الذين حاولوا تمزيق الممزق، باختلاق أزمة الحرف الذي ستكتب به هذه اللغة ، فأصبح الصراع قائما بين الأمازيغ أنفسهم حول هوية الحرف الذي ستكتب به : أهو التيفناغ أم العربي ، أم اللاتيني ، وكل له منطلقاته وقناعاته وبراهينه ، وكل يتغذى من انتماء قد يراه هو الأصح والأنفع ؟ اللغة العربية / بانتشار الاٍسلام في شمالنا الاٍفريقي ، انتشرت اللغة العربية ، وأقبل أجدادنا عن طواعية وحب لتعلمها باعتبارها لغة القرآن والدين ، بها ننهل من ينبوع السلف الصالح ، وكان لاٍجدادنا صولات وجولات ، في نشرها وتعليمها وتطويرها ، وفضلوها عن لغتهم الأم ، وبرع بعضهم في تطويرها أمثال ابن أجروم صاحب الأجرومية ، وابن معطي صاحب ألألفية وغيرهم ، فتعربت الأمة تدريجيا في لسانها بفعل الاٍسلام ، وغدت العروبة على كل لسان ، دون تمييز بين مدلولها اللغوي والسلالي ، والحضاري ، واستطاعت أن تفرض وجودها وكينونتها بفضل العقيدة ، والنظرة الايمانية التي جعلتها مقدسة ، وغيرها من الألسن مدنسا ، واتخذتها الدول الأمازيغية بعد انهيار الخلافتين الأموية والعباسية لغة البلاد والعباد ، وأصبح لساننا أكثر فصاحة من عرب الجزيرة بشهادة العرب أنفسهم ؟ التساؤل المطروح ، هل اللغة العربية قادرة عن اجتثاث أصولنا ؟، وتحويلنا من أمازيغ اٍلى عرب .؟ بحكم اللغة التي نستعملها ، وهل اٍسلامنا لا يكتمل ٍالا بالعروبة ؟، وهل العروبة تعني اللغة ؟ أم السلالة ؟ أم الاٍسلام ؟ أم أنها جامعة بينهما ؟. أرى بأن اللغة ليست بقادرة على صبغ جينات الأمم ، وكثير من أمم الدنيا تعلمت لغة الوافدين ولم تتخلى عن أصولها ، كثير من الفرس والترك برعوا في العربية ولم يكونوا عربا، والمكسيكيون والأرجنتينيون يصدحون بلغة الأسبان ، وهم ليسوا بأسبان ؟ والنيجيريون لغتهم الرسمية هي الأنجليزية ولم يكونوا انجليز ، والأمريكيون واٍن كانوا يستعملون الأنجليزية فهم أمريكيون ؟ اٍلا نحن في شمال افريقيا حولتنا لغة القرآن اٍلى عرب بقوة العقيدة والقداسة ....؟ فكان العروبيون أذكى في تحويل الاٍسلام من غاية ، اٍلى وسيلة في طمس هويات الشعوب المعرضة لغزوهم ، واستبدالها بهوييتهم الوافدة تظلما وغطرسة وبتشجيع أحيانا من أبناء الأمازيغ أنفسهم ...؟ قد يقول قائل بأن العروبة هي الثقافة والفكر وليست السلالة ، فنقول له اٍن الأمر اتضح جليا ، وأن الفروق واضحة بين ما هو لغة ، وماهو دين ، وما هو سلالة عرقية ، والخلط بينهما يعد خديعة ومكرا لتحقيق منافع هوياتية ، اٍذ لا يعقل أن أكون أمازيغيا وعربيا في نفس الوقت ، أو تركيا وعربيا ، أو هنديا وعربيا ، بينما بالاٍمكان أن نكون جميعا مسلمين ، بالرغم من تعدد الاثنيات فالدين في الغالب واحد وجامع ولو ظاهريا . لا ضير أن نكون أمازيغ مسلمين وبامتياز ، ولا ضير في تعلم لغات الأقوام الوافدة ، فقد سبق لأجدادنا أن تعلموا اليونانية والبونيقية والرومانية ، وليست اللغة العربية مقياسا لٍايمان الأمم ، بمقدر ما هي لسان مثل بقية الألسن ، خاصة اٍذلا نظرنا اليها من دائرة العقل والمنطق لا من دائرة الاٍيمان والعقيدة ، واٍذا كان هذامنطقهم فماذا نقول عن شخص يتقن خمس لغات كاملة ، عربية ، أمازيغية ، انجليزية ، فرنسية ، ودنماركية ، فبأي انتماء نصبغه ونلونه ؟ هل بلون السلالة ؟ أم الدين؟ أم اللغة ؟ ، فأنا أراه من منطقي بانتمائه الاٍثني والوطني ،( أمازيغي جزائري) وقد تتغير النظرة اٍليه باختلاف القناعات والتوجهات والهيمنة . ويرى البعض بأن العربية ضرة للأمازيغية . وآخرون يرون العكس . ٍان سلاحي الاٍسلام واللغة العربية ، اللذان يحاول بعض العروبيين شهرهما في وجه مطالب الأمازيغ الشرعية ، هما سلاحان واهيان وكاذبان، يعبران عن سذاجة أو أ جهل ، هدفهما التمكين لاٍديولوجية بعثية قومجية عفلقية ، يستنكرها الدين ويعارضها المنطق السوي ، وهما حق أريدا بهما باطل ،والعروبية تعمل على تأجيج فكر قومي عنصري ، قد يأتي على ألأخضر واليابس. اللغة الفرنسية / هي لغة المستدمر الفرنسي ، فرضت على أهالينا ، وعلى حساب لغتنا الأمازيغية والعربية ، فهي حاليا لغة العلم والاٍدارة والثقافة ، اشتركت مع العربية في طمس الأمازيغية ، بل يمكن القول بأن العروبيين والفرنسيس تعاونا على طمس هوية اللغة الأمازيغية ، اعتبر كاتب ياسين هذه اللغة الاٍستدمارية غنيمة حرب يستحسن توجيهها ، وهي حاليا لغة مهيمنة ومتمكنة عند الكثير من أبناء جلدتنا ، والتي يعتبرونها عنوانا للتمدن والاٍنفتاح والديموقراطية ، وما زالت تأخذ حقها من العناية والرعاية في منظومتنا التربوية ، وأصبحت مساوية للعربية أو أكثر ، أو قل بأن العربية اقتصر دورها في المجالات الدينية والتعليمية ، تاركة السبق للفرنسية التي استأثرت على كل الأنشطة الاقتصادية ،والاجتماعية ،والتعاملات الخارجية ، وهي نافذه التطلع نحو الغرب بمحموده ومذمومه ، أما الأمازيغية فلا زالت في طور الاٍحياء والاٍنعاش بعد قرون من الطمس والتهميش . أي هوية لغوية للجزائر ...؟ المتتبع لشأن الهوية اللغوية ، يتضح له مدى الصراع بين اللغات في الاٍستئثار ، فكان الصراع ثلاثي الأبعاد ، كل له منطلقاته وقناعاته وأدلجته ، فالعربية مقدسة بفعل القرآن ومنظور الاٍيمان ، مؤيدة بالقانون ، ومدعمة بأديولوجية بعثية لا ترى اٍلا نفسها ، فهي صاحبة حق ، واللغات الأخرى اٍما دخيلة أو ضرة غير مرغوب فيها ، أما الفرنسية فهي لغة المستعمر وأذياله ، واٍن انتهى الاستعمار الفرنسي اٍلا أن هيمنته اللغوية قائمة ، فهي لغة المتعالين و السائرين في ركب حضارة الغرب ، الموسومون بما يعرف بالطابور الخامس . أما الأمازيغية فبالرغم من أصالتها وعراقتها فهي عانت وتعاني الأمرين ، من أبنائها الذين هجروها بفعل الفرنسة والتعريب ، ومن أعدائها الفرنسيين والعروبيين، فغدت غريبة بين أهلها وذويها. هذا الاٍشكال اللغوي شغل الناس والمجتمع منذ بداية الاٍستقلال ، لعجز الدولة في اٍرساء سياسة لغوية واضحة تضمن للجميع حق استعمال اللسان المناسب لها ، فسعت اٍلى سن سياسة لغوية غير مطابقة للواقع ، تهدف اٍلى اٍمحاء اللغة الأصلية واٍرساء الثقافة العربية الاٍسلامية بتوجيه ودعم من ذويي الثقافة الكلاسيكية خريجي الزيتونة والأزهر، وجامعات حزب البحث الذين تشبعوا بأفكار القومية العربية الهدامة ؟ والذين لا يتوانوا في طمس كل ما يعيق تحقيق هذا الحلم العربي الداهم . اٍن هذه السياسة اللغوية القسرية ولدت تذمرا غير معلن ، وكونت جيلا متذبذبا بين طروحات الشرق والغرب ، وقد نتج عن ذلك ظهور قلق هوياتي ، وتلعثم لساني ، أظهر الجزائري بالشعب الذي لا يتقن أية لغة ؟ وبرزت خطابات متنوعة على لسان الأحزاب السياسية كطروحات اديولوجية كانت فيها اللغة سبيلا بينا في جلب الأتباع والمؤيدين . وهو ما أحدث تمزقات في المجتمع ، بين التمزيغ والتعريب والفرنسة ، وأخيرا استعمال الدارجة واللغة اللأنجليزية . ولضرب الأمازيغية في المقتل ، عمد العروبيون اٍلى توظيف أساليب الشتم والسب وحتى اتهام الأمازيغ بالعمالة للغرب ووصفهم بما يعرف بالطابور الخامس كما أسلفت .