عادل الخياط
الحوار المتمدن-العدد: 831 - 2004 / 5 / 11 - 07:06
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
من يُعيد ذكرى وطيس العام الماضي داخل أروقة مجلس الأمن بخصوص القضية العراقية , ينبثق أمامه مشهد حميمية الحوار أثناء فترات الإستراحة بين - محمد الدوري - ممثل العراق في المنظمة الدولية , وفاروق الشرع - وزير خارجية سوريا !! وقبل ذلك , الأخلاقية المفرطة التي كان يتحدث بها - الشرع - حين يأتي دوره لإلقاء كلمته بإعتباره أحد الأعضاء الخمسة عشر . أخلاقية إمتثال العراق للقرارات الدولية , وضرورة أن تُفرض قرارات شبيهة بها على إسرائيل . أخلاقية الإحتجاجات حول العالم ضد الحرب , والمواقف النبيلة للشخصيات التي لها وزنها وأهميتها على المستوى العالمي مثل حبر الفاتيكان الأعظم , كذلك للدول التي رفضت إستصدار قرار جديد بحق العراق , وعلى وجه الخصوص دولة فرنسا وموقفها المشرف , وغيرها من الإتجاهات التي كانت تسير عكس التيار الإنكلوأميركي !!
موقف سوريا هذا هو أحد أصوات الأغلبية التي رفضت الحرب , والتي ظلت متشبثة بموقفها إلى آخر الجلسات , بل حتى بعد إقتراح - جاك سترو - وزير خارجية بريطانيا لعقد جلسة جديدة بعد بضعة أيام ثم الإعتماد على رأي الأغلبية , في محاولة من بريطانيا للتأثير على بعض الأطراف التي كانت مواقفها متذبذبة بين الرفض والقبول . وبالطبع كل دولة كانت لها أسبابها وقناعاتها الخاصة في رفض الحرب , سواء تلك الأسباب تنطوي على مصلحة ما , أو لأنها كانت تريد إعطاء المفتشين الدوليين مزيدا من الوقت , أو لأنها أساسا ترفض منطق الحرب في حل الأزمات الدولية . وقد جاء ذلك عبر الخطابات التي ألقيت من جانب ممثلي هذه الدول - بصرف النظر عما كانت تزعمه في المنظمة الدولية ونواياها الحقيقية - . لكن الموقف السوري كان شيئا آخر , الخطابية الأخلاقية والتشعب أو ربط الموضوع بقضايا أُخر التي إحتوته تفضح خوفا صارخا مما ستخلقه الحرب من وضع سيكون كارثيا بالنسبة للكيان السوري . وطالما أن هناك شريك تاريخي وستراتيجي - إيران - يقع ضمن دائرة الخطر القادم الداهم فلا بد أن ذلك الخوف كان يُمثل صدى آخر لذلك الشريك . وبرغم ما يمتلكه هذا الشريك من توازن رُعب قديم - ولو بنسبة ما - فإن إلتهام الطريدة الأولى الأضعف بحكم موقعها الجغرافي المُختنق وإمكانياتها المتواضعة , سوف يجعل منه فريسة سهلة المنال للمارد الأميركي ولو بعد حين !؟ ثم تنامى هذا الخوف حتى بلغَ الذروة بالسقوط السريع للنظام العراقي , وأكثر على أثر التلميحات التي أعقبته والتي تزعم أن البعث السوري سوف يكون الهدف القادم . وبقدر ما يمتلكه الخوف على العرش لأنظمة توتاليتارية - Totalitarianism على شاكلة البعث السوري ونظام العمائم الفارسي من قدرة هائلة على شل توازنها العقلي في رؤية الواقع من منظور منطقي - وهو أن أميركا لن تخطو خطوة إضافية قبل أن تُثبت دعائم النظام الذي ترنو إليه على أنقاض نظام صدام , أولها إقتصادي وآخرها على الأقل تمهيد أجواء على الصعيدين , الداخلي الأميركي والدولي , رغم تصريحات نشوة النصر التي تمادت كثيرا , إلى حد إنها ألغت حتى إمكانية أو إحتمال أي دور أوروبي أو حتى أممي في مستقبل العراق , فنحن الذين سالت دماؤنا ونحن الذين سوف نتولى إدارة شؤونه وُفق - كوندليزا رايس - بعد سقوط النظام السابق مباشرة - فإن له ذات القدرة الجهنمية على حرق ما فضِل من الجينات الآدمية لتلك النُظم [ إذا إحتملنا ببقايا جينات آدمية لم تزل تنبض في تكويناتها العفنة ] مايكون رد فعلها دمويا حد قيامة الموت والجحيم , فالخوف في حالاته القصوى يُحفز على إفراز هرمون ( الأدريانين ) الذي يُعطي قدرة خارقة على إجتياز جدار بإرتفاع ثمانية أمتار ! أما خوف العرش فيُحيله عصف من دم ونار يحرق عرضه ودينه وإنسانيته وتاريخه وحاضره ومستقبله .. يحرق كل ما يعترضه أو يعترضها. هكذا تتولد عدمية الغرابة على مايحدث الآن من حرق وسفك للدماء من زاخو إلى سواحل شط العرب !! وعلى هذا النحو كذلك يُحتضن ويُمول كل إرهابي الكون وعواهره وليس عناصر القاعدة وأزلام النظام المنقرض حسبْ, تحت محراب كهنوت الموت والشر في قم وطهران , وفي كهوف عروبيي الطاعون في دمشق !!
