|
السبيل الى تنفيذ دعوة القذافي الى انشاء مجلس أمن حركة عدم الانحياز
عبد الرحمن كاظم زيارة
الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 10:51
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
كانت الدعوة التي اطلقها العقيد معمر القذافي رئيس الجماهيرية الليبية الى أنشاء مجلس اعضاؤه من دول حركة الانحياز ، ومنح مؤتمر الاتحاد الافريقي الذي يتزعمه العضوية الدائمة في مجلس الامن الدولي . لهي دعوة لو تحققت ستعيد الامن والسلم الوليين الى نصابها الحقيقي وايقاف عودة ظاهرة الاحتلالات التي افتتحها مجرم الحرب بوش الصغير ومن قبله ابوه . بل هي دعوة من شأنها تقليل الخطر الداهم على البشرية ومستقبل اجيالها والقادم من كيان الولايات الامبريالية المتحدة . لقد افصح الزعيم الليبي عن آمال الجماهير العريضة لشعوب البلدان الحرة حقا ، والتي تنتظم دولها في حركة عدم الانحياز . ففي المعيار الحضاري تشكل بلدان حركة عدم الانحياز حاضنة لأرقى الحضارات في التاريخ الانساني ، تلك الحضارات التي نشأت نشأة طبيعية بسبب عبقرية اجيالها وايمانها بقيم العدل والحرية والمساواة . وخلاف ذلك ان ما يسمى بالعالم الحر اشارة الى الولايات والدول الامبريالية التي تتزعمها اليوم الولايات الامبريالية الامريكية هي حاضنة لمسببات حروب الابادة الانسانية وانتهاكات حقوق الانسان واحتلال البلدان المستقلة ، والتي تكرس بصفة دائمة ازدواجية المعايير . ونحن نتفق مع الاخ العقيد معمر القذافي في أن مجلس الامن الدولي ليس دوليا كما يوصف ، وانما هو قد اختزل الى دولة واحدة تهيمن على العالم وهي كيان الولايات الامبريالية المتحدة . واللافت في الامر ان هذا الكيان يتشدق بميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي وهي الدولة المارقة رقم واحد في انتهاكهما . فهيلطالما شنت العدوان وقيامها بالاحتلالات دون موافقة الهيئات الدولية برغم خضوعها الى هيمنتها . كما ان هذا الكيان الامبريالي طالما يتشدق بحقوق الانسان وهو ابعد دولة في ممارساتها عن حقوق الانسان ، فلقد انتهك حقوق الانسان في العراق وافغانستان وفي فيتنام وفي الصومال ولبنان وفي غيرها من بقاع العالم بطرق واساليب يندى لها جبين الانسانية . وبما يجعل من الولايات الامبريالية المتحدة غير مؤهلة نهائيا حتى للحديث عن حقوق الانسان ، بل ان الادرات الامبريالية الامريكية رفضت الانضمام الى عضوية مجلس حقوق الانسان التابع الى منظمة الامم المتحدة لكي تتهرب من الالتزام وحسن السلوك الذي تفرضه هذه العضوية . وبلغت الادرارات الامريكية من الوقاحة باصرارها على اصدار ما تسميه تقرير حول اوضاع حقوق الانسان في العالم دون ان تذكر انتهاكاتها المروعة لحقوق الانسان ، فالتقرير اياه ليس الا اشادة بحلفائها وإن انتهكوا كما تنتك هي حقوق الانسان ، وتقريع لخصومها وان حافظوا على حقوق الانسان وهذه هي الصورة الحقيقية للتقارير المضحكة . ومؤخرا وفي خطوة لافتة قرر الرئيس الامريكي اوباما انضمام بلاده الى المجلس المذكور ، ولانعرف بالضبط ماذا تخبئ هذه الخطوة ربما من اسلوب جديد للحفاظ على حقوق الانسان بما تعنيه امريكيا وليس ما تعنيه اللفظة بذاتها. ولو كانت نوايا الرئيس الامريكي وادارته سليمة وانسانية حقا لكان قد تحلى بالشجاعة اللازمة واعتذر للشعبين