وكان الأجدى ومن باب المواطنة والتآخي، الاٍدراك بأن اللغة الأمازيغية هي من الاٍنسان الأمازيغي ، والتكفل بها ورعايتها وتقويتها مسؤولية أولى للعروبين ، ليثبتوا جدارتهم بحب الآخر ، تماما مثلما دافع الأمازيغ عن العربية وتبنوها واعتبروها جزءا مهما من هويتهم اللسانية . غير أن ذلك صعب التحقيق ، لأن هؤلاء لا يرون مستقبلا للعربية اٍلا على أشلاء اللغات المناوئة والمنافسة لها ، والتي ينبغي اٍضعافها طمسا بالمحو التدريجي ، واٍن لم ينالوا من الفرنسية باعتبارها أقوى ، فاٍنهم أضروا أيما اٍضرار بالأمازيغية لوهنها وضعف المقتنعين بها، وتتحدد معالم ذلك الضرر والاٍذلال في: 1)عدم اٍعطاء الأمازيغية صفة الرسمية ، واستهجان كتابتها بالحرف اللاتيني باصطناع مايسمى بأزمة الحرف . 2)مهاجمة الأعراف البربرية ولو هي من الذات المحلية ومتجاوبة مع المعتقد الاٍسلامي . 3)تطبيق مشروع هوياتي بأدلجة عروبية وافدة ، تضرب بعمق الهوية المحلية في الجوانب الفكرية واللغوية والأدبية وباستعمال مختلف الوسائل التي تضمن تسويق المبتغى بآليات مدرسية واٍعلامية و فكرية بتكوين جملة من المرتزقة الأمازيغ مسلوبي الهوية، أمثال عثمان سعدي من الجزائر، ومحمد عابد الجابري من المغرب ، وعلي فهمي خشيم من ليبيا ، وظفوا لتحقيق مغانم هوياتية على حساب هويتنا اللغوية الأصلية .(اجترار الكذب لتحويله اٍلى واقع ثم اٍلى حقيقة مطلقة). 4)مادام العرب (اٍثنيا) يشكلون الأقلية في تعداد السكان ، فقد عمدوا اٍلى أسلوب التعريب القسري ، لضمان مكانة أكثر أمنا في موازين القوى .وتبني النموذج اليعقوبي عبر التأحيد ( L’UNIFORMISATION) الضامن للهيمنة والاٍستئثار ، لأن الفرقة سبيل لكشف أقلية العرب ، وبالتالي ضياع المكتسب و المكاسب ، بالاٍنضواء في تعداد الأقلية . 5)اٍعداد ترسانة من الدعاة المرموقين في المجتمع ، مزودين بآليات قانونية لضمان هيمنة العربية على حساب مكونات لغوية أخرى ، واستعمال الدين باعتباره عامل توحيد وتعريب . 6)سياسة التعريب بعد الاٍستقلال التي كان هدفها ماكرا، اٍذ يبدوا ظاهريا من أجل تعريب المحيط والحياة العامة والاٍدارة ، اٍلا أن هدفه الجوهري غير المعلن ، هو تعريب الهوية الجزائرية عبر بوابة اللغة والثقافة العربيين ، أي اصطناع هوية بديلة للشعب الجزائري، واعتمد دعاة التعريب المطلق في بلادنا على اديولوجيتين أجنبيتين اٍحداهما مشرقية عروبية ، والأخرى فرنسية يعقوبية ترسخت بفعل الاٍستدمارالفرنسي للجزائر طيلة 132سنة ، مع انتهاج سياسات خرقاء استندت على منطق تعريب أسماء المواقع والمدن ، ومنع التسميات القديمة ، وهي سياسات لغوية تنتهجها اٍيران على حساب العربية في اقليم الأهواز، وينتهجها اليهود عبر عبرنة أسماء المدن في فلسطين المحتلة كما أسلفت سابقا .وتوظفها أسبانيا في مدينتي مليلية وسبتة المغربيتين . حبل النجاة اللساني / يمتازالشمال الاٍفريقي بالتنوع في كل شيء ، تنوع في التضاريس والمناخات ، تنوع في الأصول ، تنوع في الثقافات واللغات ، تناغم في الاٍندماج مع الوافدين باختلافاتهم الحضارية واللغوية ، فكان الأجداد براجماتيين في تعاملهم مع اللغات منذ القديم ، حسب تقدير أستاذنا مختار ملساوي ، والتنوع اللغوي والثقافي هو المعبر الحقيقي والواقعي عن هوية هذا الشعب الذي امتزجت في وجدانه وتراثه عدة لغات وحضارات ، فالاٍنسان الأمازيغي يتمسك وعن وعي و رغبة بكل المكونات اللغوية المميزة له ، لهذا يمكن اشهار بطاقة احترام اللغات والنظر اٍليها على قدم المساواة ، وهوما يستدعي العناية المركزة للسان الأمازيغي المعرض للاٍنقراض ، بفعل السياسات الخرقاء ، التي تنم عن حقد دفين، وعن ذاتية طامسة للغير ، ومهيمنة من قبل العروبيين والفرنسيين على حد سواء . [ وقد آن الأوان لاٍفراد العناية للغة الأمازيغية باعتبارها اللغة الأم ، التي يجب أن تصان وتحترم بأخذ حقوقها لتكون مساوية لغيرها من اللغات المتداولة .]