صلاح وهابي
الحوار المتمدن-العدد: 2716 - 2009 / 7 / 23 - 05:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
احتفل العراقيون في الثلاثين من حزيران, بحدثين مهمين في تاريخهم الحديث, ثورة العشرين 1920. والانسحاب الامريكي من مراكز المدن, وهي خطوة متقدمة لانسحاب نهائي.
في ثورة العشرين حشد العراقيين الوان بنادقهم وخناجرهم ومكاورهم ضد المحتل البرطاني ولم تتقاطع اهدافهم الوطنية مع اعماهم, مما اجبر الانكليز الى تبديل الاحتلال بالانتداب.
عجبا بعد89 سنة, وجهت بنادق وسكاكين ما يطلق عليهم بالمقاومة ؟!! الى صدور العراقيين بحجة اخراج المحتل. وهو في الحقيقة خلط لاوراق اللعبة لتزييف وعي المواطن, والهدف الحقيقي هو اختيال التجربة الديمقراطية الوليدة باجندة خارجية.
اين الخط الاحمر على قتل العراقيين الذي صرح به د. مثنى حارث الضاري على فضائية البغدادية التي تبث من القاهرة ؟ لينسب خروج لامريكان الى ظربات المقاومة !!. وكانه لايعلم ان احتلال بغداد لم يستغرق اكثر من ثلاثة اسابيع 21-3 الى 9-4-2003. في حين يعد جيش صدام رابع جيوش العالم عددا وعدة . بينما استغرق احتلال بغداد من قبل الانكليز ثلاث سنوات. ويستند في ذلك الى اعداد القتلى من الامريكان اكثر من(5000) جندي واعداد العجلات المدمرة واعداد الهاربين والذين اصيبوا بامراض نفسية.
بينما يتغافل من ذكر مئات الالاف من القتلى واضعاف الجرحى, وملايين المهجرين في الداخل والخارج , ومئات الالاف من الارامل وملايين اليتامى ومن سرقت محلاتهم وهدمت دورهم على رؤسهم , وممن اصيبوا بامراض نفسية جراء كل ذلك وسيبقى تاثير ذلك لزمن ليس بالقصير ,ولم تسلم من اياديهم حتى البنى التحتية من مشاريع ماء وكهرباء ومعامل وانابيب نفط وغيرها...
اكل ذلك كان ويكون قربانا لارج المحتل ؟!!!. اين الخط الاحمر من كل ذلك ؟ امبرر وطني او ديني او اخلاقي بقتل (1)امريكي يقابله (100) عراقي وربما اكثر . فاذا كان عدد القتلى الامريكان ما يقارب (5000) جندي , يقابلهم من القتلى العراقيين (500000) باي مبرر ارضي او سمائي يبيح قتل هذه الاعدادا بحجة اخراج المحتل !!.
كم من الفصائل المسلحة الثلاثة عشر التي اجتمعت في الدوحة واوكلت لابيه حارث الضاري ليكون متحدث باسمها , كم منهذه الفصائل من تعففت عن الدم العراقي ؟ وكم منهم من توضأ بدمائهم ؟
ان الارهاب يعطي المبرر للتواجد الامريكي , وليس لاخراجه , متذرعا بهشاشة الوضع . لماذا لم تتمسك هذه الفصائل ببنود الاتفاقية والجدول الزمني لخروج الامريكان نهاية 2011 وتشترك في العملية السياسية . واذا لم يلتزم الجانب الامريكي بذلك , سيكون على الجميع اجبار الامريكن بالخروج بكل الطرق ومنها العمل المسلح
لااتصور كيف يبيح انسان لنفسه ان يكفر الاخرين , ولايتعض بقول الله لنبيه محمد (لست عليهم بوكيل) . ( ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الاية 28 - الكهف
يرجعني ذلك الى نهاية الستينيات وقول أ.د. علي الوردي يرن في اذني (لوكنت مكانه لاصبحت مثله) . وكان يعني ذلك لو ولدت في عائلة مسلمة من المستحيل ان تكون صابئيا او مسيحيا , ولو ولدت في عائلة سنية من المستحيل ان تكون شيعيا الا ما ندر والعكس صحيح فليس لدينا اختيار حر للدين او للمذهب او للقومية واحيانا الاتجاه السياسي , فليس لاحدنا من قرأ كل هذه الاديان والدساتير ووجد هذا الافضل وانتما اليه , فنحن مطموغون بالوراثة في معظم الاحيان . فكلما ارتفع الانسان بوعيه الانساني خفف ذلك من حساسية الدين او المذهب او القومية او الاتجاه السياسي
معظم العوائل العراقية تتسم بالطيبة , وتتعفف عن اذى الاخرين ولم يكن الاختلاف عاملا للقتل والتكفير , بقدر ما كان عاملا للوحدة والتسامح , ولم يكن الانتماء لاي طائفة امتيازا على الاخر , الا من في نفوسهم مرض .