تنامى هذا الخوف حتى بلغ أقصى مدى له بعد وضع أوزار الحرب , ثم دخل مرحلة الدبلوماسية , وها هو الآن يلج مرحلة الرهان ؟
شمل الوطر الدبلوماسي , دوران مكوكي ثنائي , ثلاثي , عروبي , إسلامي , إقليمي , دولي , أكثره إثارة دعوة إيران لوزراء خارجية - بريطانيا , فرنسا , ألمانيا - لزيارة طهران , ثم سماحها لمسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة منشآتها النووية , يوازيه على مستوى الداخل إنقلاب أبيض بمباركة خليفة الشيطان وكبير المشعوذين - خامنئي - بحكر الترشيح الإنتخابي ضمن اللذين يدورون في محوره الإرهابي , لعله تأهبا لقادم مزلزل لا يعلمه إلا الضالعون في البيت الأبيض والكامن الإيراني الذي كانت الإحتجاجات الطلابية عينة ضئيلة منه . فليدخر إذن رفسنجاني دروسه الجهادية لذلك القادم المجهول ! هل هناك ضرورة للتذكير بجهادهم المليوني البربري , على الأقل لنتبين مستوى عقلياتهم , وهل هي بالفعل قادرة على الإختراق وتحويل العراق إلى مستنقع جهادي يغوص فيه الأميركان على غير هدى! والحمة الآن تأتي من الرأس وليس من الرجلين كما يُقال عادة , رأس الخبث العتيق - رفسنجاني - لست ثعلبا ولم ولن تكن أيها المنتفخ المعمم مثلما راودتك روحك الخربة وعقلك العفن وصدقت ذلك الزعم الذي لم يصدر عن رواد أو مخضرمي سياسة , إنما عن عمائم ولحى عفنة على شاكلتك , كـ - محسن رضائي - قائد الحرس السابق , الذي أنذر - تركيا - ذات مرة بعدم التورط في الحرب مع إيران : فنحن حاربنا ثمانية سنوات لأجل نصف شط فقط !!" هذا هو المنطق المعتوه الذي أسماك كذلك . فالحقيقة التي ليس عليها غبار هي إنكم لم تكونوا إلا لفيفا من الحمقى بالت عليكم ثعالب - صدام - طيلة تلك السنين الدامية ! ثمانية سنوات زُهقت وعُوقت في جَّزرها الأحمر ملايين البشر ولم تجتازوا فيها إلا شريطا حدوديا ضيقا , وفي نهاية الحريق يربض صدام وجيشه في عمق تضاريسكم ! فأين كانت العلة ياترى؟ هل نكثت بكم تعاويذكم وأدعيتكم وآياتكم ؟ أم خارت تقواكم وورعكم ؟ أم أطفأت صواريخ صدام التي أخذ يمطركم بها , أنوار حسينياتكم وصوامعكم- التي كنتم تسوقون القرابين من بين زيف شعوذاتها نحو محرقة الحرب - فأغشيت عيونكم وإنقلب السحر جهنما فوق عمائمكم النتنة ؟! هل يمكن تصور غباءا بهذا المستوى , تخيلو , الخميني يتواصل طيلة تلك السنوات في الحرب لأنه لا يريد أن يعيد الخطأ ثانية , أي خطأ ياخطيئة الأرحام ؟ , الخطأ هو قبول - الإمام علي بمبدأ التحكيم في معركة صفين قبل أكثر من ثلاثة عشر قرنا - أو إنه ليس خطأ , إنما - الإله - أدخل في رأس الأمام علي بأن يقبل بذلك التحكيم لكي ينحرف مجرى التاريخ , لأنه سوف يخلق في لاحق الزمان رجلا أو زعيما أو إماما , يقود حربا على شاكلة حرب - صفين - , وأيضا يحاول العالم بأسره إقناع هذا الزعيم أو الإمام بأن يقبل وقف الحرب لكنه لا يرضخ لأن هذا الأمر مُقدر ومكتوب في اللوح المحفوظ !! لكن مع الأسف الشديد , مزقت جرذان العوجه هذا اللوح المحفوظ وأحالته سما زعاقا أزهق روح الإمام الموعود فرحل محزونا مندوما عاريا ! بحق من عليكم , هل لمستم عقولا صدئة على هذا النحو على مدى تاريخ الجنس ؟ فمعذرة يا حجة الإسلام والمسلمين - رفسنجاني - ( لا أعرف إن كنت لم تزل حُجة , أم رفعك الكاهن الأعظم - خامنئي - آية عُظمى ) هذه هي عقولكم الخارقة الوصف التي سوف تُلقي الأميركيين والبريطانيين في حُلكة - سيزيف - المهلكة !!
