|
الحرة.. أسم علي غير مسمي
عمرو اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 827 - 2004 / 5 / 7 - 06:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك فرق كبير بين أن تدعي وسيلة أعلام أنها حرة وبين حرية الأعلام .. فالحقيقة أنه لا توجد وسيلة أعلام حرة تماما سواء كانت صحيفة أو قناة تليفزيونية أو موقع علي الأنترنت حتي لو سمحت بنشر الراي الآخر فوسيلة الأعلام تعبر في النهاية عن رأي مموليها أو القائمين علي رئاسة تحريرها أو الحزب الذي تتبعه وهذا ليس عيبا أن سمحت بنشر الرد علي المواد المنشورة بها .. أما حرية الأعلام فتعني السماح بالتواجد علي الساحة الأعلامية في أي دولة لوسائل أعلام من كافة التيارات السياسية و الأيديولوجية و الثقافية. فقناة الجزيرة لا تستطيع أن تدعي أنها حرة تماما رغم مساحة الراي و الرأي الآخر بها فهي في النهاية تتبع تيار أيديولوجي معين مسموح له أن يهاجم وينقد أي شيء ألا قطر و الأسرة الحاكمة فيها .. وكذلك الأمر بالنسبة للعربية أو غيرها من القنوات الفضائية التي غيرت الأداء الأعلامي في العالم العربي ولكنها لا تستطيع أن تدعي أنها حرة تماما فهناك دائما خطوط حمراء لا يمكن تعديها يضعها الممول أو أيديولوجية رئاسة التحرير أو الدولة التي تتبعها .. ونفس الشيء ينطبق علي أي وسية أعلام أخري . وفي أمريكا نفسها لا توجد وسيلة أعلام تستطيع أن تدعي أنها حرة تماما رغم أن أمريكا تتمتع بلا شك بما نستطيع أن نعتبره حرية أعلام وذلك لأنه لا توجد قيود علي وسائل الأعلام ألا قيود القانون المطبق علي كل ما هو أمريكي .. ولذا تجد صحف وقنوات تليفزيونية تعبر عن كل أنواع الطيف السياسي .. وحرية الأعلام بهذا التعريف هي موجودة فعلا في السيبرسبايس أو ما أصطلح علي تسميتة بالأنترنت .. ولكن لا يستطيع أي موقع أن يدعي أنه حر تماما فهو في النهاية يعبر عن أيديولوجية القائمين علية مهما ادعي العكس ومها سمح بحرية النشر . وقناة الحرة التي أطلقتها أمريكا في فضائنا لكي تعلمنا الحرية كما تدعي هي أكبر مثال ذلك .. فهي في النهاية بوق أدارة بوش الممول الحقيقي لها .. وهي في محاولتها لتثبت أنها حرة فشلت تماما في أداء الوظيفة التي أطلقت من أجلها وهي الدفاع عن وجهة النظر الأمريكية .. ومحاولة تسويق السياسات الأمريكية الخاطئة في منطقتها .. أو في النهاية محاولة نشر المباديء الديمقراطية بالمفهوم الأمريكي أو نشر مباديء الحرية و حقوق الأنسان وياليت هذا كان هدفها لكانت ممكن أن تقبل في عالمنا علي الأقل من قطاع كبير من مشاهدي القنوات التليفزيونية . وكانت بداية المأساة هو اختيار أسم الحرة .. ففقدت القناة مصداقيتها منذ اليوم الأول لأن الجميع يعرف أنها ليست حرة ..ألم يسأل مؤسسي هذا المشروع أنفسهم لماذا نجحت أذاعة صوت أمريكا أو ألأذاعة البريطانية من لندن رغم أن الأسم في كلتا الحالتين كان يعترف بوضوح بالأتجاه الأيديولوجي لكل محطة ولكنه الأداء المهني الجيد و السماح بتواجد الأراء المختلفة ضمن الأتجاه الأيديولوجي العام لهما .. ولعل هذا كان السبب الرئيسي لنجاح الجزيرة لأنها استفادت من نجاح البي بي سي و اقتبست منها الأداء المهني . لابد أن تعترف الحرة أنها فشلت و أنها أسم علي غير مسمي وهي في النهاية ستضر بامريكا وهذا ليس المهم