أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - مؤسسات العـون الإنمائي في الوطن العربي















المزيد.....



مؤسسات العـون الإنمائي في الوطن العربي


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 828 - 2004 / 5 / 8 - 06:57
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تحتاج عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية في الدول العربية إلى قيام هذه الدول باستثمارات كبيرة تمكنها من استغلال مواردها الطبيعية الاستغلال الأمثل، وأول ما تحتاج إليه هو بناء الهياكل الأساسية للاقتصاد الوطني للدخول في مرحلة الانطلاق والنمو المستمر، والقيام بمثل هذه الاستثمارات الأساسية يحتاج إلى تمويل وبشروط ميسرة أفضل بكثير مما هو سائد في الأسواق المالية الدولية، وتبدأ عملية الانطلاق ببناء مشاريع إنتاجية كبيرة وهي أيضاً تحتاج إلى تمويل ضخم لآجال طويلة، ولا تستطيع الأسواق المالية الدولية التقليدية أن توفر الأموال اللازمة بالأسعار والشروط التي يمكن للدول العربية القبول بها والاستفادة منها، وهنا يأتي دور المؤسسات المالية العربية في دعم وتمويل عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية في الدول العربية الفقيرة وذلك بتوفير الأموال اللازمة لبناء المشاريع الإنمائية في مختلف القطاعات والعمل على توازن طرفي ميزان المدفوعات.( )
لقد أدى وجود فوائض مالية لدى الدول العربية إلى ظهور نوع جديد من العلاقات الاقتصادية لم يكن مألوفاً من قبل، ويتمثل هذا النوع الجديد من العلاقات في قيام بعض الدول النامية الغنية (النفطية) بتقديم المساعدات المالية للدول النامية الفقيرة عن طريق القروض والمنح لمساعدتها في تأمين الأموال اللازمة لتمويل عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية وسد العجز في موازين المدفوعات لهذه الدول. وأنشأت الدول العربية الأعضاء في منظمة الأوبك مؤسسات مالية للإشراف على هذه المساعدات وتنظيمها من أجل تحقيق الأهداف التي تقدم من أجلها. كما وتسهم الدول العربية النفطية في معظم الصناديق والمؤسسات التمويلية الدولية مثل صندوق الأوبك للتنمية الإسلامي للتنمية وغيرها .( )
بدأت الأقطار العربية المصدرة للنفط بتقديم المساعدات المالية للدول النامية مع بداية العقد السادس من هذا القرن، عندما أخذت تحقق فائضاً مالياً. وبلغت قيمة التدفقات المالية من الدول العربية المصدرة للنفط من معونات مالية للدول النامية في عام /1970/ حوالي /393/ مليون دولار . ووصلت هذه المعونات في عام /1973/ مبلغ /2108/ مليون دولار. وقد بلغ حجم العون الإنمائي العربي خلال الفترة 1970-1987 حوالي 84 مليار دولار .
وتختلف المعونات المالية التي تقدمها الدول العربية المصدرة للنفط للدول النامية الأخرى عن المعونات التي تقدمها الدول الصناعية المتقدمة من حيث المصدر والأهداف، إذ يمثل العون المالي الذي تقدمه دول الأوبك لبقية دول العالم الثالث انتقالاً للموارد من دول نامية إلى دول نامية أخرى، ومصدر هذه الأموال من مورد طبيعي ناضب وليس من مورد صناعي متجدد وترتبط المعونات التي تقدمها الدول الرأسمالية بأهداف سياسية واستراتيجية للدول التي تقدم هذه المعونات.
ولم تقتصر المعونات المالية العربية على تقديم القروض الإنمائية التي تقدمها مؤسسات العون الإنمائي العربي، بل بدأت الدول العربية الغنية، بعد مؤتمر القمة العربي الرابع الذي عقد في الخرطوم 1967، بتقديم دعم مالي في شكل منح لكل من مصر وسوريا والأردن. ولم يكن تقديم هذا الدعم المالي مرتبطاً بتمويل مشروعات معينة أو خطة إنمائية محددة، وإنما قدم كدعم مباشر للميزانية.
