أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سمير فرنجية - مـنـاقـشــة مـشــروع الـوثـيـقـة الـســيـاسـيـة لـحـركـة الـيــســار الـديـمـوقـراطـي خـطــوة نـوعــيـة لـتــولـيــد تـيــار لـبــنـانـي عـريــض















المزيد.....

مـنـاقـشــة مـشــروع الـوثـيـقـة الـســيـاسـيـة لـحـركـة الـيــســار الـديـمـوقـراطـي خـطــوة نـوعــيـة لـتــولـيــد تـيــار لـبــنـانـي عـريــض


سمير فرنجية

الحوار المتمدن-العدد: 829 - 2004 / 5 / 9 - 01:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يشكل "مشروع الوثيقة السياسية لحركة اليسار الديموقراطي" التي نشرها "الملحق" في عدده الصادر بتاريخ 25 نيسان 2004، أول محاولة جدية لاستخلاص دروس التجربة اليسارية. ويمثل مشروع الوثيقة هذا، خطوة نوعية لم تقدم عليها قوى أخرى حتى الآن بسبب انشدادها في الفكر والممارسة الى الماضي، وفي بعض الأحيان الى ماضي الحرب. وقد بقي "النقد الذاتي" الذي سبق وقرأنا نماذج منه هنا وهناك محكوماً باعتبارات وجدانية، مرتبطاً بالشخص وليس بالمجموعة، وغير قادر تالياً على التأسيس لسلوك سياسي جديد. إضافة الى أن بعض هذا "النقد الذاتي"، لم يكن سوى مدخل لنقل البندقية من كتف الى أخرى. ما هي المواقف التي تدل، في نظرنا، على أهمية هذه المراجعة ؟



تميّز اليسار الديموقراطي عن أطراف سياسيين آخرين في أنه تجرأ على طرح مسألة العلاقة اللبنانية - السورية في كل ابعادها في حين بقي أطراف آخرون يتهربون منها بحجة اعطاء الأولوية للاصلاح الداخلي ومحاربة الفساد والفاسدين من دون اعتبار للارتباط الوثيق القائم بين الفساد والفاسدين في كلا البلدين واستحالة القيام بعملية اصلاح في بلد لا يتمتع فيه الشعب بالسيادة التي تؤهله لاختيار ممثليه ومحاسبتهم.

في المقابل، لم يسقط اليسار الديموقراطي في فخ العداء لسوريا مثلما يفعل البعض، انما رأى أن تصحيح العلاقة اللبنانية - السورية يبدأ بـ "صياغة فهم مشترك، للمصالح العليا للبلدين والعمل بموجبه. وفي صلب هذا الفهم المشترك، تبنٍّ صريح من البلدين لخيارات متقاربة في مجال النظرة إلى التنمية والى إشاعة الديموقراطية واحترام التعددية والإصلاح السياسي وتداول السلطة من خلال الانتخابات الحرة، وعلى صياغة مشتركة للمصالح المتوسطة والبعيدة المدى للبلدين والشعبين...".

لا بد لنا هنا من الإشارة الى ما جاء في الوثيقة حول ضرورة التواصل مع "يساريين ديموقراطيين" في العالم العربي، ولاسيما في سوريا وفلسطين. إن هذه المسألة بالغة الأهمية في وقت لا تزال معظم القوى اليسارية والتغييرية محكومة بالسقف السوري في هذا المجال، فتحصر علاقاتها بالقوى التي تحظى برضا سوري دون سواها.



الموقف من الديموقراطية داخل المؤسسات الحزبية

تطرقت الوثيقة بإسهاب الى هذه المسألة التي هي في أساس كل تغيير ديموقراطي، ذلك أنه لم يعد جائزاً المطالبة بالشيء وممارسة نقيضه: المطالبة بالديموقراطية وتداول السلطة والمشاركة على المستوى الوطني العام، والاستمرار في رفض كل اشكال الديموقراطية على المستوى الحزبي.

