عضو مجلس رئاسة حزب KADEK الكردي التركي لـ"النهار":
تحوّلنا الى الديموقراطية لكننا لم نترك سلاحنا
أوروبا متناقضة وتركيا غير مستعدة للحوار بعد
جميل بايق عضو قيادة "مؤتمر الحرية والديموقراطية لكردستان" وهو الحزب الكردي التركي الذي خلف "حزب العمال الكردستاني" PKK متهم بالتشدد في اطار التحولات "الديموقراطية" التي تشهدها الحركة الكردية التركية بعد اعتقال زعيم PPK عبدالله أوج ألان. تركيا ما زالت "تطالب برأسه"، وهناك شائعات عن خلافات بينه وبين عثمان أوج ألان شقيق عبدالله في قيادة الحزب الجديد.
حملنا اسئلة الغموض في الوضع الكردي التركي الراهن الى جميل بايق فكان هذا الحوار:
* انعقد مؤتمركم الثامن وهو المؤتمر الثاني منذ اعتقال عبدالله أوج ألان ما هي الآفاق المستقبلية لهذا المؤتمر؟
- في الوقت الذي اعتبر فيه مؤتمرنا ان حزب العمال الكردستاني PKK قد أنهى دوره التاريخي، أعلن عن تأسيس مؤتمر الحرية والديموقراطية لكردستان KADEK. مرحلةPKK التي خلفناها وراءنا تعتبر مرحلة تحقيق الانبعاث الوطني، حقق فيها الشعب الكردي العديد من المكاسب على صعيد تأكيد هويته الوطنية وتحوله قوة سياسية وأيصال قضيته الى الرأي العام العالمي. فالشعب الكردي الذي كان يتعرض للإبادة حقق انبعاثه الوطني من خلال التطورات التي حققها PKK. وقد اعتبر مؤتمرنا ان تجربة PKK كانت تجربة ناجحة. وأقر بالاجماع انهاء تلك المرحلة. والمرحلة التي بدأت مع KADEK هي مرحلة التحرر الديموقراطي بهدف تطوير العملية الديموقراطية في البلدان التي تحكم كردستان عبر دمقرطة حركة التحرر الكردية. وسيحدد مقرراته وبرنامجه ونظامه الداخلي بما يضمن تحقيق هذه الاهداف. وموقفنا الآن هو تحقيق التطور الديموقراطي في المنطقة انطلاقا من الاكراد. ونحن على ثقة اننا وفي خضم أجواء الازمة المتنامية التي تشهدها المنطقة سنطور حركة ديموقراطية كبيرة وسنوجه مسار الدول التي تحكم كردستان وفي مقدمها تركيا نحو الديموقراطية وتالياً نحو مسار الحل.
* في مؤتمركم قمتم بتغيير اسم الحزب هل تعني هذه الاستراتيجيا التخلي عن مفاهيمكم السابقة والتوجه نحو حل الجناح العسكري؟
- القرار الذي اتخذناه لا ينحصر في تغيير الاسم فقط، بل يعني بناء تشكيلة جدية تلبي ضرورات المرحلة المستقبلية بدلاً من التشكيلة التي لا تلبي سوى متطلبات مرحلية قصيرة المدى. مع PKK حققنا الانبعاث الوطني ومع KADEK سنحقق التحرر الديموقراطي. ونحن نعتز بماضينا الذي عشناه مع PKK ولم نكن أبداً نادمين ولن نكون. واقتناعنا هو أن التحرر الديموقراطي لن يتحقق عبر الطرق العسكرية بل عبر المحاور السياسية. وقد تم التغيير في السياسة والتكتيك على اساس هذا الاقتناع، إلا أننا لن نستبعد التدخل العسكري كبديل اذا ما اضطررنا الى ذلك. لكننا عكس المرحلة السابقة لن نعتمد الحل العسكري اساساً. سنحتفظ بقواتنا المسلحة. وعندما يصل نضال الحل السياسي الى نقطة معينة سيكون احتمال تسييس قواتنا العسكرية وارداً. اما في الوقت الراهن، حيث لم يتم الدخول بعد في مسار الحل السلمي وما زالت قواتنا تتعرض لهجمات عسكرية، هذا بالاضافة الى التهديدات المستمرة من جانب المسؤولين في تركيا من قبيل ان هذه الحرب ستستمر حتى يتم القضاء على آخر ارهابي، ومجمل هذه التهديدات تشكل تهديداً أمنياً جدياً، فستبقى قواتنا المسلحة في وضع الدفاع المشروع عن الذات. وهو وضع موقت يمكن انهاؤه في اي وقت. ربما سيثار هذا الموضوع وستظهر ردود حول احتفاظنا بقواتنا العسكرية. لكن طالما لا يدخلون مسار الحل فهذا يعني بقاء هذه القوات. ونحن لسنا مسؤولين عن ذلك.
