|
حكايتي مع وزير الثقافة الجديد!
محمد المراكشي
الحوار المتمدن-العدد: 2725 - 2009 / 8 / 1 - 08:21
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
لن أدعكم قراء هذا المقال تسرحون في خيال افق الانتظار الذي يخلقه العنوان.. فلست من هواة تفخيخ الكتابة إلى هذا الحد، وليست لدي مشكلة مع الاستاذ حميش من قبيل هربي منه أوهربه مني بكراء أو سلف ، و لكنها حكاية غريبة شيئا ما لها علاقة ببعض الحلم الذي راودني يوما.. بداية الحكاية: أول معرفتي بالسيد الوزير كانت من خلال الورق ، ولاتزال ، و أظنها معرفة كافية لمثقف من العيار الثقيل في نظري ، فصاحب [مجنون الحكم] جعلني منذ دراستي الأولى مجنون قراءة من خلال مقالات و اطلالات في زمن الملاحق الثقافية الجميل، أو لنقل في زمن الثقافة الجميل المأسوف عليه.. هكذا كانت البداية ، كأي بداية لتلميذ مراهق مندفع نحو كل شيء جديد في ظل عدم المعلومة الذي كان مفروضا علينا حينها وفق منطق التقدم و التخلف ووفق منطق الغالب الله! وكانت كتابات حميش إلى جانب كتاب سأحتفظ بذكراهم و بفضلهم علي إلى الأبد من أمثال منيف و العروي و الجابري و التزيني وحسين مروة و مهدي عامل و احلام مستغانمي ونعنع و ودرويش و اللائحة طويلة .. حين رفضت بنسالم حميش: مهلا فأنا لم أرفض استوازره ، و الحقيقة كما تبدو لي أن الرجل يستحق أن يسمى وزير ثقافة و هي المرة الأولى التي أكون راضيا تمام الرضى عن تسمية وزير ثقافة ، لأن الرجل مثقف و مكانه هناك لعل شيئا ما يقع في هذا البلد الذي يعيش حالة ثقاف من الثقافة.. في سنتي النهائية في كلية الآداب بآكادير ، حين كان ملزما أن أقوم ببحثي لنيل الاجازة ، وجدت نفسي أما مشكلة و أنا أقترح على استاذي الدكتور عمر حلي -الذي أحييه بالمناسبة- عنوانين لروايتين كنت متشبثا بانجاز بحث الاجازة حولهما و هما ( الآن هنا -عبد الرحمن منيف)و( الشمس في يوم غائم -حنا مينة) ، وتعرفون اندفاع المرحلة و قوة الايمان بتأثير الادب اجتماعيا و سياسيا و قوة الرغبة كذلك في تحميل البحث ما لايحتمل من أفكار و جعله مستنبتا ايديولوجيا لمعتدقاتي .. حينها ابلغني الاستاذ بلباقته المعروفة رفضه للعنوانين متشبثا بأن أقوم ببحثي في الرواية حيث كنت الاستثناء من بين زملائي الذين اختاروا السيرة الذاتية لأن الاستاذ متخصص فيها و انجز فيها اطروحته.. كان رفضه عبارة عن اقتراحه بأن أقوم ببحثي حول رواية [العلامة] لبنسالم حميش و التي صدرت حيثا حينها.. و لأني كنت أعتبر حميش مثقفا (تحريفيا و إصلاحيا بورجوازيا) أضعت علي فرصة تحليل روايته حينها و التي قرأتها فيما بعد و انبهرت بأسلوبه و لغته الروائية التي لم تبق راكدة... هذه الحادثة هي المقصودة من رفضي للأستاذ حميش ، و(لصقت بت نبت) في إحدى كتابات أدب السجون و أنجزت بحثي عن رواية شرق المتوسط وعبرت حينها و بلغت -في استعارة أوما شابه- رعشتي السياسية الكبرى، و انتهى الأمر.. حين التقى قمري الاصطناعي مع قمر حميش سات : في سنتي الأولى من البطالة و سنتي الأولى من أحلام الليل و النهار ، و سنتي المفعمة بالخيال الاجتماعي و الأدبي الداخلي ، وقفت على فكرة جهنمية حينها ، وظللت أقلب في تلك الفكرة إلى أن اختمرت ، و لم أنم حينها ليال كاملة ، وقادتني الحياة حينها إلى مدينة تارودانت الصغيرة و الجميلة و البشوشة ، فطرحت مشروعي على صديق لي - أحييه بالمناسبة- صديقي سعيد شمسي و هو شاعر حقيقي من شعراء تارودانت و المدن الصغرى (الذين لا يستمع إليهم شعراء باليما و مثقفو الفن السابع ومؤبدو بيت الشعر ومخلدو الأدب) وأعجب كثيرا بالفكرة وجدتها وما يمكن أن تأتي به من جمالية جديدة في الانفتاح على شعرنا العربي القديم و خاصة المعلقات سبعها أو عشرها.. كنت أود بكل بساطة و بمنتهى الصعوبة أن أحول شعر امرئ القيس عن فاطمته و طرفة بن العبد عن خولته و عنترة عن عبلته (..) إلى سرديات ..أمر صعب و لذيذ ، ويمكنه أن يحملني إلى بوابات الجرائد المغلقة بل و الموصدة .. حلمي الصغير هذا الذي لا يتطلب غير ورق و أقلام حبر و تفرغا ذهنيا و كتاب المعلقات السبع ، لم يخرج للوجود و ضممته إلى سلسلة أحلامي المرجأة إلى حين.. لا أستطيع أن أصف لكم بعد كل هذه الاطالة كم كانت مفاجأتي و أنا أقرأ نصا سرديا لبنسالم حميش على صفحات احدى الجرائد يستقي فكرته من معلقة امرئ القيس.. عفوا فأنا لا أتهم الاستاذ حميش بالسرقة ، هو أسمى منها ، و لكن أحيانا تلتقي الأفكار النيرة بالصدفة لتبقى أمام محك الانجاز، و كأني بالله نزع مني الفكرة لأني لم أنجزها و أعطاها للذي هو أقدر مني على إخراجها للوجود.. عذرا للأستاذ الكبير بنسالم حميش الذي يستحق أن يكون وزير ثقافة المغرب. مع تهاني و حبي و تقديري
#محمد_المراكشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوباما و حماره
-
-التدخل الأمني- بسيدي إفني.. ما لانهاية من الحسابات الخاطئة!
...
-
تحية الى النساء الأخريات اللواتي لا يحييهن أحد !
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|