كذلك لا يمكننا أن نطالب الانظمة العربية بوضع حد لمفهوم "القائد" الذي يختزل في شخصه مصالح شعب بأكمله وطموحاته، وأن نستمر في عدد من مؤسساتنا الحزبية، ولاسيما في الاحزاب التي تعتبر نفسها في موقع المعارضة والتغيير، متمسكين بـ "قائد" لا ينتخبه الأعضاء المنضوون في المؤسسة الحزبية ولا تجري تاليا محاسبته على الأخطاء التي قد يرتكبها. كنا في الماضي نعمل على تعبئة الناس ضد "الاقطاع" ونطالبهم بقطع علاقات تأسست في خلال مرحلة تاريخية طويلة كي يتمكنوا من استعادة حريتهم والامساك مباشرة بمصيرهم. واذ بنا اليوم نرى من حولنا "إقطاعاً" من نوع آخر، يتغذى من استقالة جماعية لجيل من الشباب، صاحب أطروحة تغييرية جذرية.

أرى أن هذه المسألة تستأهل اهتماماً خاصاً، ولا بد من التنويه هنا بما جاء في وثيقة اليسار الديموقراطي في المقطع المعنون "في أن تنظيمنا انعكاس لفهمنا للديموقراطية": "إن أهمية دور القيادة ناجمة عن كونها الجهة الأكثر تمثيلاً وليس العليا". ويقتضي هذا الأمر "الانتخاب المباشر من كل أعضاء الحركة وعلى أساس النسبية". وتضيف الوثيقة " أن الاصطفاف على أساس تيارات وبرامج داخل الحركة هو أساس الحيوية والفعالية السياسية، والشكل الأمثل لتمثيل الحساسيات المختلفة ولتعاونها خدمة لقضاياها".



الموقف من الجنوب

وصفت الوثيقة انجاز التحرير خير وصف عندما قالت إن "هذا الانجاز تجاوز لبنانياً معادلة الأرض مقابل السلام". وانطلقت من أهمية هذا الانجاز لتتميز عن اطروحات قوى اليسار والتغيير التقليدية وتعلن رفضها "انفراد أي طرف، مهما كان دوره أساسياً في التحرير، في اتخاذ قرار الحرب والسلم"، معتبرة "أن الدور الأساسي والبطولي الذي لعبته المقاومة الاسلامية في التحرير يتحول إلى نقيضه إذا لم تتحمل الدولة وحدها مسؤولية الأمن والاجتماع وحماية الحدود وضمان الحريات الشخصية والعامة للمواطنين والقوى الاجتماعية والسياسية، مما يؤمن للوطن مرحلة من الاستقرار، ويخرجه من دائرة الاستخدام كساحة، ويخلق ظروفاً أفضل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية...".



الموقف من المسألة الدينية

تضمنت وثيقة اليسار الديموقراطي كلاماً جديداً حول المسألة الدينية. فقد جاء فيها: "نحن يسار يرفض أن يعرَّف بالإلحاد فينعزل عن محيطه، مثلما يرفض تحويل الدين إلى سياسة وفرضه على المجتمع والدولة". إن كلاماً كهذا يشير الى تحوّل في نمط التفكير يقوم على احترام حرية الانسان. فلم يعد اليسار الوجه الآخر للايديولوجيا الدينية، يفرض على مناصريه علمنة عقائدية صارمة تصل في أكثر الأحيان الى حد اعلان الإلحاد. ولا شك في ان مثل هذا التحوّل يخوّل اليسار التصدي للاتجاهات الأصولية التي تستخدم الدين وسيلة لتحقيق غايات سياسية لا علاقة للدين بها.

لكني أريد أن أدفع النقاش حول المسألة الدينية الى أبعد من ذلك. لقد واكبتُ خلال الحرب اللبنانية معظم المحاولات التي بذلت لانجاز تسويات تضع حداً للعنف. وقد توقف القتال فعلاً مع تسوية الطائف. لكن هذه التسوية فشلت في التأسيس لنظام ثقافي جديد يحل محلَّ القديم الذي كان انهيارُه في أساس الحرب بين اللبنانيين. فانتقل اللبنانيون من حالة حرب الى حالة هدنة، ولكنهم لم يضعوا بعد الأسسَ لسلم دائم في ما بينهم.

فالسلمُ في الحالة اللبنانية يتأسس على قرار يقضي بالتخلي غيرِ المشروط عن العنف مهما تعددت أسبابُه ومبرراتُه. قد يبدو للبعض أن اتخاذَ قرارٍ كهذا هو أمر سهل. إنه قرار صعب بامتياز لأن اللبنانيين لم يُقرّوا بعد بأنهم شركاء متساوون في الحرب التي دمرّت بلادَهم.

