|
توفير العدالة لضحايا الجريمة
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 832 - 2004 / 5 / 12 - 06:10
المحور:
حقوق الانسان
أكدت مباديء الأعلان العالمي لحقوق الأنسان المؤرخ في 10 كانون الأول 1948 والصادر بمقتضى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 217 على حماية الأنسان من جميع انواع التعسف وأشكال الأمتهان ، ولذا أكدت المادة الخامسة من الأعلان على أنه لايجوز أخضاع أحد للتعذيب ولاللمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللآانسانية أو الحاطة بالكرامة ، كما لم تجوز المادة التاسعة أعتقال أي أنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً ، وزادت على ذلك في نص الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر من الأعلان بأن أعتبرت كل متهم بجريمة بريء حتى تثبت أدانته وصار المبدأ المذكور من المباديء العامة للعديد من الدول الملتزمة بالأعلان ، فيما كانت المادة الثامنة من الأعلان تؤكد بأن لكل شخص حق اللجوء الى المحاكم الوطنية المختصة لأنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها الدستور أو القانون . ومن أجل تأكيد قواعد وأسس الأعلان العالمي لحقوق الأنسان كان لابد من أيجاد أسس تستند على هذا الأعلان تقوم بتوفير العدالة لضحايا الجريمة ومن تقع عليه معاناة أو ضرر نتيجة اساءة أستعمال السلطة . وحيث أن الملايين من البشر يتعرضون الى أعمال تعسفية وجرائم جراء سوء أستعمال السلطةسواء من الأفراد الذين يعملون تحت أمرة السلطات ، او من السلطة مباشرة ، ولايجد المجني عليهم الرعاية الكافية ولاالألتفات لقضاياهم حيث تكون سلطاتهم هي الجاني وتقف من مسألة مطالبتهم بالحقوق وأعادة الأعتبار موقفاً سلبياً أو تمنعهم من المطالبة بحقهم بالنظر لما تتمتع به من قوة وسلطة وهيمنة ، او تكون سلطات الأحتلال هي من أرتكب الجريمة أو أساء أستعمال السلطة في البلد المحتل ، و يظهر انتهاكاً صارخاً آخر وتعسف أكثر حين تتم مخالفة مباديء الأعلان العالمي لحقوق الأنسان بمنع المواطن من أستعمال حقه القانوني في اللجوء الى المحاكم لعرض قضيته عليها . بات من الواضح أن ضحايا هذه الأفعال من المواطنين أنفسهم أو عوائلهم يتعرضون لخسائر جسيمة مادياً أو معنوياً ، مما يوجب على القوانين الوطنية التي تنسجم مع مباديء حقوق الانسان ومباديء الأعلان العالمي أن تلتزم بقبول مثل هذه الأدعاءات وتنظر فيها وفقاً للعدالة والقانون . وتنادت المجموعة البشرية لوضع أعلان أو قرار يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الموضوع ، يؤكد على ضرورة اتخاذ الأجراءات والتدابير الوطنية والدولية للأعتراف بحقوق الضحايا وسوء استعمال السلطات وبذل الجهود للتحقق من صحة هذه الانتهاكات وتوفير العدالة اللازمة في سبيل ذلك . وعلى هذا الأساس دعت الدول مجتمعة الى تنفيذ سياسات أجتماعية شاملة وضرورة أشتراك الشعوب في معالجة موضوع منع الانتهاكات التي تحصل وأشاعة المعرفة القانونية وحقوق الانسان وتسهيل أمور أيصال الشكاوى الى القضاء من أجل التطبيقات الوطنية ، بالأضافة الى تعزيز وتسهيل الوسائل المناسبة للكشف عن تلك الأنتهاكات والجرائم والتجاوزات الواقعة على الأفراد وعرضها أمام الناس بوسائل الأعلام المتوفرة . وكذلك الحث على التقيد بالقوانين والمباديء العامة التي أقرتها الدول وأجراء تعاون دولي بهذا الخصوص من خلال تبادل الأفكار والطرق والأساليب لمنع وقوع الجريمة والأنتهاك وسوء أستعمال السلطة ورعاية الأبحاث القانونية والأجتماعية والعلمية التي تساعد في هذا الشأن . والمجني عليه في هذه الجرائم هو كل شخص ذكراً كان أم أنثى أصيب بضرر مادي أو معنوي نتيجة أفعال أو حالة تشكل أنتهاكاً لحقوق الانسان ، بما فيها أنتهاك كرامته أو تعذيبه أثناء التحقيق ، او خرقه نص من نصوص القانون الوطني أو تعسفه بأستعمال السلطات حتى وأن كان محتلاً للبلد الذي وقع على مواطنه الانتهاك والتعسف والأذى . وعلى هذا الأساس أعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار المرقم 40/34 والذي تم أعتماده بتاريخ 29 تشرين الثاني 1985 بصدد توفير العدالة لضحايا الجريمة وأساءة أستعمال السلطة . وفي سبيل رد الحق وأعادته الى نصابه أو تحقيق العدالة