جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2730 - 2009 / 8 / 6 - 09:26
المحور:
حقوق الانسان
الآن تذكرتُ الكلمة التي أحبُ أن أقولها لك دائما, فنهضت من نومي مسرعاً , لأكتب الكلمة وكأنني أستعدُ لإلقاء خطاب سياسي أمام رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب ,وبصراحة أنت لا تختلفين عن رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب , فأنت حكومة تتخذين القرارات تحبين وتعشقين وتسافرين لتوقيع صفقات حب مع المنفى ومع الدمعة ومع الحيرة ومع الأشياء التي تقلقك وتزعزعُ كيانك , وأنا لأجلك حزين ولا أستطيع فعل شيء لك لكي أخرجك من حزنك ومن تحديك للموقف , وها هو العمرُ يمضي من حولك ومن حولي ونحن نسير في خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً, وعلى كل حال أريد أن أقول كلمتي الضائعة لك قبل أن أنساها, وككل مرة أحاول أن أقول للنهدين ما يخطر ببالي فتتعمدين طرح مواضيع أخرى كلها تتعلق بك , وقد قلنا كل شيء نريده ولكنني للأسف لم أقل بعد كلمتي التي أحبُ أن أقولها لك.
تعرفينها , إنها كلمة أحبك , رغم أنك تشعرين بها بين أسطري الكثيرة, وهي تتردد كثيراً في كتاباتي الحزينة والساخرة ولكنها دائماً متجددة مثل (كليو بترا) , وهذه المرة أجمل من كل المرات , كل يوم أقول لك أنني أحبك, وهي كلمة ليست مملة كل يوم لكلمة أحبك معاني جديدة وعبارات جديدة وشعارات جديدة, فدائماً أنا أحبك , في الصبح وفي الظهيرة وفي العصر وفي العشاء وفي الليل وحين أشعر بالحياة وحين أشعر بالموت وحين أشعرُ أنني مسجون, وحين أصحو وحين أنامُ , فدائماً لكلمة أحبك طعم جديد ونكهة جديدة ورائعة , كلمة أحبك والتي تخرج من شفتيا تختلف كل الإختلاف عن كلمة أحبك والتي تخرج من القلب , إنها عندي بمثابة ولادة جديدة ورحلة جديدة , كلمة أحبك تفسير للغة الجسد وتفكيك وبناء وبنيوية ونقد للنص على التناص.
لكلمة أحبك عندي بستان كبير في كل يوم أقطف لك منه حرفاً جديداً فشكل الحرف يتشكل مما تلبسين من ملابس ومما تصنعين من ضحكات وثرثرات , لكلمة أحبك بستانيٌ وجنانيٌ وخوليْ... يزرع لك في كل يوم أصنافاً جديدة من الجوري والياسمين الأموي والدحنون الأردني ويرش بالماء تحت قدميك عطره الأردني الفواح القادمة رائحة من الشمال حيث رقد شهداء الحب ونسج الفلاحون في الرمثا قصة عبد القادر :
عبد القادر على البيادر
ناصب شادر للزينات
عبد القادر قوم صلي
ماني قادر
عبد القادر قوم إتجوز
هسع قادر
يا حلالي وافتحيلي
بس إلليله خليني أبات
ما بفتحلك روح لهلك
قوطر لهلك للممات
وينادي الطيور ومزارع النحل لتأكل وجبتها المفضلة , فأنت ويديك وعيونك وجبات ومطاعم وفنادق 5 خمسة نجوم للنحل ولخلايا النحل التي تقصدك للإستجمام .
لكلمة أحبك هذا اليوم عندي طعم جديد فأنا منذ 15 خمسة عشر عاماً لم أسمعها حتى ولم أقلها وها قد جاء اليوم لأنتقم به للكلمة التي زعزعت كياني وأفكاري وبلبلت لساني , ومهما قالوا لي عنك أحبك ومهما نسجوا حولك الحكايات أحبك , قلت لهم هذا اليوم أنني أحب أخطاءها ومشاكستها وتمردها وأحب لونها المفضل وحكمتها الضالة وعيونها السود وكما يقول (هربرت سبنسر) :" إنه لا يمكن إقامة أي تغيير بدون تمزيق"وتنورتها القصيرة تمزيق للوضع العربي الراهن التي لم أرى مثلها في الوجود ولا في أي صحيفة يسارية , حتى الصحف اليسارية لا تنطق بالذي تنطقُ به التنورة , وأحبُ فيها كل ما يضايقكم ويزعجكم.