* بعدما اعلنتم عن تغيير اسم الحزب، اعتبرت تركيا ذلك تهرباً من الارهاب، ما هو جوابكم عن ذلك؟
- التغيير الذي اقره مؤتمرنا لم يقوّم بشكل صحيح من جانب تركيا. منذ ثلاث نوات ونحن نقوم بخطوات من طرف واحد. ورغم الخسائر الجسيمة حافظنا على تمسكنا بالحل السلمي والديموقراطي. ولم يكن ذلك ضعفاً من جانبنا بل انه يعبر عن موقف سياسي ومبدئي. ولأن تركيا مستمرة في سياسة الابادة لكن مع تطور النضال السياسي والديموقراطي لن تستطيع تركيا التهرب من تغيير موقفها هذا.
* لقد انتخب مؤتمركم عبدالله أوج ألان رئيساً له رغم وجوده في السجن، هل تم انتخابه كرمز، أم أن لذلك أبعاداً سياسية؟
- لقد انتخب مؤتمرنا الرفيق عبدالله أوج ألان كرئيس لـKADEK وهو ليس انتخاباً رمزياً بل هو خيار الشعب الكردي. فالنضال المعاصر للشعب الكردي في سبيل الحرية يحدد ماضيه ومستقبله وحاضره على أساس فكر القائد "آبو" والنجاحات التي تحققت خلال نضاله. ولهذا السبب، وكما كان سابقاً، يبدو اننا لن نحيد عن النهج الذي خطه لنا، علما أننا في نهجنا الجديد اعتمدنا اساساً المرافعات التي قدمها قائدنا العام الى محكمة حقوق الانسان الاوروبية. من هذا المنطلق وعلى أساس هذه الحقائق تم انتخاب القائد "آبو".
* قبل فترة طلبت السلطات التركية من ايران تسليمكم لها، وهذا يعني انك كنت في ايران، ماذا تقول في هذا الخصوص؟
- تركيا وبعض حلفائها يحاولون شل حركة كوادرنا القيادية، وهذا ما دفعهم الى مطالبة ايران بتسليمي لهم. تركيا وبعض قوى المنطقة راهنت على تشتت حركتنا التحررية الوطنية بعد اعتقال قيادتنا، لقد اعتقدوا ان حركتنا لن تستطيع الصمود، إلا أن الاعوام الثلاثة المنصرمة أثبتت خطأ هذه الادعاءات وأنهم يعيشون في الأوهام. وأنا لم أكن في ايران والنقاش الدائر حول هذا الموضوع لا صحة له، واعتقد انهم ارادوا الضغط على ايران، فاللوبي الاميركي واليهودي أراد احراج ايران ووضعها في المواجهة مع تركيا، هذه هي كل القضية.
