أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مايا جاموس - حين يتنفس الشباب السوري تحت مظلة زياد الرحباني...















المزيد.....

حين يتنفس الشباب السوري تحت مظلة زياد الرحباني...


مايا جاموس

الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 08:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لعلّ من حضر حفلات زياد الرحباني ومارسيل خليفة خلال سنة دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، قد صُدم بحجم تفاعل الجمهور السوري خاصةً الشاب منه مع هذين الفنانين، وربما ينتابه شعور بأن هذا الجمهور يبالغ في التعبير عن مشاعره وحبه، أو أن عدوى التفاعل قد سرت بين الناس، أو أن الأمر يشبه الموضة...
حتى أولئك الفنانون عبّروا عن دهشتهم بذلك الجمهور. أدهشوا زياد الرحباني بمعرفتهم الأغنية منذ العلامة الموسيقية الأولى، أدهشوا مارسيل خليفة بحجم تفاعلهم ومعرفتهم بما يقدمه بل أسمعوه الأغاني قبل أن يسمعهم إياها، أدهشوا شربل روحانا في مهرجان العاديات بجبلة 2008 حين رددوا أغنيات ألبومه "خطيرة"، كما عبّرت أميمة الخليل عن مفاجأتها بهذا الجمهور خلال مهرجان جبلة 2009.
هؤلاء الفنانون بما يمثلونه من قيمة رمزية وأخلاقية، حضورهم إلى سورية يشكّل للشباب السوري فسحةً لطقوس من التفاعل والمشاركة والتعبير، مع تأمين نوع من الحماية لممارسة تلك الطقوس (الجديدة)، خاصةً أن الشباب لا خبرة لديهم بأشكال العمل الجماعي ويفتقدون إلى طقوس الاجتماع، ويعيش في الهامش، فيأتي زياد بما يقدمه من فن وبشخصيته المميزة ليتمرد نيابةً عن هذا الشباب، ليحتج ساخراً أيضاً نيابةً عنه، في إطار الكثير من الموضوعات التي كانت مادةً لأغانيه ومسرحياته، بشكل أساسي الفقر والجوع والقهر والظلم والطائفية والتفاوت الطبقي والهزائم السياسية وغير ذلك.
زياد الرحباني الذي حمل مشروعُه ما بين الموسيقي والغنائي والمسرحي، موقفاً سياسياً واضحاً يعبّر عن الإنسان الموجوع المهمّش المتألم والساخر، دون أن يقدم إيديولوجيا مباشرة، ودون أن يكون نخبوياً بالمطلق، بل اعتمد حلولاً أكثر بساطةً وقدرةً على الوصول إلى شرائح أوسع، مثل المسرح، إذ إن أجيالاً من الشباب السوري اعتاد أن يسمع مسرحيات زياد الرحباني عبر الإذاعة، وحفظ تلك المسرحيات: حواراتها وأغانيها وموسيقاها، وهنا يمكن القول إن زياد تمكن أن يكون رمزاً لهذا الجيل المهمش، امتلك السخرية أداةً للتمرد. وفي حفلاته التي أقيمت في سورية بدا شكل التفاعل واضحاً حين اجتمع ذلك الجيل وغنّى دفعةً واحدةً، في صف واحد، وكأنما اجتمعت هذه الأصوات في شيء واحد هو أغنية. ولا يمكن الجزم أن كل تلك الجماهير (جماهير هذه السنة والسنة الماضية) قد حضرت بدافع تذوُّق فنّ زياد الذي تتلقاه بوعي فني أو فكري أو إيديولوجي فحسب، بل يمكن القول إن حضور حفلات الرحباني قد تحول إلى نوع من الموضة والعدوى ولا يخلو الأمر من شيء من الاستعراض بين شريحة من الشباب على الأخص، وكأن الحضور يتحول إلى صكّ وعي تقدمي يمكن التفاخر به.
وتتحول قلعة دمشق إلى فضاءٍ للحرية، أو إلى فضاءٍ للتعبير عن محبة زياد وفنه وحتى للتعبير عن الاحتجاج أمام الأبواب حين تتأخر في الفتح. كما تصبح الحفلات فرصةً لممارسة سلوكيات "مدنية" بالانتظار أمام الأبواب ثم حجز الكراسي بهدوء دون مشاكل رغم الازدحام، كما لممارسة تفاعلات "عفوية" –كما هو مفترض- مع الفن.
في حفلات زياد الرحباني هذا العام والتي نظمتها مجموعة مينا، ربما لم يختلف كثيراً حماس الجمهور عن السنة الماضية فالتزاحم أمام الأبواب ذاته، وترديد أغنيات زياد والهتاف باسمه من أمام أبواب القلعة هو ذاته، والجاهزية للغناء قبل زياد والفرقة ذاتها، لكنّ تفاعل الجمهور، كما كان السنة الماضية هو تفاعل حماسي عفوي ويمكن القول إنه لم ينضج بعد، بل هو تعبير عن التمرد والصراخ من خلال الغناء والتصفيق والصفير، كوسيلةٍ للاحتجاج وإثبات الذات، دون أن يمتلك (عموماً) ذائقةً جمالية متمايزة أو أدوات تلقٍّ، وهذا أدى إلى ألا يصغي إلى الموسيقى وجديدِها على الأقل، مما ضيّع من جمالية مشروع زياد في السنة الماضية حيث كان معه فرقةٌ عدد العازفين فيها كبير، كما أنهم متميزون وأتيحت لهم الفرصة موسيقياً لإبراز إمكاناتهم مع تقديم توزيع جديد للمقطوعات التي نعرفها. لكن ربما ذلك التلقي الحماسي قد أضاع فرصة إبراز مشروع زياد الموسيقي لهذا الجمهور، ليُختَصر الأمر هذا العام بفرقة أقل عدداً ودون تقديم فواصل موسيقية تبرز قدرات العازفين، مع سيطرة من الاستعراض في الحفلة من خلال الفواصل الكلامية والتعليقات والرقص، وتقديم مشاهد مسرحية مجتزأة، الأمر الذي سبّب حالةً من الفتور أصابت قسماً واسعاً من الحفلة، كما أصيب الجمهور بحالة من السكون فجأة، بل خرج البعض من الحفلة.
في حفلات هذه السنة والتي تضمنت الغناء والموسيقى والكلام، ضمن مشهدية مسرحية أظهرت توق زياد إلى المسرح، من خلال تقديم فواصل كلامية أو تعليقات مأخوذة من اسكتشاته الإذاعية (العقل زينة) بشكل خاص، وقد أخذت حيزاً زمنياً كبيراً نسبياً، لكن هذا جاء على حساب الموسيقى والغناء، فلم نجد في هذه الحفلات جهداً متميزاً على مستوى التوزيع الموسيقي خاصةً أن هذا ما اشتهر فيه زياد بحفلاته، بمعنى أن حفلاته كانت تأتي بالجديد على مستوى توزيع مقطوعاته أو مقطوعات الرحابنة، وهذا ما شهدناه في حفلات السنة الماضية، وأدهش به جمهوره، خاصةً بمقطوعاته الموسيقية (ميس الريم، وقمح، بالنسبة لبكرا شو، يا ليلي، ...). هذا العام كان نصيب الموسيقى قليلاً، قدم أعمالاً من ألبومه للطيفة التونسية (بنص الجو، معلومات أكيدة، موسيقى عطل وضرر)، كما قدم أغنيات: ولّعت كتير، هيك عم تعمل، الله يساعد ويعين، بصراحة، روح خبّر، حبيتك تا نسيت النوم، عالقراصيّا، عتابا، يا بنت المعاون.
بيعت البطاقات بأسعار 1000 و1500 ليرة سورية، وهو سعر ليس متواضعاً إذا كنا نتحدث عن جمهور معظمه من الشباب. لكنّ المحزن في الأمر أن الشركات الراعية للحفل هي بيبسي وفورد وشركات أخرى رأسمالية بامتياز، تبيّض أموالها من خلال أسماء كزياد الرحباني، وذلك بسبب غياب مؤسسات وطنية تهتم بالثقافة والفن يمكن أن تكون البديلة، ومن حقنا أن نسأل أين تذهب كل عائدات حفل زياد إذا كنا نعلم أنه وكعادته يتقاضى أجراً قليلاً في حفلاته؟
في كل الأحوال إن حضور فنانين مثل زياد الرحباني ومارسيل خليفة وشربل روحانا وأميمة الخليل وريم بنّا وريم الكيلاني وآخرين، يشكّل مظلةَ حريةٍ وفرصةً حقيقيةً للجمهور الشاب من أجل المتعة والتواصل المباشر مع الفن ومن أجل تشكيل طقوس فرجة وتلقٍّ أكثر رقياً ورسوخاً .