لقد فتشتُ هذا الصباح في الصحف جميعها أقصد الصحف الصفراء فلم أقرأ مقالاً كالذي قرأته هذا اليوم وكل يوم من تنورتك الصفراء, ففي تنورتك أعمدة متعددة واحد لرؤيا الحداثة وآخر للتفكيك وآخر لنقد المظاهر الإجتماعية السائدة وآخر للحب , فتنورتك فيها حكايات ألف ليلة وليلة وكمان ليلة إضافية من عندي,وتنورتك الصفراء صحيفة يسارية أكتب عليها مقالاتي وأنشرُ أحزاني وأحسب أيامي , وفي تنورتك الصفراء صفحة للإعلانات الرسمية وصفحة للإعلانات التجارية, وصفحة للأموات , إسمي يذكر فيها بإستمرار فأنا يا (...) كل يوم أموت وكل لحظة أموت وكل دقيقة أموت وكل ثانية أموت , ألا تلاحظين أنني أموت وغيري من الناس ينشر ً في صفحة الإعلانات إعلاناته التجارية الإنتهازية الجديدة , وغيري ينشر أشياءه الجديدة وأنا وحدي من يكتب في كل يوم قصيدة للفرح فيموت الفرح وتموت ُ الإبتسامات لذلك تجدين إسمه في صفحة الإعلانات الرخيصة , حين يكون الإعلان عن أمسية شعرية رخيصة لشاعر رخيص يمدح بها مراسل الوزارة ومراسل البريد.
ليلة الأمس قرأت في تنورتك الصفراء مقالاً عن الحب كنت ُ أنا الكاتب وكنتُ أنا القارىء وكنت أنا الطبّاع وكنت أنا الناسخُ وكنت أنا الممول الوحيد لصحيفتك الصفراء , حين تصبح الصحيفة موقعاً إلكترونيا كما تصبح تنورتك في الشارع حديثاً للمهتمين بالمرأة وقضايا المرأة والتحرير والشبيبة والعلاقات الأسرية وحقوق الإنسان , وكلمة أحبك علاقة بتنورتك الصفراء والتي أحب مطالعتها كل صباح وكل مساء حين تجلسين بها أمامي تلفين الساق على الساق وتشبكين اليدين على الركبتين وتنظرين لي ككاتب متمرد يستلهم من التنورة وحيه وقلمه وشجاعته وهذا مشهدٌ رومنسي لا يتكرر عند العرب إلا مرة واحدة كل ألف عام, وفي تنورتك الصفراء حكايات عجيبة وأعمدة للنقد الذكوري وللنشاط النسوي دائماً إلبسيها ولا تخلعيها إنك تخلعين الروح في الكاتب الملهم حين تهملين لبسها وحين لاتخرجين فيها ثائرة على شيخ قبيلتنا ومعلمنا الأول والثاني والثالث .
لتنورتك قصة حب, ولكلمة أحبك معاني جديدة تتكرر كل يوم بإسلوب جديد وبنمط جديد للحياة, ولتنورتك وللحب أقمارٌ ونجومٌ وكواكبُ تزدادُ جمالاً كلما إقتربت الفكرة من الصورة وكلما إقتربت المعاني من بعضها البعض.
أتعرفين أن دموعي الآن بدأت بالتساقط فأنا منذ يومين أعيش لوحدي , وأستمني من عيوني, وأفضّلُ العيش لوحدي كل العمر على أن لا يشاركني نومي غيرك وعلى أن لا يدخل مكتبتي أحد غيرك ففي كل ركن من مكتبتي خبأت لك صورة وانت تلبسين تنورتك بألوان ٍ مختلفةٍ , وفي كل كتاب صورةً جديدةً لذلك لا أحب أن يقترب أحد من مكتبتي ليشاهد الصورة الجميلة والوحي الذي ينزل كل يوم ,أنا لا أحبُ أن يشاهد أحدٌ فضيحتي , فأنا لا أكتب مقالاً ولا قصيدة إلا إذا نظرتُ في الصورة وفي التنورة القصيرة وأرجو منك في المرات القادمة أن تزيدي من قصرها قليلاً فكلما كانت التنورة قصيرة كلما كانت عندي معاني جديدة للحب وللثورة على المجتمع الذكوري .
