|
آفاق زيارة المالكي الى اقليم كردستان
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2729 - 2009 / 8 / 5 - 02:37
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قام السيد " نوري المالكي " بزيارةٍ الى اقليم كردستان يوم امس ، بدعوةٍ من رئيس الجمهورية ، السيد " جلال الطالباني " . واُسْتُقبِلَ بحفاوة في مطار السليمانية . ادناه بعض الملاحظات الاولية : - السيدان الطالباني والمالكي ، متواجدان أغلب الاوقات ، في بغداد ، ويلتقيان بين الحين والحين ، بصورةٍ طبيعية نتيجة عملهما الروتيني . الطالباني هو رئيس العراق كلهِ ، كما هو المالكي رئيس وزراء كامل البلد ، فمن الناحية " الشكلية " ، لم يكن هنالك مسوغ ان يقوم رئيس الجمهورية بدعوة رئيس الوزراء ، لزيارةِ جزءٍ من الوطن ! بل كان من المفروض ان يوجه رئيس الاقليم السيد " مسعود البارزاني " الدعوة للمالكي . - من مظاهر الخلل في الحياة السياسية العراقية ، عدم التصدي للمشاكل واللجوء الى " تأجيل " و " ترحيل " الحلول . فالمالكي زار خلال السنوات الماضية ، عدة مرات البصرة والموصل والرمادي وكربلاء واي مكانٍ فيهِ بؤرٌ للتوتر والنزاعات ، ونجحَ الى حد ما في نزع فتيل الأزمات في تلك المناطق ، وهذا من صُلبِ واجباتهِ التنفيذية . لكنه ومنذ توليهِ منصبه ، لم يَزُر اقليم كردستان ولا مرة واحدة !، حتى انه لم يلتقي مع" مسعود البارزاني" في بغداد منذ مايُقارب السنة ، رغم حضور البارزاني الى بغداد في اكثر من مناسبة ! - إن إنجرار المسؤولين في الاقليم ، أحياناً ، الى الوقوع في مطبات التصريحات المُنفعلة والمُتشنجة ، والتي يُقابلها المالكي او مستشاريه بأحاديث مماثلة ، جَعلَتْ الكثيرين يحاولون الإصطياد في المياه التي عّكَرتْها هذه التصريحات المُتبادلة . واحياناً نجح هؤلاء الصيادين المشبوهين في زيادة تعكير المياه بين الضفتين ! - على الرغم من تأكيدات الطرفين ، بأنهما لم يتعرضا الى ( ضغوط ) من أجل حلحلة الخلافات بينهما ، إلا ان الواقع يُظْهِر عكس ذلك . إذ ان المالكي خضع لنوعين من الضغوط ، خارجية متمثلة في زيارة نائب الرئيس الامريكي " جو بايدن " الى بغداد ، ومباحثاتهِ " الودية " مع المالكي ، ثم زيارة المالكي الى الولايات المتحدة وإخبارهِ هناك بأنه من " الضروري " تفعيل المصالحة الوطنية ولا سيما مع اقليم كردستان ، وأخيرا زيارة وزير الدفاع الامريكي " روبرت غيتس " الاخيرةِ الى بغداد و"تحذيرهِ " من مغبة إهمال إيجاد حلول للمشاكل المُزمنة . وضغوطٍ داخلية من داخل حزب الدعوة نفسهِ وبعض شركاءهِ في الإئتلاف ، و " تحَّسباً " لأي تطورات على مُجمل التحالفات الجديدة التي تسبق الإنتخابات العامة القادمة ، بإعتبار التحالف الكردستاني او الحزبين الكرديين الرئيسيين ، ما زالا يُشّكلان رقماً صعباً ومهماً في المُعادلة السياسية ، فمصلحة حزب الدعوة تستدعي الان نفض الغُبار المُتراكم عن " التحالف الرباعي " وخصوصاً العلاقة مع الحزبين الديمقراطي والإتحاد ! عِلماً ان " المالكي " ، حاول