* بعضُهم يرى أنه كان في حالة الدفاع المشروع عن النفس.

* والبعض الآخر لا يزال مقتنعاً بمشروعية طرحه رافضاً تحمُّلَ مسؤولية فشله.

* أما الفريق الذي لم يشارك مباشرة في القتال، فيعتبر نفسَه محرّراً من كل مسؤولية، لا بل مؤهلاً لاعطاء كل الدروس واصدارِ كل الاحكام.

لا تتم إعادة تأسيس لبنان فقط على قاعدة مشاريعَ سياسية اصلاحية نتفق فيها على كيفية تسيير شؤون الدولة.

إنها تحتاج الى قرار ذي بعدٍ ديني - واستخدم هذه الكلمة في مفهومها الواسع - ينطلق من حقيقة أشار اليها "الإرشاد الرسولي" بكلامه عن المسيحيين تقول بأننا جميعنا كنا، في آن واحد، في معسكر الضحايا ومعسكر القتلة وبأن مسؤوليتنا عن تدمير مجتمعنا مسؤوليةٌ مشتركة.

إن تحمّلَ المسؤولية عما جرى هو الذي يمكننا من استخلاص الدروس وتجديد النظام الثقافي الذي انهار مع الحرب ورسم صورة المستقبل الذي نريد. فحرب كالتي عرِفها لبنان لا تنتهي بمجرد اصلاح نظام الدولة السياسي، ذلك أن اللبنانيين لم يحملوا السلاح لأنهم اختلفوا في ما بينهم على أمور دستورية. والدليل على هذا الأمر أن السلطة التي أتت على قاعدة التسوية الدستورية لم تتمكن من التأسيس لنظام سياسي ثابت. فهي لا تزال، بعد مرور خمسةَ عشرَ عاماً على نهاية الحرب، تستمد شرعيةَ وجودها من سلطة أخرى هي السلطة السورية. واللبنانيون الذي يدركون جيداً مدى هشاشة هذه السلطة بدأوا يعبّرون عن هذا الأمر بكلام يتخطى الإطار السياسي المعهود، فيتحدثون عن انهيار في نظام القيم ويُعطون هذا المفهوم بعداً اخلاقياً في مواجهة تفشي الفساد على المستويات كافة. لا شك في أن هذه المقاربة تتخطى السياسة في اتجاه مفاهيم ذات صلةٍ بالمقدّس، ولكن هذا التحوَل بطيء ويشوبه التردد بسبب الالتباس الدائم بين المقدّس من جهة والعصبيات الدينية من جهة أخرى.

أعتقد أننا لن ننعمَ بالسلام في لبنان الا عندما نتمكّن من معرفة طبيعة العنف الذي كاد أن يطيحَنا ومن اكتشاف هذا العنف حيث هو وتحديداً في ثقافة الموت التي تسود عالمنا اليوم والتي لا نزال نمارس بعض طقوسها حين نتقاذف عبر شهدائنا وأسرانا، عاجزين عن توحيد مآسينا وآلامنا.

لن ننعم بالسلام الا اذا قررنا أن "ندعَ الموتى يدفنون موتاهم"، كما جاء على لسان المسيح، وأن نؤسس نظاماً جديداً يقوم على ثقافة الحياة، فنعيش معاً متساوين مختلفين ومقتنعين بأن احترامنا للآخر انما هو احترام لأنفسنا، ذلك أن الآخر هو عنصر مكوّن لشخصية الانسان. إنه جزء منه، يشاركه حياته ويقوّم عمله ويساهم في اكتماله لذاته ويغنيه بإشراكه في خصوصيته وتجربته.



الموقف من مسألة الحداثة في العالم العربي

طرحت الوثيقة مسألة الحداثة في العالم العربي، فقالت إن " أن مسار التقدم الحضاري في بلداننا قد أصيب بانتكاستين كبيرتين". يهمني التركيز على أولى هاتين الانتكاستين والتي تمثلت "في تشوه عملية التحول إلى الحداثة في مجتمعاتنا وهياكلنا السياسية وثقافتنا، وذلك بحكم فشل مشروع النهضة العربية والتنوير الديني في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، مما خنق بذرتي الديموقراطية السياسية والإصلاح الديني".