ومع بداية السبعينات من هذا القرن بدأت الدول العربية المصدرة للنفط بتخصيص جزء من الفوائض المالية التي تملكها لمعاونة الدول النامية الأخرى، وفي عام /1980/ وصلت هذه المعونة إلى أعلى مستوى خلال الفترة /1973-1981/ كما في الجدول التالي :
إجمالي القروض الميسرة المقدمة من الدول العربية النفطية (مليار دولار)
السنة 1973 1974 1975 1976 1977 1978 1979 1980 1981
القيمة 2 4 5 5 5.9 7 7 8 7
المصدر : مجلة النفط والتعاون العربي، منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط الكويت /1983/، المجلد التاسع العدد الأول ص21 .
وبذلك بلغت القيمة التراكمية لإجمالي القروض الميسرة المقدمة من الدول العربية الغنية إلى الدول النامية خلال الفترة /1973-1981/ حوالي /51/ مليار دولار، استخدمت في مختلف المجالات لمساعدة الدول النامية التي تفتقر لوسائل التمويل أثناء عملية التنمية الشاملة.
والجدول التالي يوضح لنا حجم المساعدات العربية الإنمائية الميسرة (صافي السحب) خلال الفترة 1970-1987 .




المساعدات العربية الإنمائية الميسرة (صافي السحب) 1970-1987
السنة 70/74 75/79 80/84 1985 1986 1987 70/87
مليون
دولار أمريكي 7696 31870 32734 3587 4778 3479 84144
المصدر : التقرير الاقتصادي العربي الموحد 1989 ، تحرير صندوق النفط العربي، أبو ظبي ص401.
يتأثر حجم العون الإنمائي العربية بالأوضاع الاقتصادية في الدول العربية المقدمة للمساعدات الإنمائية، وخلال فترة الثمانينات تراجع حجم العون الإنمائي العربي بسبب التطورات السلبية لأوضاع الاقتصاد العالمي وبخاصة ما يتعلق بأسواق النفط لما لها من تأثير كبير على حجم العوائد النفطية .
وكنسبة من الناتج، بلغ حجم العون الإنمائي العربي في عام 1984 نحو 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنسبة 2.1% في العام الذي سبقه. وكانت هذه النسبة أعلى من ذلك بكثير خلال السنوات 980 و 1982 . وتجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة بلغت في عام 1984 في كل من الكويت والسعودية 4.5% و3.0% على التوالي، ولمجموعة دول مجلس التعاون الخليجي 2.6% .
- التوزيع القطاعي للقروض :
"اتجهت قروض مؤسسات التمويل العربية إلى التركيز على قطاعات البنية الأساسية إذا خصص لقطاعات المواصلات والطاقة والمياه 57 بالمائة من إجمالي الالتزامات (28.2% للطاقة، 24.1% للنقل والاتصالات، 4.7% للمياه والمجاري). وكانت حصة الصناعة والتعدين 16.5 بالمائة والزراعة والثروة الحيوانية 16 بالمائة، وخصص للأغراض المختلفة التي تشمل موازين المدفوعات وخدمات الصحة والتعليم والتدريب 1.5 بالمائة)( ) .






التوزيع القطاعي للعون الإنمائي العربي
البيـــــــان النسـبة %
النقل والاتصالات 23.7
الطاقة (الكهرباء والنفط والغاز) 23.3
المياه والمجاري 6.6
الزراعة 16.2
الصنعة والتعدين 19.1
قطاعات أخرى 11.1
المجموع 100
المصدر : التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، المصدر السابق 216 .
ويشير التوزيع القطاعي للقروض بالنسبة للأقطار العربية المستفيدة من حيث الأهمية النسبية لقطاعات الإنتاج (الصناعة والتعدين والزراعة والثروة الحيوانية) إلى أن بعض الدول العربية تولى لها أهمية كبيرة إذ بلغت نسبة القروض الموجهة للإنتاج المادي في حالة الجزائر 74.1 بالمائة (معظمها لقطاع التصنيع).