وإذن , فما دامت بذلك المستوى الضحل فلا بد وأن تكون إفرازاتها إنعكاسا لفساد ماهيتها !! وكان ما حصل - إرهاب - قتل الناس في الشوارع والأماكن العامة بالسيارات المفخخة والإنتحاريين, وضرب منشئات الخدمة العامة , وعمليات تفجير ضد الأميركيين في جهات محدودة - . وإذا كانت البديهة إن الناس تمقت كل ذلك وبإطلاق فإنها بضاعة فاسدة بكل المقاييس , حتى ولو كانت غاياتها الرئيسية - وهي بالفعل كذلك - خلق اصداء إعلامية مؤثرة داخل الولايات المتحدة . فالجندي الأميركي الذي يواجه إرهابا مُوجه ضد أناسا ليس ثمة صلة بينه وبينهم سوف يُنظر له من وجهة نظر أخرى من المواطن الأميركي بصرف النظر عن أية تأويلات سياسية أخرى .
واليوم تلعب لعبتها الأخيرة , تطرح آخر ما بحوزتها . لكن التساؤل هو : ما الذي تملكه حتى تُمني نفسها بهذا القدر من التفاؤل الذي ينعق به كهنتها - الدروس الجهادية , ورمال دجلة والفرات , والغزاة المحتلين الذين يريدون سرقة العراق المسلم الجار !!-
عودة إلى الوراء قليلا : في سنوات الثمانينات تكونَ لديها رصيد ما من التعاطف في محافظات الجنوب والفرات الأوسط على أساس مذهبي بعيد عن أي تكتلات أو تنظيمات - بإستثناء عناصر حزب الدعوة الذين لم يكونوا بذلك العدد الكبير - وقد كان هذا التعاطف عامل جزر دموي ضد مئات بل آلاف الناس , فلقد إستغل نظام صدام واقع الحرب ليُلصق بهم تُهم الطابور الخامس أو الإنتماء إلى حزب الدعوة الذي صدرَ قرار ضده من مجلس ما يُسمى مجلس قيادة الثورة يخول الإعدام لأي عنصر يثبت إنتماءه إلى ذلك الحزب , وأذيع هذا القرار صراحة من جميع إذاعات السلطة . غير إن هذا التعاطف إنقلب إلى بغض مقيت ضد إيران حين برهنت عدم مصداقيتها أو كذبها الفاضح ولم تحرك خيطاً من عمائمها في دعم إنتفاضة - 1991 - ثم إزداد هذا المقت إيغالا في سنوات التسعينات , على أثر التعامل العنصري لمئات اللآلاف من اللاجئيين العراقيين داخل إيران وما يمثله هؤلاء لأمثالهم من ذوي القربى داخل العراق وكذلك بقية دول العالم من عامل إعلام تشويهي ضد الملالي وعناصر المجلس الأعلى - طبعا هذا بالنسبة للذين لم يزالوا يمتلكون ميلا ما نحو نهج الملالي - وكانت التوصيفات التي تخص هؤلاء - المجلس الأعلى - في الواقع خرافية الرؤيا( طبقة تعيش في فردوس أرضي من النعيم ) إلى حد نعتهم بالصداميين الجدد , وحمايتهم التي معظمها من النجفيين - بالتكارتة الجدد - !! إلى ذلك - وهذا هو المهم - تطورْ الخلاف بين المجلس الأعلى [ والواقع حين أقول المجلس الأعلى فذلك يعني إيران , لأنه يمثل واجهتها ] وبين - محمد صادق الصدر - إلى حد بلوغه العداء , هذا التطور راكمَ البغض لدى أنصار الصدر ضد إيران وحليفهم المجلس الأعلى . ولم يكن هذا التطور عن فراغ , فقد كان - محمد صادق الصدر هذا - في مرحلة الثمانينات يظهر في تلفزيون بغداد وتحت إشراف وزارة الإعلام العراقية ليُقدم برامج دينية , رجل لم يكن له صلة بالصراعات السياسية - مجرد رجل دين يُقدم برامج دينية - لكنه صار موضع إستهجان وإستخفاف من جماعة المجلس الأعلى , وبالتحديد - محمد باقر الحكيم - إلى حد إتهامه بالعمالة للمخابرات العراقية . على أثر ذلك إنقلب رأسا على عقب , تحول إلى عنصر فعال ضد النظام ! كيف حدث هذا ؟ بالتأكيد نتيجة حالة نفسية محضة , ومحضيتها واضحة للمتابع لفعاليات المجلس الأعلى , وكذلك ما يدور في - النجف - من مخاضات ! فعلى سبيل المثال مرة قال , أعني - محمد صادق الصدر - قال وهو يرتدي الكفن تحديا لصدام حسين : هل انا الذي يُتهم بالعمالة , ومن هو المجاهد الحقيقي ؟ الذي يجلس هناك مُنعَمْ , ويفلح بالتصريحات فقط .. وغيره من الكلام الذي لا أتذكره بالضبط ! وبالطبع ما كان يصدر عن محمد باقر الحكيم يثير حفيضته , فالحكيم كان صديق الصدر الأول , والصدر الأول قُتل بأيدي النظام , وعندما يُتهم أحد المنتسبين إلى عائلته بالعمالة فأمر في غاية الصعوبة والإحراج بالنسبة له تجاه الأوساط الشعبية , فعلى الأقل إعلان موقف ضد النظام , كل تلك الأشياء وغيرها خلقت ذلك الصراع النفسي الذي قاد إلى ذلك التحدي السافر ضد النظام , وبالفعل كانت حالة فريدة , أن يتحدى شخص ما داخل العراق صدام بهذه الصورة , ولذلك تراه حقق تلك الشعبية التي بلا شك قد أغاضت المجلس الأعلى والحكيم بالذات لاحقا !! وهكذا فإن هذه المجموعة نشأت أساساً على دوافع مقت أو تضاد لإيران ومن يدور في فلكها . أما هؤلاء الذين يدورون في الفلك الإيراني فقد أضحوا براغماتيين فيما بعد , بحكم الواقع الجديد الذي خلقه الفتح الأميركي , لم ينفضوا أيديهم منها بشكل نهائي , لكن فسحة الحرية بعد رحيل صدام أعطتهم إمكانية عدم الإستجابة لكل ما ترغب فيه مادامت النفعية تحكم الجميع !! فما الذي يتوجب أن تفعله عمائم طهران أزاء وضع كهذا , بعد أن هجرها حليفها القديم , وبعد أن تبنت عناصرالقاعدة الهاربين من أفغانستان ومن يلف لفهم وبقايـــــــــا
إستخبارات صدام ومخابراته والبعض من ضباط الجيش السابقين بالتنسيق مع البعث السوري , لينفذوا سلسلة التفجيرات التخريبية والإرهابية طيلة العام المنصرم فلم تأتي بأية حصيلة ذات وقع مؤثر على الواقع العراقي الجديد , وبالتأكيد كذلك بعد يأسهم المطبق من السيستاني !!