بِجدٍ خلال العامين الماضيين ، ومن بوابة " الشعارات الوطنية " ، أن يختلق محوراً مضاداً لتوجهات التحالف الكردستاني ، في عموم العراق وفي كركوك والموصل خصوصاً ، بتقربهِ من البعثيين والقوميين العروبيين . وكذلك كان المالكي " يأمل " ان تتمخض الإنتخابات التشريعية والرئاسية الاخيرة التي جَرتْ في كردستان ، عن نتائج تقلب موازين القوى بالضد من الحِزبين الرئيسيين . ولكن في كلتا الحالتين ، اي تحركاتهِ في كركوك والموصل ، وإحتفاظ الحزبين بالأكثرية البرلمانية ورئاسة الاقليم ، لم تؤدي الى النتائج التي كان المالكي يرتجيها ، وربما إقتنع او اُقْنِعَ بعدم دقة حساباتهِ في ذلك الإتجاه ! أما الجانب الكردستاني ، فإنه تعرض الى ضغوطٍ مُركبة . فالأمريكان " نصحوا " القادة الكرد ، بحل مشاكلهم مع الحكومة الإتحادية قبل رحيل قواتهم عن العراق . وأهالي كركوك والمناطق المُتنازع عليها " مّلوا " من الإنتظار ويترقبون مستقبلهم بحذرٍ وخِشية ، وحتى جماهير الشعب الكردستاني يريدون كما أظهَرتْ الإنتخابات الاخيرة بوضوح " إصلاحات " حقيقية بدءاً من تحسين الخدمات وصولاً الى حل الخلافات مع الحكومة الإتحادية ، ناهيكَ عن ضغط " المُعارضة " الجديدة كل الجِدة على الساحة الكردستانية ! - إذن نستنتج مما سبق ، ان الخلافات بين الحكومة الإتحادية وحكومة اقليم كردستان ، ليست من ذلك النوع الذي تُحَل بإجتماعِ القادة لساعات ثم تبويس اللحى والإحتفال بالنتائج الباهرة . إذ ان مشكلة كركوك مثلاً قديمة ومعقدة وكذلك المناطق الاخرى المتنازع عليها ، خصوصاً وان خارطة الطريق للحل والمتمثلة بالمادة الدستورية ( 140 ) والمُتوافَق عليها مِنْ قِبَل كل الاطراف " الفاعلة " في العملية السياسية بعد 2003 ، تّمَ عرقلتها ومحاولة إلغاءها ، ليس مِنْ قِبل أطرافٍ مُعادية للتغيير وخارج العملية السياسية فقط ، بل ان أول مَنْ عَرقلَ وجّمدَ تنفيذ هذه المادة هو " ابراهيم الجعفري " رئيس الوزراء السابق والذي كان حينها زعيماً لحزب الدعوة . وبعد ذلك ، لولا تواطؤ " المالكي " ودعمهِ لدُعاة إلغاء المادة ( 140 ) ، لِما إستطاعوا تجميع أكثر من " 120 " نائب في البرلمان وتمرير المادة ( 23 ) . المطلوب الان ، هو ان تقوم الحكومة الإتحادية [ بعد إعلان المالكي في زيارته الى دوكان ، بأن المادة 140 دستورية وينبغي تطبيقها ] ، بجهدٍ كبير ، في سبيل " إقناع " المجموعة العربية والتركمان في كركوك ، وكذلك اطراف قائمة الحدباء في نينوى ، ب " ضرورة " تنفيذ بنود المادة ( 140 ) . واعتقد شخصياً ان المالكي يحتاج الى كثيرٍ من البراعة السياسية والحظ الجيد ، لكي يستطيع " دفع " تلك الاطراف للقبول بهذا الحل الدستوري ، لأنه هو نفسهُ مَنْ " شّجعهمْ ضِمناً " في السابق ، لإتخاذ تلك المواقف ! - الخلافات متعددة ، منها ، شكل الدولة العراقية ، فالمالكي ومَنْ يمثلهم ، يحاولون في المرحلة المُقبلة ، ان يجعلوا الحكومة الإتحادية في بغداد " قويةً " الى درجةٍ تُقربها كثيراُ من " الحكومة المركزية " ، ورغم كل