هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية
(Howaida Saleh)
الحوار المتمدن-العدد: 2712 - 2009 / 7 / 19 - 04:31
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
فقط لأنك أردت أن تسعدي طفلك الصغير ، أن تهدهديه على أرجوحة السعادة ، فقط لأن طفلك رأي بقية الأطفال تعلو ضحكاتهم ، رأي الأجساد الصغيرة تطاير في الهواء ، وتزداد صخبا . قال لك أريد أن ألعب مثلهم يا أمُ ، توهجت السعاد في عيونك وأنت تحملين صغيرك وتتجهين صوب ب ضحكات الأطفال المرحة والمجلجلة . ما الذي أوقف خطواتك ؟ ما الذي غيّم ابتسامتك ، خطواتك ترتعش حين رأيت عيون الرجل الوقاف هناك ، عيونه الحاقدة تُصوّب نحوك . قلبك يهجس بالخوف من نظرات الحقد ، ولكن يديك تمتدان رغم الخوف لتضع الطفل على الأرجوحة ، صوته الغاضب يعلو على صوت ضحكات الأطفال ، إسلامية ، إرهابية ، انصرفي أيتها الكافرة . سبك وسب دينك ، أهانك أمام طفلك . لم تستطيعي أن تصرخي : " وامعتصماه " فليس هناك معتصم جديد سيحرك الجيوش من أجلك ، فدفعتك مساحة الوعي في عقلك ألا تسكتي عن الإهانة ، وألا تردي على العنف بالعنف . توسمت فيمن يدّعون الحرية و العدالة ، بعض الإنسانية ، فتوجهت، وأنت واهمة تماما إلى القضاء ، توجهت لتقولي لهم أنا لست إرهابية يا ناس ، يا ناس حزنا يحزن من يتهمني بالارهاب . حزنا يحزن من يقول أنني إرهابية . أنا فقط أعبر عن انتمائي لديني . انتمائي لهويتي الثقافية . ما الذي يضيركم في غطاء أضعه على جسدي ليحفظ حشمتي في مجتمع تضيع فيه الحرمات . لم يمهلوك يا جميلتي أن تثبتي لابنك الصغير أنك قوية، ولن تفرطي في حقك ، يده الآثمة تواصل اغتيال روحك ، لم تمهلك يا صغيرتي ، فقط اغتالتك ، اغتالت جسدك وروحك . اغتالتك في قلعة العدالة ، وتحت سمع وبصر القضاء ورجال الأمن .. ترى ما الذي فكرت فيه أيتها الجميلة، ودماؤك تتفجر ساخنة وتغطي قاعة المحكمة ، هل شممت رائحة يود بحر إسكندرية وأنفاسك تخرج ضعيفة وواهنة قبل أن تسكت تماما ؟ هل تذكرت ترابها الزعفران يا ابنة الاغتراب والقهر ؟ هل تلوت أدعيتك ورددت شهادة دينك الذي كان سببا في موتك ؟
أي الأيادي أسندتك ؟ هل أسندتك يد زوجك رفيق غربتك أم أن رصاصات الشرطي كانت تلاحقه ، ؟ هل شعرت بالظمأ أيتها الجميلة والأضواء تغيم في عينيك ؟ ليت صدر أمك تلقفك وأنت تهوين ! ليت يد أبيك أسندتك وأنت تسقطين كما زهرة أذبلها الفزع !
دفعت ثمن تمسكك بهويتك يا مروة ، فماذا سندفع نحن من ثمن يا ابنة الحنين ؟!
ذهبوا إلى منزلك يتلصصون على أشيائك الخاصة ، يريدون أن يجدوا ما يربطونك من خلاله بالإرهاب . فتشوا في ملابسك الداخلية . تشمموا رائحتك ورائحة زوجك . مزقوا لعب صغيرك . يبحثون عما يربطك بالارهاب . كشفوا عورة بيتك . لكنهم عادوا خائبين يا جميلة ، ليدينوا القاتل بتهمة القتل الخطأ .
أين حكامنا العرب يا بنت حتى يعيدوا لك حق روحك عليهم . مات الصغير حفيد أحدهم أحزنوا ثمانين مليون مصري من أجله . وأنت يا صغيرة حين رحلت بجنينك في رحمك من يحزن من أجلك ؟!
#هويدا_صالح (هاشتاغ)
Howaida_Saleh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