* حتى الاعوام الاخيرة ادعت تركيا ان حدودها مع ايران هي الوحيدة التي تحصل حوادث تسلل أمني عبرها الى الاراضي التركية كيف تفسرون ذلك؟
- تركيا غير مصيبة في استغلال PKK للضغط على ايران، فـPKK كان دائماً يعتمد على قوته الذاتية وخاض نضاله وفقاً لذلك، وايران لا تساندنا، إلا انها لا تعادينا، وقد انتهجت موقف الحياد حيال حركتنا وتركيا لم ترغب برؤية الاسباب الحقيقية للمشكلة الكردية، تتمحور سياستها حول تأكيد ان حركة التحرر الكردية تلقى الدعم والمساندة من الخارج.
* هناك ادعاء بوجود تيار مناهض لاستراتيجيتكم داخل الحزب، والبعض اتهمكم بالتشدد والراديكالية، وتركيا بدأت تطالب برأسكم باعتبار ان لكم دوراً مهماً في الحرب مع تركيا، كيف تقوّمون ذلك؟
- في KADEK لا يوجد اي تيار معارض للاستراتيجيا الجديدة، وقد تم تأسيسه بالاجماع. فتغيير الاستراتيجيا والتكتيك كانت نتيجة لنقاشات ومداولات استمرت ثلاثة اعوام حيث اصبحت كل القاعدة الحزبية مقتنعة.
اما عن موضوع كوني راديكاليا او متشددا، فأظن انه تقويم مبالغ فيه، فأنا اتصرف وفق ما يتطلب نهج KADEK كما كان الامر مع نهج PKK. وكل جهودي تنصب في سبيل تطبيق هذا النهج.
اما المساعي التي تستهدفني كشخص فهي جزء من المخطط الرامي لإظهاري كمجرم حرب لدى الرأي العام العالمي. وبذلك يحاولون اخفاء آثار حربهم الخاصة القذرة. وإذا كانت تركيا تطلب رأسي فهذا نابع من كوني مرتبطا بنضال شعبي لأجل الحرية وبقيادته الوطنية "آبو". ورغم كل التهديدات التركية فإنني سألعب دوري في جميع الميادين السياسية والاجتماعية والعسكرية.
* هناك حديث عن وجود خلاف بينكم وبين عثمان اوج ألان، ما هو قولكم في ذلك؟
- مثل هذه الادعاءات ليست سوى اكاذيب، يراهن اصحابها على ان KADEK قد يكون مثله مثل اي تشكيلة سياسية تقليدية ويبنون آمالهم على هذا الاساس، ويهدفون الى خلق بلبلة لدى الرأي العام. والحقيقة انه ليست هناك اية خلافات بين اعضاء المجلس الرئاسي. بل ان السنوات الثلاث الماضية مضت بانسجام تام. واستطيع القول انه وضع يُحتذى بالنسبة الى آلشعب الكردي. الا ان العديد من القوى، بما فيها تركيا تعتبر "ان الاكراد لا يمكنهم النضال في اتحاد وانسجام"، ويعقدون على ذلك آمالا كبيرة، وعندما لم تجر الرياح بما تشتهي سفنهم ولم تظهر اية خلافات بدأوا بترويج مثل هذه الاكاذيب.
* ما هو مستوى علاقاتكم مع التنظيمات الكردية الاخرى ومع الشخصيات في تركيا سواء بالاسم الجديد ام القديم؟
- نحن نعتمد اسلوب الحوار مع كل التنظيمات الكردية والتركية سواء باسم PKK ام باسم KADEK وقد تم في هذا المجال خلق جو من المرونة، فعلاقاتنا حسنة مع الاحزاب الاشتراكية والاحزاب الاجتماعية الديموقراطية في تركيا، بالاضافة الى بعض الفئات المثقفة، ومثل هذا الوضع سارٍ مع التنظيمات الكردية ايضا. وفي الوقت الراهن، لا توجد حالة اقتتال بين التنظيمات الكردية. ومع تأسيس KADEK ستتضاعف جهودنا في هذا المجال وسنصل الى نتائج ايجابية، وانا على ثقة ان جهودنا لن تذهب سدى.