واهتمت كل من المغرب وتونس أيضاً بتوجيه نسبة كبيرة من القروض التي حصلت عليها لقطاعات الإنتاج المادي بلغت 53 بالمائة للمغرب و50 بالمائة لتونس وفي الوقت الذي وزعت فيه تونس القروض الإنمائية لقطاعها الإنتاجي بالتساوي بين الزراعة والصناعة، فإن 70.5 بالمائة من حصة قطاعي الإنتاج في المغرب كانت موجهة للقطاع الفلاحي، وبينما كانت حصة قطاعات الإنتاج في كل من الأردن ومصر في حدود الربع تقريباً (25.9) بالمائة و22.6 بالمائة على التوالي) كانت هذه النسبة متدنية بشكل ملحوظ في كل من سورية والبحرين وعمان (12.9) بالمائة و7.3 بالمائة و10.1 بالمائة على التوالي). أما الدول العربية الأقل نمواً فتتصدر السودان وموريتانيا هذه المجموعة من حيث ارتفاع النسبة الموجهة من قروضها لقطاعات الإنتاج والتي تبلغ حوالي 45.7 بالمائة في السودان و44.5 في موريتانيا مع فارق أن 69 بالمائة من القروض التي حصلت عليها قطاعات الإنتاج في موريتانيا وجهت للصناعة والتعدين بينما وزعت قروض السودان بالتساوي تقريباً بين قطاعي الزراعة والصناعة. أما اليمن الشمالي واليمن الجنوبي فتميزا بانخفاض حصة قطاعات الإنتاج من إجمالي القروض المتحصل عليها (16.7 بالمائة و14.4 بالمائة على التوالي) ووجهت معظمها لقطاع الزراعة( ).
تتميز المساعدات الإنمائية العربية سواءً الثنائية منها أومتعددة الأطراف بارتفاع عنصر المنحة في مجموع قروض المساعدات الإنمائية الرسمية، وقد تصل أحياناً إلى حدود 50% من إجمالي القروض. لذلك يعد العون الإنمائي العربي من مصادر التمويل المهمة والمتميزة للدول المستفيدة العربية منها وغير العربية. ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها :
- تميز العون الإنمائي العربي بشروط مالية وقانونية ميسرة مع ارتفاع عنصر المنح في عملياته.
- عدم تقيد القروض المقدمة في إطار العون الإنمائي العربي بشروط التوريد أو التنفيذ من قبل مؤسسات الجهة المانحة . كما لا يصاحبها تدخل فيما يتعين اتباعه من سياسات اقتصادية ومالية واجتماعية.
- نظراً لكونها مساعدات من دول نامية إلى دول نامية أخرى (جنوب /جنوب) فهي لا ترتبط بعلاقات سابقة ولا تهدف إلى الاستغلال المباشر أو غير المباشر.
- أنواع مؤسسات التمويل الإنمائي :
مؤسسة التمويل الإنمائي هي المؤسسة التي يغلب على طبيعة عملها التمويل الإنمائي المتوسط أو الطويل الأجل سواء كانت عامة أو خاصة الملكية، نلاحظ وجود ثلاثة أنواع من مؤسسات التمويل الإنمائي في الوطن العربي :
1- مؤسسات التمويل الإنمائي القطرية :
أنشأت معظم الأقطار العربية، كل قطر على حدة ، مؤسسة ، أو أكثر، للتمويل الإنمائي، سواء من قبل القطاع العام أو القطاع العام أو القطاع الخاص أو القطاع المشترك، ووصل عدد هذه المؤسسات في مختلف أنحاء الوطن العربي في عام 1980 حوالي 68 مؤسسة متخصصة.