نشأت في عائلة سنية بالوراثة لابوين اميين لكنهما يملكان حسا انسانيا , كبقية العوائل العراقية الطيبة طيبة نخلها ومائها
اتذكر وانا صبي نهاية الخمسينيات , تسبق والدتي عاشوراء بصبغ (دشداشتي) بالسواد استعدادا بعاشوراء . ولاتزال صورة ( الزنجيل) معلق على باب مطبخنا طرية فيذهني . وعندما استيقظ صباح العاشر من عاشوراء اج والدتي تصغي بكل جوارحها الى مقتل الحسين , والدموع تبلل فوطتها . وكان ابي يصحبنا لزيارة المراقد المقدسة في سامراء والكاظم والنجف وكربلاء
لقد اختزلت محلتنا (دربونة الدجاج) الناعسة على نهر خريسان كل اطياف المجتمع العراقي , ففي كنفاتها عاش العربي السني والشيعي والكردي والكردي الفيلي والصابئي والمسيحي والروسي (الجيجاني) وعاشت جوار كل هؤلاء عوائل يهودية و وتذكر والدتي يوم هجروا (بكينا عليهم دما) . ولاتزال صورة اخي الذي تجمعه بصديق شبابه اليهودي (فؤاد) معلقة في مكتب محله اعتزازا بعمق العلاقة التي كانت تربطهما , وانتقل هذا الاعتزاز لولديهه .
من يدعي خروج الامريكان بسبب المقاومة ؟! فهو كمن يدس السم بالعسل , ويخلط اوراق اللعبة , او يعيش احلام اليقظة . فان كانت هناك مقاومة حقيقية ضذ الامريكان فلم يشكل تاثيرها واحد الى المليون . وهؤلاء لم يطلعوا على السياسة الامريكية الجديدة اويتغابون عنها فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 والمنظومة الاشتراكية بشكل سريع , وجد المخططون الامريكان امام وضع جديد , فلا بد من لف عقرب الساعة 180 درجة . فاصبح اصدقاء الامس اعداء اليوم سواء كانت حكومات دكتاتورية او منظنات ارهابية كانت موجهة ضد المعسكر الاشتراكي , والحكومات والمنظمات الديمقراطية واليسارية .
عجل بتنفيذ سياسة (الفوضى الخلاقة)يوم بدء الارهاب يدك معاقل الامريكان في عقر دارهم بالهجوم على مركزين التجارة العالمية , لتأخذ تطبيق هذه السياسة منحيين :
1-الضرب على الرأس : اذا لم ترعوي لسياسة (العولمة) وركبت رأسها , كما حدث في افغانستان 2001 والعراق 2003 , باقامة حكومات برلمانية على انقاذ هذه الحكومات الدكتاتورية , وتجفيف منابع لارهاب خارج اراضيها
2-الضرب تحت الحزام : لحكومات الدرجة الثانية دكتاتوريا المهددة للمصلح الامريكية والداعمة للارهب , ومهددة للسلم العالمي , عن طريق دعم حركات المعارضة كما حدث في ايران او الضغط على هذه الحكومات باجراء اصلاحات سياسية او بعزلها دوليا واقتصاديا . واذا لم ترعوي لذلك في السيناريو الاول مطروح للتنفيذ .
لان الانتعاش الاقتصادي الامريكي يحتاج الى اجواء سلمية يتم من خلاله نقل التكنلوجيا ورؤس الاموال والخدمات وحتى القيم الاجتماعية والسلع وخاصة البترولية منها واليها دون عقبات ومخاطر .
وهي لاتعمل ذلك لسواد عيون هذه الشعوب بقدر تامين مصالحها , وتلتلقي بعضها مع مصالح هذه الشعوب .
ولنزيدمن هذه التفاصيل راجع مذكرات (جيميس بيكر) وزير الخارجية زمن الاب بوش
كما ان حالة الارهاب في اي مجتمع يمر بالمنعطفات الحادة تكون مرافقة لعملية التغيير لانها تمس بالضرر مصاح فئات عديدة
سيضل الارهاب يشكل ارهاصات الموت هنا وهناك, ولكن لا بد افل ,لانه يتقاطع مع الحياة . زلان العراقيين عاشوا ضيم من النظام الصدامي وايام دم الارهاب سيتمسكون اكثر بانجاح العملية السلمية الجارية في بلدنا , رغم العثرات . ونجاحها مرهون بارتفاع كل اللذين تهمهم نجاح العملية الى مستوى المسؤولية لدرء مخاطر فشلها .
#صلاح_وهابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