|
لماذا أنا معارض؟ سؤال المستقبل
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2714 - 2009 / 7 / 21 - 06:34
المحور:
المجتمع المدني
هذا السؤال طرحته على نفسي كثيراً مثلما طرحته على الآخرين الذين ناقشتهم وجادلتهم طويلاً ، لأنني حتى الآن لم أستطع نكران ذاتي ، فلو أنكرتها لأصبح السؤال بصيغة أخرى ، لماذا المعارضة ؟. هذا السؤال أيضاً تعجز المعارضة السورية في الإجابة عنه ، فهي لا تستطيع نكران ذاتها ، بعضها يقول إنه فيها لأجل التغيير وآخر لأجل البناء وآخر بهدف وبلا هدف ، لا تستطيع معارضتنا نكران ذاتها لأنها لازالت رهينة مصلحة كل فرد من أفرادها . قد يكون مؤسفاً أن العلماني لا يعترف بالإسلامي والأخير يكفر الأول ويعتبره عميلاً لإسرائيل وأميركا ، ولا أريد أن أذهب بعيداً ، سأقف مع القارئ الكريم أمام مشهد المعارضة السورية وخارطتها الموزعة بين اليمين واليسار ، سنلاحظ أن النظام الذي لا يريد الاعتراف بالمعارضة ، فقد يعترف بإسرائيل علناً كما هو سراً لكن لن يعترف بالمعارضة ، والمعارضة لا تعترف بنفسها إلى درجة أنها تنفر من نفسها ، ولنا في موقف إعلان دمشق من جبهة الخلاص مثال كبير ، وموقف الإعلان نفسه ممن ينسبون أنفسهم إليه ويتعاطفون معه من دون أن يعترف بهم أو يتعاطى معهم، والمثال على ذلك النائب البرلماني السابق محمد مأمون الحمصي . هذا يقودنا إلى السؤال التالي : مَن هي المعارضة ومَن الذي يقودها ؟ سأطرح هذا السؤال من قبيل الافتراض أن التغيير حصل في سورية ، فماذا بعد ؟ هل ستبقى المعارضة فيما بعد كما هو حال واقعها الراهن ؟ وبالتالي ما هي صورة الوطن والدولة مستقبلاً ؟ وهل سنعود وقتها وننتظر عودة الرجل القوي ، بمعنى آخر ، من سيحكم سورية ؟ إنه سؤال البديل قبل أن يكون سؤال الحرية والديمقراطية وسؤال الهوية وحتى سؤال السلام ، سؤال طرح علي في بيروت قبل خمس سنوات في اللحظة التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، ويطرح علي اليوم في مصر . حتى الآن يبقى الجواب رهن المستقبل ، وإذا لم يجيب المستقبل سيجيب التاريخ ، ولو أن جواب التاريخ يأتي متأخراً بعد نفاذ المستقبل، فمن كان يتوقع أن يأتي شخص كحافظ الأسد ويحكم بلد كسورية لمدة تزيد عن ثلاثين عاماً ، وحكمه مستمر وهو في قبره ، أنها مخرجات الحاضر وعما قريب ستصبح من مخلفات الماضي ، والأفضل أن نصوب عيوننا إلى المستقبل . لا أدعو إلى التشاؤم ولا إلى التشكيك ولا لجلد الذات ، تكفي سهام الغدر الطائشة التي طالتني من بعض الاسلامويين لمجرد الرأي ، وراحت تغالي في طيشها لحد اتهامي في شق ظهر المعارضة ، ولا أدري من الذي شق ظهرها . السؤال الذي ينبغي أن يوجهه كل معارض لنفسه ، لماذا هو معارض ، فإذا لم يجد في ذاته ما يستحق الفعل المعارض ، فليترجل عن جواده رأفة بنفسه وبغيره ، وأمامنا المعارض السابق بشار السبيعي الذي عاد أدارجه الى "سورية الاسد" ، الذي ربما دار في خلده ، لماذا هو معارض ؟ للأسف لازال سؤال المعارضة في عالمنا العربي يدور في حلقة واحدة ، ألا وهو سؤال السلطة من خلال التغيير ، وهي بذلك تقلد المعارضات الغربية المترفة ، لو أنها دارت في حلقة السؤال عن الحرمان والفقر والتهميش والفاقة والجوع ، لتعزز حضورها لدى الشارع وتوحدت كلمتها ، فعلة الفقر والحرمان هي ما يعانيها شارعنا السوري وليس أي شي آخر . شارعنا اليوم كحال الشارع الفرنسي قبل الثورة وربما أسوأ بكثير إذا ما قارنا بين طائفية السلطة اليوم وسلطة الكنيسة في الأمس وحالة الغبن الواقعة على رأس الشعب ، لوجدنا أن أمراض الطائفية أشد سقماً من أحلام الكنيسة ، وفي هذا سؤال للمعارضة السورية ، أن ثورة الشعب الفرنسي رسمت مستقبلها في برهة من الزمن ومن دون جملة التعقيدات والتشظي المريع بين معارضة الداخل والخارج وبين تشكيك الإعلان بوطنية الجبهة ، وتغريد الأكراد في سرب والإخوان في سرب آخر ، فهذا يحلم بالعلم الكردي وذلك بالخلافة الإسلامية العابرة للحدود . مرة أخرى ، لا بد من طرح السؤال ، لماذا أنا معارض ؟ فإذا كنت أعيش مترفاً في أميركا أو لندن ، فلماذا أنا معارض ؟ وإذا كنت كافلاً لمستقبل أولادي وأحفادي في أرقى عواصم الأرض ، فلماذا أنا معارض ؟ وإذا كنت على رأس عملي في بلدي ، فلماذا أنا معارض ؟ . شتان بين معارض يعارض لأجل الوصول إلى السلطة وبين معارض يعارض لأجل أن يحيا حياة كريمة ، حياة لا تعرف الذل والاستعباد في أقبية الأمن وثكنات العسكر ، ولا تعرف القهر من انتهازية النظام ولا الحرمان من العيش في وطنه ،هذا ما يجب أن تجيب عنه المعارضة السورية قبل أن تفكر في تغيير النظام ، فعندما نقلب صفحات التاريخ ، سنرى أن مثقفاً وفارساً عربياً كعروة بن الورد خرج من دياره وعاش جائعاً لأنه رفض أن يرى جائعاً في قومه . هل تستطيع المعارضة السورية أن تواجه ذاتها ، قبل أن تفكر في عقد المؤتمرات وإعلان مشاريع التغيير؟ وهل يستطيع أن يفكر مَن هو في أميركا وأوروبا بمن هو في الحسكة وحماة ؟ يقيناً أن من في هاتين المحافظتين وغيرها من المحافظات أشد معارضة منا جميعاً ، لأنه يعرف لماذا هو معارض ، وقد يأتي يوم ويقول كلمته قبل غيره .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام السوري وتعطيل الدور المصري
-
الإخوان المسلمين : الوجه الآخر للشيعة
-
صحوة إخوانية أم تخوينية ؟
-
لإسرائيل السلام ولنا الحرية
-
عملاء الممانعة أم إسرائيل ؟
-
إرهاب الممانعة يستهدف مصر !
-
ربيع الديمقراطية في الكويت
-
بهلوانية ترويكا الممانعة
-
حزب الله يتحسس رأسه !
-
عنصرية إيران أم إسرائيل ؟
-
أباطيل ثقافة (المقاومة)
-
النبي جلعاد شاليط
-
حقائق استراتيجية إيران المرعبة
-
زئبقية السلوك السوري
-
بروفة سورية استعداداً للمحكمة
-
الإسلاميون أنصار الديكتاتورية
-
سورية قبل المصالحة وبعدها
-
((همجية)) رافسنجاني .. وسقطة طالباني
-
الإرهاب العابر للعقول
-
لماذا تغير النازيون ولم تتغير أميركا ؟ عسر التغيير في أميركا
المزيد.....
-
العراق يوافق على توصيات مجلس حقوق الإنسان الدولي
-
الفلسطينيون يستقبلون المزيد من الأسرى
-
البنتاغون يرحل المهاجرين إلى غوانتانامو خلال أيام وفنزويلا ت
...
-
الضفة المحتلة تستقبل الأسرى المحررين.. فرحةٌ منقوصة وشهادات
...
-
الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.. تهدئة أم تصعيد قادم؟
-
اتهام نتنياهو بمحاولة إفساد صفقة تبادل الأسرى.. والبيت الأبي
...
-
القسام تبث مشاهد تسليم الدفعة الرابعة من الأسرى الإسرائيليين
...
-
الأسرى المحررون يكشفون التعذيب الوحشي في سجون الاحتلال
-
ترامب: فنزويلا وافقت على قبول المهاجرين غير الشرعيين وأفراد
...
-
قضاء إيطاليا يعرقل للمرة الثالثة خطة ترحيل المهاجرين إلى ألب
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|