أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حامد حمودي عباس - لماذا الدين الاسلامي دون الاديان الأخرى ؟؟















المزيد.....


لماذا الدين الاسلامي دون الاديان الأخرى ؟؟


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2720 - 2009 / 7 / 27 - 10:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثير ما أتعرض ، ويتعرض باقي الكتاب ممن يزعمون بأنهم يحملون توجها فكريا ينزع للعلمانية ويدعو لأن يأخذ الدين حيزه الطبيعي في الحياة كمعتقد روحي لا شأن له بالتضييق على حرية الناس ، لتهمة عدم الحيادية في نظرتي تلك ، وأنني لا أتخذ ذات الموقف من بقية الاديان كما هو موقفي من الدين الاسلامي .. في حين لم اتجرأ ، أنا شخصيا ، لمناقشة نصوص المقدس على أساس النكران ، ولم أتسبب لعقلي بتعب لا يجديني نفعا في بناء حياتي عموما كي أفسر نصوصا لم أجد في أمر اللهو في تفسيرها منفعة تذكر ، سيما وأن الحياة تقفز معالمها قفزا وسوف لن تنتظر مني أنا الانسان البسيط أن أحشر نفسي في متاهات لن تنتهي ، وليس في آفاقها غير الجهود الضائعة .
إن الموقف من الاسلام كدين ، له من يحمل اختصاصا لتفنيده أو قبوله على أسس تاريخية أو علمية أو بركوب أي سبيل متاح آخر . وما يعنيني أنا بالذات ، وما يعني الكثير ممن يشاركوني الرأي في هذا الشأن ، هو ما نحن فيه من تردي وعند كل منعطف حياتي نختص به ، ما يثير اهتمامي هو ما يصطبغ به عالمنا المأزوم والقلق والمتراجع بل والمعرقل لمسارات الحياة الطبيعية ومخرب للبيئة وملوث للانفاس ومغيب للحريات العامة والخاصه ، هذا اللون الرمادي والذي نتلون به وتتلون حياتنا نحن من نعتنق الاسلام ، هو الذي يؤرقني ويجعلني أمام رقعة رسم عليها طلسم كلما هم أحد بفك رموزه اما أن يلطمه مدعو الربوبية بحجة انه حشر نفسه في ِمحرم سماوي دون وجه حق ، أو يوصمه هؤلاء انفسهم بالردة والكفر . وفي جميع الحالات فأننا علينا أن نتحمل وزر انتمائنا الديني ، والمذهبي أحيانا ، لنعيش وسط مناخ ملوث وجو تغمره نتانة القمامة المبعثرة في الشوارع ، دون ان يكون لأحدنا حق بالسؤال .. لماذا نحن المسلمين على الدوام نكره النظام وتكرهنا المدن النظيفة في جميع انحاء العالم ؟؟ .. لماذا نحن على الدوام ومن بين حملة كل الاديان الاخرى أكثر استعدادا للعبث بالقوانين المنظمة للحياة سواء في بلداننا أو في تلك التي نفد اليها سائحين أو طلاب علم ؟؟ .. لماذا نحن ، وليس غيرنا ، من نحسن القتل وبطريقة مبالغ في قسوتها ، حينما نقرر معاقبة الزاني والزانيه والسارق والسارقه وشارب الخمر( وليس الحشيش) ، دون أن نضع ميزانا يتسم بالعدل لنعاقب من ينفذ العقوبة من أولي أمورنا أولا ، حيث أنهم أكثر منا زنى واستعدادا للسرقة وتسليط الظلم على أجساد الفقراء من بقية المسلمين ؟؟ ..
لماذا تظهر عوالمنا مخنوقة بفعل حصار لا تشبه قسوته قسوه ، يحتبس فيه الرأي وتموت أحاسيس الجسد ويقتل فيه الرقيب كل فطرة انسانية قدر لها أن ترافق مسيرة الانسان ؟.. ما معنى أن تبدو بلداننا وقد احترق فيها كل منظر جميل ، وتلوثت جميع شواطئنا بقذارات بطوننا لنشرب منها الماء ونطهي طعامنا وندخل الميكروبات الى اجسادنا دون بقية أمم الارض وممن نصمهم بالكفر والالحاد أو أنهم في النار لكونهم قد اتخذوا غير الاسلام دينا ؟؟ ؟.. لماذا تبهرنا نحن حملة خاتم الاديان وناسخها جميعا ، مناظر المدن العالمية المعروفة بسيادة الدين المسيحي أو اليهودي لكونها جميلة نظيفة تعمرها زهور الحدائق وينتظم فيها سير المركبات والبشر، في حين لا نحسن نحن تنظيم سير مركبات الحمير، فنصدمها أو تصدمنا وسط هرج ، لم ولن ، وسوف لن ينتهي أبد الدهر ؟؟ ..