العراقي والافغاني عن جريمتي احتلالهما وعن جرائم الابادة الجماعية وسرقة ثروات العراق وتهديم بنيته التحتية واسقاط حكومته الشرعية وقتلها عبر محاكم ممسرحة وهزلية، ونشر الارهاب والجريمة فيه بعد ان كان بلدا آمنا مستقرا نظيفا من الديمقراطيةالامريكية ودعواتها المزيفة لحقوق الانسان . كما ان الولايات الامبريالية المتحدة الامريكية تتشدق بالحرص على تنفيذ القانون الدولي وهي تخرقه نهارا جهارا ، وتنأى بنفسها عن عضوية المحمكمة الدولية ، بالرغم من هذه المحكمة سيئة الصيت تأتمر بأوامر الادارة الامبريالية الامريكية ، وهي مثلها مثالا سيئا لسياسة الكيل بمكيالين . ففي الوقت الذي فيه اقترف الكيان الصهيوني المجازر المروعة ضد ابناء الشعب الفلسطيني في حرب غزة الاخيرة توجهت بوصلة المحكمة الدولية وتحت ضغط العهر السياسي صوب السوادان البلد العربي المبتلى بمؤمرات امريكا وسواها لتقرر اصدار أمر قبض بحق القائد العربي عمر حسن البشير ! ان الولايات الامبريالية المتحدة تستخدم كل من منظمة الامم المتحدة وهيئاتها لتنفيذ سياساتها الارهابية في انحاء العالم دون ان تلتزم بمواثيقها وقوانينها والتي يبدو انها وضعت للتهويم بها على الشعوب والبلدان التي لاتملك اسلحة الدمار الشامل بما في ذلك السلاح الذري. الولايات الامبريالية المتحدة الامريكية بسجلها الاسود وسلوكها الشائن بها حاجة الى أنسنة نظامها السياسي وتأهيلها كي تعود الى حضيرة المجتمع الانساني والدولي . دولة كهذه هي التي تتحكم بمصائر بلدان وشعوب سبقتها في التكون وسبقتها في الحضارة ، واليها والى حليفاتها من الامبرياليات العالمية كبريطانيا وفرنسا والمانيا يعود تخلف العالم الحر المتحضر في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية . ان دعوة القائد العربي معمر القذافي الى تأسيس مجلس أمن لحركة عدم الانحياز وتأسيس محكمة عدل دولية تابعة للحركة ذاتها ، لهي ممكنة التنفيذ للاسباب التالية : أولا : ان بلدان حركة عدم الانحياز وشعوبها الاكثر تضررا من الهيمنة الامريكية على ما يسمى بمجلس الامن الدولي وهيئات منظمة الامم المتحدة . ثانيا : ان قرارات مجلس الامن الدولي هي دائما لصالح الدول الكبرى والكيان الصهيوني ، وهو مجلس في حقيقته مجلس عدوان ضد البلدان والشعوب الحرة . ثالثا : ان عدد بلدان حركة عدم الانحياز يشكلان اكثر من نصف بلدان العالم ومجموع تعدادها السكاني يربو على ثلثي سكان العالم . رابعا : ان معظم بلدان حركة عدم الانحياز لها تاريخ حضاري عريق ، ما يعني امتلاكها القدرةالذاتية على استعادةمكانتها في المجتمع الانساني وبعث حضاراتها . خامسا: نحو 80% من الثروة النفطية والمعدنية في العالم تملكها بلدان اعضاء في حركة عدم الانحياز . سادسا : ان بلدان حركة عدم الانحياز تسيطر على معظم الممرات والمسطحات المائية .
وينبغي لمثل هذه الدعوة ان تترجم بمشروع يؤسس لمجلس امن يتبع حركة عدم الانحياز وفق الاسس التالية : اولا : يتألف مجلس الامن لحركة عدم الانحياز من اعضاء دائميين وهم : عضو عن الدول العربية ، عضو عن الدول الافريقية ، عضو عن دول امريكا اللاتينية ، عضو عن الدول الاسلامية . واعضاء مراقبين يمثلون فصائل المقاومة الفلسطينية والعراقية واللبنانية والعربستانية وحركات التحرر والمقاومة الاخرى في افريقيا .