تنورتك ليست إغراءً للشاعر وللأديب الملهم بل هي تشكل ثورة على النظام المستبد فثوري يا :
حلوتي يا نجمتي
يا بدري يا بدر البدور
يا قصتي يا ثورتي
ثوري على عصر الذكور.
تنورتك ثورة على الإستعمار الذكوري وثورة على المستبدين وثورة على الطامعين .
هل تعرفين الآن من أين أحبك ومن أي وجه أحبك وكيف بدأت قصة حبي ومن هو الوحي الذي ينزل على قلمي وكيف أتعامل مع السماء حين تكونين سمائي وكيف أمشي على الأرض حين تكونين أرضيتي , وكيف أشرب الماء حين تقفين في حلقي ؟ أعرفت من أين ينبع لك حبي الكبير وقلبي الكبير ,. وكيف تقومين كل يوم بالحفر في أعماق أعماقي ؟ وكيف تنزلين إلى العالم السفلي في قلبي , وكيف تصعدين في السماء حين أنطق ذكرك على لساني .
اليوم لكلمة أحبك معاني جديدة إستلهمتها من التنورة, ومن الأقراط التي في أذنيك ومن الأشياء التي تلبسينها فسبحان التنورة ! ما الذي تخلقه في نفس الشاعر وما الذي تبعثه في نفس الفنان الملهم والممثل الصادق.
أجمل أوقات حياتي حين أنظر بوجهك الجميل وأسعد أوقاتي حين أجلس أمام التنورة القصيرة أخترع الحكايات , فاليوم كتبت قصة جديدة عن العاشق والتنورة اسمعيها :
كان البطل يرقد حزيناً, فجاءته التنورة ومعها إبريق من الماء وحين شرب منه البطل تبين له أن الماء مسحورٌ وأن التنورة مسحورةٌ وأن السحر دخل في طعامه وشرابه وملابسه وفرشاة أسنانه, فدخل عالم الجن والشياطين , سافر معك إلى مطعم خلف الجامعة الأردنية طلب الطعام وجلس جلسة عربية مددتِ قدميكِ المغريين فوضع المكبوتُ رأسه على الركبتين ثم دخل عالم السحر والأناقة, ووضع يده على الصدر فشاهد مدينة من الملاهي فيها ألعاب للأطفال فيها أيضاً قلب أم حنون , آه لو تجربين مع البطل طعم الأمومة !!!.
أنت فعلاً أنيقة وجميلة والبطل لا يريد أن يصحو من الحلم لقد خلقت بداخله صوراً جميلة بعد أن كانت حياته جحيماً لا يطاق , ثم جاء (دون كيشوت) وتحولتطواحين الهواء إلى عمالقة قاتلهم دون كيشوت لوحده فهزمهم جميعاً والكل يصفق للبطل ويهتفُ بإسمه, ثم جاء دورسندباد وعلاء الدين نزلوا من السفينة ودخلوا المطعم وهاجمتهم اللصوص والمشعوذون وتحولت الكراسي إلى أبطال والأكواب إلى نساء حوريات كلهن يلبسن تنانير قصيرة حاربن مع السندباد وتمنيتُ لو تحارب مع البطل تنورةٌ واحدةٌ هي الصفراء التي يحبُ البطلُ أن تلبسيها , تخيلات كثيرة وأشياء لا تحدثُ إلا في أفلام الكرتون ثم نطق البطل بكلمة أحبك ومد يديه إلى اليدين تشابكت الأيدي وتعطلت لغة الكلام فلم يعد قادراً على النطق بأي حرف,وبكى قليلاً ثم زاد في بكاءه فبكى كثيرا وكلما أراد الحديث شعر بقواه تنهار أمامه , الآن البطل في عالمه السحري عالم الجن والشياطين,عالم ألف ليلة وليلة وليلهْ, عالم التنانير القصيرة الثائرة حتى على السحر نفسه , التي لا يمكن لها أن تُحدث أي تغيير ٍ في مجتمعاتنا العربية الطاغية بدون أي تمزيق , التغيير لا يحدث بدون تمزيق.
هي أمنيته
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