|
-الشيخ جرَّاح- هو -رودوس- التي تتحدَّى أوباما!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2714 - 2009 / 7 / 21 - 10:14
المحور:
القضية الفلسطينية
حصل في واشنطن، ولم يحصل في القاهرة أو عمان، فالسفير الإسرائيلي اسْتُدْعي إلى وزارة الخارجية لِيَنْقُل إلى حكومة نتنياهو رسالة مؤدَّاها أنَّ إدارة الرئيس أوباما تقف ضد خطة إسرائيلية لبناء منازل (نحو عشرين شقة سكنية) للمستوطنين في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، والذي يقع في خارج أسوار البلدة القديمة من المدينة المقدَّسة، وتدعوها، في الوقت نفسه، إلى وقف هذا النشاط الاستيطاني الجديد، الذي يرفض نتنياهو تصويره على أنَّه نشاط استيطاني؛ لأنَّ "القدس الموحَّدة"، في زعمه، ليست بـ "مستوطنة" حتى يشملها "تجميد" النشاط الاستيطاني، وإنَّما هي، في الزعم الإسرائيلي التلمودي، "عاصمة الشعب اليهودي، ودولة إسرائيل"، والسيادة الإسرائيلية عليها ليست، ولن تكون، على ما صرَّح نتنياهو، محل جدل.
إذا كان اليهودي في الولايات المتحدة، مثلاً، يستطيع السكن (وتملُّك منزل) في أيِّ حيٍّ من أحياء نيويورك، مثلاً، فكيف ـ يتساءل نتنياهو في دهشة واستغراب.. واستياء أيضاً ـ يُحْظَر على اليهودي (المواطن الإسرائيلي) أن يسكن، ويحصل على منزل، في أيِّ حيٍّ من أحياء القدس الشرقية، بصفة كونها جزءاً لا يتجزَّأ من العاصمة الأبدية "للشعب اليهودي، ودولة إسرائيل"؟!
"القدس الموحَّدة"، عند نتنياهو، لا تشتمل على أرض، هي القدس الشرقية، يمكن وصفها بأنَّها "محتلة" إسرائيلياً، فـ "العاصمة الموحَّدة" هي ثمرة "تحرير" لِمَا كان "محتلا"، عربياً، من أراضيها، التي كُبِّرت ووُسِّعت، في استمرار، من خلال ضم مزيدٍ من "أراضي الضفة الغربية" إليها. وحتى الآن، ليس ثمَّة ما يمنع إسرائيل من أن تقتطع الجزء الأكبر من "أراضي الضفة الغربية" لـ "تُطْعِم" به ما تسميه "عاصمتها الأبدية الموحَّدة"، وتوسِّع وتزيد مساحتها، التي لا تعيين لها في كل النصوص الدينية الوهمية الخرافية لهذا الذي يسمُّونه "الشعب اليهودي".
نتنياهو الذي أعمت بصره وبصيرته الأوهام التلمودية لا يمكنه أبداً أن يرى الفرق النوعي بين الملكية اليهودية الشخصية لمنزل في حيٍّ في نيويورك (أو القاهرة، أو صنعاء، أو طهران) والملكية اليهودية الشخصية لمنزل في حيِّ الشيخ جراح، أو في أيِّ حيٍّ آخر من أحياء القدس الشرقية، فهو يتَّخِذ من أمر يشبه أنْ تَزْعُم أنَّ الشمس هي التي تدور حول الأرض "مسلَّمةً"، يُميِّز بها الصواب من الخطأ في مواقف ووجهات نظر غيره، فالقدس الشرقية ليست بالأرض المحتلة إسرائيلياً؛ وعلى العالم كله أن يتَّخِذ من هذه "المسلَّمة" ميزاناً يزن به مواقفه من كل ما تقوم به إسرائيل من أعمال استيطانية وغير استيطانية في المدينة المقدَّسة.
على ما عَلِمْنا وفَهِمْنا، قالت إدارة الرئيس أوباما لحكومة نتنياهو إنَّ عليكم أن تتوقَّفوا عن بناء تلك المنازل في حيِّ الشيخ جراح في القدس الشرقية، فردَّت عليها حكومة نتنياهو قائلةً إنَّها لن تتوقَّف أبداً.
إنَّه، وإذا ما كان على هذا النحو، وفي هذا الوضوح والتعيين، لموقفٌ جيِّد لإدارة الرئيس أوباما؛ وإنَّه لجيِّد أيضاً أن يركب نتنياهو رأسه، وأن يَظْهَر متحدِّياً تلك الإدارة على هذا النحو؛ ولكنَّ الأهم من ذلك، وبعد ذلك، والآن، هو "الخطوة التالية" التي ينبغي لإدارة الرئيس أوباما أن تخطوها، فهل تكون خطوة إلى الأمام، في مواجهتها هذا التحدِّي الاستيطاني والسياسي الإسرائيلي، أم خطوة، أو أكثر، إلى الوراء، وكأنَّها مستعدة لفعل أي شيء من أجل التوصُّل إلى حلٍّ نهائي للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، على ألاَّ يتسبَّب فعلها هذا بإغضاب نتنياهو وحكومته!