* وليست اللغات جميعها متساوية في القوة والاٍنتشار، ولكن لها جميعا الحق في احترام كرامتها ، لأن احترامها هو احترام لأهاليها ، والاٍكتفاء بالحد الأدنى الضروري في مجال اللغات سيكون مضادا لروح العصر ، فبين لغة الهوية ، واللغة الشاملة ،( حسب رأي أمين معلوف في كتابه الهويات القاتلة) فضاء شاسع يجب ملؤه ، وكل شخص جزائري يحتاج اليوم وبشكل بديهي اٍلى ثلات لغات ، هي لغة هويته الأصلية ، واللغة العربية ، ولغة ثالثة قد تكون فرنسية أو أنجليزية تضمن له التواصل مع العالم .....اٍن التعصب الذي يدمي الجزائر، يفسره اٍحباط مرتبط باللغة أكثر مما هو بالدين ....].* المشكلة عندنا هي الغلبة والتغليب في اللغة ، فكل يرى بأن لغته أحق بالاستئثار والهيمنة ، وهناك من يرى بأن اللغة العربية هي اللغة الشاملة ، وهي صاحبة الفخامة والجلالة والقداسة ،و قداستها مستمدة من الدين ، وكل زجر لها، هو امتهان وضرب للاٍسلام ومن ورائه العرب ، فالعرب يرون أن بوابة اللغة ، وقدسية الدين ، كفيلان بترسيم اديولوجية عروبية ، ولو بما يخالف أوامر الرحمن. اٍن كان استعمال العربية ضروري في حياتنا الدينية والدنيوية ، اٍلا أن الأجدى هو تعلم الأنجليزية التي تمكننا من التواصل مع كافة البشر دون الحاجة الى الترجمان ، وذاك من المسلمات ، ولكن الاٍدعا ء بأن العربية أوالفرنسية كافيتان اٍدعاء كاذب ، فهما واٍن كانتا تلبيان شيئا هاما من حاجاتنا الحالية ، فهناك حاجات أخرى لم تلبيها ، وهي حاجتنا اٍلى الهوية اللغوية الأصلية ، و التي هي بدورها في حاجة اٍلى تطوير وصيانة قانونية ، مع الحفاظ على العلائق والتكاملية مع اللغات الأخرى اٍنشاء واٍثراء وتقويما . واٍذا استسلمنا لقانوني العدد والسوق فسيقتصراستخدام لغتنا الأصلية (الأمازيغية) في التعاملات المنزلية ، وينحسر مجالها ، وتفقد بريقها ، وتغدو في النهاية لهجة محلية عامية .. الخلاصة/ اٍن التعدد الاٍثني والديني واللغوي وما يترتب عن ذلك من تناغم ايجابي في مجالات الفكر والثقافة والحضارة هي سمة الأمم المتقدمة ، والتي خطت خطوات رائدة في مجال حقوق الاٍنسان ، والتسامح الديني ، والتكافل اللاٍجتماعي ، ولا زلنا نحن المسلمين في شمال اٍفريقيا للأسف ، نقتات من خشاش الأرض ، وننهل من ينابيع الفكرالمتطرف والأحادي النظرة ، الذي لا يرى غيره بقدر مايرى نفسه . وذاك قدر فتك بالأمة التي لازالت متشبعة بالرداءة الفكرية ، التي انهكتها، ولم تفسح لها مجال الاٍنعتاق والاٍنطلاق، والتصالح مع الذات ، لبلوغ عتبات النمو ، وشرفات التقدم . * أفكار مستوحاة من كتاب الهويات القاتلةلأمين معلوف ..
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوية الجزائر/ لغة أم لغات ..؟( ج3)
-
هويةالجزائر/ انتماءات وليس انتماء.
-
لماذا يكره بعض العرب ابن خلدون .؟
-
التاريخ بعيون أمازيغية .
-
الوجه المظلم في تاريخ بني أمية .
-
قراءة لفعاليات المؤتمر العربي الأول(1913)
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|