ما هو الخيار ؟ : الخيار هو مقتدى الصدر .. مقتدى الصدر ورث عن أبيه بعض الرصيد الشعبي , وهو لا يحمل عقدة البغض النفسية إتجاه ملالي إيران , إلى ذلك إنه لم يزل خام بعد, ومفردات من قبيل: الجهاد , الغزاة الكفار , أميركا المجرمة وغيرها .. لها صدى مؤثر في رأسه الغض !! كذلك فإن مجموعته ليست تنظيما سياسيا يمتلك ولو حد أدنى من الخبرة السياسية تمكنه من الدخول في مناورات مع الإيرانيين , وليس فيهم من يمتلك رصيدا ثقافيا أو تعليميا , على أقل تقدير أكاديمي واحد أو صاحب خبرة في مجال ما . فعلى سبيل المثال صحيح إن المجلس الأعلى أيضا ليس تنظيما سياسيا بالمعنى المتعارف عليه , لكنه إكتسب خبرة بمرور السنين , كما إنه يمتلك كوادر معرفية في بعض المجالات , ومن هنا جاء تعامله البراغماتي المشار إليه مع ملالي إيران . إلى جانب تلك الأسباب , هنالك الدعم المادي والإعلامي , وبالطبع قضية المرجعية المرتبطة بالحائري المتواجد وسط ملالي قم .. وإلى غيرها من الأسباب ..
الشق الآخر في تلك البانوراما هو فسحة الحرية التي أنجزها الإحتلال ( أي إحتلال هذا الذي ينجز حرية ؟! ) والتي هي دون مراء العامل الرئيسي الذي أفرز كل تلك المعطيات , والذي هو بالفعل يدعو إلى تذكر الحزم أو القوة في التعامل مع أناس لاتفهم إلا هذا الأسلوب . الكثير من الذي تناولوا هذا الموضوع نظروا إليه من هذه الزاوية , لماذا ؟ هل لكونهم من ذوي التفكير المفعم بالعنف فلا يتعاملوا إلا على هذا النحو ؟ أم إنه من الضرورة حقا التعامل مع الشر على هذا النحو قبل أن يسحق أية بذرة خير تنمو وسط ركام الخراب الذي خلفته عقود الدم والحروب ؟! هل كان بمقدور شراذم - إطلاعات - وعصابات هذا المدعو مقتدى الصدر أن تتحرك بتلك المرونة والسهولة تحيك التآمرات وتكدس الأسلحة في الجوامع والمدارس والأضرحة , وهل كان بإمكان مقتدى , مرتضى , أو كائنا من يكون أن يعتصم في جامع أوضريح أو .. أو .. في عهد البطل القومي , أم إنه يهدم الضريح على هامة من يحتمي بالضريح , بل المدينة بكاملها على رؤوس أهلها !! فأية قباحة وعُهر كشرت عنها عمائم الفجور والعار بإستغلالها هذا المُنجز الذي إذا أردنا وصفه بأنه متنفس من نوع ما لهذا العالم الذي عانى ويلات لا يمكن تخيلها على مدى العقود المنصرمة!! ولعل هذا يقودنا إلى تبين مدى الإنجاز المتوقع من هذا المتحجر ومجموعته المُعول عليها رفسنجانيا وخامنئيا , والمدى هو :
ثلاثة نظم دكتاتورية في العالم لا فارق بينها في التعامل مع الأشياء , وشاذة عن أي تكوين توليتاري أنجبه رحم التاريخ - البعثين العراقي والسوري , وعمائم الشر في طهران, - مستوى القمع بينها يرتفع , يهبط - محتمل - لكن الجوهر هو ذات الدرن السرطاني !! الجوهر هو : خليفة الله على أرضه الذي لا تطاله الخطيئة , والذي يظل في صراع أبدي ضد قوى شرورية, قوى هاجسها الأزلي هو تدمير الأرض , وذلك الخليفة القدسي هو المخول واالمؤهل الأوحد لتحطيم هذه القوى , وفي موازاة ذلك - الزمن - يظل بلا حراك , ودماء المخلوقات مُباحة , ختمت على صك لاهوتي مطلق بإباحية دمائها؟ ! هذا هو المفهوم السخيف والمُستهلك والذي إشمأز منه العراقيين على مدى عقود , أول تشكيل لمنظمة التحرير الفلسطينية كان قد تشكل في بغداد - العراق سنة 1961 - ثم يتواصل هذا النعيق والعراق والعراقيين يعيشون المرارة تحت هذا الشعار - والآن , وبعد كل تلك التجارب , تريد عمائم الشر إستغلال هذا الشعار , وكأننا قد جئنا من وراء البحار ولسنا أبناء هذه الأرض التي عشنا كل مخاضاتها , وعلى بينة بكل تلك السخافات والتي كثيرا ما ناغمَنا بها البطل القومي , إذن هو ذات الشعار الذي تدخل بواسطته تلك العمائم وبواسطة الصنم الجديد مقتدى الصدر لخلق سخافات تعتقد في تفكيرها المريض إثارة نوع من الإثارة في واقع الولايات المتحدة الإنتخابي والذي من خلاله تسقط أو يسقط اليمين الحاكم ويتلاشى برنامج محور الشر !! فما مدى فعالية هذه الرؤية الخرافية على أرض الواقع ؟ يعني هل إن مقتدى الصدر ومجموعته تمثل أغلبية على مستوى الشارع العراقي لتكون تأثيراتها طاغية إلى حد إستخلاص الجانب المحتل بعدمية التواصل وفسح المجال أو إعطاء الفرصة لمجموعته للسيطرة على الواقع العراقي ؟! فإذا كان الواقع يقول إنها لا تمثل أغلبية الشارع العراقي , فذلك يعني إنها تُستخدم كحركة مؤثرة لإثارة الشارع العراقي ضد المُحتل !! فهل إستطاعت فعل ذلك أو هل ستستطيع ؟ ومثل هذا التساؤل يرد عليه واقع المجتمع العراقي الذي عانى وضعا لا يمكن توصيف مدياته من إنتهاكات وحرمان وضياع للأمان , لقد كان لجوء الناس على مدى العقد الماضي إلى قضية - الدين - والتشبث بالمسائل الطقوسية نوعا من أنواع البحث عن الأمان في ظل أوضاع لا يمكن تخيلها , وتلك القضية في الواقع لو أراد المرء التبحر فيها سوف تتكشف له مديات الإنهيار لهذا المجتمع الذي بلا شك كانت تثير دهشة مهولة بالنسبة لشخص غادر العراق منذ نهاية السبعينات !! ثم جاء المحتل ليوفر له كل تلك الأشياء - بغض النظر عن كل السلبيات التي تقع , فهي مهما تجاوزت في سلبياتها فإنها ستظل لا قيمة لها إزاء فقدان العراقي لكل مؤهلات الحياة في العهد السابق - ومن هنا نرى كيف إن تلك المجموعة قد أضحت منبوذة من قبل جميع العراقيين , طبعا بالإضافة لسلوكيات هذه المجموعة الإجرامية التي تُذكر بالعهد البائد , إلى ذلك التناقض الذي من الممكن لأي إنسان بسيط في الشارع العراقي إستشفافه وهو تحالف هذه المجموعة مع جماعات الفلوجة من البعثيين والإرهابيين الذين - أعلنوا صراحة عن تشكيلاتهم في صحيفة القدس العربي - بانهم من أنصار النظام السابق والبعثيين القدامى كذلك تحالف الإرهابيين الذين لم يزل العراقي يكابد من تفجيراتهم الإرهابية الشنيعة !
لكن إفتراضات العمائم تقام على أسس فايروسية , وليس على ما تطمح إليه ضياعات تلك الكتل البشرية على مدى العقود !!
الجانب الآخر - وإيجازا لتلك التصورات المريضة , لننظر أو لينظر الملالي , هل إن الجانب الإقتصادي في الإنتخابات الأميركية هو جانب الحسم , أم تلك الخزعبلات التي تراودهم ؟ فإذا إستجلينا التاريخ لكي ننظر إلى مدى تلك الرؤية التي في الواقع تراود الكثيرين وليس الملالي فقط وأخذنا الحرب الأكثر شراسة في تاريخ الولايات المتحدة - فيتنام - فـ - نيكسون - عندما فاز في إنتخابات -1972 - كانت تلك الحرب قد وصلت مرحلة من الإنهيار للجيش الأميركي بعدما ما يقرب من مضي أكثر من سبعة سنوات ورغم الخسائر للجيش الأميركي هناك , أنتصر هذا الـ - نيكسون - في تلك الإنتخابات !! أي أميركي من الممكن أن يُسأل إن كانت نتيجة الإنتخابات مرتبطة بفعالية الإقتصاد الأميركي ومدى توفير المعيشة الحسنة للشعب الأميركي , أم بأي مستجدات على صعيد تدخلات الجيش الأميركي في شؤون العالم ؟ نعم , ممكن أن تكون لها تأثيرات من نوع ما , لكن , إنها تكون عامل الحسم , فتلك خرافة العمائم ومن على شاكلتهم وإن غدا حينما تتكشف نتائج الإنتخابات , ويتأكد تبؤ المارد اليميني - بوش وحاشيته - سوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون !!!؟؟؟
[email protected]
#عادل_الخياط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