ولكن الأهم أنها ستضر بمفهوم الديمقراطية في العالم العربي و هي تصب في مصلحة أعداء الديمقراطية في عالمنا فهي في دفاعها بطريقة غبية عن بعض سياسات أمريكا الخاطئة في العالم العربي و استضافتها الدائمة لوجوه بحد ذاتها لفعل ذلك و الأعتماد علي مقدمي برامج يفتقدون للكاريزما بالمفاهيم العربية .. أتت حتي الآن بنتيجة عكسية تماما . كان من الأفضل لها منذ البداية أن تبرز عن وجهها الحقيقي كبوق دعاية للأدارة الحالية في البيت الأبيض وأن تؤدي هذا الدور بمهنية عالية .. كنا من الممكن أن نتقبلها علي الساحة الأعلامية و نلجأ لها أحيانا لتمحيص بعض الحقائق . أما الدور الحقيقي الذي كانت ممكن أن تنجح فيه قناة الحرة (بعد تغيير أسمها) .. أن تكون صوت للديمقراطية والحرية و حقوق الأنسان للعالم العربي .. بعيدا عن الأدارة الأمريكية .. أن تفضح الممارسات غير الديمقراطية للنظم الحاكمة في عالمنا ,, أن تبث برامج بلغة سهلة و شيقة يفهمها المواطن العربي عن المكاسب التي حصلت عليها الدول الغربية بعد تبنيها الديمقراطية وفلسفة تقبل الآخر وليس حوار الطرشان المسمي حوار الحضارات و الأديان .. وأن تبث الأخبار بحيادية و مهنية وتعتمد علي مقدمي برامج يتمتعون بقبول بالمقاييس العربية. لقد نجحت صوت أمريكا في الماضي ومازالت الأذاعة البريطانية بالعربية أكثر الأذاعات الموجهة للعالم العربي نجاحا ولكن فشلت الحرة تماما لأنها ادعت أنها حرة وهو ادعاء باطل لأي وسيلة أعلام فهناك فرق شاسع بين حرية الأعلام وادعاء وسيلة أعلام أنها حرة .. فأنا عندما أكتب هذا الكلام أعبر عن وجهة نظري والحرية الحقيقية أن يكون هناك وجهات نظر أخري ونتجادل جميعا دون أن نحمل السيوف لكي يخرج القاريء بوجهة نظره الخاصة .. هذه هي الحرية الحقيقية .. تقبل الاخر والتعايش معه .. والأختلاف بالكلمات وليس بالسيوف والعنف و خاصة العنف المعنوي .. الذي هو أسوأ و أقسي أنواع العنف. لقد فشلت قناة الحرة لأنها ادعت أتها حرة . د. عمرو اسماعيل [email protected] [email protected]
#عمرو_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستشاري الرئيس
-
مفهوم الدين في القرن الواحد و العشرون
-
هل الدين هو فعلا أفيون الشعوب.. أم أن هناك مفهوم أفيوني للدي
...
-
الفضائيات .. أسرع طريق للشهرة .. والموت أيضا
-
ما هو المعلوم من الدين بالضرورة ؟ أفيدوني أفادكم الله
-
فلنرد كالرجال .. أو فلنصمت الي الأبد
-
لكي تكون نجما فضائيا.. العمائم هي الحل
-
قتل أم قتال في سبيل الله
-
هنيئا للعرب الديكتاتورية و هنيئا لأمريكا تورطها في العراق
-
أحداث العراق و مدريد ..و ثقافة قطع الشطرنج
-
ألي أهل العراق.. قلة منكم تصر أنه لا يصلح لكم ألا الحجاج أو
...
-
من لم يقرأ التاريخ؟ العلمانيون أم السلفيون
-
نابليون بونابرت و أمريكا.. رب ضارة نافعة
-
عمرو يا موسي ساكت ليه.. في الجامعة العربية بتعمل إيه
-
شارون و مسلسل انتهاك العرض العربي
-
باللهجة العامية.. مرارتنا اتفأعت
-
الأسلام دين و دولة .. حقيقة أم وسيلة للوصول للسلطة
-
صرخة ألم.. لقد بعث يزيد بن معاوية من قبره
-
نكره أمريكا في العلن.. ونحبها في السر
-
صراع الحضارات.. بدأ فكرة في كتاب و حوله بن لادن إلي حقيقة
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|