مدينة الحبانيه تقع في غرب العراق ، وهي موقع معروف لقاعدة عسكرية ذاع صيتها وعلى مدى تاريخ العراق السياسي الحديث .. حينما غادرها الانكليز شغلها المسيحيون ليتخذوا منها مدينة تخصهم دون غيرهم من الطوائف الاخرى . قدر لي أن اعيش فيها ضيفا على اسرة أخي حينما كان يؤدي خدمته العسكريه هناك ، وشاهدت عن قرب تلك اللمسات الرائعة الجمال من شجر ونافورات وحدائق وكازينوهات ومتنزهات عامه ، برع اخواننا من المسيحيين في وضعها والتعامل معها ورعايتها طيلة مدة تواجدهم في المدينه ، وعلى حين غره ، حل خراب مدمر في الحبانية ليختفي منها كل شيء ، حيث تم ترحيل المسيحيين واحلال العسكريين المسلمين الوافدين من مدن الجنوب محلهم ، لقد عم الدمار كل شارع وحديقة ومتنزه ، ولم يتبقى في المدينة غير حسينية واحده تصرخ مآذنها ليل نهار معلنة الويل والثبور وسلاسل طولها سبعون ذراعا للكفار، ونار موقدة يبلغ لهيبها في سعيره ملايين الكيلومترات ، وتدعو المؤمنين الى نكاح ما طاب لهم من النساء ، لتبدأ في الاماسي مجالس العزاء ولطم الصدور وشق الجيوب حزنا على مقتل ابن بنت النبي في يوم الطف على ارض كربلاء المقدسه .. وزحفت المزابل لتغطي الشوارع ، وتكدست قشور البطيخ في كل مكان ، وعم الضجيج مقاهي المدينة بلا انتظام ، ونشطت الكلاب السائبه في المقبرة التي كانت من قبل تعج برائحة القرنفل وتعمرها اضواء الشموع ويكسو ارضها نبات الثيل الاخضر .. حتى مصابيح اعمدة الاضاءة الحكومية اختفت بتأثير هجوم الصبية المستمر عليها ليعم الظلام وتختفي البهجة عن اركان المكان . . ترى ما الذي حدث ؟؟ .. أهي مرحلة أولى من مراحل النضوج الديني ستعقبها صحوات حتمية بعد سيادة نصوص المقدس ، كون أن الناس لم تستوعب عقولهم بعد اصول الفكره ، أم أن التقصير ليس في تعاليم الدين اساسا بل في الناس انفسهم والذين لم يتربوا بعد ، رغم مرور اكثر من الف عام على نزول الوحي ؟! .
الاسلام والمسيحية واليهودية كل منها دين الله ، وكل منها له أنبياؤه واتباعه ، وجميعها لها أنظمة حياة تفرضها على المؤمنين ، وتعاقب من يترك تعاليمها وبطرق قد تكون مختلفه .. فلماذا يظهر المسيحيون واليهود أكثر تمسكا بالقوانين المنظمه للحياة المتجدده ، وأكثر انسجاما مع مباديء الحداثة والتقدم في طرق اعداد كافة البنى التحتيه لمدنهم ومساكنهم وحدائقهم وطرق سيرهم وتعاملهم مع أسرهم وطريقة تربية أطفالهم ، وكيفية اعداد مناهجهم المدرسية بما يجعل التعليم عندهم مجردا من صور التطرف وبعيدا عن أسباب كره الحياة وحمل الاحقاد على البشر ؟؟ ..
وما بال المسلمين هم على العكس من ذلك تماما ، مصرين حتى الموت على نبذ كل ما هو مبهج ، قتالين للفرح البريء ، ميالين للتكفير والقتل على الهويه ، معادين مع سبق الاصرار والترصد للنظافة في محيط سكنهم ، أحياء مدنهم تأن تحت وطأة النفايات ، وأحكامهم جائرة بحق ضعافهم ، لا يردعهم تدينهم عن سرقة المال العام ، ولا يتورعون عن فعل الشر مع نسائهم الارامل ، ولا يرحمون أيتامهم ، ولا يدخل في هواهم كل جميل بحجة الزهد في الدنيا الفانيه ؟