أرى أن هناك ضرورة لتركيز الجهد من أجل توضيح العلاقة بين عالمنا العربي والحداثة لأن هذه المسألة تعوق امكان التطور وتضع العرب في موقع صعب يدفع العديد منهم الى الالتحاق بالنظريات الأصولية التي تعجز عن مواجهة الحاضر، فتعود الى الوراء بحثاً عن ماضٍ مفقود.

قد تتحكّم هذه الاشكالية بمجمل الحركة السياسية في لبنان والعالم العربي، مما يفرض علينا جميعاً أن ندرس بعمق اسباب الأزمة وكيفية تحديد طريق عربية نحو الحداثة. وهنا لا بد من طرح بعض الاسئلة التي قد تساعد في اطلاق النقاش:

- كيف أدى مفهوم إلغاء الفرد لصالح الجماعة في المجتمعات العربية الى قيام أنظمة استبدادية تدّعي تمثيل الأمة وتقوم باسم الأمة بالغاء الانسان - الفرد؟ وفي المقابل، هل أن مفهوم الفصل بين الفرد من جهة والجماعة من جهة أخرى، الذي أوجدته الحداثة الغربية وحولته الى تناقض حاد بين الطرفين، هل هو مفهوم صالح لمجتمعاتنا العربية؟

- هل أن تأكيد الذات الفردية يستوجب القضاء على الذات الجماعية؟ مع العلم أن هوية الانسان مركّبة وتحتوي على انتماءات متعددة (عائلية، مهنية، وطنية، طائفية، ثقافية، انسانية...)، وأن هذه الهوية المركبة ليست تراكما "عشوائيا" للانتماءات المتعددة، انما هي تعبير عن خلاصة موّحدة للشخصية الانسانية؟

- ألا يؤدي اختزال الهوية بأحد مكوناتها إلى إحداث فصل غير طبيعي بين دوائر الانتماء المختلفة للانسان ويضعف تماسك شخصيته وتكاملها، مما يدفعه عند الازمات إلى الهروب إلى دائرة أوسع أو أضيق من الدائرة المأزومة؟ ألم تقدم التجربة اللبنانية نماذج عن هذين الانفصام والهروب؟

- ما هي الاسباب التي أدت الى تعثر مشروع التنمية والنهوض الحضاري في المجتمعات العربية، الأمر الذي دفع بالكثيرين الى البحث عن هويتهم من خلال استحضار الماضي والتقوقع فيه عوض السير ضمن متطلبات العصر؟

ــ هل الجواب التقليدي القائم على تحميل الغرب مسؤولية التخلف الذي أصاب الشرق يأخذ في الاعتبار مسؤولية العرب أنفسهم في سوء إدارة شؤونهم وعجزهم عن بلورة مشروعهم الخاص؟

- هل هناك من "طريق عربية" نحو المعاصرة وما دور اللبنانيين في رسم معالم هذه الطريق وتأمين مصالحة العرب مع ذاتهم أولاً، وتالياً مع العصر؟



الموقف من المسألة الطائفية

إن الجهد الذي بذله مشروع وثيقة حركة اليسار الديموقراطي في مقاربة المسألة الطائفية لجهد كبير يشكل مساهمة نوعية في طرح هذه الاشكالية الكبرى في الواقع اللبناني. لقد تحدثت الوثيقة عن "انحرافين":

انحراف أول "يكمن في المبالغة في أهمية موقع الطائفية في تاريخ لبنان وحاضره ومستقبله، إلى درجة اعتبارها جوهر وجود لبنان ورسالته"، أو "اعتبار الطائفية في المقابل علة العلل في النظام، بحيث يصبح التخلص من الطائفية هو الحل الشافي لكل مشكلات لبنان (...) ففي مقاربة من هذا النوع، يجري عزل الطائفية عن أساسها المادي التاريخي، لتصبح جوهراً متعالياً، فيه كل الخير أو كل الشر".