بحيث بلغ عدد مؤسسات تمويل الائتمان العقاري في 21 دولة عربية 15 مؤسسة( )، يليها مؤسسات التنمية الزراعية وعددها 10 ، ثم مؤسسات التنمية الصناعية وعددها 9 والباقي هو عبارة عن مؤسسات (مصارف) تنمية متعددة الأغراض، كما وتشمل الإيداع والتسليف والادخار والإنماء التعاوني. إن هذا العدد، بطبيعة الأمر، ليس هو المؤشر الصحيح لانتشار التمويل الإنمائي المتخصص. فتونس ولبنان والأردن والسعودية والمغرب، على سبيل المثال، تستحوذ على عدد من مؤسسات التمويل المتخصص يجاوز الخمسة لكل منها إلا أن بعض الأقطار العربية الأخرى، قد يتوفر لديها عدد أقل من المؤسسات ولكن بحجم ومقدرة تمويلية أكبر( ). ويتسع نشاط مؤسسات التمويل الإنمائي القطرية ليشمل كافة القطاعات، الزراعة، الصناعة، السكن والعقارات، السياحة، والصناعات الحرفية، وكذلك القطاع التعاوني والخدمات الاجتماعية والفردية للمواطنين.
إضافة إلى مؤسسات التمويل الإنمائي الوطنية، وهي التي تهتم بتمويل المشاريع التنموية داخل قطر من الأقطار العربية ، دون أن يكون لها أية نشاطات خارج حدود القطر الواحد، أنشأت بعض الدول العربية الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول عدداً من الصناديق ومؤسسات العون الإنمائي بهدف مساعدة الدول النامية (العربية وغير العربية)( ).
الصناديق القطرية التي أسستها بعض الأقطار العربية منفردة لمساعدة الدول العربية وهي:
- الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية (1962).
- صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي (1974) .
- الصندوق السعودي للتنمية (1975) .
- الصندوق العراقي للتنمية الخارجية (1978) .
- المصرف الليبي الخارجي (1973) .
2- مؤسسات التمويل الإنمائي الأقليمية، وهي التي قامت لتهتم بعملية تمويل المشاريع التنموية في مختلف أرجاء الوطن العربي وخارج حدود القطر الذي تنتسب إليه المؤسسة، كما ويوجد بعض المؤسسات الإنمائية العربية التي يتعدى نشاطها حدود الوطن العربي ليشمل بعض الدول النامية في آسيا وأفريقيا . وهذا المؤسسات هي :
- الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (1968) .
- صندوق النقد العربي (1976) .
- البنك العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا (1974) .
- البنك الإسلامي للتنمية (1975) .
- صندوق الأوبك للتنمية.
وتجدر الإشارة هنا إلى مشاركة بعض الجهات غير العربية في كل من البنك الإسلامي للتنمية وصندوق الأوبك للتنمية . وتبلغ المساهمة العربية في رأس مال الأولى حوالي (70%) بينما تصل إلى حوالي (50%) في صندوق الأوبك .
تعتمد الدول العربية الأعضاء في منظمة الأوبك على عائدات النفط كمصدر رئيسي لدخلها، وحرصت هذه الدول على دعم ومواصلة مسيرة المساعدات التي تقدمها للدول النامية العربية وغير العربية. لقد مرت فترة ازدادت فيها الأهمية التي تعلقها المؤسسات الإنمائية على التمويل المشترك للمشروعات. ولقد نشطت مؤسسات التمويل، بخاصة العربية منها في المساهمة بتمويل عملية التنمية الدول النامية.
3- مجموعة البنك الدولي :
يعتبر البنك الدولي للإنشاء والتعمير (I.B.D ) إحدى المؤسسات الدولية التسعة التي تشكل العمود الفقري لعمليات الأقراض والتمويل الدولية .
يهدف البنك الدولي إلى تقديم القروض للدول الأعضاء عن طريق تمويل المشروعات الإنتاجية في تلك الدول وخاصة سد احتياجاتها من العملات الأجنبية عند إنشاء تلك المشروعات. ويقوم البنك الدولي بتمويل جميع الأشكال والهياكل الأساسية مثل الطرق والسكك الحديدية، الاتصالات السلكية واللاسلكية، ومرافق المياه والكهرباء وتمويل المشاريع الإنتاجية ومشاريع الخدمات في شتى المجالات.