انني أشعر بالغثيان فعلا أمام تفلسف فارغ ، حتى من قبل بعض العلمانيين ، حينما يحلو لهم وضع تفسيرات تحاكي التاريخ وبطون التراث دون أن تفسر ماهية ذلك الاصرار على ركوب متن التخلف والتقهقر الى الوراء في جميع أوجه حياتنا المعدمه ، فالاستعمار وظروف الاستعباد ودول الاستكبار العالمي ، وكذلك عدم توفر المنطلقات الموضوعية لتقدم الامه وغيرها من الارهاصات الفارغه ، لا تغني جميعها عن الاعتقاد بأن الحال تدعو للرثاء والشفقه ، ولا مناص من الاعتراف وبشكل حاسم بأن ديننا الذي كتب لنا أن نؤمن به بالفطره ، قد وضع لنا المجتهدون بتعاليمه دعامات تأخرنا بالفطرة ايضا ، ولا مناص من الاعتراف وبشكل حاسم بأن أمتنا مستمرة بأكل أطراف جسدها بفعل اصرارها على تمكين أعراف الصحراء وترك كل جديد ، وليس لنا الا الاعتراف بأنه ليس القصور في فهم فن الادارة ولا السياسة ولا علم الاجتماع وغيرها من علوم الحياة هي التي جعلتنا مستهلكين لطعامنا وعقولنا واجسادنا ، لا نفهم غير الاستجابة لمثيرات خارجية تأتينا من البعيد عن مواقعنا ، ولم يعد من وجود لما كنا نتكيء عليه في تفسير هبلنا وركودنا وموتنا واحتفاظنا بسمات الخذلان ، فمن يحكمنا الان هم ابناء جلدتنا ولم يعد للاغراب بيننا من حضور غير أنهم يستثمروننا جنسيا حينما نزورهم طلاب نكاح ، لا نرى من شلالاتهم وانهارهم وغاباتهم وجبالهم المكسوة بالثلج ، ومتاحفهم وموسيقاهم غير انها امكنة نستعرض فيها مفاتن اناثهم وغلمانهم ، لنعود الى بلداننا مثقلين بهموم الحسره .. ولا بأس من أن نعقد العزم في السنة نفسها على أداء مناسك العمرة للمرة العاشره .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لتتوحد كافة الجهود العلمية من أجل إيقاف ظاهرة التصحر في العر ...
- نعم لمبادرة الدكتوره وفاء سلطان والدكتور سيد القمني في إحياء ...
- منشور خطير كاد يطيح بنظام الحكم في العراق
- أفكار حول إشكالية الهجرة من الريف الى المدينة في العراق .. م ...
- من مظاهر إنحسار الرقي العربي والاسلامي في بلدان اللجوء
- واحة من ذكريات عن مدينة كان يزهو العيش فيها .. وغدت خرابا تن ...
- بين واقع مزري لأمة يقتلها ( محرروها ) .. وبين المشاعر الكاذب ...
- سيد القمني .. مصر قالتها فيك قولة حق .. فالف مبروك .
- ألاستاذ شامل عبد العزيز .. وجهده المتميز لبيان تأثير التيارا ...
- في محافظة ديالى .. كانت لي هذه الحكايه .
- بين تمرد مشوب بالقلق .. ومصير مجهول .. هل من قرار ؟؟
- مجتمعاتنا لم تمر بما يسمونه مرحلة الطفوله ، وأطفالنا هم مشار ...
- ألرشوة حلال .. والمرتشي له ثواب القبول .
- ألعار سيبقى هو المصير المحتوم لجبهة الفكر الرجعي المقيت .
- لمسات لشعار .. فليسقط الوطن ولتحيا المواطنه .
- متى تنتهي عهدة الانظمة السابقه عن ما يجري في العراق اليوم ؟
- وفاء سلطان .. مبضع متمرس ، لا زال يضرب في عمق الورم العربي .
- أنا والأبيض المتوسط ... والمفوضية الساميه لرعاية شؤن اللاجئي ...
- بين الانتصارات الحقيقية للمرأة في الكويت ... وزيف التمثيل ال ...
- من منكم يعرف ( صبيحه ) ... سمراء العراق ... ضحية الزمن المكر ...


المزيد.....




- ابسطي أولادك ونزلي لهم تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 بخطو ...
- ما ما جابت نونو صغير.. تردد قناة طيور الجنة على النايل سات و ...
- نقيب الأشراف: اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى عمل إجرامي ...
- عصا السنوار وجد روح الروح وفوانيس غزة .. «الشروق» تستعرض أبر ...
- العالم يحتفل بعيد الميلاد ليلة الـ24 من ديسمبر.. هل تعلم أن ...
- “صار عندنا بيبي جميل” بخطوة بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور ا ...
- عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
- صار عنا بيبي.. أحدث تردد لقناة طيور الجنة على النايل سات وعر ...
- “ماما جابت بيبي حلو صغير“ تردد قناة طيور الجنة على النايل سا ...
- مسيحيو حلب يحتفلون بعيد الميلاد الأول بعد سقوط نظام الأسد وس ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حامد حمودي عباس - لماذا الدين الاسلامي دون الاديان الأخرى ؟؟