وانحراف ثان "يتمثل في اجتزاء الظاهرة الطائفية عن باقي مكونات عملية الإصلاح السياسي، وفي اختزالها في الفهم أو الممارسة العملية في الطائفية السياسية. وما من شك أن الطائفية السياسية هي العقدة الأكثر أهمية في الإصلاح السياسي، ولكن لا يمكن إهمال الأبعاد والمستويات الأخرى في الظاهرة الطائفية في المجتمع وفي الوعي وفي السلوك العملي للبنانيين. وإذا كان ممكناً من الناحية النظرية على الأقل التحدث عن إلغاء الطائفية السياسية (وإن المتدرج)، فإن تعبير الإلغاء لا يصح إطلاقاً عندما يتعلق الأمر بالوعي والسلوك والتشكل الاجتماعي. وبالتالي، فإن اجتزاء النظرة إلى الطائفية واختزالها في الطائفية السياسية، يحمل معه أيضاً خطر التعامل الإرادوي والإداري مع حالة في الوعي وفي المجتمع، وهو ما مصيره الفشل الأكيد".

تكمن أهمية هذا الكلام في التمييز في المسألة الطائفية بين بعدها المجتمعي من جهة، واستخداماتها السياسية، ولاسيما الزبائنية منها، من جهة أخرى. فقد أشارت الوثيقة الى "أن جوهر الاصلاح الإداري يكمن في الحؤول دون استخدام الدولة ــ الجهاز كأداة للريع السياسي والطائفي وتقديم الخدمات للمحاسيب، بما يجعلها الأداة الأكثر أهمية لانتاج الزعامة التقليدية، ولإعادة انتاج النخب الحاكمة نفسها". وهي أيضاً في هذا المجال أداة أساسية في استمرار ضخ الطائفية في الجسم اللبناني.

أقترح من اجل تطوير هذا النقاش تركيز مفهوم الفصل بين الطائفية كواقع مجتمعي والطائفية كأداة حكم على القاعدة الآتية: اعتماد منهجية تحصر الحقوق بالافراد -المواطنين وتؤمن الضمانات للجماعات، فتلغي الاساس الذي يجعل الطوائف تتحول بفعل الخوف على المصير، قبائل تقوم على انقاض الاحزاب، وتحرر تالياً الحياة السياسية من عبء لم يعد في الامكان تحمله، وخصوصاً أن حاجتنا الى دولة مستقرّة، غير مرتهنة للتغيرات الاقليمية، وغير مقيّدة بالتجاذب الطائفي، دولة لجميع مواطنيها من دون تفرقة أو تمييز، أصبحت اليوم حاجة ضرورية.

لا شك في أن الاصلاحات السياسية التي تضمنتها الوثيقة تساعد في فك الاشتباك بين الدولة والطوائف، لكن ينبغي لنا أن نعي بوضوح حقيقة الطائفية وأن نتعامل معها كمعطى مجتمعي وأن نرى فيها مدخلاً لتجديد تجربة العيش المشترك والانفتاح الانساني، الذي جعل من لبنان قبل الحرب فسحة مميزة يختبر فيها الانسان قدرته على التفاعل مع الآخر، واستيعاب التنّوع، وإعادة صياغته، مقدّماً بذلك نموذجاً يُحتذى به ومساهمة حقيقية في إغناء الحضارة العربية والانسانية عموماً.

هذا بعض ما تثيره هذه الوثيقة لديّ من أفكار وملاحظات. الا أن الأكثر أهمية من هذا كله هو الحاجة التاريخية الى تيار ديموقرطي ولبناني عريض يضم كل الذين يرون أن لبنان معلق على خشبة وأنه يحتاج الى مبادرات أبنائه الخلاقة ليعاد تأسيسه من جديد على قاعدة استخلاص دروس الماضي وبناء مستقبل لا يستثني أحداً، ويطل على العالم العربي والعالم الأوسع لا من كونه وطناً حراً وكامل السيادة فحسب، وانما أيضاً وخصوصاً من كونه رسالة للتنوع والخلق والحرية .



#سمير_فرنجية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سمير فرنجية - مـنـاقـشــة مـشــروع الـوثـيـقـة الـســيـاسـيـة لـحـركـة الـيــســار الـديـمـوقـراطـي خـطــوة نـوعــيـة لـتــولـيــد تـيــار لـبــنـانـي عـريــض