تأسس البنك الدولي في عام 1944 وهو إحدى النتائج التي تمخض عنها مؤتمر برتن ووودز (BRETTON WOODS) إضافة إلى مؤسسات أخرى أنشأها المؤتمر مثل صندوق النقد الدولي.
وتعتبر الصناديق العربية للعون الإنمائي إحدى القنوات المتعددة التي يمر خلالها العون الإنمائي لأقطار الوطن العربي الفقيرة والدول النامية الأخرى، ويمر هذا العون من خلال مؤسسات دولية، بالرغم من الاختلاف بين أهداف المعونات التي تقدمها الصناديق العربية وأهداف المعونات التي يقدمها البنك الدولي.
والعون الذي تقدمه المؤسسات العربية للدول، ليس إلى جزءاً من جملة العون العربي المالي. (ولإيضاح علاقة هذا الجزء بالكل ، من المفيد الإشارة إلى أنه خلال الفترة (1974-1981) بلغ مجملة الالتزامات الثنائية المقدمة من الدول الأخرى حوالي /45/ مليار دولار، … في الوقت الذي بلغ مجمل عمليات التمويل الإنمائي لمؤسسات التنمية العربية، الوطنية والإقليمية، حتى نهاية عام 1982 حوالي 16.5 مليار دولار( ).
ويتميز العون الإنمائي العربي بشروطه الميسرة، وبخاصة ما يتعلق بانخفاض سعر الفائدة أو طول فترة السماح والسداد بالمقارنة مع الشروط التجارية السائدة في السوق المالية العالمية. وهذا يتيح للجهة المستفيدة إمكانية استغلال وإدارة تلك الموارد وبتكلفة أقل ومرونة أكبر تتفق وخطط التنمية الوطنية .
لقد حدد صندوق النقد العربي من خلال التقرير الاقتصادي العربي الموحد برنامجاً يهدف إلى تطوير دور وفعالية المعونات الإنمائية العربية ليصبح آثاراً إيجابياً وهامة في عملية التنمية الشاملة على مستوى الوطن العربي. كما حدد مجالات متعددة للتطوير نذكر منها( ):
1- جعل المعونة العربية أكثر إيجابية في وضع ضوابط الاستفادة من التمويل الخارجي خاصة فيما يتعلق باختيار نوع التقنية الملائمة بما يكفل استغلال ما هو متاح على المستوى المحلي والإقليمي من خبرات وموارد طبيعية، ولا شك في أن ذلك سوف يساهم في تطوير هذه الخبرات ورفع كفاءة استغلال الموارد المتاحة في المنطقة العربية مما يؤكد دور الاتجاه إلى الاعتماد على الذات تنموياً.
2- زيادة الاهتمام بالمعونات الفنية جنباً إلى جنب مع المعونات المالية خاصة في مجالات بناء وتنمية القدرات والكفاءات البشرية، وتطوير كوادرها ودعم الأطر المؤسسية القادرة على إدارة التنمية بكفاءة ودعم المؤسسات المتخصصة في مختلف مجالات العلوم والتقنيات والمعرفة الفنية. ففي كثير من الأحيان تؤدي المعونة الفنية إلى تكلفة تمويلية أقل للمشروعات بما يسهم على المدى الطويل إسهاماً يفوق إيجابياً الآثار المترتبة على المساهمة في التمويل المادي للمشروع.
3- زيادة توجيه المعونات لإنشاء وتطوير المشروع القومية المشتركة مما يعضد العلاقات الاقتصادية والاجتماعية البينية. ويشمل ذلك التركيب على مشروعات ربط البنى الأساسية كالطرق والاتصالات وكذلك المشروعات الإنتاجية والاستثمارية المشتركة.
4- توسيع مجال استفادة المؤسسات الإنمائية القطرية وكذلك أجهزة التخطيط والتنمية من خبرات المؤسسات التمويلية بما لتلك الأخيرة من مدى جغرافي وقطاعي أوسع. ويساعد في اتمام ذلك إيجاد القنوات اللازمة لحوار وتفاعل بين الجهات المستفيدة والمؤسسات المانحة.