التبريرات التي يُقدمها ، فأن ذلك سيكون على حساب تقليص صلاحيات الاقليم والمُحافظات . ولا يُمكن التوصل الى حلٍ مُرضي لمسألة " البيشمركة " ، بمَعْزلٍ عن مشكلة المناطق المُتنازع عليها . فأماكن مثل الشيخان وغيرها يحميها البيشمركة بصورةٍ عملية منذ سنوات ، وتتمتع بالأمان والإستقرار والهدوء ، فهل من المعقول ان ينسحب البيشمركة " العراقيون " وتحل محلهم قوات " عراقية " من المُحتمل جداً ان تتسبب بالكثير من المشاكل والتوترات ؟ اليس من الافضل والاسهل والأأمن " إعتبار " البيشمركة في تلك المناطق قوات عراقية نظامية خاضعة للمنظومة الدفاعية العامة للبلد ؟ قانون النفط والغاز ، تعيين قادة الفُرق والألوية العسكرية ، الإحصاء السكاني ، الموارد المائية ، تفسير مواد الدستور ، كُل هذه الامور وغيرها تنتظر المناقشات وتبادل وجهات النظر ثم إيجاد آليات ممكنة التطبيق للحلول المُقترحة . - في مقالات سابقة ، تفاءلنا دائماً ، بأن قادة العملية السياسية في العراق ، في الحكومة الإتحادية وحكومة الأقليم ، لن يسمحوا بأن تصل الامور الى حافة الهاوية ، ويمتلكون حداً من الوعي والنضج السياسي ، يقيهم ويقي العراق من الإنحدار الى ما لا يُحمدُ عُقباه . زيارة المالكي الى اقليم كردستان ، دليلٌ على صحة هذا الرأي . ليس عيباً ان " يتراجع " السياسي عن موقفٍ خاطيء ، او تصريحٍ متشنج ، فالعيب هو الإصرار على الخطأ . ليس عيباً ان " يستمع " القائد الى الآراء الاخرى المُخالفة لرأيهِ ، فالتشاور والتداول هو من سمات القائد الناجح . ليس عيباً ان " يُنْصَح " المسؤول مِنْ قِبل " الأصدقاء " ، أجانبَ كانوا أم عراقيين . ليس عيباً ان " يتنازل " المُفاوض عن التشبث ب " المعادلة الصفرية " ، التي تحاول الفوز ب " كل شيء " في مقابل خسارة الآخر لكل شيء . إذ لابأس من الإلتقاء في منتصف الطريق او قريباً من المُنْتصف ! كلامي هذا مُوّجهٌ الى السيد المالكي والسيد مسعود البارزاني ، وكل اللجان التي سوف تجتمع قريباً في بغداد واربيل .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألسواح الأمريكان والجُغرافيا الحدودية !
-
الحَمير والإنتخابات الأفغانية !
-
إضاءة على إنتخابات أقليم كردستان العراق
-
إنتخابات اقليم كردستان ، قوائم الأثرياء تحصل على اصواتٍ أكثر
-
الكويت مَدْعُوة للتصرف بحِكمة
-
ضوءٌ على شخصية : رائد فهمي !
-
مَزارُ صدام المُبارَك !
-
ضوءٌ على شخصية : علي بابان !
-
هذا ال... ليس غريباً عليَّ ولكن !
-
جَوٌ أغْبر يَلُف العراق !
-
على هامش إنتخابات أقليم كردستان (2)
-
القِيَم الإجتماعية ودورها في نشر الفساد
-
بعض ملامح المرحلة المُقبلة في العراق
-
على هامش أنتخابات اقليم كردستان
-
- التياغ الصدغي - يتوسط بين الحدباء والمتآخية !
-
مستشفياتنا ومستشفياتهم
-
إنتخابات اقليم كردستان .. آراء وتكهنات
-
الى ربي ... عّزَ وجَل !
-
اثيل النجيفي .. يتحّرش !
-
عُمر البشير .. ووزير التجارة العراقي !
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|