مايا جاموس: جريدة النور 22/7/2009



#مايا_جاموس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فايز قزق في (علامة فارقة) على الفضائية السورية: العرض المسرح ...
- هواجس الكتّاب المسرحيين الشباب 3: المراكز الثقافية الغربية ت ...
- مسرحية (نهارات الغفلة): تكريس صورة نمطية لطلاب المعهد العالي ...
- هواجس الكتّاب المسرحيين السوريين الشباب (2): الهروب والضياع ...
- هواجس الكتّاب المسرحيين السوريين الشباب (1): أسئلة الهوية
- الدراما التلفزيونية .. الرقابة سيّدة الموقف
- الأحلام المتكسّرة تحت السقوف الواطئة .. في مسرحية (ديكور) ال ...
- الفسيفساء السورية في مسرحية (المرود والمكحلة)
- فواز الساجر إلى الذاكرة بعد 21 سنة من التغييب: (سيقتلنا الضي ...
- حين تتحول غرفُنا إلى مسارح..
- الحرب والقمع والمرأة في مهرجان المونودراما الخامس في اللاذقي ...
- مسرحية (البدلة) للمخرجة السورية نائلة الأطرش: عندما يتحول ال ...
- مسرحية الدون كيشوت للمخرج السوري مانويل جيجي: الدونكيشوتية ط ...
- -طقوس الإشارات والتحولات- لسعد الله ونوس: للمرة الأولى على ا ...
- علي فرزات والسلطة... وصراع لا ينتهي
- الكاتبة والروائية سمر يزبك: (الكتابة علاج للخوف)
- تظاهرة (أيام سينما الواقع) DOX BOX 09: السينما التسجيلية وثي ...
- -تيامو-.. مسرحية تجمعُ الفنون، وتكسر نمطيّة التلقي
- مسرحية -الشوكة-/ الحلم ملاذ المهمشين
- «وعكة عابرة» لفايز قزق: عن السلطة والبيروقراطية وانهيار المؤ ...


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مايا جاموس - حين يتنفس الشباب السوري تحت مظلة زياد الرحباني...