|
مشاعر الخجل عند الاطفال .. كيف تتكون؟
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 2713 - 2009 / 7 / 20 - 10:25
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ان عادات الطفل تتاثر كثيرا بخبراته وتجاربه القليلة في المنزل مع اسرته ومن نتائج هذا الخجل انه يحرمه من اقامة علاقات مع اقرانه ويتجنب الاتصال بهم ويحرم نفسه من تعلم عادات جديدة منهم وهو ما يؤدي به الى الميل للعزلة والانطواء واثبتت الدراسات النفسية المتعلقة بالطفولة ان الخجل الشديد عند بعض الاطفال يعوقهم عن التفاعل الاجتماعي ويحرمهم من فرص النمو والتعبير عن الذات . تتولد لدى الطفل مشاعر الخجل من عدة اسباب نفسية داخلية يستشعرها هو اولا ويعزز هذا الشعور المحيطين به من افراد اسرته فمن هذه المشاعر هو النقص بسبب ملابسه الرثة لانه من اسرة فقيرة او به عاهة خلقية او تاتأة في الكلام او صعوبة في السمع ، ربما لا توجد هذه التشوهات بل وجود الاحساس الداخلي لديه وهو شعوره انه ليس جميل واعتاد ان يسمع هذه الكلمات تتداول بين افراد اسرته بأنه غير وسيم وان منظره الخارجي كأنه "زبال" فتترسخ في ذاكرته الندية هذه الالفاظ حتى تتشكل مع تكوين شخصيته في سنواته الاولى ، وبما انه لم يتعلم بعد اسلوب الرفض والتمرد فإنه ينصاع ويمتثل حتى تبدو وكأنها شئ صحيح فيه ، ادركها من الاخرين المحيطين به داخل الاسرة ويحق لنا ان نقول ان العادات الخاطئة المكتسبة لدى ابنائنا تؤدي الى "الخجل ، او قضم الاظافر ، او مص الاصبع ، او السمنة المفرطة ، او التبول الليلي في الطفولة المتأخرة ،او الامتناع من الذهاب المدرسة ، او الغضب ، او العناد ، او عدم الثقة بالنفس ، او الخوف من اشياء وهمية .. الخ " ما هي إلا المعبر الظاهري عن عادات الاسرة ومرضها وربما كان هذا الطفل الخجول او العنيد او الغاضب دائما الذي يقضم اظافره باستمرار هو اكثر ابناء الاسرة ذكاءا ووعيا ً وحساسية ورغبة في النمو السريع واعراضه هذه ليست إلا دليلا على صدق رغبته وان احباطات الاسرة المستمرة بشكل شعوري او لا شعوري له ادت الى ان تحجر على ما يريد ان يعبر عنه فظهرت مثل هذه الاعراض . ان الطفل الذي يحصر تفكيره حول ذاته سينشأ لديه الكثير من الصراعات وان جميع انواع هذه الصراعات الخاصة بالطفولة الاولى والتي لم تحظ بتوفيق وحل تظهر في المراحل اللاحقة في مرحلة المراهقة والبلوغ لتشكل شخصيته مثل الزيادة في القلق وهي الشخصية القلقة والزيادة في الحساسية والافراط بها لتصبح بعد ذلك الشخصية الحساسة والزيادة في الشك بنفسه وبقدراته وبالاخرين حتى تتشكل الشخصية الشكاكة اما اذا كان عصبي المزاج ،سهل الاستثارة فتكون شخصيته أميل الى الشخصية المتفجرة ، اما اذا كان الخوف هي السمة السائدة في شخصيته مع التردد فتكون الشخصية الرهابية او ، الفوبيا او لديه مخاوف عالية ومنها المخاوف الاجتماعية ويغلب عليه الخوف من التعبير عن نفسه وعن رغباته كما يبدو مترددا دائما وخائفا ومبتعدا عن الاخرين ومتشككا فيهم . حينما