5- دعم البرمجة المسبقة للمشروعات المستفيدة وتنسيقها قطرياً وقومياً بما يمكن المؤسسات التمويلية من وضع برامجها البحثية والتمويلية اللازمة وجدولة تنفيذها. ويتطلب ذلك تعاوناً أكبر فيما بين الدول المستفيدة والمؤسسات المانحة.
6- ربط المعونات الميسرة بقضية أولويات اختيار المشروعات التي وأن كان تحديدها هو من اختصاص الأقطار المستفيدة، إلى أن ضمان الموضوعية والاختيار السليم للاستثمارات وتوجيهها لأكثر المشروعات جدوى اقتصادياً واجتماعياً، يعتبر ركناً أساسياً من أركان نجاح فعالية المعونات الإنمائية . فدورها الحقيقي هو في المساهمة في إعادة هيكلة الاقتصاد إنتاجياً، وهي في ذلك تختلف عن المعونات التي تتجه إلى دعم الموازنات العامة والموازين الخارجية.
7- إعطاء أهمية خاصة لعنصر التسيير في المعونات المقدمة للدول الأقل دخلاً بالنظر للأهمية النسبية للمعونة في هذه البلدان ولشدة الحاجة إليها. وكذلك بسبب الإمكانات الواسعة للتنمية لصغر القاعدة الإنتاجية في هذه البلدان، إضافة إلى عبء المديونية الخارجية وخاصة أعباء خدمة للديون من مصادر خاصة.ط
8- استنباط صيغ جديدة ملائمة للأطراف ذات العلاقة لوصول المعونات والتدفقات المالية بشروط مناسبة إلى مؤسسات القطاع الخاص لتوسيع دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
9- تبسيط الإجراءات لتحويل الالتزامات إلى مدفوعات والتخفيف من شروط المعونة بما يساهم في رفع درجة الاستفادة. ومن جانب آخر، فإن البلدان المستفيدة يقع عليها عبء تطوير إدارة الموارد الخارجية في إطار أهداف المخططات الوطنية وتكييف السياسات الاقتصادية الكلية المتصلة بالأسعار والضرائب والتجارة الخارجية ، إضافة إلى دقة متابعة المشروعات وإزالة عوائق تنفيذها وتخفيض التكلفة كلما أمكن ذلك.
10-تطوير التنسيق بين المؤسسات التمويلية المانحة تجاه بلورة رؤية مشتركة وأساليب موحـدة لدعـم برامج التمويل المشتركـة لأقطار عربيـة معينة في فترات محددة و/أو لقطاعات معينة تقتضيها المصلحة القومية، وكذلك لخلق حوار مع المستفيدين لإثراء جهود التنسيق من حيث ملاءمتها لطبيعة احتياجات الأقطار العربية وبما يوفر مدخلاً من شأنه أن يضمن مزيداً من الحياد والتأثير الإيجابي لعمليات العون وتنسيقها.
إن دراسة مؤسسات العون الإنمائي العربي من المواضيع الهامة في بحث قضايا التنمية الشاملة، وذلك بسبب عدد من العوامل التي فرضت نفسها على الساحة الاقتصادية العربية والدولية، خلال العقدين الماضيين . ومن هذه العوامل :
1- تبني معظم الدول العربية خطط طموحة للتنمية الاجتماعية الاقتصادية.
2- ضرورة حشد وتوفير الموارد المالية العربية واستقطاب الموارد الأجنبية لتمويل عملية التنمية.
3- التقلبات الملحوظة في أسواق المال العالمية وخاصة ما يتعلق بارتفاع أسعار الفائدة.
4- تزايد كلفة الاقتراض الخارجي. مما دعا إلى ضرورة الاعتماد على موارد التمويل المحلية.