بحق المتهمين أو الضحايا يجب أن يتم أيقاف فعل التعسف أو الخرق الحاصل بالأضافة الى أيقاف المتهم والعمل على تقدير التعويض المادي والمعنوي عما لحق المجني عليه من خسائر وضرر مادي أو نفسي ومالحقه من تبعات جسدية أو معنوية جراء الفعل المخالف للقانون . وليس فقط قضية التنكيل والتعذيب والحط من كرامة المتهمين في سجن أبو غريب وحدها ما تتطلب رد الأعتبار للمجني عليهم من المتهمين ، وتقديم المحققين الذين مارسوا الاعمال التي أستهجنها العالم ورفضتها القوانين والمباديء العامة لحقوق الانسان ، وليس فقط الأبرياء الذين يتم حجزهم وتوقيفهم وتحديد حرياتهم أو ممن يتم الاشتباه به وايقاع الاجراءات التعسفية بحقة ، انما البيئة العراقية التي تتعرض الى التخريب والأتلاف والتغيير ، بالاضافة الى المباني والمرافق التحتية التي يتم تدميرها تحت سقف ملاحقة المقاتلين أو الأرهابيين أو المعارضين لسلطات الأحتلال ، مما يوجب على أدارة المحتل أن تتحمل النفقات الكاملة لأعادة الأعمار لجميع أنواع التخريب الحاصل وفقاً لنصوص الأتفاقيات الدولية الموثقة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة . وحيث أن سلطة الأحتلال تمثل بالوقت الحاضر السلطة العليا في العراق ، فأنها قانوناُ تتحمل جميع أشكال الأنتهاكات والخروقات والأهمال المتعمد الحاصل بحق الأفراد والطبيعة ، ومن حق الأفراد أن يقوموا بتقديم دعاواهم أمام القضاء الوطني لمقاضاتها ، بالأضافة الى أحتفاظ المواطن العراقي بحق المقاضاة عما لحق بلده من تخريب وتشويه حتى بعد رحيل الأحتلال وحلول السلطة الشرعية والمنتخبة من قبل العراقيين . وليس فقط التعويض لمن لحقهم الضرر ووقعت عليهم الجريمة ، أنما ينسحب ذلك حتى الى ورثتهم الشرعيين أن كانوا قد لقوا حتفهم أو ماتوا قبل أن يتمكنوا من أقامة الدعاوى للمطالبة بحقوقهم . وعلى السلطة العراقية القادمة أن تولي هذه المسألة اهميتها ، وأن تمكن المواطن العراقي من مساعدته لتحصيل حقوقه بالطرق القانونية ، وبالتعاون الجدي والمثمر مع نقابة المحامين العراقية ، كما ينبغي عليها الألتزام بمساعدة الضحايا وتوفير الخدمات الصحية والأجتماعية التي تتيح لهم العودة الى حياتهم الطبيعية والأندماج مرة أخرى ضمن المجتمع . أن عدداً كبيراً من الضحايا الان قائماً في العراق نتيجة السياسة الأمريكية ومايتبعها من تصرفات تقدم عليها قوات الأحتلال ، بالأضافة الى التعسف والأساءة البليغة التي يرتكبها جنود الأحتلال بحق المواطن العراقي المسلوب الأرادة والأمكانية في الرد المقابل والبعيدة كل البعد عن أحترام حقوق الأنسان ، والتي تتحملها قانوناً وشرعاً قوات الأحتلال في العراق . أن معاقبة المتهم المدان بأرتكابه هذه الجرائم لاتكفي ، كما لايكفي الأعتذار الذي تقدمه دولة الاحتلال ، كما أن محاكمة مرتكب هذه الأفعال أمام القانون الأمريكي تعسف أخر بالنظر لوقوع الجريمة على الأرض العراقية والمجني علية ( المشتكي ) عراقياً فيكون الأختصاص المكاني والنوعي متوفرين في القضية التي تكون من صلب اختصاص القضاء العراقي . كما ان النصوص القانونية لأتفاقية جنيف الأخيرة لم تلغ صلاحية القضاء في البلد المحتل ولاعطلت قوانينه مادام بلد الأحتلال لم يقدم على مثل هذا الأمر ، والمنطق يقضي بأن يكون القضاء العراقي هو الفيصل في هذه الانتهاكات والجرائم الواقعة في العراق
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشروع السياسي الخيالي العربي
-
لنحترم حرمة بيوت الله !!
-
التعذيب والقسوة في التحقيق
-
التحريض في جرائم الأرهاب
-
أنتحال أسم الحزب الشيوعي
-
تغيير القومية
-
الأسماءالمستباحة
-
سبايا يزيد العصر
-
اما آن لنا
-
المستجير من الرمضاء بالنار
-
سبايا يزيد العصر
-
الشهيد الدكتور محمد زغير الأيدامي
-
متى نوقف أزيز الرصاص ورعب الأطفال في العراق ؟
-
احلم بعراق جديد
-
الديمقراطية الأمريكية المنحرفة في العراق
-
ضمير المراسل الصحفي
-
أحمد منصور في الفلوجة
-
نعي مناضل
-
ضرورة سيادة القانون بالعراق
-
الدعوات الرخيصة للزرقاوي
المزيد.....
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
-
بوليتيكو: -حقا صادم-.. جماعات حقوق الإنسان تنتقد قرار بايدن
...
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|