|
أوَّل غيث -التطبيع الجديد-.. -مقالة-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2716 - 2009 / 7 / 23 - 10:58
المحور:
القضية الفلسطينية
سِرَّاً، وبعيداً عن أضواء الإعلام، وعن أسماع وأبصار شعوبهم، التي ليست بأهمية ومكانة "الشعب الإسرائيلي"، ديمقراطياً، يبحث زعماء عرب، مع بعضهم بعضاً، فأمرهم شورى بينهم، ومع إدارة الرئيس أوباما، ومبعوثه ميتشل، ومع آخرين، في كيفية أن يساعدوا في إقناع حكومة نتنياهو العنيدة، استيطانياً، بأهمية وجدوى وفائدة أن تلبِّي، على نحو مُرْضٍ، مطلب "الوقف التام (المؤقَّت) للنشاط الاستيطاني" في الضفة الغربية، وفي القدس الشرقية أيضاً.
حتى الآن (و"الآن" قد تعني "إلى الأبد") لم تُظْهِر إدارة الرئيس أوباما ما يدلُّ على أنَّها، في سعيها مع أصدقائها من الزعماء العرب إلى تليين نتنياهو، استيطانياً، في خطوة أولى، يمكن أن تحيد عن مبدأ "مجادلة نتنياهو بالتي هي أحسن"، أو أن "تتوسَّط" بما يجعل "وساطتها" مختلفة، ولو قليلاً، عن "الوسيط التجاري"، فجُلُّ سعيها لم يتعدَّ بعد أن تدعو نتنياهو إلى تلبية هذا المطلب، وأن تدعو العرب، في الوقت نفسه، إلى ما يشبه "الشراء"، بما يشبه "العملة الصعبة"، التي هي كناية عن "التطبيع الأوَّلي (التشجيعي)".
العرب، على ما يراهم العالم في ساستنا العظام، ليسوا بأمَّة سياسية، فهم ما زالوا أقرب إلى "البداوة السياسية" منهم إلى العالم الواقعي للسياسة، يديرون "الصراع" مع إسرائيل، وكأنَّهم شيوخ عشائر يسعون في فضِّ منازعات عشائرية، فلقد أقنعتهم إدارة الرئيس أوباما إذ خاطبتهم بشيء من الكلام الحلو بأنَّ "مبادرتهم للسلام"، وعلى أهميتها وعِظَمِها، ليست بكافية، ولا بدَّ لهم من "البناء عليها"؛ ذلك لأنَّها ليست بأكثر من "أساس".
كانت، أي تلك "المبادرة"، قبل أن "تُعرَّب"، "سطراً واحداً ليس إلاَّ"، فخير الكلام ما قلَّ ودلَّ؛ وكان ممكناً لو ظلَّت "سطراً"، هو "سطر الروح القُدُس"، أن تقبلها إسرائيل، ولو حكمها ليبرمان وليس نتنياهو، وأن تتحدَّث عنها إدارة الرئيس أوباما وكأنَّها "بناء مكتمل"، لا يحتاج إلى مزيد من البناء، فـ "بند اللاجئين"، وعلى سوئه بمعيار حقوقهم المعترف بها دولياً، "أفسد" هذه "المبادرة" إذ أضيف إليها، بحسب وجهة نظر إسرائيل.
العرب، في "مبادرتهم" كانوا يريدون "الشراء"؛ ولكن ليس بطريقة شايلوك، فهم، وبلسان عربي مبين، قالوا لإسرائيل سلِّمونا "البضاعة كاملةً"، ندفع لكم، في اللحظة عينها، "الثمن كاملاً"، فالفعلان، فعل البيع (الكامل) وفعل الشراء (الكامل) يجب أن يتزامنا؛ أمَّا "الوسيط التجاري"، الذي هو الآن إدارة الرئيس أوباما، فاقترحت "التجزئة" و"التدرج"، فـ "البيع الإسرائيلي" شيئاً فشيئاً، على أن يبدأ بـ "الوقف التام (المؤقَّت) للنشاط الاستيطاني"؛ و"الشراء العربي" شيئاً فشيئاً، على أن يبدأ..
بِمَ يبدأ، وكيف يبدأ؟ هذا هو السؤال الذي يسعى زعماء عرب إلى إجابته بالتشاور وتبادل وجهات النظر مع إدارة الرئيس أوباما، وآخرين.
يُفضَّل، لو كان الأمر ممكناً، أن يبدأوا كما بدأ السادات، فزيارة الكنيست، مقر ممثَّلي "الشعب الإسرائيلي"، يمكن أن تقع موقعاً حسناً من النفس الإسرائيلية الشعبية، فـ "تتنازل" إسرائيل عمَّا يعدل قطرة في بحر ما تنازلت عنه لمصر في عهد السادات، زائرها الأعظم.
إنَّهم، أي الزعماء العرب، يعلمون الآن علم اليقين أنَّهم لو زاروها زرافات ووحداناً لن يحصلوا منها إلاَّ على ما يعدل نزراً ممَّا حصل عليه السادات، فالزمن اختلف وتغيَّر.
هل يلتقون نتنياهو وجهاً لوجه في مكان محايد لحفظ ماء الوجه، ولكسر "الجمود السياسي"؟ يُفضَّل، بحسب ما توصَّلوا إليه بعد بحث ودراسة، ألاَّ يفعلوها الآن.