* هل لديكم مشروع سلام معين مع الاطراف الكردية الاخرى، وماذا تنتظرون من اوروبا بعد هذه التغييرات؟
- هناك شعبان في الشرق الاوسط تنطبق عليهما سياسة الاستنزاف والتجزئة هما الشعب الكردي والشعب العربي، هكذا تم تشكيل بنية الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يراد عرقلة اتحاد الاكراد وتعاظم قوتها وابقاؤها في حالة اقتتال داخلي واستخدامهم كاداة ضد بعضهم وضد دول المنطقة وبذلك يحافظون على استمرار السياسات الامبريالية. حالة التجزئة وفقا للمصالح الخارجية والاقتتال الداخلي اضرت بالاكراد كما اضرت بالعرب. ولأجل تجاوز هذا الوضع نبذل اليوم جهودا حثيثة كما كنا نفعل سابقا. ومن هذا المنطلق نرى ان لوحدة الاكراد اهمية مصيرية، ومثل هذه الوحدة ستكون مثالا للتآخي تقتدي به شعوب المنطقة.
لقد وجهنا نداء السلام لكل الاطراف الكردية، وطرحنا مشروعنا للسلام، لكننا لم نتلق ردا ايجابيا حتى الآن. وفي حال كان ردهم ايجابيا يمكن الحديث عن تطورات ملموسة على ارض الواقع. والتحسن الذي تحقق حتى الآن هو وقف الاقتتال الداخلي بين الاكراد. لكن هذا وحده غير كاف، فمن دون تحقيق الديموقراطية الكردية لن يتم الوصول الى الحل، ولن تتحق "دمقرطة" المنطقة.
* يقال ان الدول الاوروبية تتولى الوصل بينكم وبين تركيا، ام ان هناك اتصالات مباشرة بينكم، كحزب، وبين الدولة التركية؟
- موقف اوروبا موقف متناقض، فهي تتبنى مواقف متباينة. فهي تساند تركيا احيانا وتساند الشعب الكردي احيانا اخرى، فموقفها مع الطرفين يتناسب مع مصالحها. ومداولاتها في موضوع الحل مع الطرفين لم ترق الى مستوى الوساطة، وادراج اسم PKK في لائحة الارهاب ليس الا دليلا على ان اوروبا لم تتجاوز بعد سياستها الازدواجية. وهذا القرار مناف تماما للحقوق والتقاليد الديموقراطية الاوروبية. وهذا الموقف يعرقل سبل وصول الاطراف المتنازعة الى الحل.
في المقابل لا توجد مباحثات بيننا وبين تركيا، رغم اننا مستعدون للحوار الذي يبدو ان تركيا لم تضعه بعد في جدول اعمالها.
* في ضوء التطورات الاخيرة في الشرق الأوسط، كيف تقرأون مستقبل الاكراد، او على الاقل كيف سيكون مستقبل حزبكم؟
- التطورات الاخيرة في الشرق الاوسط خلقت اجواء من الغموض. فالهجمات التي تستهدف المقاومة الفلسطينية، والتدخل المحتمل في العراق، ستؤدي الى تجاوز الوضع الموجود. الا ان ما يجب عدم غض الطرف عنه هو ان محاولات الحل الاحادية الجانب بالنيل من ارادة الشعوب المضطهدة لا تؤدي الى حل القضايا، فمشاعر القهر والظلم التاريخي التي تعاني منها الشعوب ستكون سببا لتفاقم القضايا واحياء الانتفاضات من جديد.
في النظام القائم لا توجد اية مصلحة للاكراد، لذلك فإن انهياره لن يُفقد الاكراد شيئا، بل يمكن ان يؤدي الى ظهور بعض التطورات. ومن هذا المنطلق نستطيع القول ان الوضع الكردي لن يكون اسوأ مما كان، وفي حال خاض الشعب الكردي نضالا منظما من الممكن فتح السبل امام حل القضية الكردية، وهذا ما نأمله في المستقبل.
حاوره فاروق حجي مصطفى |