إنَّ إدارة الرئيس أوباما تحاول أن تؤسِّس لها "سياسة استيطانية جديدة"، قوامها أنَّ ما بُني حتى الآن من مستوطنات يمكن أن يغدو، في معظمه، "شرعياً"؛ أمَّا ما يُبْنى من الآن وصاعداً من مستوطنات، أو في داخل المستوطنات، فلن يكون شرعياً من وجهة نظرها؛ وعلى إسرائيل، بالتالي، أن تمتثل لهذه السياسة الجديدة.
حتى الآن، لم تتخلَّ إدارة الرئيس أوباما عمَّا أعلنته من قبل من اعتراض على كل نشاط استيطاني جديد، ولو كان من ذاك الذي يَسْتَذْرِع بـ "النمو الطبيعي"؛ وها هي الآن تُظْهِر وتؤكِّد اعتراضاً آخر، هو اعتراضها على كل نشاط استيطاني جديد في "القدس الشرقية"، فهي فهمت إعلان حكومة نتنياهو عزمها على بناء نحو عشرين شقة سكنية (فقط) في أحد أحياء القدس الشرقية على أنَّه "بالون اختبار"، فهذه الحكومة تريد جس نبض تلك الإدارة، ومعرفة ما إذا كانت تَفْهَم تجميد النشاط الاستيطاني على أنَّه تجميد يشمل حتى القدس الشرقية؛ ولقد أتت نتائج الاختبار بما يؤكِّد (حتى الآن) أنَّ إدارة الرئيس أوباما لا تستثني المدينة المقدَّسة من دعوتها إسرائيل إلى التوقُّف عن كل نشاط استيطاني.
بناء عشرين شقة سكنية للمستوطنين في حيِّ الشيخ جراح ليس في حدِّ ذاته بالشيء الذي يَزِن وزناً يعتدُّ به بالميزان الاستيطاني العام؛ ولكن في هذا "الشأن الصغير" تكمن الآن معاني كبيرة وعظيمة، فالنتائج التي سيتمخَّض عنها هذا "النزاع الاستيطاني الجديد والصغير" بين إدارة الرئيس أوباما وحكومة نتنياهو هي أهم "بالون اختبار"، فارقبوا هذه النتائج فإنَّها كالسيف، أصدق إنباءً من الكتب، في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعب. إنَّها رودوس التي تتحدَّى أوباما أن يقفز منها!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لِيُعْقَد في -بيت لحم- ولكن ليس في -بيت العنكبوت-!
-
من -أزمة الحل المرفوض- إلى حل -الحل المفروض-!
-
الأهمية الحكومية ل -المعارَضة- عندنا!
-
ما وراء أكمة -صُلْح- أوباما مع المسلمين!
-
اقْضوا على اللاجئين.. تَقْضون على -حق العودة-!
-
شتاينماير الذي هزَّ رأسه!
-
ما بين -رجل الإعلام- و-رجل الأمن-!
-
المخاطر الإسرائيلية.. كيف يمكن أنْ تُواجَه أردنياً؟
-
المستوطنات في أسواقنا وبيوتنا!
-
تخطِّي الرأسمالية.. أما زال ممكناً؟
-
الزمن في حياتنا اليومية!!
-
يوم اسْتُعيدت -السيادة العراقية-!
-
رِفْقاً بالنواب!
-
-المبادرة العربية- عندما تُهْدَم بأيدي العرب!
-
في ثقافة -التطبيع الثقافي-!
-
هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!
-
-خطاب- يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام!
-
العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!
-
تداول السلطة.. إيرانياً!
-
-الدولة اليهودية- و-دولة أندورا الفلسطينية-!
المزيد.....
-
أحمد الشرع يتعهد بتحقيق السلم الأهلي وإتمام وحدة الأراضي الس
...
-
إطلاق سراح ثماني رهائن إسرائيليين وتايلانديين من غزة، مقابل
...
-
ترامب حول إمكانية قبول مصر والأردن فلسطينيين من غزة: قدمنا ل
...
-
بيسكوف: لا اتصال بين بوتين وترامب بشأن حادث تحطم الطائرة في
...
-
القائد -الظل-.. من هو محمد الضيف؟ وما هي أبرز محطات حياته؟
-
إقبال كبير على المنتجات الروسية.. روسيا تشارك في معرض ليبيا
...
-
مبعوث ترامب: إعادة إعمار غزة قد تستغرق 10 إلى 15 عاما
-
الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة أم روابة بشمال كردفان
-
تقرير يكشف معلومة -غريبة- عن حادث مطار رونالد ريغان الكارثي
...
-
-الشبح- الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو محمد الضيف؟
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|