ثانيا : محكمة العدل والامن لحركة عدم الانحياز بعدد ومثثلين كما هي في تشكيلة مجلس الامن في اولا . ثالثا : تكون عضوية الاعضاء الدائمين في مجلس الامن ومحكمة العدل والامن المذكورين في اولا وثانيا دورية كل ثلاثة اشهر وبحسب الاحرف الابجدية ، آخذين بنظر الاعتبار عدم تكرار عضوية البلدان العربية او الافريقية لكون قسمكبير منها اعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي. رابعا : توفير الضمانات اللازمة لـ : (1) عدم تأثر سياسات وقرارات واجراءات مجلس الامن ومحكمة العدل والامن في حركة عدم الانحياز بالسياسات والقرارات والاجراءات لدولة المقر . (2) عدم تأثير سياسيات وقرارات واجراءات الامناء العامون ومنسقوا سياسات ورؤساء هيئات حركةعدم الانحياز بسياسات وقرارات واجراءات بلدانهم . (3) تنسيق المواقف على صعيد العلاقات الدولية وجعلها موحدة ازاء القضايا التي بلدان وشعوب حركة عدم الانحياز. رابعا : تأسيس قوات دفاع مشترك واصدارميثاق دفاع مشترك . أما الخطوات الاجرائية والكفيلة بتذليل الاسباب التي تقف بقوة بوجه هذا المشروع التاريخي والانساني الكبير فينبغي ان تبدأ من القطر العربي الليبي وضمن محيطه الافريقي اولا ، ومنها : اولا : تهيئة مشروع تأسيس المجلس والمحكمة وقوات الدفاع المشترك وانظمتها آخذين بنظر الاعتبار التغيرات الدولية التي تشير الى تفكك النظام الدولي الحالي وتقليل فرص الولايات الامبريالية المتحدة وحليفاتها للعودة بالعالم الى عصور الظلام والاحتلالات وتقاسم النفوذ . ثانيا : عرض المشروع رسميا على منظمة الاتحاد الافريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة دول امريكا اللاتينية . وعدم التورط بعرضه على جامعة الدول العربية فهذه منظمة ملحقة بالحكومة المصرية في افضل احوالها . ثالثا : طرح المشروع على الحكومات العربية الافريقية أولا . وعدم التورط بعرضه على جامعة الدول العربية فهذه منظمة ملحقة بالحكومة المصرية في افضل احوالها . رابعا : اذا ارادت القيادة الليبية طرح المشروع على جامعة الدول العربية فينبغي لها ان تعلق عضوية بلادها ليبيا في هذه الجامعة ان رفض موظفوها عدم ادراج المشروع . خامسا : ان الاجراءات السابقة الذكر هي اجراءات تحضيرية ، وتأسيسية من شأنها ان تجعل اتخاذ القرار بتأسيس المجلس والمحكمة في الدورة المقبلة لحركةعدم الانحياز . ان الوضع الدولي الراهن ، والمشكلات والازمات الدولية ، بما فيها مشاكل الغذاء والتلوث البيئي والصراعات حول الطاقة ومناطق النفوذ ، تتجه الى تقويض النظام الدولي الحالي .وان البديل الامريكي له والذي بدأ بتنفيذه مجرم الحرب بوش الصغير هو انذار لشعوب حركة عدم الانحياز يبشر بحرب قذرة في العالم . ولقد اتضحت مقدماته في سياسة الفوضى الخلاقة التي خفت نبرة الكلام عنها اعلاميا ، الا انها في الحقيقة تتجه صوب اهدافها ، واهدافها هي خلق بؤر التوتر في البلدان الغنية بالثروات النفطية ،وكذلك في البلدان ذات الاهمية السوقية لتكون مبرر لغزوها . لقد كانت كلمة الاخ العقيد معمر القذافي قائد الجماهيرية الليبية في المؤتمر الخامس عشر لمنظمة عدم الانحياز ، المنعقد في شرم الشيخ ، والتي تضمنت الدعوة المذكورة تشكل في حال السعي من اجل تنفيذها منعطفا تاريخيا في التاريخ الانساني ويؤسس الى نظام عالمي جديد فيما بعد ، نظيف من قذارة السياسات الامبريالية الامريكية والبريطانية والفرنسية . فهل نشهد تحرك دبلوماسي هذه الايام ليخطو خطواته الجدية بهذا الاتجاه ؟
#عبد_الرحمن_كاظم_زيارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السبيل الى أنسنة ادارة الولايات الامبريالية الامريكية
-
نحو جبهة عربية لفصائل المقاومة و التحرير في الوطن العربي
-
بطاقة تعريف الشكل الحيوي للشيخ محي الدين العربي
-
نسبية المعايير وتوحيدية المنطق الحيوي
-
سلطة المنطق التوحيدي وقانون التدافع
-
يكتاتورية الشكل الحيوي تضطهد البنيوية الحقة
-
الغاء جامعة الدول العربية مطلب جماهيري وحدوي
-
(( جبر بوول )) ومجالات التوظيف في المنطق والفلسفة
-
المطالعات الاربعة في المنطق التوحيدي والايديولوجيا
-
النظام البديهي للمنطق الحيوي التوحيدي
-
المنطق الحيوي للشكل الحيوي
-
الادب الفلسفي في المقابسات
-
مبادئ في التحليل البنيوي
-
التوازن في مقالة المقابسات
-
مقدمة في علم البنى
-
البنية الزمرية
-
الاناسة اوعلم تالاجتماع
-
التباديل واحصاءات البنية
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|