لقد وقع اختيارهم الأوَّلي والاستهلالي على أن يخاطبوا "الشعب الإسرائيلي" مباشرةً، على أن تكون بداية المخاطبة (الحضارية) على شكل "مقال صحافي"، تُخَصُّ بنشره صحيفة "واشنطن بوست"، ثمَّ يخاطبونه عبر صُحف إسرائيلية.
إنَّها لضرب من "الحكمة الهابطة من السماء" أن يدعو الزعماء العرب بعضهم بعضاً إلى "التوجُّه إلى الشعب الإسرائيلي عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية خدمةً لجهود ومساعي السلام"، فكل شيء في سبيل "السلام" يهون!
وإنَّه لاعتراف بـ "الذنب"، يحقُّ لنا أن نحصل في مقابله على "المغفرة"، أن نستهل مخاطبة "الشعب الإسرائيلي" قائلين: "نحن العرب لم نفعل ما يكفي للتواصل مباشرة مع الشعب الإسرائيلي".
وإنَّه لنذير شؤم أن نقول وكأننا تلتزم أمام العالم: "إنَّ علينا (نحن الزعماء العرب) أن نتقدَّم الآن (الآن الآن وليس غداً..) نحو سلام حقيقي من خلال التشاور مع شعبنا (لا أعرف كيف سيتشاورون مع شعوبهم) وتوعيته (فشعوبنا تجهل ثقافة السلام، ولا تعي أهميته وضرورته وفائدته). وإنَّ علينا، في الوقت نفسه، أن نمد اليد إلى الشعب الإسرائيلي، وأن نشرح صدره للسلام بأن نشرح له فوائد السلام الحقيقي".
إنَّها "السياسة" وقد امتزجت بروح البداوة، والكهانة؛ وإنَّ هذا الكلام لخير فهم عربي لدعوة هيلاري كلينتون الزعماء العرب إلى إعداد شعوبهم لتقبُّل فكرة وجود الجار الإسرائيلي الأبدي!
دعوكم من "المقالات الصحافية"، فإنَّ لها أربابها؛ ودعوكم من هذا "التحضُّر السياسي"، الذي مهما تكلَّمتم فيه فلن يقع على أسماع إسرائيلية تشبه أسماعكم، ويمكن أن يفهمه "الشعب الإسرائيلي"، الذي يفيض "ديمقراطيةً"، على أنَّه دعوة عربية مُقْنِعة له إلى أن يزيح نتنياهو ويُجْلِس ليبرمان مكانه؛ ودعوكم من كل هذا التظاهر بأنَّكم طُلاَّب سلام "حقيقي"، فهذا السلام لا يمكن أن يكون "استعطاءً"، أو شبيهاً بـ "صلاة الاستسقاء"، ويرتِّب عليكم مسؤولية (أنتم في غنى عنها) أن تعدُّوا له ما استطعتم من قوة، ولو كانت على هيئة "رباط الخيل"؛ واختصروا علينا وعليكم "طريق الوهم الطويل" هذا، وأذهبوا جميعكم، من مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، على متن طائرة واحدة، إلى "عاصمة الشعب اليهودي"، لعلَّ الله يرزقكم هذا السلام "الحقيقي"، فإنَّ رزقكم فلا تنسوا أن تُؤدُّوا "صلاة شكر"، ولو من ركعتين، في أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين.
إنَّكم تذهبون إلى السلام كما ذهبتم دائماً إلى الحرب، وكأنَّ الغاية هي أن تُثْبِتوا للقاصي والديني أنَّكم لستم بأهل للخيارين معاً، ولتتساءلوا من ثمَّ عن السبب الذي لا يزيِّن لإسرائيل طريق السلام، ولتجيبوا على البديهة قائلين "لأنَّها لا تُحب السلام ولا تريده"؛ أمَّا "لماذا لا تُحب السلام ولا تريده؟"، فالجواب هو "لأنَّكم لا تملكون من خيار السلام سوى أنَّكم تحبُّون السلام وتريدونه"!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماركس إذ بُعِثَ حيَّاً!
-
-الشيخ جرَّاح- هو -رودوس- التي تتحدَّى أوباما!
-
لِيُعْقَد في -بيت لحم- ولكن ليس في -بيت العنكبوت-!
-
من -أزمة الحل المرفوض- إلى حل -الحل المفروض-!
-
الأهمية الحكومية ل -المعارَضة- عندنا!
-
ما وراء أكمة -صُلْح- أوباما مع المسلمين!
-
اقْضوا على اللاجئين.. تَقْضون على -حق العودة-!
-
شتاينماير الذي هزَّ رأسه!
-
ما بين -رجل الإعلام- و-رجل الأمن-!
-
المخاطر الإسرائيلية.. كيف يمكن أنْ تُواجَه أردنياً؟
-
المستوطنات في أسواقنا وبيوتنا!
-
تخطِّي الرأسمالية.. أما زال ممكناً؟
-
الزمن في حياتنا اليومية!!
-
يوم اسْتُعيدت -السيادة العراقية-!
-
رِفْقاً بالنواب!
-
-المبادرة العربية- عندما تُهْدَم بأيدي العرب!
-
في ثقافة -التطبيع الثقافي-!
-
هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!
-
-خطاب- يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام!
-
العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|