"… إن طموحات الإنماء الاقتصادي العربي تستدعي حشد ما أمكن من موارد محلية عربية وأجنبية. إلى أن تكاشف القيود على إمكانيات المؤسسات المالية المتخصصة من حيث صعوبة استقطاب الموارد المحلية والأجنبية. يجعل الأهمية بمكان الوقوف على وضعها الحالي بهدف وضع تصور لمتطلبات دعم مسيرتها المستقبلية كيما يتسنى لها مواكبة مسيرة الإنماء العربي ولربما المشاركة في زيادة هذه المسيرة( ).
قدمت الدول العربية الغنية بالنفط إلى الدول العربية والدول النامية الأخرى وعن طريق الصناديق العربية للمساعدات، قروض ومساعدات تنموية كبيرة جداً تزيد عن 100 مليار دولار حتى عام 1987 . وكان نصيب الدول العربية حوالي 84 مليار دولار . وكانت مساهمة الصندوق السعودي والصندوق الكويتي من أكبر المساهمات حيث وصلت نسبة مجموع المساعدات المقدمة منهما حوالي 44% في إجمالي القروض التي حصلت عليها الدول النامية. وتم استخدام هذه المساعدات والقروض في الدول النامية لبناء وتطوير الهياكل الأساسية (الطاقة، المياه، النقل، المواصلات) ثم في الصناعة وتلتها الزراعة( ).
ولم يكون الدور الذي قامت به مؤسسات التمويل العربية قاصراً على تلبية الاحتياجات التمويلية لمشاريع التنمية في الوطن العربي بل امتد ليشمل المساهمة في تمويل مشاريع التنمية في الدول النامية غير العربية.
- التهويل المغرض بشأن الثراء العربي :
حدث في منتصف العقد السابع من القرن العشرين، وبعد ارتفاع أسعار النفط. تهويل مغرض بشأن الثراء العربي المتولد من العائدات التي كانت تحصل عليها الدول العربية النفطية لقاء تصدير النفط. وحاولت وسائل الإعلام الغربية التهويل والتهويش في هذا الموضوع لدرجة، تم تصوير الأموال العربية النفطية على أنها الغول الذي سبب الكساد الاقتصادي في أوروبا، وهدد مواطني الدول الغربية بالشتاء البارد. ليس هذا فحسب بل ظهرت حملة لمحاربة الأموال النفطية وإمكانية استثمارها في الدول الصناعية المتقدمة وخاصة أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. والحقيقة غير ذلك، ونستطيع أن توضح هذه الحملة الظالمة ضد الدول العربية، من خلال المقارنة بين الناتج المحلي للدول العربية، ورقم مبيعات بعض الشركات الكبرى في الدول الصناعية. "فظهر أن أكبر الدول العربية –ثراء- وهي السعودية، كان ناتجها المحلي الإجمالي يقل عن مبيعات سنة واحدة لشركة جنرال موتورز، بأكثر من ألفي مليون دولار لصالح الشركة( ).
والجدول التالي يبين تقديرات مجموع الناتج المحلي الإجمالي لبعض الأقطار العربية مقارنة مع قيمة مبيعات بعض الشركات الأمريكية.









تقديرات مجموع الناتج المحلي الإجمالي لبعض الأقطار العربية مقارنة مع قيمة
مبيعات بعض الشركات الأمريكية (مليون دولار أمريكي)
الأقطار العربية الناتج المحلي الإجمالي
1976 قيمة مبيعات الشركات 1977 أسماء الشركات
السعودية 52900 54961.30 جنرال موتورز
ليبيا 17017 54126.22 إيكسون
مصر 16031 37841.50 فورد موتور
العراق 15777 32125.83 موبل
الجزائر 15760 27917.33 تكساكو
الكويت 12080 20917.33 ستاندر أويل (كاليفورنيا)
الإمارات 11060 18133.18 انتر ناشنال بزنس ماشين
المغرب 9219 17840.00 غالف أويل
سوريا 6170 17518.61 جنرال الكتريك
السودان 6005 16708.30 كرايسلر
مجموع الدول العربية 179176 402977.00 مجموع 21 شركة أمريكية
المصدر : د. محمود الحمصي، خطط التنمية العربية واتجاهاتها التكاملية والتنافرية، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت 1984 ط3 ، ص50 .