يكبر الطفل الخجول ويصبح راشدا تكون شخصيته في الاغلب هي الشخصية المكفوفة وتتميز هذه الشخصية في انها تجد التعلق والحب الموجه للموضوع الخارجي هو الذي يغلب على سلوكها وان كان مغلفا بالخوف وبالتالي بالانطواء ، اما العدوان والمشاعر المرتبطة به فتكون مكبوتة تماما وموجهة الى الداخل "داخل ذاته" فتكثر لدى مثل هؤلاء وهم كبار قرحة المعدة او عند البعض مشكلات في القولون بسبب الكبت او عند البعض البهاق او امراض جلدية اخرى او امراض اخرى سببها نفسي ونتائجها جسدية وهو ما يطلق عليه " الاضطرابات النفسجسمية" . ان تكون الخجل في الطفولة يترك اثارا سلبية على شخصية الفرد في البلوغ فصفات الخجل والخوف والكبت لا تزول بسهولة ولكنها تستمر فلا يقف القصور هنا عند القدرة على التعبير عن المشاعر والرغبات بل يمتد الى عملية الوعي بهذه المشاعر مع صفات اخرى مثل البرود العاطفي والانطواء الشديد وهي بالحقيقة كانت في الطفولة مظاهر خوف شديد بها موضوعات داخلية خيالية يتعامل معها وهو طفل ، اما في البلوغ فتاخذ صور اخرى مثل الميل الى الخيال وربما يؤدي ذلك الى تحويل اهتمامه الى الفن والقراءة وحب الطبيعة فيهتم بهذه الموضوعات اكثر من اهتمامه بالاشخاص كما يقول "د. محمد شعلان" . ان الشخص الخجول في الطفولة يكون منعزلا في الرشد وتتصف علاقته بالاخرين دائما بالسلبية والخلو من الانفعال . وتؤكد الدراسات النفسية التحليلية إن الطفل المهمل في طفولته يأبى ان يتخذ له مكانا في المجتمع ، انه يعجز ان يضبط دوافعه الغريزية ويتحكم فيها وتقول " انا فرويد" إنه لا يستطيع ان يحول جزءا كافيا من طاقة غرائزه لكي يوجهها الى تحقيق اهداف يقدرها المجتمع في البلوغ . ان الخجل في الطفولة يترك لدى الفرد بثور في شخصيته منها عدم الاتزان ، ويكون ذي عزيمة منهكة واعراض اخرى ، انه تعرض لنوع من البتر في نموه النفسي وبالتالي لما وصل الى مرحلة الرشد الناضج وجد نفسه مكبلا في بقايا الطفولة التي تركت الاثر الضار للكبت المتزايد في شخصيته .
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التربية والشعور بالدونية عند الافراد والشعوب
-
العراقيون ومخاض الانتماءات .. رؤية نفسية عن الانتخابات القاد
...
-
الغِيرة .. الوجه الآخر للشخصية
-
من حرية التفكير الى التكفير
-
انفعالات التفكير .. ألم في الاحشاء !!
-
كيف يتكون الشعور بالدونية لدى الاطفال
-
ولمحنة أيتام العراق احزان
-
العراقيون .. بين التعب والملل
-
أطفال العراق وألعابهم
-
رغباتنا بين الخفاء والعلن !!
-
العراقيون بين حلم التحلل وقيود التدين الخاطئة
-
التبرير .. لعنة ام رحمة !!!
-
شئ من سيكولوجية الحب
-
محنتي في انفعالاتي ... رؤية في النفس من الداخل
-
نفس تئن وجسد يصرخ
-
الاتهام بالتعصب ... تعصب
-
لماذا السلوك التخريبي عند الطفل ... رؤية نفسية
-
توهم المرض .. هل يعيق البعض ؟
-
محاولة نفسية لتفسير الخوف عند الاطفال
-
تداعيات الكذب عن الاطفال
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|