نلاحظ من الأرقام الواردة في الجدول أعلاه أن مبيعات شركة فورد موتور لعام 1977 قد بلغت ضعف الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية مصر العربية، أما شركة إيكسو فكانت مبيعاتها تعادل ثلاثة أضعاف الناتج الإجمالي لليبيا. كما تزيد مبيعات شركة ستاندر أويل أوف كاليفورنيا عن قيمة الناتج الإجمالي في الكويت بحوالي 8900 مليون دولار . أما مبيعات 21 شركة أمريكية كبرى خلال عام 1977 ، فكانت تزيد عن مجموع الناتج الإجمالي لـ 21 دولة عربية بمقدار /223801/ مليون دولار، أن هذه الأرقام وهذه المقارنة تبين لنا مقدار الظلم للعرب وتشويه صورة الثراء العربي أن كان هناك ثراء !
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
[email protected]


المـراجـــع:
1- التقرير الاقتصادي العربية الموحد 1989 ، تحرير صندوق النقد العربي، أبو ظبي 1990 .
2- ابراهيم شحاتة وروبرت ما برو، معونات دول الأوبك، مجلة النفط والتعاون العربي، المجلد الأول العدد الرابع 197819 .
3- محمد سعيد النابلسي، دور مؤسسات التمويل الإنمائي القطرية في تمويل عمليات الإنماء في الوطن العربي، مجلة النفط والتعاون العربي، المجلد 9 العدد الثاني الكويت 1983 .
4- مقالة للكاتب بعنوان البنك الدولي والدول العربية ، مجلة دراسات عربية العدد 11/12 بيروت 1987 .
5- د. محمد العمادي ، العوائد النفطية من خلال الصناديق العربية في تنمية العالم الثالث، مجلة النفط والتعاون العربي المجلد 9 العدد 2 الكويت 1983 .
6- أطروحة دكتوراه للكاتب، بعنوان : أثر زيادة عوائد النفط على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية المصدرة للنفط باللغة البولونية وارسو 1980 .
7- د. عبد الإله أبو عياش، الفوائض المالية والواقع الاستثماري في الوطن العربي، مجلة الوحدة الاقتصادية العربية، العدد الثالث عمان 1986 .



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قياس أثر السياسات السكانية ومدى فاعليتها
- التنمية الزراعية في الوطن العربي الخصائص، المقومات، المتطلبا ...
- التنمية الشاملة والتنمية البشرية
- مناخ ومحفزات الاستثمارفي الجمهورية العربية السورية
- تطور السياسات النقدية والمالية في الجمهورية العربية السورية
- الترجمة والانتقال الفكري والمعرفي بين العرب وأوروبا
- أضواء على صندوق النقد العربي
- الانتقالات الفكرية بين العرب والأوروبيين
- تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية
- العولمة أم الأمركة ؟
- معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي
- المرأة وظاهرة العنف
- التعاون البحثي بين الجامعات العربية والجامعات الأوروبية في م ...
- الإصلاحات الاقتصادية والتحول إلى اقتصاد السوق في الدول العرب ...
- إعداد الاقتصادات العربية لمواجهة السوق الشرق أوسطي
- الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول العربية على طريق العمل الاقت ...
- جامعة الدول العربية ومسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك
- الدول العربية الإنجازات الاقتصادية والتحديات
- تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك
- التكامل الاقتصادي بين سورية ولينان


المزيد.....




- ألمانيا.. حزب شولتس يرشحه رسميا للمنافسة على منصب المستشار
- انخفاض أسعار الذهب الأسود بعد موجة ارتفاع
- في البحرين.. سياحة فن الطهي تعزَّز التنوع الاقتصادي
- توقف صادرات الغاز الإيراني الى العراق بالكامل
- عالم روسي: الغرب يطرح مشكلات علمية زائفة من أجل الربح
- مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال ...
- مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة ...
- وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد ...
- الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال ...
- العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - مؤسسات العـون الإنمائي في الوطن العربي